اقرأ: (مز90: 10؛ أي 14: 1، 4: 7)
كل إنسان يولد على سطح هذه الأرض لا بد أن يختبر بعض أنواع الألم. والألم هو الشيء المشترك في حياة جميع الناس. وكما أن الألم هو اختبار كل إنسان فتجنب الألم هو أمنية كل إنسان. رب المجد يسوع تألم. مكتوب: “واذ قد تألم مجربًا . . .”
الآلام أنواع وأشكال مختلفة ومتفاوتة، فمنها: الآلام الجسدية والآلام النفسية والآلام المادية والآلام المعنوية.. كما أنه هنا آلام تؤثر على النفس والجسد معًا.
بعض الآلام عابرة عارضة وبعضها قاسية يكتوي بها الناس وتهز كيانهم. لكن لماذا وُجد في الحياة شيء اسمه الألم؟ لقد خلق الله الإنسان وهو صنعة يديه فكيف يرضى له بالألم؟ هل يعجز الله المحب عن إزالة الآلام ومنع الكوارث والمصائب من إيذاء أولاده ؟
لقد شعر إرميا بنفس هذه المشاعر وخاطب الله قائلًا: “يا رجاء إسرائيل مخلصه في زمان الضيق لماذا تكون كغريب في الأرض وكمسافر يميل ليبيت؟ لماذا تكون كإنسان قد تحير كجبار لا يستطيع أن يخلص؟ وأنت في وسطنا يا رب قد دعينا باسمك لا تتركنا (إر 14: 8 و9).
مرات نسمع الناس يتساءلون: لماذا سمحت يا رب بأن تحدث هذه المصائب؟ ألم نصرخ إليك ونصلي بلجاجة من أجل هذا الأمر أو ذاك؟ فلماذا تسمح بالمرض والفشل والظلم والخسارة والموت ؟ لماذا؟ رب المجد يسوع وهو على الصليب تساءل: “إلهي إلهي لماذا تركتني؟” لكن هناك أسئلة مهمة هي: هل يرغب الله حقًا في أن يصاب البشر بالأوجاع والنكبات والحوادث والبلايا؟ هل الألم عقاب وتأديب من الله؟ وماذا نقول عن الذين يتألمون وهم أبرياء؟
هل الألم تدريب لنضج الإنسان؟ في الكتاب المقدس وفي الحياة نجد أبرارًا يتألمون، فأيوب المستقيم البار أصيب بتجارب من كل ناحية، وعانى إرميا المرارة والضيق في خدمته (إر2: 2 و3: 5 و38: 4-6)، وبولس القديس العظيم كان يعاني من شوكة في الجسد، وتيموثاوس كان يعاني من آلام شديدة في معدته (1تي5 : 23). وإلى اليوم نرى أبرارًا وخدامًا أمناء للسيد يعانون الكثير من التجارب والآلام، لذلك لا نستطيع أن نقول إن كل متألم لا بد أنه أخطأ، فهذا حكم غير صحيح. ما أكثر الأطفال الذين يعانون ويتعذبون من الأمراض والأوبئة. لقد ذكر طبيب أورام بجامعة عين شمس أن 5 في المئة من نسبة الأورام هي عند الأطفال وأن أكثر من 200 طفل يصابون بالأورام سنويًا.
والسؤال هو: لماذا لم يخلق الله عالمًا خاليًا من الألم؟ نحن نعلم أن الله محب وصالح ويريد الخير والسعادة لخليقته، وعليه كان المفترض أن يخلق أفضل عالم، إلا أننا نجد أن العالم على العكس مليء بالكدر والأحزان والمصائب. لكن ونحن نفكر في هذا يجب ألا ننسى أن هناك جانبًا جميلًا منيرًا في الحياة، فإن كانت في الحياة لذعة الأشواك ومرارة التعب وأنات المرض وغصة الفراق وفجيعة الموت فنحن في أحيان أخرى نستمتع بروائع الخليقة وورود الحياة وجمال الشركة ودفء المحبة وبهجة السرور وسعادة الإنجاز. ففي (مز 104: 24 نقرأ: “ما أعظم أعمالك يا رب كلها بحكمة صنعت ملآنة الأرض من غناك.” الله فعلًا خلق عالمًا جميلًا لكن بخطأ الإنسان ودخول الخطية دخل الألم.
ومن جهة أخرى، هناك مقاصد إلهية تعلو على فهم الإنسان. ثم أن الله خلق العالم بنواميس طبيعيه ثابتة وهذه النواميس ضرورية للبشر، ولهذا عند مخالفة هذه النواميس يأتي الألم. لكن ماذا عن إرادة الله وآلام البشرية؟ بمعنى هل يسمح الله بالألم؟ هذا ما سأجيب عليه في العدد القادم بمشيئة الرب فتابعوني.
القس ماجد فخري