د. عبد الله بن صالح العجيري
عزيزي الملحد..
أنت تتعامل مع الإله وكأنه موظف عندك، يجب عليه أن يستجيب لك فورًا، وبطريقتك التي تريدها، وفي الوقت الذي تختاره، وبالمواصفات التي تضعها.
وإلا فإنه ليس موجودًا!
أنت تريد من الإله أن يكون تحت الطلب، وأن يكون خاضعًا لتوقعاتك، وأن يلتزم بجدولك الزمني.
أنت لا تفهم الإيمان، أنت لا تفهم أن الإله ليس كيانًا ماديًا، ولا يخضع لقوانين الفيزياء، ولا يمكن أن تخضعه للتجربة والقياس.
أنت لا تفهم أن الإيمان هو علاقة روحية، علاقة ثقة وتوكل، علاقة حب وخشية.
أنت لا تفهم أن الإله هو خالق الكون، هو مالك الملك، هو مدبر الأمر، هو الذي بيده مقاليد السماوات والأرض.
أنت لا تفهم أن الإله ليس بحاجة إليك، بل أنت المحتاج إليه، أنت الفقير إليه، أنت الذي لا حول لك ولا قوة إلا به.
أنت لا تفهم أن الإله ليس موظفًا عندك، بل أنت عبده، أنت خلقه، أنت الذي يجب أن تخضع لإرادته، وأن تستسلم لقضائه وقدره.
أنت لا تفهم أن الإله ليس لعبة في يدك، بل أنت لعبة في يده، هو الذي يحركك، هو الذي يسيرك، هو الذي يقدر لك الخير والشر.
أنت لا تفهم أن الإله ليس تحت رحمتك، بل أنت تحت رحمته، هو الذي يمنحك الحياة، هو الذي يمنحك الرزق، هو الذي يمنحك السعادة.
أنت لا تفهم أن الإله ليس مسؤولًا عن سعادتك، بل أنت المسؤول عنها، أنت الذي يجب أن تبحث عنها في طاعته، في عبادته، في ذكره.
أنت لا تفهم أن الإله ليس مسؤولًا عن حل مشاكلك، بل أنت المسؤول عن حلها، أنت الذي يجب أن تسعى، وأن تجتهد، وأن تتوكل عليه.
أنت لا تفهم أن الإله ليس مسؤولًا عن تحقيق أحلامك، بل أنت المسؤول عن تحقيقها، أنت الذي يجب أن تعمل، وأن تجد، وأن تثابر.
أنت لا تفهم أن الإله ليس مسؤولًا عن تغيير العالم، بل أنت المسؤول عن تغييره، أنت الذي يجب أن تصلح، وأن تنصح، وأن تدعو.
أنت لا تفهم أن الإله ليس مسؤولًا عن كل شيء، بل أنت المسؤول عن بعض الأشياء، أنت الذي يجب أن تتحمل مسؤولية أفعالك، وأن تتحمل مسؤولية قراراتك.
أنت لا تفهم أن الإله ليس موجودًا لإرضائك، بل أنت الموجود لإرضائه، أنت الذي يجب أن تطيعه، وأن تعبده، وأن تستغفره.
أنت لا تفهم أن الإله ليس موجودًا لتلبية رغباتك، بل أنت الموجود لتلبية رغباته، أنت الذي يجب أن تسعى لمرضاته، وأن تجتنب سخطه.
أنت لا تفهم أن الإله ليس موجودًا لتبرير أخطائك، بل أنت الموجود لتبريرها، أنت الذي يجب أن تعترف بها، وأن تتوب عنها، وأن تستغفر منها.
أنت لا تفهم أن الإله ليس موجودًا لتصحيح أفكارك، بل أنت الموجود لتصحيحها، أنت الذي يجب أن تبحث عن الحق، وأن تتبعه، وأن تنشره.
أنت لا تفهم أن الإله ليس موجودًا لتغيير قناعاتك، بل أنت الموجود لتغييرها، أنت الذي يجب أن تتفكر، وأن تتدبر، وأن تستبصر.
أنت لا تفهم أن الإله ليس موجودًا لخدمتك، بل أنت الموجود لخدمته، أنت الذي يجب أن تخلص له، وأن تفني فيه، وأن تستشعر عظمته.
أنت لا تفهم أن الإله ليس موجودًا لتلبية احتياجاتك، بل أنت الموجود لتلبية احتياجاته، أنت الذي يجب أن تجاهد في سبيله، وأن تضحي من أجله، وأن تفديه بنفسك ومالك.
أنت لا تفهم أن الإله ليس موجودًا لإثبات وجوده لك، بل أنت الموجود لإثبات وجودك له، أنت الذي يجب أن تسعى إليه، وأن تتضرع إليه، وأن تستغيث به.
أنت لا تفهم أن الإله ليس موجودًا ليمنحك السعادة، بل أنت الموجود لتمنحها لنفسك، أنت الذي يجب أن تبحث عنها في الإيمان، في اليقين، في الرضا.
أنت لا تفهم أن الإله ليس موجودًا ليمنحك السلام، بل أنت الموجود لتمنحه لنفسك، أنت الذي يجب أن تبحث عنه في الطمأنينة، في السكينة، في القناعة.
أنت لا تفهم أن الإله ليس موجودًا ليمنحك الحب، بل أنت الموجود لتمنحه لنفسك، أنت الذي يجب أن تبحث عنه في الإحسان، في العفو، في التسامح.
أنت لا تفهم أن الإله ليس موجودًا ليمنحك الأمل، بل أنت الموجود لتمنحه لنفسك، أنت الذي يجب أن تبحث عنه في التفاؤل، في الثقة، في الرجاء.
أنت لا تفهم أن الإله ليس موجودًا ليمنحك الحياة، بل أنت الموجود لتمنحها لنفسك، أنت الذي يجب أن تبحث عنها في العمل، في الإنجاز، في العطاء.
أنت لا تفهم أن الإله ليس موجودًا ليمنحك الموت، بل أنت الموجود لتمنحه لنفسك، أنت الذي يجب أن تبحث عنه في الاستعداد، في التوبة، في الاستغفار.
أنت لا تفهم أن الإله ليس موجودًا ليمنحك الجنة، بل أنت الموجود لتمنحها لنفسك، أنت الذي يجب أن تبحث عنها في العمل الصالح، في الخلق الحسن، في القلب السليم.
أنت لا تفهم أن الإله ليس موجودًا ليمنحك النار، بل أنت الموجود لتمنحها لنفسك، أنت الذي يجب أن تبحث عنها في الكفر، في الشرك، في المعصية.
أنت لا تفهم أن الإله ليس موجودًا ليمنحك كل شيء، بل أنت الموجود لتمنح نفسك كل شيء، أنت الذي يجب أن تبحث عن كل شيء في الإيمان، في الإسلام، في الإحسان.
عزيزي الملحد..
الإله ليس موظفًا عندك، بل أنت موظف عنده، أنت عبده، أنت خلقه، أنت الذي يجب أن تخضع لإرادته، وأن تستسلم لقضائه وقدره.
فهل أنت فاعل؟