22.4 C
Cairo
السبت, أبريل 27, 2024
الرئيسيةتحقيقاتالإنياجرام الحائر بين دراسة الشخصية الإنسانية وبين المنظور المسيحي

الإنياجرام الحائر بين دراسة الشخصية الإنسانية وبين المنظور المسيحي

الإنياجرام الحائر بين دراسة الشخصية الإنسانية وبين المنظور المسيحي

ماذا فعلت الكنيسة في العصور الظلامية؟.. سيناريو متكرر من رفض العلم

لماذا لم تحذِّر الكنيسة رعيتها من هذا “العلم” القديم إلا عندما قرع أبواب الكورسات الكنسية؟!

 تحقيق: د. ماريانا يوسف

حالة من الجدل زادت وتيرتها حول أحد الكهنة المشاهير ومجموعة من العاملين معه بسبب ما يُقدم في كورسات كنسية اسمه “الإنياجرام” واختلفت عليه أطياف الكنيسة، فهناك مَنْ يرى أنه علم، ولكن لا ينبغي للكنيسة أن تتبناه بكورسات يحضرها أساقفة وكهنة، والبعض الآخر يرى أنه يُسمى زورًا “علم” لأنه يُصنَّف كـ “علم زائف” مبني على الخرافة، حيث أدخله الكاهن ومجموعته للتعليم في كنيستة بحي مصر الجديدة وتنظيم “كورسات” فيه.

هذا الموقف الكنسي متكرر عبر العصور والأزمنة، فأي علم يظهر حديثًا يرى البعض أنه قد يهدد العقيدة كمثل ما فعلت الكنيسة الكاثوليكية وقت ظهور تطعيمات بعض الأمراض في العصور السابقة أو عندما أقر العلماء قديمًا بأن الأرض ثابتة بينما كانت الكنيسة الكاثوليكية في ذلك الوقت تراها متحركة، فكان مَنْ يؤمن بما يخالف رأي الكنيسة بأن الأرض ثابتة يقال عنه إن ذلك من عمل الشيطان.. وهكذا.

وفي النهاية رضخ الكاهن وظهر في فيديو يعتذر عن هذا الخطأ الذي اكتشف أنه مرتبط بأمور ضد الإيمان المسيحي وتم تأجيل الكورس لحين أن يبت فيه مجمع العقيدة والإيمان.

وبالنسبة لعلم “الإنياجرام”، فرغم أنه ليس علمًا جديدًا وتمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي باختباراته ويدرسه بعض مدربي التنمية البشرية واللايف كوتشينج لم تعترضه الكنيسة أو تعلق عليه لكن عندما بدأ في الدخول عبر كورسات كنسية تم الاعتراض عليه وتكفيره باعتباره بدعة وثنية وعملًا شيطانيًا مخربًا.

فهناك دومًا خوف مما هو جديد، وإن كان هذا العلم منتشرًا في الأوساط من حولنا، فالخوف عندما يدخل ساحة الكنيسة لا بد من نعته بـ “الشيطاني”.

ما هو الإنياجرام؟ Enneagram

تتكون كلمة “الإنياجرام” من مقطعين: “إنيا” وهى كلمة يونانية معناها “تسعة” و”جرام” معناها “رسم أو كتابة”، وبالمعنى المنتشر في العصر الحالي يتم تقديم الإنياجرام كنموذج لدراسة أنماط الشخصيات وتقسيمها إلى 9 أنماط أساسية.

مبدئيًا، هو موضوع علم نفس لا شأن له لا بالدين ولا العقيدة ولا الإيمان، فهو نظام تصنيف يصف شخصية الإنسان على أنها عدد من أنواع الشخصيات المترابطة، ولكن لم يتم قبوله على نطاق واسع في مجال علم النفس القائم على الأدلة.

يتكون الإنياجرام من مخطط من تسع نقاط، وكل نقطة تمثل نوع الشخصية. يمثل الإنياجرام في أبسط صوره تسعة أنواع مختلفة من الشخصيات. بالإضافة إلى أنواع الشخصية التسعة الأساسية، فإن النظام ينمو أكثر تعقيدًا ويتضمن 27 نوعًا فرعيًا مختلفًا بالإضافة إلى ثلاثة “مراكز” رئيسية تركز على الفعل والشعور والتفكير.

أنواع الإنياجرام

كل نوع من الأنواع التسعة معروف برقمه واسمه، ولكل منها مجموعته الخاصة من نقاط القوة والضعف المحتملة.

1. المصلح (حكيم – مثالي)

2. المساعد (ينكر نفسه لإسعاد الآخرين)

3. الناجح

4. الفرداني (مبدع لكنه أناني أحيانًا)

5. المحقق (مبتكر – موضوعي – هادئ)

6. الموالي (علاقات جيدة – جدير بالثقة – مبتكر)

7. متحمس (عفوي – مرح – مغامر – التركيز أقل)

8. المُتحدّي (جريء – صدامي – قائد – متسلط – صريح)

9. صانع السلام (راضي عن نفسه – يتجنب الصراعات)

تحتاج النظرية إلى مزيد من البحث للتحقق من صحة استخدامها، فقد اكتسبت بعض الشعبية كأداة لبناء علاقات أفضل. فمن خلال اكتساب نظرة ثاقبة لنقاط القوة والضعف الفردية، يمكن للناس البحث عن طرق للتواصل والتواصل بشكل أفضل مع شركائهم.

يُستخدم الإنياجرام أحيانًا أيضًا في مجال علم النفس الصناعي التنظيمي للمساعدة في تحسين تحفيز الموظف وإنتاجيته. وتستخدم الشركات الاختبار لمساعدة موظفيها على اكتساب فهم أكبر لديناميكيات المجموعة والتواصل بين الأفراد.

وقد أصبح الاختبار أيضًا شائعًا على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يشارك الأشخاص المزيد حول نتائجهم واستكشاف نقاط القوة والضعف لديهم.

ماذا فعلت الكنيسة الكاثوليكية في العصور الظلامية؟ .. سيناريو متكرر من رفض العلم

كان رجال الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطى الظلامية يؤمنون إيمانًا لا يقبل الشك بأن الأرض مسطحة. وكان منطقهم في ذلك يقول: “هل رأيت أشجارًا تنمو إلى أسفل؟ أو المطر يصعد إلى أعلى؟ إذا كان هناك جانب آخر من الأرض، كما يدعي مَنْ يقول بأنها كروية، فهذا الجانب عليه شعوب أخرى. والسيد المسيح كان عليه أن يذهب إليهم لكي يُصلب مرة أخرى. وكان لا بد من وجود نسخة أخرى من جنة عدن وآدم وحواء والحية. هذا بالطبع لم يحدث، لذلك فالأرض مسطحة.”

الأمراض، كما كان يعتقد رجال الكنيسة، هي من فعل الشياطين. الشياطين هي سبب المجاعات والقحط والعقم عند النساء وفساد الجو. الشياطين تحوم في الجو ممتطية السحاب، وتأتي لمن يطلبها عن طريق السحر، أو لمن يقترف إثمًا أو خطيئة. لذلك أمر البابا “بيوس” الخامس أن يُدعى الأطباء بأطباء الروح لأن الأمراض تأتي من الشياطين والأرواح الشريرة.

الأوبئة، مثل الجدري والكوليرا، كانت تُعتبر إرادة إلهية، ولذلك كان التطعيم ضد بعض هذه الأوبئة مرفوضًا رفضًا باتًا من رجال الكنيسة، إلى درجة أن ألقيت قنبلة في منزل الدكتور “بولستون” عندما أقام مركزًا لتطعيم الناس ضد مرض الجدري.

كانت معارضة الكنيسة لتشريح الجثث بعد الوفاة سببًا في تخلف علوم الطب في أوروبا. كان منطق رجال الدين يقول بأن تشريح الجثث بعد الوفاة يشوه هذه الجثث ويجعلها تُبعث في الحياة الأخرى في صورة مرعبة.

في عام 1770م، ظهرت خاصية عجيبة في عدة أماكن في أوربا، وأرسلت عدة تقارير إلى الأكاديمية الملكية للعلوم تقول بأن الماء قد تحول في عدة أماكن إلى دماء. وسارع رجال الكنيسة بإعلان أن سبب حدوث هذا يرجع إلى غضب من الله سبحانه.

وعندما ظهرت هذه الظاهرة في السويد، قام العالم “لينوس” بفحص هذه الظاهرة بعناية فوجد أن احمرار المياه يرجع إلى وجود حشرات دقيقة صغيرة لونها أحمر.

عندما وصلت الأنباء إلى كبير الأساقفة، قال بأن هذا التفسير عمل شيطاني. رفض تفسير العلم، وأقر بأن ظاهرة المياه الحمراء هي ظاهرة غير طبيعية. وأجبر العالم لينوس على التراجع عن تقريره العلمي، وأمره بنشر تقرير آخر يقول فيه بأن ظاهرة المياه الحمراء هذه هي أعلى من مستواه العلمي.

كانت تقول الكنيسة بأن عدم إصلاح الكنائس وعدم دفع العشور من أسباب حدوث البرق والصواعق. عندما أطلق بنيامين فرانكلين طائرته الورقية ليثبت أن البرق ما هو إلا كهرباء، سارع الناس بوضع مانعات الصواعق في أعلى المنازل لامتصاص وتفريغ هذه الكهرباء في الأرض.

لكن رجال الكنيسة رفضوا استخدام مانعات الصواعق، بل اتهموا مانعات الصواعق هذه، والتي بدأ انتشارها في مدينة بوسطن، بأنها قد تسببت في زلزال سنة 1755م في مدينة ماساتشوستس.

لكن في ألمانيا في الفترة من عام 1750م إلى عام 1753م فقط، دمرت الصواعق 400 برجًا من أبراج الكنائس، وقتلت 120 رجلًا كانوا مكلفين بخدمة الأجراس، بينما المباني التي استخدمت مانعات الصواعق لم تُصب بأي أذى. لذلك بدأت الكنائس مرغمة في استخدام مانعات الصواعق. وبانتهاء القرن، كانت كل الكنائس بدون استثناء تستخدم مانعات الصواعق.

أثناء عصور الظلام، كانت الرياح والأعاصير تُفسَّر بأنها من أعمال الشياطين. لذلك أمر البابا جورجي الثالث عشر بدق الأجراس في الكنائس عندما يشتد هبوب الريح، أو يزداد هطول الأمطار، أو عندما يسطع البرق، أو يعلو صوت الرعد.

وفي القرن الخامس عشر، ظهر اعتقاد مأساوي بأن بعض النساء يقمن بمساعدة الشياطين في ظهور الأعاصير، أو العواصف الثلجية، أو الفيضانات، أو ما شابه ذلك من كوارث.

لذلك أصدر البابا “أنوسنت” الثامن، في السابع من شهر ديسمبر عام 1484م، أمرًا بالقضاء على كل الساحرات. فقام رجال الكنيسة في ألمانيا بتعقب الساحرات اللاتي يسببن فساد الجو وبوار الأرض وباقي الكوارث.

من ثَمَّ وجدت آلاف من النساء الأبرياء أنفسهن على أجهزة التعذيب، أو مكبلات ومحاطات بأقرب الناس إليهن، لكي يقودوهن إلى أماكن الإعدام حرقًا حتى تتطهر أرواحهن.

الأنبا أغاثون: الإنياجرام هو التعامل مع الشيطان والسحر والتلاعب بنفسية وإيمان الناس

– قبل أن تتم دراسة أي علم أو نظرية داخل الكنيسة ومراكزها التعليمية، يجب أن يتم البحث في أصولها والأفكار التي ساعدت على تأسيسها للتأكد من توافقها مع إيمان وعقائد وتعاليم الكنيسة، وهذا ما لم يتحقق في تدريس الإنياجرام، لأن الفكرة الأساسية للإنياجرام هي التعامل مع الشيطان والسحر والتلاعب بعقل ونفسية وإيمان الناس.

– من أضرار تدريس ما يُسمى بالإنياجرام الادعاء بأن الإنسان عندما يولد طفلًا يملك ذاتًا إلهية تسمى الجوهر، والهدف هو استعادة الإنسان للذات الإلهية المولود بها والارتقاء بالوعي حتى يدرك ذاته الحقيقية التي تتسم بالإلوهية، وهذا خطا لأن الإنسان خُلق على صورة الله ومثاله، لكن ليس له الجوهر الإلهي.

– بلا شك توجد علاقة وطيدة بين ما يسمى بالإنياجرام وبين ما يسمى بحركة العصر الجديد New Age.

– أحيي الإكليروس وشعبنا القبطي لتمسكهم ودفاعهم عن التعليم وإيمان الكنيسة، والذي يظهر جليًا وقت أن تُقدَّم تعاليم خاطئة تعارض إيمان كنيستنا المُسلَّم.

القمص أنجيلوس جرجس: هو صورة من صور أعمال الشيطان السحرية ولكنها مغلفة بفكر مسيحي

من جانبه، صرح القمص أنجيلوس جرجس كاهن كنيسة أبي سرجة بأن الإنياجرام هو صورة من صور أعمال الشيطان السحرية، ولكنها مغلفة بفكر مسيحي.

وأضاف أن هؤلاء الذين يعلمون الإنياجرام يدعون أنهم يعلِّمون عن المسيح، ولكن داخلهم أفكار مصنعة، ويستمدون تعاليمهم من جورج جورديف عام 1916م، وهذا شخص كان عليه شيطان أوحى له، وعمل الأعداد المرتبطة بالشخصية.

واستطر قائلًا: “كل مَنْ يُعلِّم بغير ما تسلمناه من الآباء فهو خارج الكنيسة الأرثوذكسية”، مستشهدًا بقول بولس الرسول: “أمثال هؤلاء هم رسل كذبة، فعلة ماكرون، يغيرون شكلهم إلى شبه رسل المسيح، ولا عجب في ذلك، فالشيطان نفسه يغير شكله إلى شبه ملاك نور” (2 كو 14:11).

وأضاف أن الشيطان يستحضر أوراقه القديمة جدًا، فالتساعية ذٌكرها “أفلوطين” في القرن الثاني، وقد تتلمذ على يديه “أمونيوس السقاص”، وهذا الأخير جمع أفكار فيثاغورث ـالقرن الخامس ق.م. – والذي أسس جميعة سرية فيها سحر الأرقام، ومزجه بفكر المجوسية (زرادشت) وديانات وثنية أخري، وأفكار مصرية قديمة (الهرمسية)، وأفكار أفلاطون، وصنع توليفة من كل هذا، وأطلق عليها اسم “الأفلاطونية الحديثة”.

وهو فكر فلسفي براق من الظاهر، ولكن باطنه عبادات وثنية شيطانية دخلت فيها أمور مرتبطة بسحر شياطين. وذكر أفلوطين أن التساعية تجعل الإنسان يخرج من عبودية الجسد – والتي يطلقون عليها في برنامجهم التوبة، لأنهم يقدمون هذا الكلام بصورة مسيحية – ويصل إلى حالة تغير الجوهر البشري، إلى أن يكون جوهرًا إلهيًا.

وهذه فكرة وحدة الكون مع الإله (الله هو الواحد، الموجود في كل الكائنات حتى الحيوانات، والمادة، والحجر الذي هو وثن).

ويدافع البعض عن هذا بأننا يمكن أن نأخذه كفكر فلسفي ونعمده، ولكن هل يمكن أن نعمد أفكار الشياطين؟ مؤكدًا مواجهة الكنيسة للأفكار الأفلاطونية المحدثة قديمًا في موقفين:

الأول: حين كانت مدرسة الإسكندرية الفلسفية الوثنية تنشر هذا الفكر، وكانت تتزعم هذا التيار الفيلسوفة هيباتيا، وكان البابا كيرلس الكبير قد كتب ضد وثنية الأفلاطونية الحديثة، وكانت لهم نفس طريقة العبادات الشيطانية التي يقدمها الإنياجرام حاليًا، فالصراع بين الشيطان والكنيسة قديم. وحينما حذَّر البابا كيرلس الكبير منهم صاروا يخطفون الأقباط ويقدمونهم ذبائح بشرية للوثن، وعندها صارت ثورة عارمة في الإسكندرية، وقُتلت هيباتيا.

والموقف الثاني: حين واجهت الكنيسة أوريجانوس الذي هو أصل كل هرطقة، مثلما قال عنه “القديس أبيفايوس” أسقف سلاميس و”القديس جيروم”، فقد تتلمذ على يد أمونيوس السقاص، وكان يؤمن بأفكار الأفلاطونية الحديثة ومنها أن الله خلق الأرواح قبل الأجساد، وفكرة خلاص الكائنات كلها بما فيها الشيطان، وأن روح المسيح البشرية كانت موجودة من قبل، وأن الابن في منزلة أقل من الآب، وأن الله الكبير يخلق كائنات إلهية صغيرة، وهي الأفكار التي منها استمد آريوس أفكاره، فهي تعاليم شياطين.

مينا أسعد: مخطط عالمي نجح في تغليف ممارسات وثنية بشكل مسيحي

ويقول الباحث القبطي مينا أسعد إن الإنياجرام لا يستطيع أي باحث أن يطلق عليه لفظة “علم” لأنه لا يشتمل على شروط تحقق العلم، فهذه الدراسات مستمدة بالكامل من ديانات وثنية وديانات وحدة الوجود ومغلفة بصبغة مسيحية تجعل مَنْ يمارسها يتم خداعه ولا يدرك أنه بالفعل انحرف عن المسيحية.

وأضاف أنه هو مخطط بدأ عالميًا بمحاولات كثيرة ونجح بضع مرات في تغليف ممارسات وثنية بشكل مسيحي، وأن مصادره الوحيدة علوم سحرية مثل الأرقام السحرية والغنوسية والكبالا ولا يوجد له أثر قبل القرن العشرين، وقد بدأ على يد شخص أكد أن مصادره هي وجود ملاك (شيطان) يمليه أصول العلم، وأتحفظ على ذكر اسمه حتى لا أفتح الباب أمام بعض المراهقين للمزيد من البحث.

واختتم حديثه قائلًا إن الإنياجرام هو الأمر الوحيد الذي اتفقت كل التيارات والأديان على رفضه، ومؤخرًا الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأنجليكانية أيضًا، فما سر إصرار مركز clc على تدريسه وصبغه بصبغة مسيحية وإدخاله للكنيسة؟

الإنياجرام يثير حفيظة حماة الإيمان ويدعونه بــ “العلم الشيطاني”

الدلائل التي يستند إليها حماة الإيمان في معارضة تدريس الإنياجرام في الكنيسة

1- الإنياجرام يقدم مفهومًا مشوهًا عن الخطية.

طبقًا لهذه الأيديولوجية، فإن هناك ذاتًا حقيقية وذاتًا غير حقيقية. أخطاؤك أو فشلك ناتجان عن ذاتك غير الحقيقية. الطريق إلى الكمال أو الذات النقية أو الحقيقية هو الوعي بها. البعض أيضًا يستخدم مفهومًا مثل معرفة الذات التي تؤدي إلى طريق الاتحاد بالإلوهية أو الإلوهية الداخلية. على أن الكتاب المقدس لا يقول إن لنا ذاتًا حقيقية وأخرى غير حقيقية أو إن لنا ذاتًا نقية، بل يعلِّم بأننا فاسدون جذريًا. هذه هي ذاتنا الحقيقية، وإن اعتقدنا بغير ذلك فنحن مخدوعون.

2- الإنياجرام يطرح منظورًا متمركزًا حول الإنسان.

إن هذا التعليم الوثني يجعل الإنسان ينحصر في ذاته طالبًا مجده وحكمته وخلاصه بالاستقلال عن الله، إذ يدفعه ليرى كل شيء من منظور متمركز حول نفسه، وليس من منظور الله المعلن في الكتاب المقدس، وبدلًا من أن ينصت الإنسان للحق الكتابي حول حقيقة أمره يقوم بقياس نفسه على نفسه. إنه نفس المسعى القديم للإنسان في جنة عدن بأن ينال حكمة ذاتية مستقلة عن الله.

3- الإنياجرام يشتت الانتباه بعيدًا عن المسيح والكتاب المقدس.

إن أول ما يفعله الإنياجرام هو أنه يشتت الانتباه عن هويتنا في المسيح. عندما نتحد بالمسيح تصبح هويتنا الجديدة. علينا أن ننظر إليه لكي نعرف مَنْ نحن. والنظر إلى المسيح يكون من خلال الحق المعلن في الكتاب المقدس. عندما ننظر إلى الرب يسوع المسيح في الكتاب، نرى قبحنا في نوره، ونرى أيضًا النعمة الممنوحة لنا بالاتحاد فيه. أما إن كنت غير مؤمن، فالاختبار الحقيقي لنوع شخصيتك، ليس هو الإنياجرام، بل الناموس، الذي يخبرك بأنك لا تستطيع أن تثبت في جميع وصاياه ومن ثَمَّ فأنت تحت لعنته وتحتاج إلى خلاص الرب يسوع.

4- الإنياجرام من أصل شيطاني.

ظهر الإنياجرام بشكل مبدئي في القرن التاسع عشر، وتم تطويره على يد أكثر من شخص أهمهم طبيب نفسي يدعى كلاديو نارنخو صرَّح بالصوت والصورة أنه طور هذه الأنواع التسعة للشخصية عبر الكتابة الأوتوماتيكية، أي أنه كان يكتب هذه المفاهيم وقوة أخرى متحكمة به. هو لا يقول إنها قوة شيطانية لكن هذا لا يحتاج إلى قول صريح منه لكي نعرف ذلك. قام نارنخو بنقل هذه الأفكار عن مرشد آخر كان بدوره منفتحًا على الشياطين وله روح مرشد.

5- الإنياجرام يفتح الباب لخبرات شيطانية.

التركيز على أمور مثل الوعي الذاتي والذات النقية أو الحقيقية يجعلنا ننحصر في أنفسنا. البعض يأخذ فكرة الوعي بالذات إلى الوعي ومن ثَمَّ الاتحاد بالإلوهية الداخلية. فضلًا عن ذلك، يحاول البعض في الغرب استخدام الإنياجرام في التشكيل الروحي من خلال أمور كالممارسات التأملية.

والتساؤلات التي يجب أن تُطرح هنا هي: ما هي حاجة المؤسسات الدينية للتوسع في نظريات علم النفس وعمل دورات واختبارات في هذا التخصص؟ وهل أصبح ذلك بديلًا عن استخدام الروحانيات في معالجة أمراض النفس البشرية؟

فلا يجب على المؤسسة الدينية القيام بكل الأدوار حتى لا تتشتت، بل عليها أن تركز في دورها الديني والروحي في التربية وهو دور عظيم وتترك الإدارة الأخرى للمؤسسات المتخصصة لأن عمل المؤسسة الدينية في كل المجالات والتخصصات سوف يؤدي حتمًا إلى التشتت وفقد الهوية.

و لماذا رغم أن هذا العلم قديم ومتاح في كورسات التنمية البشرية لم تحذِّر الكنيسة رعاياها منه إلا عندما قُدِّم على هيئة “كورسات كنسية”؟ هل جعل هذا لذلك الكورس حرمانية أكثر بينما إن أخذه قبطي في كورس خارج الكنيسة صار شيئًا عاديًا؟

رأي أخر

كريم كمال: الإنياجرام ليس علمًا شيطانيًا .. ولكنه نظرية قديمة لعلم النفس

ومن جانبه، قال كريم كمال الكاتب والباحث في الشأن السياسي والمسيحي والمتخصص في علم النفس، بخصوص إعلان أحد الكهنة عن استخدام علم الإنياجرام في أحد المراكز التابعة له ومهاجمة البعض، أن اعتبار أن هذا العلم يستخدم السحر كلام عارٍ تمامًا من الصحة، وأنا أتحدث بصفتي دارس ومتخصص في علم النفس لأن هذا العلم هو نظرية من نظريات علم النفس تُستخدم في كل أنحاء العالم وتعتمد على العلم.

وأضاف كمال أن الإنياجرام هو عبارة عن نظرية قديمة تقسم البشر إلى تسع شخصيات، لكل شخصية من أنواع الشخصيات اتجاه معين، كما أن لها صفاتها الخاصة وطريقة تفكيرها وطباعها التي تميزها عن غيرها من الصفات، وكذلك توجد لكل شخصية نقاط قوة ونقاط ضعف، وتم تحديد من خلال النظرية الوظيفة التي تناسب كل شخصية من الشخصيات التسعة.

ويضيف كمال أنه من الاختبارات السهلة على الرغم من أنه يبدو صعبًا للكثير، وهو عبارة عن رسم دائرة الإنياجرام التي تساعد على فهم صفات كل شخصية، ويتم عمل الاختبار عن طريق رسم دائرة، وتقسيمها إلى تسع نقاط متساوية، مع وضع رقم تسعة في القمة مكان الرقم 12 في الساعة، ثم وضع الأرقام من واحد إلى تسعة، ويمثل كل رقم شخصية من الشخصيات التسع في الإنياجرام، ويتم وضع بعض الخطوط التي تشبه المثلث وربط ثلاثة نقاط ببعضها، ثم عن طريق التفكير في أي من الشخصيات التسعة هي الأقرب إلى شخصيتك أطول وقت، أو القيام بوصف شخصيتك أو شخصية الشخص الذي تريد التعرف عليه أكثر، أو من خلال الصفات التي تكتبها يمكن معرفة أي نوع من الشخصيات التسع هي الأقرب إليك.

وأضاف كمال أنه بالبحث في آراء العلماء والمتخصصين منذ نشأت هذه النظرية وحتي الآن لا يوجد رأي واحد يؤيد ما يكتبه بعض الشباب غير المتخصص من أن هذه النظرية تعتمد على السحر، مع العلم بأن أي نظرية علمية من الممكن أن تُستخدم في الخير أو الشر، ومثال ذلك التنويم المغنطيسي الذي هو مهم جدًا في العلاج النفسي ولكن البعض يستخدم ذلك العلم في أمور أخرى.

وأوضح كمال أننا تعلمنا منذ الصغر أن الكنيسة مستشفي للنفس، وكان العلاج دائمًا هو العلاج الروحي من خلال الثقة بالله، وهذا لا يلغي أهمية العلاج النفسي، ولكن من الأفضل أن تظل الكنيسة في دورها الروحي الذي يعالج النفوس من خلال تعاليم الكتاب المقدس والصلوات والروحانيات، ومَنْ يحتاج إلى العلاج النفسي أو دورات تأهيل نفسي عليه أن يلجأ إلى الأماكن المتخصصة لذلك وهي كثيرة، وسوف يجد فيها ما يحتاج على يد العلماء والمتخصصين.

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا