34.4 C
Cairo
الثلاثاء, يوليو 15, 2025
الرئيسيةتحقيقاتتقرير فرنسي: جماعة الإخوان المسلمين تقوض الدولة الفرنسية من الداخل

تقرير فرنسي: جماعة الإخوان المسلمين تقوض الدولة الفرنسية من الداخل

تحقيق: إيهاب قزمان

مرة أخرى تنتفض أوروبا ضد تمدد سرطان الإسلام السياسي وجاءت الانتفاضة هذه المرة في فرنسا، فمع تصاعد القلق الرسمي في فرنسا من تغلغل جماعة الإخوان المسلمين داخل النسيج المجتمعي، انتقلت باريس من مرحلة المراقبة إلى طور المواجهة السياسية والمؤسساتية.

وفي خطوة غير مسبوقة، ترأس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرًا اجتماعًا لمجلس الدفاع خصص لبحث تقرير رسمي يكشف عن “تسلل أيديولوجي منظم” تقوده الجماعة، ويستهدف – بحسب الوثيقة – إعادة تشكيل القيم داخل بعض مكونات المجتمع، من خلال خطاب ديني موجه، وتمدد مؤسساتي عبر التعليم والمراكز الثقافية والمساجد.

وبدت السلطات الفرنسية، التي لطالما اتُهِمت بالتقاعس في مواجهة جماعة الإخوان رغم تقارير سابقة، هذه المرة أكثر تصميمًا على التحرك.

ووصف التقرير الذي أعده مسئولان حكوميان الجماعة بـ”التنظيم التخريبي المناهض لقيم الجمهورية”، وطرح سلسلة من المقترحات السياسية والقانونية والإدارية للتعامل مع الخطر المتصاعد.

وأعلنت الرئاسة الفرنسية أن بعض هذه الإجراءات سيبقى سريًا، وهو ما يشير، حسب محللين، إلى أن المواجهة لن تقتصر على المسارات التشريعية أو العلنية، بل ستشمل تحركات أمنية ومخابراتية موجهة.

ويلفت المحللون إلى أنه من أبرز الخطوات المحتملة التي يجري تداولها داخل أروقة القرار الفرنسي سحب الاعتراف الرسمي أو الدعم عن الجمعيات والمؤسسات المتهمة بالارتباط المباشر أو غير المباشر بالإخوان، وفي مقدمتها “منظمة مسلمي فرنسا”، التي اعتُبرت في التقرير بمثابة الفرع الوطني للتنظيم الدولي داخل فرنسا.

كما يدرس البرلمان مقترحات لتشديد الرقابة على تمويل الجمعيات الدينية، وفرض المزيد من الشفافية على مصادر التمويل الخارجي، بما في ذلك من دول يُشتبه في دعمها لمشاريع الإسلام السياسي، إضافة إلى إجراءات أخرى تتعلق بإصلاح هيكلة تدريب الأئمة، ومراقبة خطب الجمعة في المساجد، وتقييد الخطاب الديني الذي يتعارض مع قيم العلمانية.

ويمضي التقرير ليكشف عن سيطرة الجماعة على أماكن العبادة الرسمية والجمعيات، مؤكدًا أنه “تم رصد 139 مكان عبادة رسميًا، بالإضافة إلى 68 قريبة من المؤسسة، موزعة على 55 إدارة إقليمية، ويُقدر عدد المصلين المنتظمين في هذه المساجد بحوالي (91) ألف شخص.

وجاء في التقرير الذي يحمل عنوان “الإخوان المسلمون والإسلام السياسي في فرنسا”، وأعده سفير فرنسي ومسئول في الشرطة بتكليف من وزارات الداخلية والخارجية والدفاع، أن “جماعة الإخوان المسلمين تقوض الدولة الفرنسية من الداخل بشبكة واسعة من العناصر والمؤسسات المتغلغلة”.

ووفق التقرير، فإن هناك 280 جمعية مرتبطة بجماعة الإخوان تنشط في مجالات متنوعة، تشمل الدين والأعمال الخيرية والتعليم والمجالات المهنية والشبابية وحتى المالية، وهو ما يكشف أن التنظيم بات يتَّبع تكتيكًا يقوم على التسلل داخل البنى الاجتماعية الفرنسية، لا سيما من خلال المساجد والجمعيات الثقافية والتعليمية. وتُظهِر معطيات أمنية موثقة أن التنظيم يسعى إلى خلق شبكات محلية من النفوذ، تستند إلى العمل الاجتماعي والديني، لكنها تخفي في جوهرها مشروعًا سياسيًا إسلامويًا يرفض الانخراط في قيم الجمهورية.

ويوضح التقرير أن عناصر التنظيم يستخدمون واجهات قانونية وجمعوية للحصول على تمويلات مشبوهة من دول أجنبية، ولبناء مواقع تأثير داخل الجاليات، خصوصًا في الأحياء الفقيرة والهشة.

وقدّم التقرير ٦ مقترحات لذلك كالتالي: العمل على فهم التهديد بشكل أفضل، لمحاربة «الإسلام السياسي» بفاعلية أكبر، وتطوير العلوم الإسلامية لمحاربة «إستراتيجية أسلمة المعرفة»، وفهم واقع وتطلعات المسلمين في فرنسا والاستجابة لها، وتعزيز تعليم اللغة العربية في المدارس الرسمية، والاعتراف بالدولة الفلسطينية لتخفيف الشعور بـ«الإسلاموفوبيا الرسمية»، وأخيرًا تعديل قوانين الدفن المتبعة بخصوص المسلمين.

أوروبا تنتفض ضد تمدد سرطان الإسلام السياسي.. فيينا أول عاصمة أوروبية تحظر تنظيم الإخوان… فرنسا أخيرًا تفوق من الغيبوبة

ما زالت مساعي دول الاتحاد الأوروبي مستمرة بإصدار تشريعات وقوانين جديدة وفرض رقابة مشددة على أنشطة جماعات الإسلام السياسي، كما تقوم بفرض عقوبات وحظر جماعات وحل منظمات وكيانات لها علاقات أو روابط بتنظيمات الإسلام السياسي على الأراضي الأوروبية. فخلال عام 2021، اتخذت دول أوروبية خطوات تُعتبر الأولى من نوعها في حظر جماعات تنتمي لتيار الإسلام السياسي، فعلى سبيل المثال تُعد فيينا أول عاصمة أوروبية تحظر تنظيم الإخوان المسلمين رسميًا.

وباشرت عدة دول أوروبية في اتخاذ إجراءات متعددة لمواجهة نفوذ الإسلام السياسي. واستبقت فرنسا الجميع، وقبل حرب غزة، قامت منذ عام 2020 بحل عدد من الجمعيات الإسلامية المتهمة بالتطرف مثل جمعية “بركة سيتي” و”التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا”، كما تم تعزيز الرقابة على الجمعيات الدينية والتعليمية. وتوسعت هذه الإجراءات بعد حرب غزة، وتم وضع خطب المساجد تحت المراقبة، والتشديد على شروط تمويل الجمعيات.

النمسا أول دولة أوروبية تحظر تنظيم الإخوان

تُعدُّ النمسا أول دولة أوروبية تحظر تنظيم الإخوان المسلمين رسميًا، كما وسعت النمسا قانون حظر رموز التنظيمات المتطرفة. وقبل هذا التوسيع، كان القانون يحظر عدة تنظيمات منها داعش وتنظيم القاعدة، والذئاب الرمادية التركية، ومليشيات حزب الله اللبناني، وحزب التحرير. ففي 13 يوليو 2021، حظر البرلمان النمساوي تنظيم الإخوان المسلمين ومنعهم من ممارسة أي عمل سياسي، وحظر كافة الشعارات السياسية وأعلام للتنظيم من الأماكن العامة في النمسا. وتورط التنظيم في النمسا بتوفير بيئة خصبة للجماعات المتطرفة واستغلال الشبكة العنكبوتية في خطاب الكراهية ونشر التشدد الديني.

حظر الذئاب الرمادية في أوروبا

أوصى البرلمان الأوروبي في يونيو 2021 بوضع تنظيم “الذئاب الرمادية” على قائمة المنظمات الإرهابية للاتحاد الأوروبي. وكان البرلمان الهولندي قد صوّت في 19 نوفمبر 2020، بأغلبية (147) صوتًا، على مقترح لمناقشة طلب حظر تنظيم “الذئاب الرمادية”. كما صادق البرلمان الألماني في 18 نوفمبر 2020 على دراسة حظر منظمة “الذئاب الرمادية” المدعومة من تركيا. وبالفعل أدرجت السلطات الفرنسية في 4 نوفمبر 2020 رسميًا تنظيم “الذئاب الرمادية”، الموالي لتركيا، على قائمة الجماعات المحظورة في أراضيها. وأعلنت الحكومة النمساوية في 4 مارس 2019 سريان قانون حظر تنظيم “الذئاب الرمادية”.

السيطرة على ثروات أوروبا البشرية والمالية

تعد الشبكات والواجهات الاقتصادية والمالية المعقدة لجماعة الإخوان المسلمين وتغلغل هذه الأخيرة داخل المجالس والمراكز الإسلامية في أوروبا، جزء لا يتجزأ من عملياتها الدولية الرامية إلى نشر أيديولوجيتها المتطرفة. وتتطلب معالجة التهديد الذي تشكله هذه الشبكات السرية تعاونًا أوروبيًا ودوليًا من أجل كشفها وتحييدها.

عملت حركات الإسلام السياسي على التغلغل في الدول الأوروبية من خلال السعي الى تكوين ثروات بشرية ومادية، تسمح لها بتنفيذ مشروعها العالمي. وقد باتت حركات الإسلام السياسي تتخذ بعض الواجهات التجارية والثقافية مستغلة بذلك القوانين الأوروبية فيما يتعلق بالحريات الفردية والأنشطة الاقتصادية والثقافية.

بات هناك حضور آخر لجماعات الإسلام السياسي من جوانب تجارية يعزز تمدده في المجتمعات الأوروبية، من ذلك ما بات يعرف بـ “تجارة الحلال”. وقد ذكر تقرير لمجلة “إنسايدرز” الأمريكية، في هذا الصدد، أن قيمة تجارة اللحوم الحلال وحدها قدرت بنحو 2.3 تريليون دولار أمريكي سنويًا. كما يتوقع أن ينمو حجم سوق الأغذية والمشروبات الحلال العالمي ليصل إلى 739.59 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025.

ووفقًا لتقرير جديد صادر عن شركة (Grand View Research, Inc) تشهد صناعة الأغذية الحلال العالمية نموًا كبيرًا بسبب زيادة أعداد السكان المسلمين، وهو ما يعني زيادة كبيرة في استهلاك المواد الغذائية؛ إذ من المتوقع أن يرتفع إجمالي عدد السكان المسلمين من 23٪ في الوضع الحالي إلى حوالي 30٪ من إجمالي سكان العالم بحلول عام 2030.

وتشمل أهم الاستثمارات الإخوانية في أوروبا: بنك التقوى الذي أسسه الإخواني يوسف ندا، وبنك أكيدا الدولي، الذي أسسه التنظيم الدولي، وهو متورط في دعم العديد من الجماعات المتطرفة والأصولية، وكذلك مؤسسة أوروبا التي تأسست عام 1997، وشغل منصب مديرها التنفيذي أحمد الراوي عضو المكتب الدولي للجماعة.

وتوجد شركات “الأوف شور” التي تعتبر مؤسّسات مالية خارجية تعمل في جزر قريبة من أوروبا، مثل جزر البهاما وجرسي والكايمان، وترتبط هذه الجزر عن كثب بالعواصم المالية والسياسية الكبرى، وتُعَد ملاذات آمنة لإيداع أموال الأثرياء أو تلك الناتجة عن الفساد والجريمة المنظمة. وقد نجحت الجماعة منذ أوائل الثمانينيات من القرن العشرين في بناء هيكل متين من شركات «الأوف شور» بالتوازي مع نمو ظاهرة البنوك الإسلامية، ومن خلال هذا الهيكل تمكنت من إخفاء ونقل الأموال عبر العالم.

تنتشر المؤسسات الإخوانية في أوروبا، منها مؤسسة قرطبة للحوار العربي الأوروبي في بريطانيا، وهي منظمة دعم حقوقي وسياسي، يديرها أنس أسامة التكريتي، مؤسس أغلب المنظمات الإخوانية في بريطانيا، في الفترة من 1997 إلى الآن. كذلك توجد منظمة المجلس الإسلامي في بريطانيا، فهي أكبر منظمة دعم سياسي تعمل باسم المسلمين في بريطانيا، تأسست عام 1997 على يد قيادات جماعة الإخوان المسلمين وبمساعدة شبكة المودودي الباكستانية. ومن الأدوات الإعلامية للإخوان في أوروبا قناة الحوار، وهي إحدى الأدوات الإعلامية المؤثرة لتنظيم الإخوان المسلمين في أوروبا، تأسست عام 2006 على يد عدد من قيادات الإخوان، أشهرهم أنس التكريتي رئيس مؤسسة قرطبة.

تجنيد ناعم وتعبئة نفسية للجاليات

وأوضح التقرير الفرنسي أن الجماعة لا تسعى لفرض “الشريعة الإسلامية” بشكل مباشر أو إقامة دولة إسلامية في فرنسا، لكنها تتبع نهجًا “خفيًا وتدريجيًا” يهدف إلى زعزعة التماسك الاجتماعي من خلال “إسلام بلدي” يؤثر على الحياة العامة والسياسات المحلية.

ويرصد التقرير أيضًا محاولات التنظيم لاستقطاب الشباب المسلم، خصوصًا أولئك الذين يعانون من التهميش الاجتماعي، عبر تقديم الهوية الدينية كبديل للهوية الوطنية. ويوظف التنظيم شبكة من الدعاة والمؤطرين في المدارس والمراكز الثقافية، لبناء ولاء طويل الأمد لأفكارهم.

كما يحذر من أن هذا النوع من التجنيد لا يكون صريحًا أو مباشرًا، بل يتم عبر رسائل رمزية ومناهج ثقافية تتبنى مفاهيم الشريعة، وتُشكِّك في مشروعية القوانين الفرنسية، مما يمهد لبناء أجيال تحمل قناعات انعزالية.

وقد أشار التقرير إلى “الطابع الهدام للمشروع” الذي يعتمده الإخوان المسلمون، وعملهم على المدى الطويل للتوصل تدريجيًا إلى تعديلات للقواعد المحلية أو الوطنية، ولا سيما تلك المتعلقة بالعلمانية والمساواة بين الرجال والنساء.

ويرصد التقرير أولويات الجماعة للتأثير، وأولها القطاع التعليمي والتربوي، وثانيها شبكات التواصل الاجتماعي، وثالثها ديناميكية العمل الخيري مع التزام إستراتيجية “إضفاء الشرعية والاحترام الرامية إلى تغيير تدريجي للقوانين المحلية والوطنية المطبقة على السكان، وخاصةً ما يتعلق منها بالنظام القانوني للعلمانية والمساواة بين الجنسين”.

دراسة: المنظمات الإسلاموية في أوروبا تسعى لإقامة دولة خلافة إسلامية بها

دراسة بالإنجليزية للباحث محمد علي عدراوي، الأستاذ المساعد بقسم الدراسات الإسلامية، بجامعة رادبود، نُشرت على موقع المركز الإيطالي لدراسات السياسة الدولية.

تؤكد الدراسة أن وجود الإسلام السياسي أثار مناقشات حول التكامل والتعددية الثقافية والأمن ودور الدين في المجتمعات الأوروبية. ولفتت إلى أنه لا توجد دراسة علمية دقيقة تبين عدد المسلمين الأوروبيين الذين يتميزون بالولاء لبعض سرديات الإسلام السياسي. ومع ذلك يمكن التأكيد على أنه في العقود الأخيرة، على الأرجح، كان هناك انتشار متزايد، وإن كان بأشكال متنوعة، لجماعات الإسلام السياسي، وخاصةً الإخوان المسلمين.

وتقول الدراسة إنه في أوروبا اكتسب الإسلام السياسي مكانة بارزة بسبب زيادة هجرة المسلمين، وخاصةً بعد الحرب العالمية الثانية، وكذلك وصول المزيد من الأفراد المتعلمين أكاديميًا. وكان هذا واضحًا في العديد من الدول الأوروبية، مثل فرنسا التي شهدت في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات موجة جديدة من الطلاب والناشطين. على سبيل المثال، عبد الله بن منصور، وهو طالب تونسي استقر في فرنسا في أوائل الثمانينيات وتلقى تدريبًا إيديولوجيًا في “حركة الاتجاه الإسلامي” التي أصبحت “حركة النهضة” بعد بضع سنوات. وكان أحد مؤسسي “اتحاد المنظمات الإسلامية” في فرنسا والذي أصبح “منظمة مسلمي فرنسا” في العام 2017، وهو جزء من إرث جماعة الإخوان المسلمين في بلد يضم أعلى عدد من السكان المسلمين في أوروبا الغربية.

وتستعرض الدراسة حركات ومنظمات عديدة تُمثل الإسلام السياسي، ولكل منها إيديولوجيات وأهداف مُميزة، ومن أبرزها:

فروع جماعة الإخوان المسلمين: أسهمت هذه الجماعات في تشكيل العديد من المنظمات الإسلامية الأوروبية. ومنها:

حزب التحرير: منظمة إسلامية عابرة للحدود، تأسست في القدس عام 1953، تسعى إلى إقامة خلافة إسلامية عالمية، وينشط حزب التحرير في عدة دول أوروبية، ويدعو إلى نظام سياسي إسلامي، وكثيرًا ما يصطدم بالسلطات الأوروبية.

الحركات السلفية: اكتسبت السلفية، وهي تفسير محافظ للإسلام، زخمًا كبيرًا في أوروبا. وبينما تُعدُّ معظم الجماعات السلفية غير عنيفة، يدعو بعضها إلى الانعزال السياسي، يميل البعض الآخر إلى النشاط الاجتماعي والديني للدفاع عن الإسلام والمسلمين الذين يتعرضون للهجوم. والعديد من المجتمعات السلفية الأوروبية منغلقة تمامًا.

الشبكات الجهادية: جنّدت الجماعات الجهادية المتطرفة، مثل: القاعدة وداعش، مسلمين أوروبيين، مستغلةً في كثير من الأحيان المظالم الاجتماعية والروايات الإيديولوجية لتبرير العنف. وتُشكِّل هذه الشبكات تحديات أمنية للدول الأوروبية. ومنذ عام 2014 نُفّذ أكثر من (30) هجومًا قاتلًا في أوروبا. وشهدت المملكة المتحدة (3) هجمات إرهابية خلال (4) أشهر في أوائل عام 2017 (هجمات وستمنستر، وتفجير مانشستر أرينا، وهجوم جسر لندن)، وشهدت فرنسا (8) هجمات كبرى بين يناير 2015 ويوليو 2016، بما في ذلك هجمات نوفمبر 2015 الإرهابية في باريس، والتي أودت بحياة أكثر من (130) شخصًا.

وترى الدراسة أن وجود الإسلام السياسي في أوروبا يطرح تحديات جديدة تتطلب استجابة من الحكومات والمجتمع المدني والأجهزة الأمنية. وتشمل هذه التحديات:

التطرف والتهديدات الأمنية: ارتبطت فروع الإسلام السياسي المتطرفة بالإرهاب والتطرف العنيف. وقد استثمرت الحكومات الأوروبية بكثافة في جهود مكافحة الإرهاب لرصد الشبكات المتطرفة وتفكيكها، مع تعزيز برامج مكافحة التطرف.

الصراعات القانونية والسياسية: تُشكِّل بعض تفسيرات الإسلام السياسي تحديًا للأطر القانونية الأوروبية، لا سيما فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين، وحرية التعبير، ودور الشريعة الإسلامية. وقد نظرت المحاكم الأوروبية في قضايا تتعلق بالتحكيم والتعبير الديني المستند إلى الشريعة الإسلامية في المؤسسات العامة.

النفوذ الأجنبي: يتلقى العديد من الحركات الإسلامية في أوروبا تمويلًا ودعمًا إيديولوجيًا من دول أجنبية، منها تركيا وقطر. وقد أثار هذا النفوذ الخارجي مخاوف بشأن التدخل السياسي وترويج الإيديولوجيات المحافظة أو المتطرفة.

ماهر فرغلي: منفذو العمليات الإرهابية في أوروبا خرجوا من حضن الإخوان

قال ماهر فرغلي، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، إن النشاط الملحوظ لجماعة الإخوان استمر طيلة السنوات الماضية في أوروبا من خلال استغلال الأقليات الدينية، مشيرًا إلى أن الإخوان كانت موجودة في أوروبا تحت مسمى “اتحاد المنظمات الإسلامية”. ومع الثورة المصرية وسقوط الجماعة في الشرق الأوسط وتراجعها، غيروا الاسم إلى “مجلس مسلمي أوروبا”، والذي يدار حاليًا من فرنسا، ويقوده عبد الله بن منصور، وهو من أصل عراقي.

وأضاف فرغلي أن الهدف في الفترة الأخيرة من خلال مجلس مسلمي أوروبا هو تحويل الإخوان إلى تيار غير متعارض مع الحكومات الأوروبية لتجنب الصدام معها، خاصةً في ظل وجود قوائم كبيرة في فرنسا لطرد بعض الأفراد المرتبطين بالجماعة، ومن بينهم شخصية بارزة هي شكيب بن مخلوف.

وأوضح أن شكيب بن مخلوف يُعدُّ من مؤسسي التنظيم الدولي، وأن وجوده في قوائم الطرد مع عناصر أخرى يمثل أمرًا خطيرًا بالنسبة للتنظيم الدولي، ولذلك قامت الجماعة بتغيير وتطوير آلياتها في أوروبا، حيث أصبحت تسير على محاور جديدة، مشيرًا إلى أن النشاط الإخواني في أوروبا قديم.

وأشار إلى أنه قبل نحو عشر سنوات وقعت سلسلة من التفجيرات والعمليات الإرهابية في أوروبا، إلا أن التقرير الأخير لصحيفة “لوفيجارو” الفرنسية كشف عن تنامي هذا النشاط في السنوات الأخيرة مع استخدام آليات جديدة ومحدثة، مؤكدًا أن ما لفت انتباه الأوروبيين إلى جماعة الإخوان هو العمليات الإرهابية التي وقعت في بروكسل، ونيس، وباريس، ثم العملية الأخيرة في موسكو، موضحًا أن منفذي تلك العمليات خرجوا من حضن جماعة الإخوان، إذ أنهم بدأوا مع الجماعة ثم انتهوا إلى القاعدة أو تنظيم داعش.

وأخيرًا، لا بد أن نتذكر أن المعركة ضد الإسلام السياسي تتطلب أدوات ثقافية وفكرية، وليس فقط أمنية. فنجاح النموذج الأوروبي في التعامل مع هذه الظاهرة سيكون مرهونًا بعدم التهاون مع المحاولات التنظيمية والحركية للتغلغل في المؤسسات والمجتمعات عبر المجتمع المدني والمراكز الدعوية والثقافية، والأنشطة التنموية والخيرية، لتشكيل حواضن وحوامل اجتماعية، وذلك لإضعاف أسس الدولة الديمقراطية، وتشكيل أفخاخ لإنتاج جيل من الإرهابيين، بهدف تنفيذ مشروع إقامة دولة الخلافة الذين فشلوا في إقامته في سوريا فجاءوا بالفكرة إلى أوروبا وساعدتهم ديمقراطية هذه الشعوب التي فاقت أخيرًا من غفلتها لعلها تنقذ ما يمكن إنقاذه.

المقاله السابقة
المقالة القادمة
مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا