جلوريا حنا
قرأتُ منذ فترة رواية أخرى لفرنسين ريڤرز اسمها “التحفة الخالدة”. لن أتحدث عنها هذه المرة، لكني سأتحدث عن جانب مشترك وجدته تقريبًا في كل كتاب قرأته لفرنسين: دائمًا ما يكون هناك شخصان يتقابلان سويًا ويصبحان مقربين، إما بصداقة أو بحب، ومعظم الوقت يكون أحدهما مؤمنًا. ثم تأتي مشكلة فيفترقان جسديًا، وهذا الافتراق يؤدي لإيمان الطرف غير المؤمن، ثم إما أن يعودا سويًا، أو يظلا بعيدين.
أُخذت “هدسة” المؤمنة من “مرقس” في كتابي (صوت في الريح) و(صدى في الظلام) فآمن “مرقس” واستعاد “هدسة”؛ قُتلت “رصفة” المؤمنة وعادت للحياة فآمن “أتريتس” في كتاب (يقين كالفجر)؛ هربت “أنچيل” من “مايكل” المؤمن فآمنت هي ثم عادت له في رواية (الحب المحرر)؛ تركت “جريس” المؤمنة “رومان” فآمن ثم عادت له في رواية (التحفة الخالدة)؛ مات “شال” – لم تذكر الكاتبة أكانت مؤمنة أم لا – صديقة “كارولين” المقربة فآمنت “كارولين” باختبار شخصي؛ وأيضًا ابتعد الحبيبان “چايسن” و”دون” ضعيفا الإيمان فأصبحا أقوى ثم عادا سويًا في رواية (حلم ابنتها).
شعرتُ كما لو أن الكاتبة تؤكد أنه في كثير من الأحيان يجب أن نقدم أو تحدث بعض التضحيات للحصول على ما هو أفضل، وهذا شيء من الصعب علينا إدراكه؛ فالتخلي عن عادة، أو شخص، أو شيء نحبه يكون صعبًا لأنه يبعدنا عن دائرة راحتنا، ويكون مصحوبًا بألم، سواء نفسي أو جسدي. قد تشير دلائل كثيرة إلى أنه يجب الابتعاد كي نصبح أفضل، خاصةً فيما يخص علاقتنا مع الله، لكننا مع ذلك نوجِد كل المبررات التي تجعلنا نبقى مكاننا، وبالتالي نتراجع في علاقتنا مع الله لصالح ذلك الشيء الذي نحبه.
كان من المهم لشعب إسرائيل أن يخرج من مصر ليصل إلى أرض الموعد، لكنهم كان يجب أن يعبروا الصحراء، وهذا كان متعبًا لهم، ففي كثير من الأحيان كانوا يحاولون التراجع والعودة إلى مصر ثانيةً. «أليس هذا هو الكلام الذي كلمناك به في مصر قائلين: ‘كف عنا فنخدم المصريين. لأنه خير لنا أن نخدم المصريين من أن نموت في البرية’» (خر 14: 12). وقبل خروجهم من مصر عندما أثقل فرعون السخرة عليهم، لاموا موسى وهارون على محاولتهما لإخراجهم من مصر قائلين: «ينظر الرب إليكما ويقضي. لأنكما أنتنتما رائحتنا في عيني فرعون وفي عيون عبيده حتى تعطيا سيفًا في أيديهم ليقتلونا» (خر5: 21).
عزيزي… التضحيات تكون صعبة. التضحية بوقتنا، أو بمالنا، أو بمجهودنا، أو بأي شيء عزيز علينا أمر صعب ومؤلم، لكن ربما ما هو عزيز علينا يكون مؤذيًا لنا، أو يبعدنا عن الله. لذلك فإن التضحية مهمة إذا أردنا أن نصبح أفضل وننمو في علاقتنا مع الله، والله قادر أن يعوض تلك التضحيات بما هو أفضل منها، مثلما عوَّض أرض مصر بأرض تفيض لبنًا وعسلًا لشعب إسرائيل، أرض لهم وحدهم، هذا غير الكنز الذي يكون لنا في السماء بسبب طاعتنا.