السيسي رئيسًا لمصر.. ما هي أهم التحديات وأبرز الفرص؟
هموم ومسئوليات على طاولة الرئيس أهمها الأمن القومي والاقتصادي
تحقيق: د. ماريانا يوسف
قد تكون مشاكل مصر معروفة، ولكن في الولاية الجديدة للرئيس السيسي سوف يضع بصماته على مستقبل مصر القريب خلال سنوات حكمه بترتيبه لأولويات هذه المشاكل، وبانتهاجه أسلوبًا جديدًا في علاجها، بل إنه ليس لديه ترف وضع ترتيب آخر لبعض هذه المشاكل، فهي مفروضة عليه منذ اليوم الأول لرئاسته، بل إن إرهاصات إحداها وهي مشكلة الأمن بادية قبل انتخابات الرئاسة، كما إن البعض الآخر منها مثل قضايا الاقتصاد والبطالة والفقر وغياب العدالة الاجتماعية موروثة من عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، ولكنها تفاقمت بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير.
يضاف إلى ذلك التحديات الحالية من ارتفاع الأسعار والغلاء الموحش والذي هو أحد تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والحرب على غزة وقبلها أحداث كورونا وهكذا من الأحداث العالمية المتلاحقة التي تبطئ إلى حد ما سرعة وتيرة التقدم وتزيد من التحديات، ولكن تبقى هناك دومًا الفرص التي تتمثل في إرادة الشعب والإرادة السياسية للدولة في تطوير وإنجاز في كافة المجالات لتحقيق إستراتيجية مصر ورؤيتها في 2030.
التحدي الاقتصادي… ومخاوف تعويم الجنيه وخفض التصنيف الائتماني
يُعتبر التحدي الاقتصادي أحد أهم التحديات الصعبة والتي يجب أن تكون في أولويات الرئيس للخروج به من عثراته، وسط مخاوف تعويم الجنيه وخفض التصنيف الائتماني من جديد.
وتواجه مصر أزمة اقتصادية وسط تضخم قياسي ونقص حاد في العملة الأجنبية، كما جعل ارتفاع الاقتراض على مدى السنوات الثماني الماضية سداد الديون الخارجية عبئًا مرهقًا بشكل متزايد.
تلك هي التحديات الاقتصادية من الناحية الهيكلية طويلة الأمد، وعلى رأس هذه التحديات انعدام الأمن الغذائي والزيادة السكانية الكبيرة والتحديات المالية والاقتصادية الخارجية، والتي تزيد من التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري.
وفي ذات السياق، نشرت وكالة موديز للتصنيف الائتماني توقعاتها في نهاية 2023 بشأن تخفيض قيمة الجنيه المصري خلال الفترة القادمة، وذلك بعد أيام قليلة من ظهور نتيجة السباق الانتخابي الرئاسي المصري، دون تحديد نسبة الخفض، في ظل إتباع المرونة في سعر الصرف، وبالتالي تستمر متوسط معدلات التضخم فوق 24% خلال العام الجديد 2024.
وتوقعت موديز أن تساعد عائدات بيع الأصول المصرية (وهو الاتجاه الذي تلجا إليه الدولة حاليًا) لحل سريع لتلك الأزمة الاقتصادية في استعادة احتياطي السيولة من العملة الصعبة للاقتصاد، وحددت النظرة المستقبلية لمصر عند “مستقرة”.
يُذكر أن وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية قد خفضت التصنيف الائتماني لمصر من B3 إلى Caa1، وأرجعت هذا إلى تدهور قدرة البلاد على تحمُّل الديون في أكتوبر الماضي.
ويشير الخبراء إلى ان التفكير في تعويم الجنيه خلال الفترة القادمة أمر خاطئ، لأنه يمس الأمن القومي، وإذا تم التعويم بالشكل التقليدي فإن هذا معناها مزيد من التضخم والغلاء وهذا يؤثر على النسيج الاجتماعي.
وتقول بيانات البنك المركزي إن أقساط الديون المستحقة في عام 2024 هي الأعلى مستوى على الإطلاق عند 42.26 مليار دولار على الأقل.
التحدي الصحي … تحديات هجرة الأطباء ونقص الموارد والأدوية
يحظى الملف الصحي باهتمام كبير من الدولة، ولكنه لا يزال يواجه العديد من التحديات رغم أنه حقق الكثير من المكاسب والإنجازات، وعلى رأس التحديات التي تواجه الرئيس في ولايته الجديدة ملف هجرة الأطباء فهو من أكثر الملفات المقلقة في مصر. وتتكرر تحذيرات نقابة الأطباء من خطورة المناخ الطارد للأطباء، في حين تعترف الحكومة بالأزمة وتضع خططًا لحلها، لكن من دون نتائج واضحة؛ فبحسب بيانات وزارة الصحة المصرية، يصل عدد خريجي كليات الطب سنويًا إلى 9 تسعة آلاف طبيب، لكن أكثر من 60% ستين في المئة منهم يفضلون العمل خارج مصر.
ويتأثر الملف الصحي بمصر بارتفاع سعر الصرف، حيث تستورد الدولة غالبية المواد الخام الدوائية والأجهزة الطبية ومستلزمات العمليات مما قد يتسبب في نقص بعض الأدوية أو إطالة قوائم العمليات. وتعمل الدولة على التوازن بين مواردها في محاولة توفير النواقص، ولكن ليس ذلك بالحل السديد، حيث يواجه الرئيس في ولايته الجديدة تحدي تصنيع المادة الخام الدوائية وإنشاء مصانع للأجهزة الطبية على نطاق واسع مما يقلل الاستيراد ويحل العديد من المشكلات في الملف الصحي المصري.
كذلك عليه الاستمرار في المبادرات الرئاسية والتي سيطرت على العديد من الأمراض من خلال الكشف المبكر، وعلاج الأمراض المزمنة، والاهتمام بصحة المرأة، فمصر أصبحت خالية من فيروس سي ومن شلل الأطفال، وهو إنجاز صحي هام ومشرف لمصر. وتسعى الرئاسة إلى إطلاق المزيد من المبادرات الرئاسية في الجانب الصحي لتقديم التوعية والعلاج في مراحل المرض الأولية بمراكز الرعاية الأولية قبل الإحالة للمستشفيات مما يقلل الضغط وعب العمل على المستشفيات.
التحدي الزراعي والصناعي … التوسع في الأراضي الزراعية في ظل أزمة المياه والتوسع الصناعي رغم تعويم الجنيه
التحدي الزراعي والصناعي، والذي يُعد أهم الملفات والتحديات لمرحلة الرئاسة القادمة، هو استمرار التوسع في الزراعة، وإضافة مساحات جديدة للرقعة الزراعية، حيث إنه من المتوقع خلال نهاية العام المقبل إضافة ما بين 3-4 ملايين فدان تستهدف زراعة المحاصيل الإستراتيجية التي تشكل ضغطًا على فاتورة الاستيراد والعملة الأجنبية، مثل القمح والذرة والفول الصويا والنباتات الزيتية، والوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعظيم المنتج المحلى.
هذا بالإضافة إلى دعم الصناعة المصرية دعمًا لا محدودًا خلال الفترة المقبلة، فالصناعة هي ركيزة الاقتصاد القوي والقادر، وتدعم هذا الملف توجيهات الرئيس بالوصول إلى سقف المائة مليار دولار صادرات وبالتالي خفض العجز في الميزان التجاري إلى الحد المقبول.
فالزراعة والصناعة ملفان هامان للغاية خلال المرحلة المقبلة، إلى جانب الاهتمام بتطوير القطاعات الاقتصادية غير التقليدية مثل صناعة تكنولوجيا المعلومات والاستفادة من تجارب الدول مثل الهند في هذا المجال لدعم زيادة الصادرات غير البترولية المصرية، واستمرار التوسع في إنشاء الجامعات التكنولوجية لتوفير الكوادر المؤهلة وتصديرها أيضًا.
التحدي الأمني… الأولوية الأولى وسط قلاقل على الحدود
لا يستطيع الرئيس السيسي أن يضرب في ولايته الجديدة بالملف الأمني عرض الحائط، فرغم قضائه على الإرهاب في سيناء، حيث كانت معركة شاقة استمرت عدت سنوات ودفع الجيش المصري نتيجة عمليات التطهير من دم أبنائه الأوفياء، إلا أن مشكلة الأمن أصبحت جلية الآن وواضحة نتيجة الأحداث التي تتوالى يومًا بعد يوم على الحدود المصرية مع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، فضلًا عن محاولات إسرائيل لتهجير الشعب الفلسطيني من أراضيهم في اتجاه سيناء وهو ما ترفضه وتتصدى له مصر بكل حزم.
فالدولة المصرية أصبحت مشدودة من أربعة اتجاهات رئيسية، الشرق والغرب والشمال والجنوب، أي أن كل حدودها في حالة توتر غير مسبوقة، بالإضافة إلى عبء التنمية الاقتصادية، وهذا الوضع الاستثنائي مع بداية الولاية الثالثة للرئيس السيسي يستلزم منه النظرة الاستباقية والإستراتيجية للأحداث، والاستعداد الدائم لكل ما يمكن أن يجري في الإقليم وكيفية علاجه.
وليست حرب غزة وحدها التي تشكل تحديًا إقليميًا لمصر، لأن جميع الجبهات (الحدودية) مشتعلة حول مصر، فليبيا غير مستقرة بسبب وجود ميليشيات وصراع على السلطة، والسودان يشهد حالة غير مسبوقة من الاحتراب بين مكونين عسكريين في الأصل وهما الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وكلما زاد عدم الاستقرار، تزداد فرصة التكدس على الحدود، وهو ما يضع مصر بشكل دائم في مواجهة النزوح والتهجير القسري، خصوصًا وأن مصر استضافت أعدادًا كبيرة من اللاجئين من السودان وسوريا واليمن والعراق، بحسب الخبراء.
ولا نستطيع أن ننكر الإنجازات الأمنية، حيث أولى الرئيس السيسي منذ اليوم الأول لتوليه مهامه الجسام الملف الأمني اهتمامًا بالغًا، في إطار بناء الجمهورية الجديدة، والتي تحتاج بكل تأكيد إلى إعادة الأمن في أرض الكنانة إلى وضعه الطبيعي، خاصةً بعد جرائم تنظيم الإخوان الإرهابي، قبل وعقب نجاح ثورة شعب مصر العظيم في 30 يونيو 2013، والتي أدت إلى استشهاد 114 بطلًا من رجال الشرطة خلال أحداث فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة المسلحين، وتدمير وحرق أكثر من 180 منشأة شرطية، و22 كنيسة، و55 محكمة ومنشأة عامة في 14 محافظة من محافظات الجمهورية، فضلًا عن حرق أكثر من 130 سيارة شرطة متنوعة، وذلك لإشاعة الفوضى في البلاد.
كما حرص الرئيس السيسي منذ توليه مقاليد الحكم على وضع ملف تطوير الأمن بمفهومه الشامل نصب عينيه، حيث اهتم بإعادة بناء المنظومة الأمنية في البلاد وفقًا لأحدث التكنولوجيات الحديثة، وبما يتواءم مع معايير ومبادئ حقوق الإنسان، والتي أصبحت عاملًا أساسيًا في المنظومة الأمنية.
يظل ملف إعادة بناء المنظومة الأمنية واحدًا من أهم إنجازات الرئيس عبد الفتاح السيسي على مدى السنوات التسع الماضية، بعد أن افتقد المواطن إحساسه بالأمن والآمان إبان الجرائم التي ارتكبها تنظيم الإخوان الإرهابي في أعقاب ثورة 30 يونيو المجيدة، ليضاف إلى سجل النجاحات غير المسبوقة للرئيس السيسي في إطار بناء الجمهورية الجديدة.
الملف السياسي .. إنجازات كبيرة في العلاقات الدولية
مصر حتى الآن هي الدولة الوحيدة التي يمكنها زيارة غزة والضفة الغربية وتل أبيب في يوم واحد، أي أن لديها القدرة على التواصل مع كل الأطراف، وهذا يعظِّم دورها، بالإضافة إلى أن مصر تتعامل دائمًا وأبدًا مع القضية الفلسطينية بدون أهواء وبدون أهداف، ولا تستغلها لمصالحها السياسية كما تفعل بعض الدول الكبرى في الإقليم، فهناك دول لن تتنازل عن استغلال الموقف، وهذه مشكلة القضية الفلسطينية أنها مختطفة من دول كبرى.
ويجب ألا نغفل أن هناك دولًا أخرى أصبح لها تدخل في المعادلة الفلسطينية مثل قطر، والتي لعبت دورًا مع مصر وأمريكا في الهدنة، ولذلك لا بد من التفاهم بين القيادتين في القاهرة والدوحة.
وفيما يخص موقف مصر من القضية الفلسطينية، فإن مصر تبذل كل الجهود لوقف إطلاق النار ونزيف الدم بشكل أو بآخر في قطاع غزة من خلال التعاون مع الأشقاء والأصدقاء والشركاء لاحتواء التصعيد وأيضًا لمساندة المدنيين في القطاع بالمساعدات التي هم حاليًا في أمس الحاجة إليها، خاصةً في ظل انعدام المياه والكهرباء والوقود والمستلزمات الطبية والإغاثية والغذائية.
ولن يكون الملف السياسي تحديًا كبيرًا أمام الرئيس السيسي في ولايته الثالثة لأنه استطاع خلال الولايتين السابقتين أن يكوِّن علاقات جيدة مع كافة دول العالم الغربي والعربي، مع الدول الكبرى والدول الصغرى، كما أن هناك ثقة كاملة من الشعب المصري في حكمة وإدارة الرئيس السيسي لهذه الملفات، خاصةً الملفات الإقليمية التي تحيط بمصر من كل جانب في غزة والسودان وليبيا وكذلك ملف مياه النيل.
تحدي الانفجار السكاني… مصر تنجب مولودًا كل 15 ثانية
قضية الزيادة السكانية أصبحت ظاهرة عالمية الكل يبحث عن حلول لها في ظل تعدد أزمات الأمن الغذائي، وتحديات التغيرات المناخية، ومشكلات الاقتصاد العالمي وتأثيراتها على البشرية بزيادة الفقر والجوع في المجتمعات.
التحدي الهام والذي يُعتبر خطرًا كبيرًا يهدد الاقتصاد المصري هو الزيادة المهولة في عدد السكان، وسبب المشكلة التي تواجه مصر -الأولى عربيًا والثالثة إفريقيًا والرابعة عشرة عالميًا من حيث عدد السكان- هو أن 5683 طفلًا يولدون في مصر كل يوم، بمعدل 237 في الساعة و4 في الدقيقة ومولود واحد كل 15 ثانية، وهذا هو التحدي الأكبر الذي يعرقل عجلة النمو الاقتصادي ويلتهم عوائد التنمية مما يؤثر على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين ومستوى معيشتهم.
ويستلزم هذا الرئاسة المصرية في الولاية الثالثة تفعيل الإستراتيجيات والمبادرات الخاصة بمواجهة الزيادة السكانية حتى يمكن الوصول إلى معدلات نمو متوازنة، فالمعدلات الحالية تلتهم للأسف معدلات النمو ولا يشعر المواطن البسيط بحجم العمل والإنتاج على الأرض في ظل المعدلات الرهيبة في الزيادة السكانية.
وقررت الحكومة أن تبدأ إطلاق تلك المبادرات في المحافظات الأكثر إنجابًا (مرسى مطروح، أسيوط، سوهاج، قنا، المنيا)، وهي خطوة مهمة نحو التوجه نحو اللامركزية، لأن ما يصلح لقطاع الصعيد لا يجوز للوجه البحري، فهناك ثقافات وموروثات وعادات وتقاليد مختلفة، غير أن هذا تحركًا جادًا نحو معالجة الخصائص السكانية بشكل عملي.
والتحدي الذي أمام الرئيس السيسي في تلك المسالة هو أنه يجب ألا يزيد عدد المواليد في مصر عن “400 ألف سنويًا لفترة زمنية قد تصل إلى 20 سنة” وفق تصريح قديم له.
التحدي التشريعي… قوانين في انتظار الإقرار: إقرار مفوضية عدم التمييز… قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين… قانون المحليات
ومن بين التحديات التي لا تقل أهميةً عن التحديات السابقة التحدي التشريعي، فهناك الكثير من القوانين التي لا تزال حبيسة أدراج الدولة او مجلس النواب، وعلى الرئيس عبء تحريكها.
ويضم ملف التشريعات ملف مفوضية عدم التمييز. وقانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين والذي سوف يحل الكثير من مشاكل العائلات المسيحية.
يُذكر أن قانون مكافحة التمييز من المفترض أن يكون من أولويات البرلمان المصري لمناقشته وإقراره، وذلك لمكافحة كافة أشكال التمييز الموجودة في المجتمع المصري في الوقت الحاضر، والتي تفشت في الآونة الأخيرة ومنها التعرض للكنائس واستهداف أشخاص بسبب دينهم أو معتقدهم واستهداف النساء في المجالين العام والخاص، سواء عن طريق العنف أو التمييز المبني على أساس الجنس أو النوع، وتهميش دور النساء في المشاركة السياسية، وضعف التشريعات القانونية للتصدي لمثل هذه الممارسات، وعجز الدولة عن التصدي أو طرح حلول للمشكلات العرقية المتفاقمة في الآونة الأخيرة والتي تسببت في إزهاق أرواح كثير من المواطنين المصريين، خاصةً وأن قضية الأقباط المسيحيين في مصر هي عَرَضٌ واحد من أعراضِ ذهنيةِ شاعت وذاعت سطوتها ولا تقتصر علي إشكالية بناء الكنائس ولكنها قضية تمييز مع سبق الإصرار والترصد، وهي قضية الدولة المدنية الحديثة في مواجهة الدولة الدينية، وعلى المصريين جميعهم الدفاع عن حقوقهم.
أما عن قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين فهو القانون الذي ينتظره الأقباط على أحر من الجمر، ويُعتبر مشروع هذا القانون المحاولة الجادة الأولى من قِبل الحكومة المصرية لتفعيل المادة الثالثة من دستور 2014 والتي تنص على أن «مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية».
وكان المسيحيون المصريون، خاصّة النساء، يعانون من تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في المواريث، وفي قضايا أحوالهم الشخصية في حالة اختلاف الطائفة والملّة بين الزوجين. لذلك عني مشروع القانون بشكل رئيسي بتنظيم «حقّ الإرث وأحكام الطلاق» وفقًا للشريعة المسيحية باعتبارها أهم القضايا التي تحافظ على الصبغة المسيحية لمشروع القانون
ويهدف مشروع القانون في جوهره إلى إعطاء المسيحيين المصريين الحق في الاحتكام إلى شرائعهم، إلا أن هذا لا يعني إمكانيّة أن يتناسى مقترحو مشروع القانون الإطار الديني الحاكم للدولة المصرية وفقًا للمادة الثانية من الدستور، ولذلك، رغم أن الشريعة المسيحية تتضمن أحكامًا خاصة للتبني فقد أُلغي هذا الباب تجنُّبًا للاصطدام بالمؤسسات الدينية الإسلامية التي تخشى اختلاط الأنساب وتتخذ موقفًا محافظًا من التبني.
وكذلك لا بد من الانتهاء من قانون المحليات والذي سوف يساهم بصورة كبيرة في مواجهة الفساد المحلي والحد من مظاهره.
يشار إلى أن “الحوار الوطني” ناقش القانون في جلساته خلال مايو الماضي بمشاركة كبيرة من الأحزاب ومختلف القوى السياسية، والتي اتفقت جميعها على أهمية إجراء انتخابات المحليات في أسرع وقت، وضرورة خروج القانون للنور، فالمجالس المحلية تحقق غرضين أحدهما رقابي وفقًا للدستور، وآخر قائم على التدريب وإعداد كوادر جديدة لإعداد جيل جديد قادر على القيادة، خاصةً وأن آخر انتخابات كانت منذ سنوات طويلة تسببت في اختفاء الكوادر الشبابية، والرئيس السيسي أعلن التزامه بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني بما يتماشى مع صلاحياته الدستورية.
فغياب القانون بصورته الجديدة يفاقم من مظاهر العشوائية والفساد في الشارع المصري، في ظل عدم وجود الرقابة الفاعلة من المجالس الشعبية والمحلية على أضخم جهاز إداري في مصر وهو العاملين بالمحليات … وما أدراك مَنْ هم العاملون بالمحليات…!
لا شك أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يعرف جيدًا كل هذه الملفات ويعرق أنها ستكون من ضمن أولوياته وهو يبدأ ولايته الثالثة، وخصوصًا الملف الاقتصادي المرتبط بتحسين مستوى معيشة المواطن المصري في ظل ارتفاع الأسعار وخصوصًا المواد الغذائية وتراجع الدعم الحكومي لبعض السلع وتأثير ذلك على المواطن المصري الذي أعطى صوته للرئيس السيسي ومنحه ثقته.
وسوف تواصل مصر المسيرة التي بدأها الرئيس المصري منذ توليه السلطة في البلاد، وذلك لما تتمتع به من إمكانيات اقتصادية وبشرية وكوادر وطنية مؤهلة تجعلها قادرة على تجاوز كل التحديات والصعوبات والعمل لما فيه خير وصالح للمصريين لينعموا برخاء انتظروه طويلًا بعد شقاء سنوات، ونحن كلنا أمل في الجمهورية الجديدة وتحقيق رؤية الدولة لمصر في 2030.