هايدي حنا
أهلًا بكم في جولة جديدة داخل حياة طفلك. بعدما تجولنا سابقًا حول اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، سوف نكمل جولتنا في نفس المنطقة حيث تركنا سؤالًا في نهاية جولتنا السابقة وهو: “هل من الممكن أن يعاني الطفل الذي يعاني من تشتت الانتباه من صعوبة التعلم في الوقت نفسه؟” لكن قبلما نتجول للإجابة على هذا السؤال، علينا أن نتجول أولًا حول أشكال صعوبة التعلم المختلفة. استعدوا سنبدأ…
في البداية، لدينا ثلاث أنواع من صعوبة التعلم وهي:
1) التأخر الدراسي
2) صعوبات ﺍﻟﺘﻌﻠُّﻢ
3) بطء ﺍﻟﺘﻌﻠُّﻢ
هذا بخلاف اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
ولكل منها سمات وظواهر مختلفة، فدعونا الآن نتجول حول كل منها لنعرف عوارضها:
أولًا: ﺍﻟﺘﺄﺧﺮ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻲ:
1) ﻧﺴﺒﺔ ذكاء ﻓﺌﺔ ﺍﻟﺘﺄﺧﺮ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻲ: 90 ﻓﻤﺎ ﻓﻮﻕ وهذا بحسب ﻣﻘﻴﺎﺱ ﻭﻛﺴﻠﺮ -وهو اختبار يقيس مستوى القدرات الذهنية للطفل- ﺃﻱ أن ﻣﻌﺪﻝ ﺫﻛﺎئهـﻢ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻭﻳﻮﺍﺯﻱ ﺫﻛﺎﺀ ﺍﻟﻄﻼﺏ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﻴﻦ.
2) مشكلة الطفل الذي يعاني من التأخر الدراسي هي أنه يعاني من ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺄﺧﺮ ﺃﻭ ﻧﻘﺺ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﺼﻴﻞ ﻷﺳﺒﺎﺏ ﺟﺴﻤانية ﺃﻭ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ترتب عليها تأثير سلبي على التركيز الذهني فيعاني من انخفاض واضح في مستوى التحصيل الدراسي، وخصوصًا في المواد التي تحتاج إلى حضور ذهني. وإذا تم علاج السبب انتهت المشكلة لديه.
أسباب ﺍﻟﺘﺄﺧﺮ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻲ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻭﻣﻨﻬﺎ:
· ﺍﻟﻔﻮﺑﻴﺎ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺨﺠﻞ – ﺍﻟﻔﻘﺮ – ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ…
· ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻷﺳﺮﻳﺔ كالخلافات المستمرة بين الوالدين أو الطلاق…
· إهماله ﺍﻟﺰﺍﺋﺪ من الأم… أو القسوة في التربية ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺰﺍﺋﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺮﺓ.
· أحيانًا يكون السبب هو ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻠﻢ، فمثلًا ﻗﺪ ﻳﺨﺎﻑ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﻣﻦ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﻤﻌﻠﻢ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ مما يسبب له معاناة في التركيز والتحصيل.
· التنمر عليه من أقرانه.
· التعرض للتحرش الجنسي.
وبالتالي لو تم علاج السبب -من الأسباب السابق ذكرها- الذي لأجله يعاني الطفل من التأخر الدارسي سوف يعود الطفل لحالته الطبيعية.
ثانيًا: صعوبات التعلُّم:
1) ﻧﺴﺒﺔ ﺫﻛﺎﺀ ﻓﺌﺔ ﺻﻌﻮﺑﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻢ: 90 ﻓﻤﺎ ﻓﻮﻕ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﻴﺎﺱ ﻭﻛﺴﻠﺮ، ﺃﻱ أﻥ ﻣﻌﺪﻝ ﺫﻛﺎئهـﻢ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻭﻳﻮﺍﺯﻱ ﺫﻛﺎﺀ ﺍﻟﻄﻼﺏ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﻴن.
2) عدم القدرة على ﻓﻬﻢ أﻭ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻠﻐﺔ: بمعنى أنه عنده صعوبة في قراءة الكلمات وفهم معناها.
3) عدم القدرة على تكوين الكلمات من خلال مزج الحروف.
4) عنده مشكلة في الكتابة: خطه سيئ، كما لديه مشاكل في تهجئة الكلمات، لذا فهو ضعيف جدًا في الإملاء
5) صعوبة في تنظيم أفكاره وتحويلها لجمل مكتوبة أو الإجابة شفويًا في الصف.
6) عنده صعوبة في القيام بالعمليات الحسابية الأساسية لعدم قدرته على فهم الأرقام ومعرفة ترتيبها.
7) نسيان القيام بالواجب بشكل متكرر.
8) لا توجد أي اضطرابات سلوكية مصاحبة لصعوبات التعلم فسلوك الطفل يكون طبيعيًا.
إن انخفاض التحصيل الدراسي في صعوبات التعلم يكمن في المواد التي تحتاج إلى:
· مهارات التعلم الأساسية كالرياضيات أو القراءة أو الإملاء.
· الانتباه، الذاكرة، التركيز، وصياغة جمل مفهومة..
وﺳبب صعوبة التعلم يعود لطبيعة ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﺍﻟﺪﻣﺎﻍ ﻭﻟﻴﺲ ﺇﺻﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻣﺎﻍ نفسه. ﻭهـﺬﻩ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻻ ﺗﻌﺎﻟﺞ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﺤﺪ ﻣﻦ آﺛﺎﺭهـﺎ ﻓﻘﻂ .
علامات تحذيرية تنبئ بوجود صعوبات تعلم إن لاحظها الوالدان فلا بد من عرض طفلهما على متخصص:
مرحلة ما قبل الدراسة
· مشكلة في نطق الكلمات.
· مشكلة في اختيار الكلمة الصحيحة.
· مشاكل في تعلُّم الحروف والأرقام وأيام الأسبوع.
· مشاكل في استخدام أقلام التلوين والتلوين بداخل الخطوط.
· مشكلة مع الأزرار وربط أربطة الحذاء.
مرحلة بين 5-9 سنوات:
· البطء في تعلُّم المهارات الجديدة.
· صعوبة في معرفة الوقت.
مرحلة بين 10-13 سنة:
9) الفوضوية وضعف المهارات التنظيميّة.
10) مشاكل في التعبير عن الأفكار بصوت عالٍ.
ثالثًا: ﺑﻄﺀ ﺍﻟﺘﻌﻠُّﻢ :
1) ﺿﻌﻒ ﻋﺎﻡ في ذكاء الطفل ﻧﺴﺒﺔ ﺫﻛﺎء هذه ﺍﻟﻔﺌﺔ ﺑﻴﻦ 75 – 85 عند اختبار المستوى الأكاديمي (ﻣﻘﻴﺎﺱ ﻭﻛﺴﻠﺮ)، لكن لا تصل لمستوى التخلُّف العقلي، ولكنها الوحيدة من أشكال صعوبة التعلُّم الذي يعاني فيها الطفل من انخفاض معدل ذكائه.
2) المستوى التعليمي لديهم منخفض فى جميع المواد بشكل عام مع عدم القدرة على الاستيعاب، والنسيان السريع للمعلومات.
3) أساس انخفاض التحصيل الدراسي ﻓﻲ ﺣﺎﻻﺕ ﺑﻂﺀ ﺍﻟﺘﻌﻠﻢ يعود لضعف ﻋﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ، مما يؤدي لانخفاض ﻭﺍﺿﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﺼﻴﻞ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻲ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻴﺔ وليس فقط التي تحتاج الانتباه، الذاكرة، التركيز، الإدراك…
4) يعانون من مشاكل في مهارات الحياة اليومية والتعامل مع الأقران، فغالبًا ما يفتقرون إلى المهارات الاجتماعية.
5) وعلى قدر انخفاض مستواهم الأكاديمي لكنهم مبدعون في النواحي المهنية بعكس الأكاديمية.
من خلال معرفة عوارض كل شكل من أشكال صعوبة التعلم، سنجد أن هناك بعض التشابه بين صعوبات التعلم وبين فرط الحركة وتشتت الانتباه -التي سبق وتناولناها في الجولة السابقة- لذا يجد البعض مشكلة في تحديد هل طفلهم يعاني من صعوبات التعلم أم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، حيث يؤثر كلاهما على استيعابه الدراسي الذي يعتمد على القدرة على التركيز، وحضور الذاكرة.
لذا علينا معرفة الفرق بينهما:
1) الطفل الذي يعاني من اضطراب تشتت الانتباه قادر على إتمام المهام مهما كانت معقدة، عكس الطفل الذي يعاني من صعوبات التعلُّم.
2) الطفل الذي يعاني من صعوبة التعلُّم يعاني من صعوبة أداء مهارة واحدة أو أكثر، بينما الطفل الذي يعاني من تشتت الانتباه يؤثر على القدرة على التركيز لأداء المهمات بشكل عام.
وهنا قبل الانتهاء من جولتنا، نجيب على سؤالنا: هل من الممكن أن يعاني الطفل من تشتت الانتباه وصعوبة التعلُّم في الوقت نفسه؟
ممكن جدًا أن يعاني بعض الأطفال المصابين باضطراب تشتت الانتباه وفرط الحركة من صعوبة التعلُّم، وحينها تتضاعف الأعراض لديهم. وهذا يسمى الاعتلال المشترك (وجود اضطرابين أو أكثر في الوقت نفسه).
في هذه الحالة، من المهم التحكم في كلا الاضطرابين معًا وعلاج كل منهما على حدة. لأنه لو تلقي الطفل أدوية لعلاج فرط الحركة وتشتت الانتباه فقط فستستمر لديه مشاكل صعوبات التعلم والعكس.
لكن المشكلة هنا هي إنه من الصعب التشخيص عند اجتماع الاضطرابين لأنه من السهل أن تُنسب كل الأعراض إلى واحد منهما ويتم تجاهل الآخر، لذا يحتاج الأمر لمتخصص كي يستطيع تشخيص مشكلة الطفل هل يعاني من أحد الاضطرابيين أم من كليهما معًا.
بهذا نكون انتهينا من جولتنا والإجابة عن السؤال المطروح في الجولة، لكننا لم ننتهِ من جولتنا حول أشكال صعوبة التعلم وكيف التعامل مع كل منهم، هذا ما سوف نناقشه في جولتنا القادمة. استعدوا سننطلق…