جلوريا حنا
احتفلنا الشهر الماضي بعيد القيامة المجيد، وفيه نحتفل بقيامة السيد المسيح من الأموات، وبالتالي قيامتنا معه وتحررنا من الخطية وسلطان إبليس علينا. لكن، برأيك، ماذا تعني كلمة حرية؟ هل هي أن نكون بلا قيود؟ أن نفعل ما يحلو لنا؟ هناك مَنْ يقول: “أنت حر ما لم تضر”، إذن إن فعلت شيئًا خاطئًا لكني لم أؤذي أحدًا فهل هذا معناه إني في الطريق الصواب، أم أن هذا مجرد خدعة؟
نعيش اليوم في عالم فسد فيه مفهوم الحرية الحقيقي، فالحرية ليست أن نفعل ما يحلو لنا بلا قوانين تعيق تحركاتنا كما نراها أحيانًا، بل على العكس، إذا فكرنا في الأمر، سوف نجد أن القوانين والقواعد التي تحكمنا تجعلنا أحرارًا أكثر من عدم وجودها. تخيل معي الآتي: مجتمع يستطيع فيه أي شخص أن يسرق ما ليس له دون أن يُعاقب، حيث لا يوجد قانون يمنع السرقة، سيكون هذا المجتمع غير آمن لنا وسنكون كلنا مقيدين بالخوف والشك والأرق، لكن وجود تلك القوانين التي تمنع السرقة وتضع عقوبة لها يجعلنا نعيش في أمان أكثر. الآن، ما تخيلته معي يمكننا تطبيقه على حياتنا مع الله.
شاهدتُ قريبًا مقطعًا صغيرًا يُظهِر الخطأ الذي قد نقع فيه عند قبولنا لعمل المسيح وفدائه، وللأسف قد يشجع على هذا الفكر أحد رجال الدين، وهو أننا نستطيع فعل أي شيء لأن الله كثير الرحمة وغفور ورحيم وطويل الروح، و… و… و…، وإلى ما لا نهاية من صفات الله التي تبدو لنا مشجعة لفعل الخطأ، فنحن قد تبررنا بالفعل بعمل المسيح والله سيغفر لنا كل ما نفعله، وبهذا نعيش في الخطية قائلين إن الله سوف يغفر لنا، وننسى بعض الصفات الأخرى لله: قدوس، عادل، غيور… الخ.
عزيزي … علينا التفكير جيدًا فيما تعنيه كلمة “حرية”، فالحرية ليست حرية أفعال، بل إرادة وأفكار أيضًا، فعندما ننغمس في إدمان شيء ما تحت مظلة: “أنا حر!” يجعلنا هذا الإدمان مسلوبي الإرادة، فأين هذه الحرية؟ أن يتحكم فينا شعور خاطئ معين ويقيد فكرنا وأفعالنا، فلا حرية في هذا… الخ. يكتب لنا الرسول بطرس في رسالته الأولى أن نخضع للرؤساء، وأن مشيئة الله هي أن نعمل الخير، لكن هناك شرط كتبه: “كأَحرارٍ، وليس كالذين الحريةُ عندهم سترة للشر، بل كعبيد الله” (1بط2: 16).
يخبرنا بطرس صراحة أن الحرية ليست عذرًا لفعل الشر، بل الحرية هي أن نكون خاضعين لله وعمل وصاياه. لنصلِّ ليحمينا الله من هجمات إبليس علينا بمصطلح الحرية الفاسد، وألا يخدعنا تحت غطاء الحرية وهو يريد أن يقيدنا، وأن نتحصن بسلاح الله الكامل ضد هجماته وهجمات العالم من حولنا، وأيضًا طبيعتنا العتيقة، فنظل أحرارًا في المسيح.