أثبتت الدراسات الحديثة أن هناك علاقة وطيدة بين اضطراب القولون العصبي وارتفاع ضغط الدم، وهذا ما سوف نوضحه في السطور التالية من خلال حديثنا مع د. وافي فهيم فانوس – الحاصل على بكالوريوس طب وجراحة القصر العيني والبورد الأمريكي للطب الطبيعي.
في البداية، قال د. وافي إن أحد الأسباب القوية الرئيسية التي اكتشفتها الأبحاث العلمية حديثًا لظهور مشكلة القولون العصبي هو حدوث خلل في حركة الأمعاء الدقيقة، وهو ما يحدث من أول مخرج المعدة إلى القولون، كما توصلت الأبحاث إلى أن حدوث التهابات في الأمعاء يكون نتيجة لوجود بكتيريا معينة تسهم في أن يقوم جهاز المناعة بمهاجمة العضلات والأعصاب في تلك المنطقة.
وأشار د. وافي إلى أن الحركة العضلية في الأمعاء الدقيقة ( (MMCوظيفتها إنها تعمل على تنظيف الأمعاء من بقايا الطعام والفضلات في الوقت الذي لا يتم فيه تناول المأكولات، وذلك بهدف تجهيزها للطعام الجديد، وتلك المهمة تحدث على مدار كل ساعة ونص أو ساعتين تقريبًا. وأوضح د. وافي أنه في حالة ما إذا كان الـ MMC لا يقوم بدوره بكفاءة فإن ذلك يؤدي إلى حدوث عدة مشكلات وهي:
زيادة البكتيريا في الأمعاء (SIBO) لأن الأمعاء لا تقوم بتنظيف نفسها بشكل جيد، مما يتسبب في حدوث مشاكل.
عسر هضم وانتفاخ بسبب بقايا الطعام غير المتحللة
إمساك أو إسهال
ظهور أعراض القولون العصبي (IBS)مثل الألم في البطن والتقلصات.
وأشار د. وافي إلى أنه توجد أسباب تحدث مشاكل في الـ MMCوهي:
الأكل المستمر دون راحة، وبالتالي عدم إعطاء الجسم فرصة لتنظيف الأمعاء.
التوتر والقلق يؤثران على الأعصاب التي تسيطر على حركة الأمعاء.
بعض الأدوية مثل المسكنات أو الأدوية التي تؤثر على الجهاز الهضمي.
وجود خلل في الهرمونات أو الأعصاب التي تتحكم في حركة الأمعاء.
حدوث عدوى بكتيرية.
وعن علاقة القولون بارتفاع ضغط الدم، أكد د. وافي أن الميكروبيوم هو مجتمع الكائنات الدقيقة التي تعيش في جسمنا، وأكثر مكان يتواجد فيه هو الأمعاء، وهذا المجتمع يلعب دورًا هامًا في صحتنا، من الهضم والمناعة وصولًا إلى الحالة النفسية. ويُعتبر القولون جزءًا حيويًا من الجهاز الهضمي، وموطن غالبية الميكروبيوم. وعندما يكون الميكروبيوم في حالة توازن، تسير الأمور على ما يرام، ولكن حدوث أي خلل في هذا التوازن فقد يؤدي إلى مشاكل صحية، مثل التهابات القولون والتي تشمل أنواع مختلفة مثل: التهابات القولون البكتيرية وتحدث نتيجة دخول بكتيريا ضارة إلى القولون – القولون العصبي وهو حالة مزمنة، أسبابها غير مفهومة تمامًا، ولكن يُعتقد أنها مرتبطة بالتوتر والقلق.
وتشير الأبحاث إلى وجود علاقة معقدة بين التهابات القولون وضغط الدم، فالالتهاب يؤثر على الميكروبيوم، مما قد يؤدي إلى إفراز مواد كيميائية معينة، مثل ليبوبولي ساكارايدس(lipopolysaccharide) وهي عبارة عن جزيئات من الغشاء الخلوي لبعض أنواع البكتيريا، واختصارها LPS. وتلك الجزيئات قد تصل إلى الدم وتسبب التهابات في جدران الشرايين، وبالتالي رفع ضغط الدم. ويلعب الميكروبيوم دورًا معقدًا في تنظيم ضغط الدم، فالميكروبيوم الصحي والمتوازن يساهم في تنظيم ضغط الدم، بينما حدوث أي خلل فيه قد يؤدي إلى مشاكل مثل:
زيادة إفراز LPS: والذي يتسبب في رفع ضغط الدم.
نقص إفراز مواد مفيدة، فالميكروبيوم الصحي يُنتج مواد مفيدة، كالأحماض الدهنية قصيرة السلسلة (SCFAs)والتي تُساعد في تنظيم ضغط الدم. وأي خلل في الميكروبيوم يقلل إنتاج هذه المواد مما يؤدي إلى: التأثير على الجهاز العصبي، الميكروبيوم يتواصل مع الجهاز العصبي، مما قد يؤثر على ضغط الدم. وهناك أدلة على تأثير الميكروبيوم على ضغط الدم، حيث إن الدراسات تُظهِر أن الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم لديهم تركيبة ميكروبيوم مختلفة عن غيرهم.
* تأثير البروبيوتيك وهي بكتيريا نافعة تُحسن صحة الميكروبيوم، وقد تُساعد في خفض ضغط الدم.
* المواد التي يفرزها الميكروبيوم وتؤثر على ضغط الدم:
* الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة (SCFAs) تنتجها بكتيريا معينة في الأمعاء، ولها تأثيرات مفيدة على ضغط الدم، فهي تُوسع الأوعية الدموية، وتثبط الالتهابات، وتنظم ضغط الدم.
* أكسيد النيتريك (NO) وهو جزيء هام يساعد على توسيع الأوعية الدموية وخفض ضغط الدم، وتنتجه بعض أنواع البكتيريا في الأمعاء.
* مواد أخرى: ينتج الميكروبيوم مواد أخرى قد تؤثر على ضغط الدم، مثل النواقل العصبية (Neurotransmitters) والـ LPS.Leaky gut، SIBO، SIFO، Dysbiosis وتأثيرها على ضغط الدم:
Leaky gut * (الأمعاء المتسربة): حالة تزداد فيها نفاذية جدار الأمعاء، مما يسمح بمرور مواد ضارة، مثل الـ LPS، إلى الدم، مما يزيد الالتهابات ويرفع ضغط الدم.
SIBO * (فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة): حالة تكاثر البكتيريا في الأمعاء الدقيقة، مما قد يؤدي إلى إنتاج مواد ضارة وامتصاص غير كامل للعناصر الغذائية، مما يؤثر على ضغط الدم.
SIFO * (فرط نمو الفطريات في الأمعاء الدقيقة): حالة مشابهة للـSIBO، ولكنها تتعلق بالفطريات، وقد تكون لها نفس التأثيرات على ضغط الدم.
Dysbiosis * (اختلال التوازن الميكروبي): أي خلل في توازن الميكروبيوم، سواء كان ذلك زيادة في البكتيريا الضارة أو نقص في البكتيريا النافعة، وقد يؤدي إلى مشاكل صحية متنوعة، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم.
وختامًا قدم د. وافي بعض النصائح للحافظ على صحة الميكروبيوم وضغط الدم * تناول طعام صحي غني بالخضروات والفواكه والحبوب الكاملة * تجنب الأطعمة المصنعة لاحتوائها على مواد قد تضر الميكروبيوم * تقليل التوتر فالقلق والتوتر يؤثران على الميكروبيوم * ممارسة الرياضة تحسن صحة القلب وتخفض ضغط الدم.
نيفين عاطف مشرقي
Neven.meshrky@gmail.com