سؤال وجود إبراهيم كشخصية تاريخية حقيقية يُثار كثيرًا في الأوساط الدينية والأكاديمية. وهناك كثير من الأدلة الكتابية، والتاريخية، والأثرية على وجود إبراهيم نذكر منها بالاختصار:
1. الأدلة الكتابية:
التوراة (التكوين 11-25) تقدم سردًا مفصلاً عن حياة إبراهيم، من هجرته من أور الكلدانيين إلى رحلته في كنعان.
يُذكر في العهد الجديد
(رومية 4: 1-3) “فماذا نقول إن أبانا إبراهيم قد وجد حسب الجسد؟ لأنه إن كان إبراهيم قد تبرر بالأعمال فله فخر، ولكن ليس لدى الله.لأنه ماذا يقول الكتاب؟ فآمن إبراهيم بالله فحسب له برًا”.
(عبرانيين11: 8-9) “بالإيمان إبراهيم لما دعي أطاع أن يخرج إلى المكان الذي كان عتيدًا أن يأخذه ميراثًا، فخرج وهو لا يعلم إلى أين يأتي. بالإيمان تغرب في أرض الموعد كأنها غريبة، ساكنًا في خيام مع إسحاق ويعقوب الوارثين معه لهذا الموعد عينه”.
2. الأدلة التاريخية والأثرية:
أ. من الناحية التاريخية:
لا توجد وثائق معاصرة لإبراهيم (حوالي 2000-1800 ق.م) تذكره مباشرة، لأن الكتابة التاريخية في ذلك العهد كانت محدودة.
لكن الحضارة الكلدانية في أور (جنوب العراق حاليًا) موثقة جيدًا، وهي المدينة التي يُقال إن إبراهيم خرج منها (تكوين 11: 31).
التقاليد والتراث اليهودي والمسيحي والإسلامي جميعها تؤكد وجوده.
ب. من الناحية الأثرية:
اكتُشفت مدينة أور (من قبل ليونارد وولي 1922-1934)، بما فيها الزقورة والمعابد التي قد تكون مرتبطة بزمن إبراهيم.
نصوص إيبلا (سوريا) ونوزي (العراق) تشير إلى عادات مشابهة لتلك المذكورة في سفر التكوين (مثل التبني لضمان الورثة، تكوين 15: 2-3).
أسماء مثل “إبرام” و”يعقوب” و”لبان” وردت في نصوص مسمارية من تلك الفترة.
3. النظريات النقدية:
بعض العلماء يشككون في وجوده كشخصية حقيقية، ويعتبرونه:
رمزًا قبليًا: يمثل تحالف قبائل بدوية.
أسطورة دينية: لتأسيس شرعية بني إسرائيل في كنعان.
لكن غياب الدليل ليس دليلًا على الغياب، فكثير من الشخصيات القديمة لا يوجد لها آثار مباشرة.
4. لماذا يعتبره المؤمنون شخصية حقيقية؟
التقليد الديني المتوارث عبر اليهودية والمسيحية والإسلام.
التفاصيل الجغرافية والاجتماعية في سفر التكوين تتوافق مع حقبة العصر البرونزي الوسيط (2000-1500 ق.م).
الدور المركزي لإبراهيم في العهد القديم والجديد يجعل من الصعب اعتباره مجرد أسطورة.