أفغانستان الأسوأ عالميا وتقدم بتونس والسعودية
أظهر استطلاع رأي لخبراء في شبكة المعهد الإيطالي لدراسات السياسة الدولية/ ISPI MED، أن مشاركة المرأة في بلدان عديدة بالشرق الأوسط ما زالت تواجه تحديات في تحقيق المساواة بين الجنسين.
يقول الاستطلاع: لا تزال هناك العديد من التحديات تواجه النساء، ولا تزال المساواة بين الجنسين هدفًا بعيد المنال، يمنح قانون تقدمي فى تونس الحماية والحقوق للنساء، وكذلك الحرية السياسية، في حين ضمنت الإصلاحات الأخيرة حقوقًا مدنية أكبر للمرأة السعودية.
ومع ذلك، يرى المشاركون في الاستطلاع أن هذه الإنجازات الإيجابية ليست كافية، حيث “لا تزال البرلمانات في جميع أنحاء المنطقة يهيمن عليها الرجال إلى حد كبير، وتكافح النساء للوصول إلى مناصب حكومية رفيعة المستوى. ولا تزال هناك تفاوتات عميقة بين الجنسين في سوق العمل، إلى جانب فجوة تفاوت كبيرة بين النساء فى المناطق الحضرية والريفية”.
علاوة على ذلك، يشير المشاركون إلى أن أوضاع النساء مهددة بسبب حالة عدم الاستقرار في العديد من الاقتصادات الإقليمية. ناهيك عن دول مثل أفغانستان، التي تراجعت في قضايا النوع الاجتماعي. وإيران، حيث تقمع السلطة الاحتجاجات المدافعة عن حقوق المرأة. وهناك في البلدان التي مزقتها الحرب، مثل سوريا واليمن، غالبًا ما تدفع الفتيات والنساء ثمن الصراعات.
يضيف الاستطلاع: نظرًا لأن الإنجازات الاجتماعية والاقتصادية لا تزال هشة، فإن تصميم وشجاعة النساء في إسماع صوتهن في العديد من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أمر مثير للإعجاب. حيث يواصلن النزول إلى الشوارع للمطالبة بمزيد من الحقوق والفرص.
تونس تقدم لكن السقف الزجاجي لا يزال
من بين جميع الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كان لدى تونس دائمًا قوانين تقدمية للمساواة بين الجنسين تم سنها في قانون الأحوال الشخصية (1956)، والإصلاحات اللاحقة المتعلقة بالمساواة بين الجنسين، مثل حظر تعدد الزوجات، والحق في الإجهاض منذ عام 1973، والأجر المتساوي مقابل المساواة في العمل، الحماية من العنف المنزلي، وأيضًا الوصاية على الأطفال. لكن، يبدو أن هذه الحقوق المشهورة تخفي حقيقة أكثر دقة.
على الرغم من الإنجازات الهامة على الورق، لا يزال هناك اختلال كبير في التوازن بين الجنسين في تونس. علاوة على ذلك، لا يزال هناك سقف زجاجي يمنع المرأة من الوصول إلى مناصب في السلطة، وتأمين سبل تمثيل أكبر لها في الحكومة.
أبرزت الانتخابات التشريعية الأخيرة -برلمانًا يهيمن عليه الرجال، 25 امرأة فقط من أصل 161 عضوًا- يبين ذلك، كيف أن إنجازات المرأة لا تزال هشة، وأن النهج المحافظ الجديد في تونس، يهدد مكاسب المرأة السياسية.
لبنان.. الاقتصاد المنهار وتأثيره
يواصل لبنان الانغماس في أزمة أعمق، مع الانهيار الاقتصادي الذي أضرّ بجميع القطاعات. وقد أثر هذا على مجمل السكان، لكن النساء يتحملن العبء الأكبر.
حتى قبل الأزمات المعقدة التي تضرب البلاد، كانت القوانين التي تحمي حقوق المرأة غير كافية، وغالبًا ما كانت عاجزة عن معالجة العدالة بين الجنسين من منظور شامل. حتى يومنا هذا، لا يزال البعض يعتقد أن قضايا حقوق المرأة ليست ذات أولوية. ولسوء الحظ، سمعنا وزيرًا في حكومة تصريف الأعمال الحالية يعبر عن ذلك علنًا.
يجب أن يتعلق الوضع الحالي، ويحظى باهتمام، جميع الإصلاحيين في البلاد، وليس فقط المدافعين عن حقوق المرأة. تتعرض الأمة اللبنانية، للهجوم من قبل أولئك الذين يريدون الحفاظ على الوضع الراهن، وسبيلهم وتبريرهم لإبقاء المحسوبية وعدم المساواة في المجتمع حماية “التمثيل الطائفي”.
لذا، يحتاج لبنان إلى قادة جدد يعتزون بقيم الديمقراطية والمساءلة والمساواة. هذه دعوة للنساء لأخذ زمام المبادرة لملء الفراغ والإرشاد لتكون لبنان بلدًا يتمتع مواطنوه بالمساواة.
السعودية.. الاقتصاد يسرع التغيير
في المملكة العربية السعودية، تتسارع النساء على طريق التغيير الاجتماعي والاقتصادي. ويرجع هذا في المقام الأول إلى إصلاحات تضمنتها “رؤية 2030″، القائلة إن عمالة الإناث هي في صميم عملية التنويع الاقتصادي في مرحلة ما بعد النفط.
اليوم، توفر المملكة المزيد من الحريات والفرص لمواطناتها من النساء: على سبيل المثال، يمكن للمرأة السعودية فوق 21 عامًا الآن السفر إلى الخارج والحصول على جواز سفر دون إذن من ولي أمرها. ومع ذلك، يحدث هذا كتنازل من سلطة أعلى إلى أسفل.
أيضًا، تؤكد وسائل الإعلام المحلية على نماذج جديدة يحتذى بها. حيث يمكن للمرأة السعودية الآن أن تخدم في القوات المسلحة، ويُسمح لها بقيادة القطارات.
وكجزء من “هجوم ساحر” لجذب الرأي العام الغربي، تم تعيين العديد من السفيرات للمملكة مثل هيفاء الجديع، التي تم تعيينها مؤخرًا سفيرة في الاتحاد الأوروبي.
قد يساعد دمج الإناث، مجمل الشباب السعودي -خاصة في الرياض والمراكز الحضرية الكبرى- على “الالتفاف حول علم الإصلاحات” هذا ربما يمنع مظاهر الاستياء المحتمل. لكن، كيف ستتعامل المناطق السعودية الأكثر هامشيةً ومحافظةً مع التغييرات؟ هذه أمور لا تزال غير معروفة.
إيران.. تزايد احتمالات تصاعد الاحتجاجات
على مدى عقود، تعرضت النساء الإيرانيات إلى تمييز متعدد المستويات، متجذر في نظام المجتمع الأبوي. بعد الثورة الإسلامية، ساء الوضع، حيث أصبح التمييز الهيكلي -الذي ترعاه الدولة- عنصرًا أساسيًا في إيران ما بعد الثورة.
على الرغم من ذلك، وبفضل صمود النساء الإيرانيات، أصبحت أعداد الإيرانيات خريجات الجامعات ضمن نسب عالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ومع ذلك، لم يساعد التعليم العالي القوى العاملة النسائية في الانخراط والمشاركة الاقتصادية، حيث حصلت واحدة من كل 5 إيرانيات على فرصة عمل.
في هذا المجال، تتخلف إيران عن دول مثل السعودية وتركيا ومصر. كما ساهم العنف القائم على النوع الاجتماعي، والقوانين التمييزية، والبنية الأبوية للمجتمع الذي استثمرت فيه الدولة بشكل كبير. في تعزيز صورة المرأة المثالية بأنها الخاضعة والمعتمدة بشكل كامل على أفراد الأسرة الرجال.
للمفارقة أصبح الرجال الإيرانيون أكثر وعيًا وداعمًا لحقوق المواطنات، كانت الاضطرابات الأخيرة في إيران التي اندلعت بسبب مقتل شابة “مهسا أميني”، مشهد جمع رجال ونساء إيرانيين متحدين، وأصبحت المظاهرات نقطة تحول في احتجاجات استمرت لأشهر في جميع أنحاء البلاد في إيران.
ومع ذلك، ظلت المظالم دون رد من قبل الدولة. وهذا يحافظ على احتمالية تصعيد الاحتجاجات التي تشهد حضورًا كثيفًا للنساء الإيرانيات، وهو احتمال مرتفع بشكل ملحوظ.
أفغانستان: أسوأ مكان للمرأة في العالم لولادة امرأة هو أفغانستان
وفقًا لمؤشر السلام والأمن للمرأة / WPS، فإن أسوأ مكان في العالم لولادة امرأة هو أفغانستان.
هو بلد تتظاهر فيه النساء، رغم المخاطرة بتكبد الجلد والرجم والاعتقال والتعذيب، منذ 15 أغسطس 2021، ذلك مع عودة طالبان إلى السلطة بعد اتفاقيات الدوحة التي وقعتها إدارة دونالد ترامب الأمريكية.
بين عامي 2001 و2018، خلال فترة الاحتلال من قبل التحالف الدولي، زاد عدد النساء الحاصلات على تعليم عالٍ بنحو 20 ضعفًا، وكانت واحدة من كل ثلاث شابات مسجلة في الجامعة. لكن في 20 ديسمبر، حظرت طالبان -متجاهلة الوعود التي قطعتها في الدوحة- التحاق النساء بالجامعات، وحرمت أكثر من 100 ألف طالبة من إمكانية إكمال دراستهن.
من السهل معرفة السبب، منذ عودة طالبان إلى السلطة، انخفضت نسبة النساء فوق 15 عامًا اللائي يشعرن بالأمان في مجتمعهن من 35.5 % إلى 9.8 %. على الرغم من ذلك، لم تحبس الأفغانيات أنفسهن في منازلهن: بعد 20 ديسمبر، عادت الفتيات إلى ساحات كابول وننجارار للاحتجاج مرة أخرى، حتى لو على حساب حياتهم.