الكوارث الطبيعية هل هي عقاب إلهي؟

35

كلما وقعت كارثة طبيعية هنا أو هناك يشير البعض بأصبع الاتهام إلى الله، والسؤال هل هذه الكوارث عقاب إلهي؟

والأغرب هو موقف المتدينين، فعندما حدث تسونامي سيريلانكا وتايلاند، قال المتدينين إن الله يعاقب الملحدين، وعندما تحدث كوارث طبيعية في الغرب يهلل بعض المسلمين: الله يعاقب الكفار والمشركين، وعندما حدثت كوارث تركيا والمغرب وليبيا قال بعض المسيحيين الله يعاقب المسلمين. وهنا يأتي السؤال هل الكوارث الطبيعية هي عقاب من الله؟ وكيف لهذا الإله الرحيم المحب يسمح بحدوث هذه الكوراث؟ إلا يستطيع أن يمنعها؟

لقرون عديدة، اعتقد القدماء أن الانفجارات البركانية تعبر عن استياء الآلهة. وبناء على ذلك، كانوا يقدمون التضحيات – بشكل عام حيوانية أو بشرية – على أمل استرضاء تلك الآلهة ومنع الكوارث.

يقول إروين دابليو. لانزر، في معرض إجابته على هذا السؤال في كتابه إله غاضب: “إن الإجابات السطحية تؤلم أكثر مما تُعين، أحيانًا يكون كل ما نحتاجه هو أن نجلس بجانب المتألمين ليعرفوا أننا نهتم بهم أكثر من اهتمامنا بالتكلم معهم عن مواعيد الله ومقاصده بلا تعاطف معهم. لقد وجدت أنه كثيرًا ما يكون من الأفضل ألا تقول شيئًا بدلًا من أن تقول ما يبدو وكأنه تقليل من شأن الرعب. فهناك حزن عميق ولا يمكن وصفه ولا تصل إليه كلمات وأعمق من أن يخففه إنسان.

عقب ضرب إعصار عنيف مدينة لشبونة أول نوفمبر 1755، والذي أسفر عن موت من 30-40 ألف شخص وحول ثلاثة أرباع المدينة إلى ركام، ثار جدلًا شديدًا حول هل كان هذا عقبًا إلهيًا؟ والغريب أن الزلزال وقع يوم عيد القديسين والأغرب أن الشارع الكائن به بيوت الدعارة ظل سليمًا لم يمسه سوء.

رأى بعض البروتستانت أن الزلزال إدانة ضد الجزويت الذين أسسوا المدينة وبسبب محاكم التفتيش التي قُتل بسببها عشرات الآلاف، ورد الجزويت أن الله أعلن غضبه من خلال الزلزال، لأن محاكم التفتيش صارت رخوة. وقال كاهن فرنسيسكاني إن الزلزال كان شكلًا من أشكال رحمة الله لأن لشبونة كانت تستحق أسوأ من هذا.

– الكوارث كدينونة الله

يسجل الكتاب المقدس العديد من الكوارث التي يظهر من خلالها بصورة واضحة أن الكوارث هي عقاب إلهي لهذه الشعوب: طوفان نوح: (تك6: 5-22؛ 7: 23) – سدوم وعمورة: (تك19: 24-25)، الضربات العشر التي ضرب بها الله أرض مصر: (سفر الخروج أصحاحات 7-11).

تعلن هذه النصوص صراحة أن الله قد أرسل هذه الأحداث كدينونة على خطيئة الإنسان، لكن هذه الروايات تشير إلى أنها حدثت لإجراءات محددة وحدثت بعد تجاهل العديد من التحذيرات. بالإضافة إلى ذلك، يروي سفر يونان قصة نينوى، التي استمع أهلها لتحذيرات الله، فغيروا سلوكهم، وتم تجنب الكارثة.

– كوارث وليست للدينونة: يذكر الكتاب المقدس العديد من الكوارث دون ربطها بالدينونة. على سبيل المثال، المجاعات في قصص إبراهيم ويوسف ونعمي وداود وإيليا والكنيسة المسيحية الأولى، لا يزعم الكتاب المقدس أن دينونة الله يمكن رؤيتها في كل كارثة.

المسيح ينفي أن تكون الكوارث عقاب إلهي: سُئل المسيح عما إذا كانت مجموعة الجليليين الذين قتلهم بيلاطس، وما إذا كان ثمانية عشر شخصًا قتلوا عندما سقط برج عليهم، كانوا خطاة أسوأ من الآخرين الذين يعيشون في أورشليم (لوقا 13: 1-5). فأجاب بكل تأكيد: لا! وبدلاً من ذلك، دعا يسوع سامعيه إلى التفكير في موقفهم أمام الله. يشير يسوع إلى أن الناس يصابون ويقتلون في الكوارث لأنهم يتواجدون في المكان الخطأ في الوقت الخطأ. وفي مرة أخرى، سئل يسوع هل ولد الإنسان أعمى بسبب خطيته أو خطيئة والديه (يوحنا 9: 1-3). ومرة أخرى، نفى بشكل قاطع أن يكون العمى بسبب خطيئة أي شخص. وبدلاً من ذلك، قال إن الله سوف يظهر في حياة هذا الرجل. لا يمكن افتراض أن المرض أو الإصابة أو الموت، في كارثة أو أي موقف آخر، هو حكم الله على خطيئة محددة.

نعم دينونة ولها مبرراتها:

1- يقترح البعض أن الكوارث الطبيعية ربما تكون بداية دينونة الله النهائية على الأشرار. لا يُستبعد احتمال أن الخطاة ينالون عواقب تمردهم على الله، ولكن لا يمكننا ربط كوارث معينة بالعقاب الإلهي ضد خطاة أو خطايا محددة. قد تكون هذه الأحداث الفظيعة ببساطة نتيجة العيش في عالم ابتعد كثيرًا عن مثال الله. حتى لو كانت هذه الكوارث بمثابة إنذارات مبكرة لدينونة الله النهائية، فلا ينبغي لأحد أن يستنتج أن كل من يموت فيها هالك إلى الأبد. قال يسوع أنه في الدينونة النهائية سيكون الأمر أكثر احتمالاً بالنسبة لبعض الذين هلكوا في سدوم، أكثر من أولئك الذين يرفضون دعوته للخلاص في المدن التي لم تدمر (انظر لوقا 10: 12-15).

2- إن الله، باعتباره خالق الكون، له ما يبرره في دعم المعايير الأخلاقية ومعاقبة الشر. وأحيانًا يفعل ذلك باستخدام الكوارث، كما أعلن العديد من أنبياء العهد القديم. كما أن السلطات البشرية موكل لها تنفيذ قوانين اختصاصها، فإن الله له سلطان على البشرية. لقد مزقت خطيئة الإنسان العلاقات المتناغمة بين الله والبشر، وبين البشر، وبين البشر والبيئة. وهذا يتطلب الرد. تجاهل الخطية لا يتوافق مع عدالة الله. وللموضوع بقية.

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا