18.4 C
Cairo
الخميس, ديسمبر 12, 2024
الرئيسيةتحقيقاتتاجيل أو إلغاء سيمنار المجمع المقدس... هل انتصر حماة الإيمان أم هدنة...

تاجيل أو إلغاء سيمنار المجمع المقدس… هل انتصر حماة الإيمان أم هدنة مؤقتة؟

تاجيل أو إلغاء سيمنار المجمع المقدس… هل انتصر حماة الإيمان أم هدنة مؤقتة؟
رفض بعض المتكلمين واتهامهم بالهرطقة والمخالفات الإيمانية

تحقيق: د. ماريانا يوسف

قررت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، تأجيل موعد عقد سيمنار المجمع المقدس الذي كان مقرر عقده في الفترة من 18 لـ 21 نوفمبر على أن يتم عقده في وقت آخر مع الاعتذار للمحاضرين خلال محاضرات السيمنار.

ويعود سبب تأجيل سيمنار المجمع المقدس 2024 إلى ورود عدة ملاحظات من بعض أعضاء المجمع المقدس من مطارنة وأساقفة الكنيسة الأرثوذكسية حول المحاضرين في النقاشات الدراسية للسيمنار هذا العام حيث تقدموا بها إلى سكرتيرة المجمع المقدس المتمثلة في الأنبا دانيال مطران المعادي وسكرتارية المجمع المقدس وذلك عبر التواصل المباشر مع نيافته دون إصدار أي بيانات للاعتراض على صفحات السوشيال ميديا.

فجأة وبدون مقدمات خرج علينا بيان بتاريخ 11 أكتوبر 2024، عليه أسماء ما يقرب من عشرين مطران وأسقف من داخل مصر وخارجها دون توقيعات، يعترضون على المشاركة في السيمنار الذي كان من المفترض انعقاده ما بين 18 إلى 21 نوفمبر الحالي بدعوى وجود شخصيات تم دعوتهم لإلقاء محاضرات على أساقفة المجمع ولديهم اعتراض على أفكارهم وتعاليمهم، وطالبوا في الخطاب الموجه للبابا تواضروس والأنبا دانيال سكرتير المجمع بتغييرهم.

البيان يضم أسماء معروفة بعدائها للبابا تواضروس منذ تولّيه كرسي البطريركية، ويرى البعض أن البيان يحجر على الفكر والبحث بينما كان من الأفضل مناقشة الفكر بالفكر وليس الاقصاء، فمن المفترض أن الفكر القوي لا يخشى المواجهة ولا يفضل الاختباء أو الاختفاء، فالجهلة فقط  هم من يخشون الجدل العقلي والعلمي.

 ما هو سيمنار المجمع المقدس

 السمينار ابتكار البابا تاضروس الثاني، يصر البابا على الدعوة إليه كل عام في شهر نوفمبر في ذكرى موعد تجليسه على الكرسي المرقسي بغرض تضييق الفجوة بين العلمانيين والمجمع المقدس. وهو ليس جزء من المجمع المقدس، ولا يضع برنامجه أحد من الأساقفة. سيمنار هذا العام، الملغى أو المؤجل إن دققنا التعبير، كان من المفترض انعقاده بدير الأنبا بيشوى – وادى النطرون، خلال الفترة من 18 حتى 21 نوفمبر الحالي، بالتزامن مع احتفال الكنيسة بذكرى تجليس البابا تواضروس الثانى على الكرسى المرقسى، وذكرى مرور 17 قرنًا على مجمع نيقية.

الأسباب الحقيقة الخفية لمقاومة السمينار

تلك الافعال والبيانات المتلاحقة لكسر البابا تواضروس وما تحملها من الكذب، وزيف، وتزوير التاريخ، وتشويه سمعة عدد من الرعاة والمحاضرين والدارسين، ورمي الناس بالهرطقة مع كل فكرة أو رأي، وتأليه بعض القادة من الإكليروس، وما يصاحب ذلك من شللية وانقسام، وتغييب الوعي الجمعي، وفرض الرأي بالبطش والسيطرة، باستخدام الحرب الإلكترونية لتجييش الناس بغرض خبيث هو حفظ الإيمان والعقيدة، الصراعات والتراشق بأحط الألفاظ، المؤامرات السرية ضد قداسة البابا، تجتمع كلها لمحاربة فكرة واحدة تمسك بها تواضروس الثاني وهى “الوحدة بين الكنائس”.

السمينار مُعترض عليه منذ فكرة إنشاءه ليس بسبب “س” أو “ص” من العلمانيين، وإنما لأن الفكرة في حد ذاتها وهو أن الرتب الكهنوتية ذات الصيت والاسم تجلس لتتعلم ومن علماء لاهوتين علمانيين، وهو أمر يصيب كبريائهم ويحسسهم بجهلهم ويقلص من دائرة القداسة حولهم خاصة بداية من السينمار 2021.

كما أنه يناقش موضوعات شائكة تعتبر من التابوهات في الكنيسة الأرثوذكسية فمثلاً في السينمار الأخير “السينمار التاسع” الذي اقيم عام 2022 تم مناقشة “الدور المجتمعي للكنيسة القبطيّة”. تجديد الأذهان: مراجعة أفكارنا وأساليبنا والتطوير المستمر لهما. تحرير الإنسان: إطلاق الطاقات الإنسانية في كافة المجالات.

اما السينمار الثامن الذي أقيم عام 2021 فقد تطرق إلى “أهداف المشروعات تفتقر إلى البعد الروحي والرعوي” و”غياب الأولويات لأنشطة ومشروعات الكنيسة” و”عدم وجود رؤية مستقبلية واضحة” و”كثرة الأنشطة بدون أهداف” و”عدم ترتيب الأولويات لدى الهياكل التنظيمية داخل الكنيسة” و”المشروعات تقوم على اجتهادات وليس على دراسة ممنهجة” و”غياب الفكر الصحيح”. وغيرها من الموضوعات.

أما سينمار المجمع المقدس لعام 2023 فقد تم إلغاؤه بحجة تعارضه مع موعد عمل الميرون المقدس، ليأتي سينمار هذا العام حيث معظم المتحدثين من العلمانين “ليسوا ذوي رتبة كهنوتية” كما أنهم سيناقشون موضوعات شائكة للغاية مثل: “المجامع المسكونية عبر السنين مثال: مجمع نيقية وأفسسس والقسطنينية ولم يتطرق جدول الأعمال إلى مجمع خلقدنية الذي كان سببًا رئيسًا للفرقة بين الكنائس الشرقية والغربية.

وربما يكون من أسباب تعطيل السيمنيار تقديم المحاضرات علمانيين مثل: د. مجدي نسيم إسحاق، د. أشرف فاروق زكي، م. مهاب مجدي مرقص، فادي الراهب بالإضافة إلى وجود سيدات شاركن في تقديم المحاضرات مثل غادة برسوم، م. فيرا جورج سعد، فاتن حليم المنقبادى، أماني أنطون باسيلي، مني المنقبادي وكان هناك وقتها لغطًا كبيرًا بسبب أن امرأة تعظ رجال الكهنوت، فهي ليست علمانية فقط، ولكنها أيضًا “أنثى”.

لأول مرة الخلاف المجمعي يخرج للرعية بمحاولات عمل ظهير شعبي

انكشفت في الأونة الأخيرة تياران مختلفان في المجمع بعض الأباء يرون أنهم القائمين على حماية الإيمان وطرف آخر يرى أن مرحلة الانغلاق الفكري لابد لها أن تنتهي وبينهما تيارات متعددة تعرج بين الفرقتين.

ولأول مرة يخرج الخلاف المجمعي للشارع القبطي بمحاولات عمل ظهير شعبىي داعم لكل تيار وإن كان خطاب حماية الإيمان أكثر شعبوية وأعلى صوتًا.

تسريب البيان انحصر فى الأنبا رفائيل “بدعوى تطوير هجومه الذي بدأ بانشائه الجروب”، والأنبا أغاثون لأن المجموعات التي عملت ونشرت الفيديوهات والبيان، محسوبة عليه. وكذلك الأنبا أبانوب المعروف بانغلاقه والذي عزل كنيسة المقطم بعيدًا عن مسار الوحدة.

تبع تسريب البيان بعض الفيديوهات لأباء أساقفة مؤيدة لرفض المحاضرين والبيان المزعوم أظهر وجود فجوة في الحوار داخليًا وصلت للشارع وأصبحت مشاكل المجمع شأن عام.

بعد تصاعد الأمور على السوشيال ميديا ظهرت بيانات متضاربة بين مؤيدة ومعارضة ومكذبة.

بيان تأجيل سمينار المجمع المقدس

أصدرت صفحة المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بيانًا بشأن السيمنار العاشر للمجمع المقدس بأن “الْمَحَبَّةُ لَا تَسْقُطُ أَبَدًا” (۱ کو ۱۳: ۸) بعد ورود عدة ملاحظات من بعض أعضاء المجمع المقدس تقرر تأجيل السيمنار العاشر الذي كان يجري الترتيب لعقده في نوفمبر الجاري، إلى وقت آخر، لمزيد من الدراسة والإعداد، مع الاعتذار لكافة المحاضرين.

وأضاف البيان أن السيمنار ليس اجتماعًا رسميًا للمجمع المقدس، بل مجرد مؤتمر دراسي حول أحد موضوعات الخدمة والرعاية، ولا يناقش فيه أي موضوعات إيمانية أو يصدر عنه أي قرارات أو توصيات لأن هذا اختصاص الجلسة القانونية للمجمع المقدس والتي تعقد سنويًا برئاسة البابا البطريرك.

وقد قرر قداسة البابا دعوة اللجنة الدائمة للمجمع المقدس للاجتماع قريبًا لبحث ومراجعة بعض الأمور التدبيرية والرعوية للكنيسة ذلك حسبما جاء في البيان الرسمي الصادر عن الكنيسة.

لماذا يصبر البابا على معارضيه؛ ومتى يستخدم سلاح الحرمان؟

رغم الهجوم العنيف الذي يتعرض له البابا بسبب مواقفه الانفتاحية، وخاصة في قضية وحدة الكنيسة، وصل الأمر للأسف الدعاء عليه بموته وتقصير حياته الأرضية من أشخاص المفروض أنهم محسبوين من رعيته، ألا أنه لم يستخدم سلاح الحرمان كما فعل سابقه البابا شنودة، ففي أول مجمع مقدس عام١٩٧٢ بعد رشامة البابا شنوده الثالث، هاجم الأنبا أثناسيوس أسقف بني سويف قرارات البابا شنودة التي اتخذها في أول انعقاد للمجمع المقدس في عهده وقال له “أنت عايز تخرب الكنيسه من أول مجمع”.

فإذا بالبابا شنوده بالرغم من حداثه رشامته حرم أثناسيوس الأسقف الجبار والأقدم منه فى الرسامة، حرمه من الصلاة والتناول، فذهب الأنبا أثناسيوس وعمل ميطانيا للبابا شنوده ثلاث مرات على أن يسامحه، فرفض شنوده الثالث تمامًا إلا بعد فترة.

ويرى البعض أن سكوت وتقاعص البابا تواضروس عن اتخاذ اجراءات حاسمة تجاه معارضيه، وإن كان له وجه من المحبة، فقد يكون الوجه الأخر هو انقسام الكنيسة دون أن يدري لأن الفجوة تكبر وتزداد حجمًا.

كمال زاخر: الاعتراض على المحاضرين إعلان هزيمة مسبقة.. والهدف عزل البابا تواضروس

من جانبه عبر المفكر كمال زاخر عن استياءه من تلك الهجمة الشرسة على المحاضرين العلملنيين وعلى البابا تواضروس، ويطرح زاخز افتراضًا إذا كان هناك أشخاص يخالفون الكنيسة في إيمانها، ويتبنون هرطقات ترفضها الكنيسة. ويزعمون أنهم يؤمنون بإيمان الكنيسة. وأن هؤلاء قد وضعت أسمائهم على قائمة المحاضرين في اجتماع يخص الآباء أساقفة الكنيسة. أليست هذه فرصة ستوثق بالصوت والصورة بطبيعة الحال، ليكشف الآباء المتمرسون في العقيدة زيف وفساد ما يقوله هؤلاء؟ هذا بفرض أن المتحدثين هراطقة وهذا غير صحيح، حسب قوله.

لافتًا أنه قد يُفهم الاعتراض لو نظم هؤلاء بغير موافقة الكنيسة ندوات أو محاضرات للعامة وللشباب، لأنه والحال هكذا فإن يرفض الآباء الاستماع إليهم مع توفر القدرة والإمكانية على دحض طرحهم فهو إعلان هزيمة مسبقة، قبل أن تدور رحى المعركة.

وتساءل زاخر: هل يخشى المجتمعون على إيمانهم أن يهتز أو يرتبك من محاضرات هؤلاء، لو كان هذا صحيحًا فهو الكارثة بعينها؟!

ولعل البيان الصادر عن بعض الأباء والذي تنصل منه (بعض) الموقعين، يكشف بجلاء أزمة الكنيسة الحقيقية، ويسعى لإرباكها.

مشيرًا إلى أن الرسالة واضحة هز الثقة في البابا والبناء على هذا لإعادة تاريخ لن يعود بحسب دروسه.

وأزمات حقبة البابا تواضروس لم تصنعها الرعية، بل طيف من رعاة زماننا، بشكل متواتر ومُلح ومتنوع عسى أن يخلقوا حالة غضب شعبي ينتهي إلى عزله، في تكرار لما حدث في منتصف القرن المنصرم، في مقاربة لم تنتبه للمتغيرات الجيلية، ولانتفاء وجود مبررات تدعم سعيهم، وإنما أغراض ذاتية بعضها يراود أصحابها القفز على الموقع بديلاً، وبعضها صدمه أن البابا البطريرك ليس صورة مستنسخة لأحد، بل له رؤيته المبنية على خلفيته العلمية المرتبة، في تطور طبيعي يتناسب مع التطور في طبيعة واحتياجات الرعية.

مضيفًا إلى أن أ. د. جوزيف موريس فلتس له العديد من الكتب الآبائية اللاهوتية وقام بتدريس العلوم اللاهوتية بالخارج وبمعهد الدراسات القبطية وبمركز دراسات الآباء الذي أسسه الدكتور نصحي عبد الشهيد. وهو من قام بترجمة كتاب (تجسد الكلمة) للقديس البابا اثناسيوس الرسولي وقدم له مقدمة إضافية.

وأشار أيضًا إلى د. م. سينوت دلوار شنودة أحد الخدام النشطاء والمهتم بالتأريخ الكنسي وهو محرر الكتاب الذي صدر عن تاريخ مدارس الأحد في مئويتها (١٠٠ سنة مدارس الأحد).

واختتم زاخر، بتاكيده على أن واحدة من أزمات العقل العربي هي تحديد الموقف من القضايا أو الرؤى المطروحة تأسيسًا على من الذي يطرحها وليس ما الذي طُرح!!! لهذا تغيب الموضوعية ويحل اللغط والصخب.

رامي كامل: من الخطأ أن يتحول السينمار لمعركة تدار فتحول المجمع لـــــ”مع وضد”

يؤكد الناشط رامي كامل أن حضور العلمانيين للسيمنار أمر عادي وطبيعي لأن الأساقفة ممكن أن يناقشوا أمور دقيقة وفنية، يكون العلمانيين أكثر فهمًا لها وهنا لا أتكلم عن اللاهوت، لكن عن أمور مثل القانون والمشروعات وغيرها.

وأضاف أن حضور أكاديمي عملاق مثل د. جوزيف موريس فلتس، أمر طبيعي وذلك لمجهوده الذي لا ينكره إلا جاحد، وأي خلاف مع د. جوزيف هو خلاف في الفكر لكن أن البعض يتجرأ لدرجة الادعاء بهرطقة الرجل ده خطأ في القياس.

مشيرًا إلى أن المحاضرة في السيمنار المجمعي عمل تنظيمي بحت وليس مؤامرة على أحد ولا نشر لفكر معين والقصة مختصرها محاضرة “أكاديمية” فهي ليست جزءًا من القرار المجمعي ولا هي معركة تدار فتحول المجمع لـــــ”مع وضد”.

لافتًا إلى أن الاشتباك الظاهر والخفي مع قداسة البابا يحتاج حوار معمق وأن إنكار اختلاف قطاع كبير من القيادات والشباب مع قداسة البابا، سيفاقم الأزمة والاختلاف ليس هو مظهري ولا شكلي إنما الشباب لديهم أسئلة ومخاوف حقيقية. تحتاج إلى إجابات ودلائل واضحة وصريحة.

واقترح رامي حلاً لتلك الأزمة وهي فتح الباب لكافة الأطراف للحوار وأن يتمتع الكل بالحكمة لنستعيد مساعي الحوار وننهي الاختلاف “وليس الخلاف” بينا ونتحاور بصدر رحب.

إسحق إبراهيم: خطوة ليس لها سوابق كنسية.. والهدف التمرد على البابا

من جانبه أشار الناشط الحقوقي إسحق إبراهيم أن تلك البيانات هي خطوة ليست لها سوابق كنسية، خرج بعض الأساقفة عبر فيديوهات قصيرة للإعلان عن رفض مشاركة اثنين من كبار الباحثين -من غير رجال الدين- في الدراسات الآبائية والأرثوذكسية كمحاضرين في السيمنار. الحجة المطروحة أن أحدهما من تلاميذ الأب متى المسكين والثاني له أفكار غير أرثوذكسية، بالرغم من أن الباحثين مشهود بكفاءتهما ومكانتهما العلمية.

خروج هذه الاعتراضات إلى العلن وبهذه الطريقة خطوة جديدة لتحدي البابا تواضروس وسكرتارية المجمع المقدس وغالبية أعضائه، كذلك استمرار للتمرد عليه ومضايقته.

المدهش أن بعضًا من هؤلاء المتمردين لو تمت محاسبتهم على أخطائهم وخطاياهم في الخدمة وأدوارهم ضد حقوق الأقباط لتم إيقافهم وعودتهم للدير.

خطاب مفتوح مؤيد لقرارات البابا وموجه لمجمع الأساقفة بخصوص سيمنار المجمع المقدس

وقع عدد من النشطاء الأقباط العلمانيين على خطاب مفتوح لمجمع الأساقفة بخصوص سيمنار المجمع المقدس موجه إلى الأنبا دانيال، سكرتير مجمع الأساقفة. جاء فيه:

“تابعنا مجريات الساحة الكنسية حول سيمنار مجمع الأساقفة المقرر عقده في نوفمبر الجاري، وقيام بعض الإكليروس بتشويه اسمين من أراخنة شعبنا واغتيالهما معنويًا. فالمُشار إليهما بعدم استقامتهما هما من القامات العلمانية الأكاديمية التي لا تتكرر كثيرًا، وإسهاماتهما في الشأن الكنسي لا مجال لإنكارها، وكلاهما مارس ويمارس التعليم في معاهدنا الكنسية منذ فترة ليست بالقصيرة.

ومع اعتيادنا على توقع الزوابع وشغب العاصين في شهر نوفمبر وعند كل دورة انعقاد للسيمنار، ومع اعتيادنا التسريبات الأسقفية غير الأخلاقية، إلا أن هذه المرة مختلفة؛ فنحن لا نراها شأنًا أسقفيًا يُحل داخليًا في مناقشات مجمع الأساقفة، بل تطال شخوصًا علمانية من خارج المجمع، ولا تهدف إلا للحط من شأنهما، دون أدنى احترام لمكانتهما العلمية والأكاديمية، ومركزهما الاجتماعي، بل وأسرهما وما يشكلانه عند الطلبة والدارسين والمتابعين في الداخل والخارج. توجيه اتهامات بالتعليم غير المستقيم لا يعني كنسيًا وعمليًا سوى الاتهام بالهرطقة، وهو منزلق أصولي وعِر لا نعرف كيف انزلق إليه بعض الأساقفة الذين يُفترض فيهم المسؤولية والعلم بأنه في حالة فشل هكذا اتهام، فهو يرتد على صاحب الاتهام فورًا.

فإذا بنا نجد بيننا أساقفة عموم وإيبارشيات يطرحون الاتهامات الضميرية المهينة والخطيرة على أنها “رأي”، وأن من حقهم التعبير عن هذا الرأي! ويفترضون أن مخاطبة قداسة البابا بهكذا إفصاح هو “قناة شرعية” ينبغي أن تُدار بسرية ودون معرفة الشعب! وما تكون المؤامرات إلا هكذا. الاتهام يبدو مريبًا وشديد التنظيم، ولا يستقيم مع كون الشخصين يقومان بالتدريس في معاهدنا الكنسية وفي قلب درة إكليريكيتنا العريقة دون أدنى غضاضة. وقد تعاقب على وكالة هذه المعاهد عدد من الأحبار الأجلاء المعاصرين والمتنيحين.

 فهل يطولهم لمز التكفير واتهام الهرطقة أيضًا؟ وماذا عن الباباوات السابق والحالي، ورئاسة المعاهد الدينية تقع تحت إشرافهم المباشر؟ وماذا عن الأساقفة خارج المعاهد من المعترضين؟ كيف لنا أن نتهاون في تقصيرهم وسكوتهم عن تعليم خاطئ؟ ولماذا الفزعة في الاتهام جاءت الآن؟ هل إلقاء محاضرة في سيمنار أكثر أهمية من التدريس المستمر لكهنة المستقبل، ونقل الإيمان المعيب إليهم؟!!

المُصدرون لهذا الخطاب لا يعرفون مسارات كنسيّة لهذا المأزق الذي وضعنا فيه بعض الإكليروس سوى طريقين لا ثالث لهما: – إما توجيه الاتهام بصورة مباشرة إلى شخصيهما وإجراء جلسات استماع مُذاعة علنًا لتقرير أرثوذكسية تعليمهما من عدمه. – وإما محاسبة كل من ورد اسمه في هذه الوريقة المشبوهة دون إبطاء، وتقديم اعتراف وتوبة إلى الله واعتذار للمطعونين في إيمانهما، آملين في تسامح ومحبة كليهما. تجاهل هذا المأزق هو الطريق الثالث الذي لا يمكن قبوله، لأن هناك افتئاتًا غير مقبولًا على الكنيسة وحرية البحث العلمي واللاهوتي بها. ولا نستطيع اعتباره موجهًا إليهما فقط، بل هو موجّه لكل أكاديمي، ولكل دارس، ولكل طالب لاهوت، ولكل علماني من الشعب.

 كما أن رفض الأساقفة التعلم من الأكاديميين المتخصصين يُعد استكبارًا غير مقبول ممن يُفترض أنهم خدام الشعب، خاصةً أن تعليم البعض الذي ورد اسمه من الإكليروس يُثير الكثير من التساؤلات التي قد تصل إلى حد الهرطقات، وقد أُثيرت هذه التساؤلات بالفعل في السابق. الصمت هو تأصيل لفكرة أن “الحقوق” لا مكان لها في كنيستنا، وأنه مهما كانت أخطاء الإكليروس وتعدياتهم فلا ساكن يتحرك. ونحن نحذر بشدة أن يسفر هذا الخذلان والإهمال المتكرر عن شيوع الإحباط بين صفوف الداعمين، وترسيخ الشعور بالغربة وعدم الانتماء بين كثير من الفئات.

بكتابنا هذا، نتوجه إلى نيافتكم موضحين خطورة الموقف الذي وضعنا به البعض بطفولية وعدم مسؤولية، آملين سرعة تصحيحه. الكنيسة هي الملجأ والأم الرؤوم، وموطن الحق ونبع النبالة. فإن حاول البعض تحويلها إلى وكْر للدسائس والمؤامرات وإلقاء التهم الجزافية، فيجب أن يتصدى له الجميع: رئاستهم الدينية أولًا ثم الشعب. ونحن نثق بأننا نضع الأمر بين أيدٍ مباركة وعقول متفهمة لمسؤوليات الجميع”.

من هم المُعترض عليهم؟

أ. د. جوزيف موريس فلتس

أستاذ علم الآباء واللغة اليونانية بالكلية الإكلريكية ومركز دراسات الآباء، وهو أيضًا سكرتير لجنة الحوار الأرثوذكسي الشرقي، في عهد قداسة البابا شنودة الثالث، قام بتدريس العلوم اللاهوتية بالخارج وبمعهد الدراسات القبطية وبمركز دراسات الآباء الذي أسسه الدكتور نصحي عبد الشهيد. وهو من قام بترجمة كتاب (تجسد الكلمة) للقديس البابا أثناسيوس الرسولي وقدم له مقدمة إضافية.

حاصل على  دكتوراه في الفلسفة، كلية اللاهوت، جامعة أثينا، اليونان، 1994. وعلى  دراسات عليا، دراسات أبوية، كلية اللاهوت، جامعة أثينا، اليونان، 1991-1994. دراسات أبوية، كلية اللاهوت، جامعة ألكسندر فريدريش-إرلانجن، ألمانيا، 1987-1991. وهو رئيس زمالة القديس أثناسيوس للدراسات البطريسية، الولايات المتحدة الأمريكية، 2012، ومؤسس مركز باناريون للتراث البطريسي بمصر.

ورئيس وحدة الدراسات المسكونية، المركز القبطي للدراسات الاجتماعية، البطريركية القبطية الأرثوذكسية، القاهرة، مصر، 1995-2012، وعضو جمعية الكتاب المقدس، مصر، 2010-2012، وعضو اللجنة المسكونية للشباب، مصر، 1995-2012، ونائب رئيس المنظمة الدولية للشباب الأرثوذكسي (سندسموس)، 1990-1998

وعضو جمعية الأدب العربي المسيحي، مصر، 1990.

قدم العديد من المحاضرات والأوراق البحثية وشارك في كثير من اللقاءات منها على سبيل المثال:

– اللقاء الأكاديمي للأرثوذكسية واليهودية بعنوان “اليهودية والأرثوذكسيّة بين الأصالة والتجديد” أثينا 1994، كمراقب.

– مؤتمر الحوار اللاهوتي الذي نظمته “أهل البيت” – منظمة بإشراف الملك الحسن الأردني، وانضم إليه البطريركية المسكونية في جنيف، حول “الشباب وقيم المشاركة” في يوليو 1993.

– مؤتمر البرلمانات المسيحية الذي نظمه البرلمان اليوناني بعنوان “الأرثوذكسية وأوروبا المتحدة” اليونان 1993 ممثلاً للكنيسة القبطية.

– مؤتمر الدراسات البطريسية رقم 11، 12 في أثينا عام1992، 1993.

– المؤتمر الدولي للأدب العربي المسيحي بلجيكا 1988.

– المؤتمر الدولي للدراسات الأبوية، أكسفورد، 1987 و1991.

د. م. سينوت دلوار شنودة

أحد الخدام النشطاء والمهتم بالتأريخ الكنسى وهو محرر الكتاب الذى صدر عن تاريخ مدارس الأحد فى مئويتها (١٠٠ سنة مدارس الأحد) ومسئول حاليًا عن لجنة البعثات التعليمية الكنسية.

قام برد اعتبار لرموز وشخوص كانوا محل هجوم الغاضبين في احتفالية الكنيسة بمئوية مدارس الأحد مما أزعج التيار الأصولي.

وأخيرًا… أيها الأساقفه قبل أن تقولوا لنا ابن الطاعه تحل عليه البركه، طيعوا أنتم أبوكم البطريرك يكون لكم مخرجًا وإلا حملتكم الناس عنوة خارج الكنيسة

فاعتقاد قطاع كبير من أصحاب العمم المنتفخة من حاملي عصا الرعاية أنه لكونه نال رتبة الأسقفية فهو العلّامة الذي يجب أن يتعلم منه الجميع، ولا يجب أن يجلس في مَقْعَد المتعلم، وللأسف لا يوجد تعليم أكاديمي حقيقي في كنيستنا يحصل عليه الأساقفة والرهبان والكهنة قبل اختيارهم للخدمة، بالتالي من لم يتعلم جيدًا ويملك سلطان مطلق يقول إنه من الله ويستطيع أن يحل ويربط، واعتاد أن يهابه الجميع ويقولون له: نعم فقط، لا يمكن أن يقبل وأغلبهم تجاوز سن الـ60 أن يجلسوا في مَقْعَد التلميذ داخل السيمنار، ويتعلمون على يد علمانيين أكاديميين يجب أن يقبلوا أيديهم، أو آباء كهنة أقل منهم في الرتبة الكنسية.

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا