سامر سليمان
من بين الأسئلة المثيرة التي تحير الكثير من الشباب المقدمين على الزواج: هل الحب وحده كافٍ لاستمرار العلاقات العاطفية بحيث تكون ناجحة وبنفس القوة حتى بعد الزواج؟ وللإجابة على هذا السؤال لا بد أن ندرك أن الزواج كعلاقة يتطلب منا بعضًا من الرومانسية وكثيرًا من العقلانية، فالزواج الناجح ليس فيه من قبول الواقع الذي نعيشه، بل يجب أن يترافق مع قدر من الوعي بالمسئوليات ومتطلبات الحياة.
• الزواج ليس حياة وردية هانئة
الحب شيء ضروري لاستمرار الحياة، ونحن جميعًا لا ننكر أهمية الحب بحياتنا، إلا أن الحب وحده لا يكفي لضمان استقرار الحياة الزوجية وثباتها وحل الخلافات والمشاكل بين أي شريكين، فلابد أن يكون الزواج مبنيًا على مبدأ تحكيم العقل والمنطق وليس الحب، خاصةً الحب من النظرة الأولى، فكثير من الشباب والفتيات يراهنون على مقدار الحب الذي يجمعهم بشريك الحياة قبل الدخول في العلاقة الزوجية. وفي بداية الزواج، تكون الحياة وردية مليئة بالورود والحب والاهتمام، ثم يُصدم الشخص بواقع غير محسوب بعد إتمام العلاقة الزوجية بسبب الانخراط في مشكلات الحياة اليومية، فتبدأ الخلافات والأزمات في التفاقم بين الزوجين لعدم وجود تجارب وخبرات تؤهلهما للتعامل السليم مع هذه المشكلات التي تقابلهما. فلا بد أن يدرك الشباب أن الزواج لا يكفيه الحب فقط، بل هو مسئولية مشتركة وتضحيات تنمو وتكبر مع استمرار الحياة الزوجية.
• كيف تكون العلاقة الزوجية الناجحة؟
العلاقة الزوجية الناجحة أساسها المحبة والوئام، وعنوانها التراحم والانسجام؛ هي بذل وعطاء ومشاركة في البناء؛ هي أحاسيس متبادلة وأفكار مشتركة، صاغها الارتباط الوثيق والحب المتبادل العميق. وهناك الكثير من الطرق لبناء علاقات قوية مع الآخرين خاصةً مع الزوج منذ البداية ومنها ما يلي:
– الاحترام والتقدير
لا حياة زوجية بدون احترام، فالاحترام بين الزوجين هو قيمة في حد ذاته، ولا بد من الحفاظ عليها ومراعاتها، فالحب أساسه الاحترام ، ولذا يجب أن تحترمي زوجك وتقدريه أمام نفسه وأمام عائلتك وأهله، وأن تحترمي طموحه وأحلامه ومشاعره وطريقة كلامك معه، فكل هذا سيؤدي بالفعل إلى تحقيق حياة زوجية سليمة ومستقرة وناجحة.
– المساحة الشخصية
يجب على الشريك إعطاء شريكه مساحة شخصية خاصة به، يمكنه من خلالها قراءة كتاب أو السفر، أو منحه بعض الوقت للانفراد بنفسه أو للخروج مع أصدقائه أو زيارة أقاربه، والعكس من الزوج أيضًا حيث يجب عليه بالمثل السماح لزوجته بزيارة أسرتها وممارسة هوايتها أو أي نشاط ترغبه.
– التسامح
إذا غاب العفو والتسامح عن الحياة الزوجية سيؤدي ذلك إلى تأزم الحياة وخلق الخلافات وجرح النفوس والتوتر الدائم. بالطبع لا تخلو أي حياة زوجية من منازعات أو خلافات، ولكن لا يمكن اعتبار الزواج زواجًا ناجحًا إلا إذا توفرت له عوامل التماسك والاستقرار، والتي من أهمها التسامح والعفو.
– الثقة والصراحة المتبادلة
فالصراحة بين الزوجين تزيد الألفة وتقوي الحب وتساعد في إقامة علاقة متوازنة وتزيد من صلابة العلاقة وتخلق أجواءً زوجية هادئة ومستقرة، فالصدق المتبادل يمنحهما شعورًا بالأمان، والمصارحة تدفع إلى مزيد من الثقة.
أسس اختيار الشريك
يجب أن يتم اختيار الشريك على أسس ومعايير، دون تدخُّل من الأهل أو ضغط منهم، وعليكِ أن تراجعي نفسك كثيرًا، وتستشيري طويلاً، وتحرصي على التأني في اتخاذ هذا القرار، مع تحكيم العقل بعيدًا عن العاطفة والانجذاب إلى المظاهر.
– الأخلاق والتدين
قيمة الرجل ومنزلته على قدر علمه وتدينه وتقواه، وليس بمقدار ما يملكه من مال وما يدفعه من مهر، لأن تدينه يكون بمراعاة حقوقك أنتِ شريكة حياته والحفاظ عليكِ.
– التشابه والتجانس
والتشابه يكون في الخصائص الاجتماعية العامة والسمات الجسمية والنفسية، وهو يعني اختيار شريك تتشابه خصائصه معك، ويتشابه في الأفكار والقيم والرؤى والأنشطة والهوايات، وأن تكونا متقاربين في النمط السلوكي والفكري والحياتي، وهو الأمر الذي يزيد من التفاهم في الحياة الزوجية وينعكس على حالة الاستقرار الأسري.
– الاستطاعة
المقصود بها القدرة علي تحمُّل المسئولية والقيام بشئون الأسرة واحتياجاتها، ومن ذلك القدرة الجسدية والنفسية والتربوية.
– الثقة بالنفس
يجب أن يكون الشخص واثقًا من نفسه ومن شريكة حياته، فإذا انعدمت الثقة سيدخل الشك والمعايير السلبية إلى الزواج وسينتهي.
– التوافق العلمي والفكري
فالتقارب في الفكر والمستوى العلمي ضروري لنجاح الزواج، وغياب التقارب والتوافق الفكري والثقافي يمكن أن يسبب عدة مشاكل، لأن التوافق يعزز العلاقات بين الزوجين، حتى أنه يقوم بتحفيزهما من خلال التواصل ويدفعهما إلى مزيد من التقارب والتحابب، ويساعد على رسم خارطة طريق واضحة ومفهومة لمسار العلاقة الزوجية.
أسس الزواج الناجح
بعض الشباب يعيشون في إطار خيالي رومانسي يصوِّر الحب على أنه السعادة المطلقة الدائمة، فيُقبِل على الزواج معتمدًا على قوة المشاعر بين الطرفين، ولكنه يُصدم بالواقع عند أول احتكاك بالمسئولية. وهناك العديد من الأسس التي يجب إرساؤها لبناء علاقة قوية خلال فترة الخطوبة، حتى تساهم في نجاح الحياة الزوجية فيما بعد:
– بناء الثقة المتبادلة
وجود الثقة من أهم عوامل بناء العلاقات الصحية القوية بين الأزواج، ومن المقومات الأساسية لبناء حياة زوجية سعيدة، ولذا يجب تجنُّب السلوكيات التي تثير الشك، والتحلي بالصدق واجتناب الكذب الذي يهدم الثقة بين الزوجين.
– التحلي بالصبر والتضحية
هو من أسس الزواج الناجح التي تضع العلاقة الزوجية في المسار الصحيح نحو النجاح. والصبر والتضحية يولِّدان لدى الزوجين حب التعاون فيما بينهما من أجل تحقيق المصالح العامة للأسرة، أي تحمُّل الزوجين للآلام والمشاكل التي قد تصادفهما بين الحين والآخر عند الغضب وحالات الاكتئاب والإحباط، فيمكن لطرف امتصاص غضب الطرف الآخر بعقلانية.
– الاحترام والتقدير
وهما ضروريان في الزواج، فحاجة الإنسان إلى الاحترام والتقدير لا تقدَّر بثمن، ولا يمكن أن يُبنى الزواج على أساس المعاملة السيئة والاستهزاء وعدم تقدير الشريك الآخر، فحينها سينتهي الحب ويفشل الزواج.
– المشاركة والتعاون
أي توزيع المسئوليات على الزوجين، والتعاون بينهما، ودعم بعضهما البعض، ومشاركة مشاعر الحب الدافئة مع الطرف الآخر.
– الاهتمام والعطاء المتبادل
إن الاهتمام المتبادل، والعمل على تحقيق رغبات كل طرف منهما للآخر، ومساعدة الشريك وتقديم الدعم دائمًا هي أمور تغذي الحب، وذلك من خلال بعض التصرفات البسيطة التي تجعل الشريك سعيدًا ومرتاحًا برفقة حبيبه، كالاهتمام بصحة شريكك مثلاً.
– التفاهم والحوار
التفاهم والحوار من الأمور التي يجب أن تتوافر في الزواج السعيد، فأهمية التواصل بين الزوجين هي أنه يقرِّبهما من بعضهما البعض، كما أنه دليل على مقدار التفاهم والمودة بينهما، فالتوصل إلى حل الخلافات والمشاكل ومواجهة الأزمات، وحرية التعبير عن الرأي، وشرح وجهات النظر من المقومات الأساسية في الحياة الزوجية الناجحة.
الحب شيء ضروري لاستمرار الحياة، ونحن جميعًا لا ننكر أهمية الحب بحياتنا، إلا أن الحب وحده لا يكفي لضمان استقرار الحياة الزوجية وثباتها وحل الخلافات والمشاكل بين أي شريكين، فلابد أن يكون الزواج مبنيًا على مبدأ تحكيم العقل والمنطق وليس الحب، خاصةً الحب من النظرة الأولى