18.4 C
Cairo
الأحد, أبريل 28, 2024
الرئيسيةفكر مسيحيمن جميع شجر الحُب تأكل

من جميع شجر الحُب تأكل

كريستيان جيفارا

الإهداء

إلى شجرة الحياة.. التي كانت ضمن شجر الجنة المتاح
التي لم يأكل منها الأغبياء

كانت الجنة مكان العلاقة مع الله

حيث كل الشجر متاح ويومي

والأكل منه عادي ومألوف

وشجرة المعرفة الشجرة الوحيدة والخط الأحمر الوحيد

ومنطقة الألغام الوحيدة في الجنة

شجرة المعرفة.. شجرة الذات المنفصلة خارج إطار العلاقة الثنائية

حيث المقعد الواحد الذي لا شريك له

لا رفيق له

لا ونيس له

لا معين له

حيث الوحدة الفارغة من الآخر

والاغتراب القارص

والغرق الذي بلا شاطئ

والابن الضال الذي بلا آب

كل شجر الجنة كان يحمل عمق العلاقة الحميمة مع منبع الماء الحي

الذي يشرب منه لا يعطش أبدًا

وشجرة المعرفة كانت نبع الماء المالح الذي لا يمكن أن يروي ظمأ الروح مهما شربت منه وتخيلت سيظل سرابًا إلى الأبد

لم يفهم الإنسان الكم والكيف في العلاقة التي تظهر كأنها عادية ومألوفة ويومية

أن هذه العلاقة الحميمة تحوي السر وتكمن فيها كل السرائر

وكل ما يفوق الفكر والخيال

تخيل الإنسان أنها لا تحوي غير الملل والرتابة والزهق

وأن السر يكمن في الفضول والمغامرة هناك في شجرة المعرفة

تخيل الإنسان أنه عندما يعرف الخير والشر سيصير كالإله

أو أنه عندما يأكل منها في لحظة وطرفة عين بلا تراكم منطقي وموضوعي سيصير كالإله عارفًا الخير والشر

هكذا تخيل الإنسان الخرافي السحري غير المسئول والهارب من جهاده الروحي

تخيل المتفرج وغير الزارع أن السباحة يمكن أن تصنعها المعرفة

وأن الحصاد يمكن أن يأتي بلا زرع

وأن الحُب يمكن أن يُسرق

وأن الإلوهية يمكن أن تُسرق

وأن الالتفاف حول منبع السر وخريطة يديه سوف يكون أقصر طريق إلى السر

وأن الغاية في الإلوهية يمكن أن تبرر الوسيلة

حتى لو كانت وسيلة من يد لوسيفر

يد لوسيفر..

مَنْ تخيل يومًا أنه سيصل إلى الإلوهية ولم يصل

مَنْ تخيل أنه بانفصاله عن الآخر سيصل بأنانيته إلى الحُب

مَنْ تخيل أن العلاقة يمكن أن تكون بلا آخر

مَنْ تخيل أن بوصلة التيه يمكن أن ترشد وتهدي إلى أرض الموعد

مَنْ تخيل أن السباحة يمكن أن يخوضها في خياله مَنْ يسكن الرمال

ولم يترك نفسه لفعل التسليم للأمواج

مَنْ تخيل أن المعرفة أعمق من الاختبار وبديل عنه

مَنْ أنكر نبعه ورحمه وواهب ملكاته أن يكون نبعًا لغيره

مَنْ قطع جذوره وتخيل أن عصارته ستزهر أوراقه وستأتي بثماره

مَنْ أغلق عينيه وروحه عن النور وتخيل أنه سيرى وسينير لكثيرين

مَنْ بنى بيته في الهاوية وتخيل أنه قادر على صنع الفردوس هناك

فأكل الإنسان من شجرة المعرفة وترك شجر العلاقة كله

ترك الإنسان الممكن والمتاح والآن.. وذهب للسراب وللغول والعنقاء هناك

شرب من الماء المالح وترك نبع الماء العذب كله

صار أنانيًا وأعطى ظهره للآخر كله

فحصد العُري والعطش والوحدة والاغتراب

وفقد في لحظته الأنانية والسحرية والخرافية واللصوصية شجر جنة الحُب كله

فقد الكم والكيف في علاقة ونهر الحب الذي لا يُعبر

ويسبح فيه نحو عمق يُدخِلك إلى عمق لا يُعبر

ففقد الإلوهية المخلوق لها كشريك وكسفير

فقد البوصلة والشاطئ والنهر والخريطة وأرض الموعد

فلم يشابه صورة ابنه

خسر نفسه وتخيل أنه بربح العالم سيربح نفسه

فخسر روحه

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا