22.4 C
Cairo
السبت, أبريل 27, 2024
الرئيسيةفكر مسيحيالكتاب المقدس لماذا 66 سفرًا فقط لا أكثر ولا أقل ؟

الكتاب المقدس لماذا 66 سفرًا فقط لا أكثر ولا أقل ؟

بريان هـ. إدواردز

كيف نتأكد من أن لدينا الأسفار الستة والستين الصحيحة في كتابنا المقدس؟ إن الكتاب المقدس كتاب فريد من نوعه، ويتألف من 66 سفرًا كتبها 40 كاتبًا مختلفًا على مدار أكثر من 1500 سنة. إنما سبب تفرده هو أنه يحوي قصة واحدة متماسكة ممتدة على طول الخط، ولها مؤلف نهائي واحد فقط – وهو الله.

تتناول القصة خطة الله لإنقاذ الناس، رجالًا ونساءً من نتائج السقوط المدمرة، وقد وُضعت هذه الخطة منذ الأزل، وأُعلنت من خلال الأنبياء، ونفّذها ابن الله، يسوع المسيح.

كتب كل كاتب سفر بلغته وأسلوبه، مستخدمًا عقله الخاص، مستعينًا بالبحث في بعض الحالات، وقد كان كل منهم مضبوطًا من الروح القدس منعًا لتسلّل الخطأ إلى كتاباته. لذلك، يُدرك المسيحيون أن الكتاب المقدس هو كتاب يخلو من الخطأ.

الأسفار القانونية

هذه المجموعة من 66 سفرًا معروفة باسم الأسفار “القانونية”. إن الكلمة “قانون” مشتقة من الكلمة العبرية (قانيه) أي (قصبة)، والكلمة اليونانية قانون (حزمة من القصب). تُشير هذه الكلمات أيضًا إلى قصبة مقياس الطول الخاصة بالنجار، ومسطرة الكتبة. أصبحت الكلمة “قانون” شائعة تُعبر عن كل ما يُستخدم كمقياس للحكم على الآخرين (انظر مثلًا غلاطية6: 16). بعد موت الرسل، استخدمها قادة الكنيسة للإشارة إلى مجموعة التعاليم العقائدية المسيحية التي تقبلها الكنائس. ربما كان كليمنت وأوريجينوس الإسكندريان، في القرن الثالث، أول من استخدم هذه الكلمة للإشارة إلى كلمة الله (العهد القديم). منذ ذلك الحين، أصبحت الكلمة “قانون” مستخدمة أكثر بين المسيحيين للإشارة إلى مجموعة الأسفار المحددة العدد، والمقدسة الأصل، والكلية السلطان.

في القرون الأولى، دار جدل صغير بين المسيحيين حول أي أسفار تنتمي إلى الكتاب المقدس. إنما مع وصول عهد قائد الكنيسة أثناسيوس في القرن الرابع الميلادي، كان قد تم تثبيت عدد الأسفار منذ فترة طويلة، فقام بعرض أسفار العهد الجديد تمامًا كما نعرفها اليوم، وأضاف: هذه ينابيع الخلاص، التي تروي ببلاغتها ظمأ كل عطشان. بها وحدها نتعلم التقوى. دعونا لا نضيف إليها، ولا نحذف منها شيئًا.

غير أن هناك اليوم محاولات لتقويض الشهادة الواضحة عن التاريخ؛ عبر مجموعة من المنشورات، تبدأ الرواية وتصل إلى الاعتراض الأكاديمي (المفترض) على قناعات المسيحيين التي تمسكوا بها منذ زمن بعيد، والطعن بالدليل الواضح على الماضي. فقد ادّعى دان براون في شفرة دافنشي بأنه “تمت دراسة أكثر من ثمانين إنجيل للعهد الجديد، ومع ذلك لم يتم اختبار سوى عدد قليل نسبيًا لإدراجها في الكتاب المقدس – منها متى، ومرقس، ولوقا ويوحنا. وقد كتب تعليقات مماثلة ريتشارد داوكينز، أستاذ العلم المُبسط في أكسفورد.

إذًا ما الدليل على صحة مجموعتنا المؤلفة من 66 سفرًا؟ ما مدى يقيننا بأن هذه هي الأسفار الصحيحة التي تُشكل كتابنا المقدس – لا أكثر ولا أقل؟

لائحة أسفار العهد القديم

كان لدى اليهود مجموعة محددة بوضوح من الأسفار المقدسة التي يمكن تلخيصها كلها تحت اسم التوراة، أو الناموس. وقد تم تحديدها باكرًا في حياة إسرائيل، ولم يساورهم الشك عند تحديد أي الأسفار هي كلمة الله وأي منها ليس كذلك. صحيح أنهم لم يضعوا الأسفار بترتيب العهد القديم نفسه اليوم، لكنها كانت كلها موجودة عندهم. كان الناموس عبارة عن الأسفار الخمسة الأولى التي في كتابنا المقدس اليوم، وهي معروفة باسم أسفار موسى الخمسة، أو “المخطوطات الخمس” – إشارة إلى  اللفائف الجلد التي كُتبت عليها. أما الأنبياء فيضم الأنبياء السابقين (ويحتوي على سفر يشوع وقضاة وصموئيل وملوك) والأنبياء اللاحقين (ويحتوي على سفر إشعياء، وإرميا الذي يضم أيضًا مراثي إرميا، و12 سفر نبويًا آخر). أما الكتب فتضم باقي الأسفار. وبلغ المجموع الكلي 24 سفرًا لأن العديد منها، مثل 1 و2 صموئيل، وعزرا ونحميا، جُمعت في سفر واحد.

متى أُقرت الأسفار القانونية للعهد القديم؟

الإجابة ببساطة هو أنه إذا سلمنا بالرأي المنطقي بأن كلًا من هذه الأسفار كُتب في زمنه في التاريخ – تكون الأسفار الخمسة الأولى كُتبت في زمن موسى، والسجلات التاريخية كُتبت قرب الفترة التس سُجلت فيها، ومزامير داود كُتبت خلال حياة داود، وأسفار الأنبياء كُتبت في الوقت الذي أوحى بها الله إليهم – وهكذا لا يصعب تحديد المراحل المتتالية التي مرت بها الأسفار القانونية حتى تُقنن وتصبح جزءًا من الكتاب المقدس. واليهود عمومًا متمسكون بهذا الرأي.

هناك أدلة داخلية كثيرة على أن أسفار العهد القديم كُتبت في زمن قريب من الذي سُجلت فيه. على سبيل المثال، في (2أخبار الأيام10: 19)، هناك سجلّ من زمن رحبعام: “فعصى إسرائيل بيت داود إلى هذا اليوم”. واضح إذًا أنه سُجل قبل عام 721ق.م، أي قبل أن يهزم الأشوريون إسرائيل ويقودوا الشعب إلى السبي – أو على أبعد تقدير قبل عام 588 قبل الميلاد، حيث عانت أورشليم هذا المصير نفسه. نعلم أيضًا أن كلمات الأنبياء كُتبت في أثناء حياتهم. كان لإرميا سكرتير يُدعى باروخ يكتب له (إرميا36: 4).

في حوالي عام 90م، أوضحت كتابات المؤرخ يوسفوس، والتي دافع من خلالها عن الدين اليهودي، بأنه لم يكن لدى اليهود كتب كثيرة، بعكس اليونانيين: إذ ليس لدينا عدد لا يُحصى من الكتب، تختلف وتتناقض بعضها مع بعض [كما كان لدى اليونانيين] بل لدينا فقط اثنان وعشرون كتابًا، تحوي سجلات كل العصور الماضية؛ ونحن نؤمن أنها مقدسة.

مجمع جامنيا

اجتمعت مجموعة من العلماء اليهود في جامنيا في إسرائيل ما بين عامي 90 و100م، للنظر في المسائل المتعلقة بالكتاب المقدس العبري. وقيل إنه تم الاتفاق هناك على أسفار الكتاب المقدس اليهودي القانونية؛ والواقع أنه ما من سجل معاصر من مداولات جامنيا وبالتالي فإن هذا الانطباع مأخوذ من تعليقات الحاخامات في وقت لاحق. إن فكرة غياب أسفار قانونية واضحة للكتاب المقدس العبري قبل عام 100م. لا تتعارض فقط مع شهادة يوسفوس وغيره، ولكنها لاقت أيضًا هجومًا في الآونة الأخيرة. يُقر الجميع اليوم أن جامنيا لم يكن مجمعًا، وأنهم لم يقرروا فيه أي شيء يتعلق بالأسفار القانونية اليهودية. لم يكن الغرض من مجمع جامنيا تحديد الأسفار التي ينبغي إدراجها في الكتاب المقدس العبري، بل كان الغرض من مجمع جامنيا تحديد الأسفار التي ينبغي إدراجها في الكتاب المقدس العبري؛ بل كان الغرض منه دراسة تلك التي كانت مقبولة وقانونية أصلًا.

مخطوطات البحر الميت

إن مجموعة المخطوطات المتاحة منذ اكتشاف النصوص الأولى في عام 1947 بالقرب من وادي قمران، بالقرب من البحر الميت، لا تزود العلماء بقائمة نهائية لأسفار العهد القديم، ولكن حتى لو فعلت، لن تخبرنا بالضرورة عما آمنت به اليهودية الأرثوذكسية السائدة. في النهاية استخدم السامريون ترجمتهم الخاصة فقط لأسفار موسى الخمسة، لكنهم لم يمثلوا اليهودية السائدة.

ومع ذلك، ما يمكن قوله على وجه اليقين هو أن كل أسفار العهد القديم ممثلة بين مجموعة قمران باستثناء سفر أستير، وقد تم الاستشهاد بها في الكثير من الأحيان باعتبارها كلمة الله. لم يُعط لأي من الأسفار الأخرى، حتى الأبوكريفا بالتأكيد، هذه المكانة نفسها.

رغم أن العلماء الناقدين يقولون العكس، إلا أنه ما من دليل، ولا حتى في مخطوطات البحر الميت، على وجود أسفار أخرى مرشحة لأن تكون ضمن أسفار العهد القديم القانونية.

لذلك، بالنسبة إلى اليهود، خُتم الكتاب المقدس باعتباره وحي الله من خلال الأنبياء، حوالي عام 450ق.م. عند نهاية سفر ملاخي. كان هذا هو كتاب يسوع وتلاميذه المقدس، وكان يحتوي تحديدًا على مضمون العهد القديم نفسه اليوم.

يخلُص عالم العهد الجديد جون ونهام إلى أنه: “ما من داع للشك في أن أسفار العهد القديم القانونية هي إلى حد كبير سفر عزرا القانوني الأصلي، تمامًا كما كانت أسفار موسى الخمسة في أسفار موسى القانونية الأصلية”.

موقف المسيح، وتلاميذه، وقادة الكنيسة الأولى

كان المجتمع المسيحي في أيام يسوع وفي القرون التالية متأكدًا من وجود مجموعة مزورة من الأسفار تقلد سجلات العهد القديم. بما أن هناك حرفيًا مئات الاقتباسات المباشرة أو الإشارات الواضحة إلى مقاطع العهد القديم اقتبسها يسوع والرسل، يتضح لنا ما فكر به المسيحيون الأوائل عن الكتاب المقدس العبري. نادرًا ما يقتبس كُتاب العهد الجديد من أسفار أخرى، ولكن لا يعطونها مطلقًا السلطان نفسه. فالأبوكريفا غابت تمامًا عن كتاباتهم.

صحيح أن بعض قادة الكنيسة الأولى اقتبسوا من الأبوكريفا -رغم أن ذلك نادرًا جدًا بالمقارنة مع اقتباسات أسفار العهد القديم- غير أنه ما من دليل على أنهم أقروا بأن الأبوكريفا مساوية للعهد القديم.

إن القناعة بوجود أسفار قانونية للعهد القديم لا يمكن الإضافة عليها أو حذفها، قاد بلا شك المسيحيين الأوائل لتوقع الترتيب المقدس نفسه لقصة يسوع، وسجل الكنيسة الباكرة، ورسائل الرسل.

العهد الجديد ولماذا استغرق إقراره وقتًا طويلًأ

لائحة أسفار العهد الجديد

أقدم لائحة متوافرة لأسفار العهد الجديد معروفة باسم قانون موراتوري ويعود تاريخها إلى حوالي عام 150 م. وتشمل الأناجيل الأربعة، وأعمال الرسل، ورسائل بولس الثلاث عشرة، ويهوذا، ورسالتي يوحنا (ربما الرسائل الثلاث كلها)، ورؤيا يوحنا. وهي تعلن أنها مقبولة من “الكنيسة جامعة”. مما يبقي خارجًا رسالتي بطرس الأولى والثانية، ورسالة يعقوب، وعبرانيين. ومع ذلك، كانت رسالة بطرس الأولى مقبولة على نطاق واسع قبل هذا الوقت، وقد يكون المترجم (أو لاحقًا الناسخ) قد سها عنها. ما من أسفار أخرى موجودة إلا حكمة سليمان، إنما لا بد أنها وُجدت خطأ لأن هذا الكتاب هو من الأبوكريفا ولم يُضفه أحد يومًا إلى العهد الجديد!

بحلول عام 240م. كان أوريجانوس الإسكندري يستخدم كل الأسفار السبعة والعشرين ويعتبرها “الكتاب المقدس”، وليس غيرها، ويُشير إلى أنها “العهد الجديد”. وآمن أنها “بوحي من الروح القدس”. ولكن لم يكن سوى إلى سنة 367م. حتى قدم أثناسيوس الإسكندري لائحة فعلية جديدة من أسفار العهد الجديد المطابقة للتي معنا.

ومع ذلك، قبل أن تكون لدينا تلك اللائحة بفترة طويلة، بيّنت الأدلة أن الأسفار السبعة والعشرين، فقط لا غير، كانت مقبولة على نطاق واسع ككلمة الله.

لماذا استغرق ذلك وقتًا طويلًا؟

استلزم الأمر وقتًا لجمع أسفار العهد الجديد معًا، وذلك للأسباب الستة التالية:

1- انتشرت النسخ الأصلية في كل أرجاء الإمبراطورية الرومانية، التي امتدت من بريطانيا إلى بلاد فارس، وقد كانت الكنيسة تستغرق وقتًا لتعرف عن كل الرسائل التي كتبها الرسول بولس، ناهيك بجمع نسخ منها.

2- ما من مخطوطة تستطيع أن تحتوي بسهولة على أكثر من سفر أو سفرين. سيكون من المستحيل على المخطوطة أن تسع أكثر من إنجيل واحد، وحتى عندما استُخدمت مجموعة مخطوطات شبيهة بالكتب، كان ليبدو العهد الجديد ضخمًا جدًا ومكلفًا للغاية في إنتاجه. كان بالتالي من الأفضل أن تُنسخ أسفار العهد الجديد منفردة أو في مجموعات صغيرة.

3- توقع مسيحيو القرن الأول أن يعود المسيح ثانية في القريب العاجل. لذلك، لم يُخططوا لمستقبل الكنيسة البعيد.

4- لم تتزعم كنيسة واحدة أو قائد واحد كل الآخرين. كان هناك قادة أقوياء ومحترمين بين الكنائس، إنما لم يوجد في الكنيسة أسقف أعلى يُملي على كل الآخرين ما هي الأسفار القانونية وما هي الملفّقة.

5- افترض القادة الأوائل أن للأناجيل والرسل سلطانًا. وقد كان الاقتباس من الأناجيل والرسل يُعد كافيًا، لأن سلطانهم بديهي. لم يحتاجوا إلى تحديد لائحة – هذا غير مريح بالنسبة إلينا، ولكنه لم يكن مهمًا بالنسبة إليهم.

6- فقط عندما هاجم الهراطقة الحق، بانت أهمية وجود لائحة أسفار قانونية. لم يبدأ الغنوصيون والآخرون بكتابة البسودوبيجرافا (الكتب المزيفة) سوى بعد نصف القرن الثاني؛ مما دفع القادة الملتزمون بالحق الكتابي للتأهب والوعي للحاجة إلى تحديد أي الأسفار هي المعترف بها بين الكنائس.

في ضوء كل هذا، لم تكن المعجزة كم من الوقت استغرق الأمر قبل أن تعترف أغلبية الكنائس بلائحة أسفار العهد الجديد الكاملة، إنما كم من الوقت استغرق كل سفر بعد كتابته ليتم قبوله على أنه كلمة الله.

حقائق عن لائحة أسفار العهد الجديد

– لم تستخدم الكنائس سوى الأناجيل الأربعة عن حياة يسوع وخدمته. وقد رفضت كل الكنائس في كل الإمبراطورية فورًا الأناجيل الزائفة المكتوبة.

– لقد تم قبول سفر أعمال الرسل والرسائل الثلاث عشرة لبولس بدون تردد في أقدم السجلات.

– بصرف النظر عن رسائل يعقوب، ويهوذا، ويوحنا الثانية والثالثة، وبطرس الثانية، والعبرانيين، وسفر الرؤيا، تم قبول كل أسفار العهد الجديد عالميًا مع بلوغ عام 180م. ولم يتردد بقبول هذه الأسفار السبعة سوى عدد قليل من الكنائس.

– قبل نهاية القرن الأول، اقتبس كليمنت الروماني أو أشار إلى أكثر من نصف العهد الجديد، وأعلن أن بولس كتب بإرشاد “الروح” وأن رسائله كانت “كلمة الله”.

– بوليكاربوس الذي استشهد في عام 155م، اقتبس من 16 سفرًا من العهد الجديد وأشار إلى أنها “كتب مقدسة”.

– إيرينيئوس من ليون، أحد أبرع المدافعين عن الإيمان، اقتبس في حوالي عام 180م. أكثر من 1000 مقطع من كل أسفار العهد الجديد عدا أربعة أو خمسة أسفار، وقال إنها “كتب مقدسة” جاءت بوحي من الروح القدس.

– كان ترتليانوس من قرطاج، في حوالي عام 200م، أول مُفسر جاد واستخدم تقريبًا كل أسفار العهد الجديد إضافة إلى أسفار العهد القديم، وأشار إلى “عظمة كتبنا المقدسة”. كان يمتلك تقريبًا لائحة واضحة للأسفار، إن لم نقل كاملة، مطابقة لما لدينا اليوم.

– بحلول عام 240م، كان أوريجينوس من الإسكندرية يستخدم كل الأسفار السبعة والعشرين التي لدينا، فقط لا غير، واعتبرها كلمة الله تمامًا كأسفار العهد القديم.

هؤلاء مجرد أمثلة من  العديد من قادة الكنيسة في ذلك الوقت.

ما الذي أهّل كل سفر أن سُصنف على انه “كلمة الله”؟  

في البداية، لم تكن الكنائس بحاجة إلى تحديد المعايير التي تجعل سفرًا ما مميزًا ومساويًا لكلمة الله في العهد القديم. يكفي أن تكون الرسالة قد جاءت من بولس أو بطرس. ومع ذلك، لم يمضِ وقت طويل قبل أن بدأ الآخرون بكتابة رسائل وأناجيل إضافية إما لسد الفجوات وإما لنشر أفكارهم الخاصة. مما جعل بعض الاختبارات ضرورية، وخلال القرنين الأولين، استُخدمت خمسة اختبارات في أوقات مختلفة.

1- رسولي – هل جاء السفر من رسول؟

سأل المسيحيون: “هل من كتب السفر أو أشرف عليه هو رسول؟” كانوا يتوقعون ذلك لأن اليهود أنفسهم توقعوا أن يكون الأنبياء هم كتّاب أسفارهم. كان بولس يُصر على قرّائه أن يطمئنوا لأن الرسائل التي استلموها كانت في الواقع مكتوبة بقلمه (على سبيل المثال، 2تس3: 17).

2- أصلي – هل يحمل صوت الحق؟

تمت مقابلة صوت الأنبياء الموثوق، “كلمة خبر من الله” بتصريح الرسل بأن ما كتبوه لم يكن كلمات بشر بل كلمات الله (1تس2: 13). وكان شاهد النصوص نفسها الداخلي هو الدليل القوي على قانونيتها.

3- قديم – هل استُخدم في الأزمنة الأولى؟

رُفضت معظم الكتب المزيفة ببساطة لأنها كانت حديثة جدًا لتكون رسولية. في أوائل القرن الرابع، أدرج أثناسيوس لائحة أسفار العهد الجديد كما نعرفها اليوم وأعلن أنها الأسفار “التي تلقّيناها من التقليد كونها جزءًا من لائحة الأسفار القانونية”.

4- مقبول – هل تستخدمه معظم الكنائس؟

كما رأينا، بسبب استغراق الأمر بعض الوقت قبل تعميم الرسائل بين الكنائس، من الأهمية بمكان أن ينال 23 من أصل 27 سفرًا قبولًا عالميًا قبل منتصف القرن الثاني ميلادي.

عندما يُعبر التقليد عن رأي الأغلبية الساحقة من الكنائس عبر المجتمعات المسيحية المنتشرة على نطاق واسع في الإمبراطورية الرومانية الشاسعة، مع عدم وجود كنيسة واحدة تتحكم بمعتقدات كل الكنائس الأخرى، فلا بد أن يؤخذ على محمل الجد.

5- دقيق – هل يتفق مع تعليم الكنائس القويم؟

كان هناك اتفاق واسع النطاق بين كنائس كل الإمبراطورية حول محتوى الرسالة المسيحية. كان إيرينيئوس يسأل هل كانت كتابة معينة متفقة مع ما تعلمه الكنائس. مما دعا إلى استبعاد الكثير من الكتابات المهرطقة على الفور.

العناية الإلهية

إن نداءنا الأخير ليس إلى الإنسان، ولا حتى إلى قادة الكنيسة الأوائل، بل إلى الله الذي وضع بروحه القدوس ختمًا على العهد الجديد. بالنظر إلى المضمون الروحي وتصريحات الكتاب البشر، نُدرك أن الأسفار السبعة والعشرين التي تُشكل عهدنا الجديد، هي جزء من الكتاب المقدس “الموحى به من الله”. من الأفضل أن نسمح للتدخل الإلهي أن يحرس عملية قبول لائحة الأسفار القانونية كلها – فقط لا سواها. إن فكرة أن لائحة الأسفار النهائية جاءت صدفة وأن أي عدد من الأسفار كان ليصب في النهاية في الكتاب المقدس، تتجاهل الوحدة الواضحة والدقة التي يمكن إثباتها لمجموعة الأسفار السبعة والعشرين الكاملة.

وقد أجاد بروس ميتزغر التعبير عندما قال: “في الواقع، لا توجد بيانات تاريخية تمنع أحدًا من الرضوخ لقناعة الكنيسة الجامعة أنه، رغم العوامل البشرية جدًا… في إنتاج مجموعة أسفار العهد الجديد، وحفظها، وجمعها، إلا أن العملية برمتها تتميز بأنها نتيجة تحكم إلهي”.

إن الإيمان بسلطان الكتاب المقدس وعصمته مرتبط بحفظ الأسفار القانونية الإلهي. إن الله الذي “أوحى” (2تي3: 16) بكلمته إلى عقل الكتاب يؤكد أن تلك الأسفار، وليس غيرها، تُشكل لائحة أسفار الكتاب المقدس القانونية الكاملة.

كتاب/ إجابات جديدة 2

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا