15.4 C
Cairo
الأربعاء, ديسمبر 18, 2024
الرئيسيةفكر مسيحيبشرية المسيح

بشرية المسيح

أما وأن أخذ الله الابن طبيعة بشرية حقيقية فهذا تعليم أساسي للمسيحية التاريخية. والمجمع المسكوني الكبير الذي عُقد في خلقيدونية سنة 451م، أكد أن يسوع إنسان حق وإله حق، وأن الطبيعتين في المسيح متحدتان دون اختلاط أو امتزاج أو فصل أو انقسام، وكل طبيعة منها احتفظت بصفاتها الخاصة.

وبشرية المسيح الحقيقية هُوجمت بصفة رئيسية بطريقتين، فكان على الكنيسة الأولى أن تحارب هرطقة الدوسيتية التي تقول بأنه لم يكن ليسوع جسد مادي حقيقي أو طبيعة بشرية حقيقية وأن يسوع “بدا” فقط أن له جسدًا غير أنه في الحقيقة كان كائنًا ما يشبه الشبح. وأمام هذه الهرطقة يعلن يوحنا بكل قوة أن الذين لا يعترفون بأن المسيح قد جاء في الجسد هم من روح ضد المسيح.

أما الهرطقة الكبرى الأخرى التي حاربتها الكنيسة فهي هرطقة الذين يقولون إن للمسيح طبيعة واحدة. وتقول هذه الهرطقة إنه لم تكن للمسيح طبيعتان بل طبيعة واحدة. وهذه الطبيعة الواحدة ليست إلهية حقًا ولا هي بشرية حقًا بل هي مزيج من الطبيعتين وتُسمى Theanthropic. وهذه هي الهرطقة القائلة بأن للمسيح طبيعة واحدة تتضمن إما طبيعة بشرية تم خلع الصفات الإلهية عليها، وإما طبيعة إلهية خُلعت عليها صفات البشر.

وهناك صيغ ماكرة لهرطقة القائلين بطبيعة واحدة تهدد الكنيسة في كل جيل. والاتجاه هو السماح بأن تُبتلع الطبيعة البشرية بواسطة الطبيعة الإلهية بحيث تزيل الحدود الحقيقة لبشرية يسوع.

ويتوجب علينا التمييز بين طبيعتي يسوع دون الفصل بينهما. فحين يجوع يسوع، على سبيل المثال، نرى في هذا دلالة على طبيعته البشرية، وليس الإلهية. كذلك فإننا نقول إن المسيح، الله الإنسان، مات على الصليب. ومع ذلك، فليس معنى هذا القول أن الله مات على الصليب. فعلى الرغم من أن الطبيعتين ظلتا متحدتين بعد صعود المسيح، إلا أنه ينبغي علينا أن نميز بين الطبيعتين على أساس شكل وجوده معنا. فبالنسبة لطبيعته البشرية، لم يعد المسيح حاضرًا معنا. ومع ذلك، فإن المسيح، بطبيعته الإلهية، لا يغيب عنا أبدًا.

وبشرية المسيح كانت مثل بشريتنا، حيث إنه صار إنسانًا “من أجلنا” وأخذ وضعنا كي يتصرف كفادينا. أصبح بديلًا عنا، وأخذ عنا خطايانا كي يتألم بدلًا عنا. كما أصبح رئيس إيماننا الذي أكمل ناموس الله بدلًا منا.

وهنا عملية تبادل مزدوجة في الفداء، فقد نُقلت خطايانا إلى يسوع، ونُقل إلينا بره، وتلقى الدينونة المستحقة على بشريتنا الناقصة بينما تلقينا نحن البركات المستحقة لبشريته الكاملة. ويسوع في بشريته كانت تحده نفس الحدود التي تحد البشر أجمعين، إلا أنه كان بلا خطية. وفي طبيعته البشرية، لم يكن كلي العلم، بل إن معرفته، على الرغم من أنها صادقة وحقيقة في حد ذاتها، لم تكن غير محدودة، فكانت هناك أشياء لم يعرفها مثل يوم وساعة مجيئه الثاني. أما في طبيعته الإلهية، فكان بالطبع كلي المعرفة، ولم تكن هناك حدود لمعرفته.

أما يسوع كبشر، فكانت تحده قيود الزمان والمكان، فهو كسائر البشر لم يكن بوسعه أن يتواجد في أكثر من مكان في آن واحد، وكان يعرق ويجوع ويبكي ويتحمل الألم، وكان بشرًا قابلًا للموت، وفي كافة هذه النواحي كان مثلنا.

موجز

1- كانت ليسوع طبيعة بشرية حقيقية اتحدت تمامًا مع طبيعته الإلهية.

2- الدوستية تقول بأنه لم يكن ليسوع جسد طبيعي حقيقي.

3- هرطقة القائلين بالطبيعة الواحدة تتضمن إضفاء الصفات الإلهية على الطبيعة البشرية، وهكذا تخفي إلوهيته بشريته.

4- بشرية المسيح هي الأساس الذي جعله واحدًا منا.

5- أخذ يسوع خطايانا وأعطانا بره.

6- طبيعة يسوع البشرية كانت تقيدها حدود البشر العاديين مثلنا، ما عدا أنه كان بلا خطية.

المقاله السابقة
المقالة القادمة
مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا