20.4 C
Cairo
الخميس, ديسمبر 12, 2024
الرئيسيةصحةأمراض المناعة الذاتية

أمراض المناعة الذاتية

نيفين عاطف مشرقي

انتشرت في الآونة الأخيرة عدة أمراض مثل السكر من النوع الأول، والصدفية، والذئبة الحمراء، والروماتويد، والتصلب المتعدد، ومتلازمة شوغرن، وأديسون، والوهن العضلي وغيرها، وكل هذه الأمراض تندرج تحت مظلة ما يُعرف بأمراض المناعة الذاتية. وسوف نستعرض في السطور القادمة كل ما يهم القارئ عن تلك الأمراض من خلال حديثنا مع د. وافي فهيم فانوس – الحاصل على بكالوريوس طب وجراحة القصر العيني والبورد الأمريكي للطب الطبيعي.

في البداية ذكر د. وافي، أن أمراض المناعة الذاتية هي أمراض يهاجم فيها الجهاز المناعي الخلايا والأنسجة السليمة في الجسم نتيجة خطأ ما في الخلايا المناعية أو تغيير فيها، مما يؤدي إلى التهاب وتلف الأنسجة، ويمكن أن تؤثر هذه الأمراض على أي جزء من الجسم، ولكن أكثر الأعضاء شيوعًا التي تتأثر هي الغدد الصماء، والجلد، والمفاصل، والجهاز الهضمي، والجهاز العصبي، والرئتين. وتشمل بعض أعراضها الشائعة الألم، والتعب، والالتهاب.

إصابات النساء أكثر

وأشار د. وافي إلى أن الأمراض المناعية تصيب السيدات أكثر من الرجال وليس من المعروف السبب المؤكد لحدوث ذلك. ومن ضمن تلك الأمراض على سبيل المثال: مرض الذئبة الحمراء وتصل نسبة إصابة السيدات تسعة أضعاف الرجال، وهو مرض مزمن يصيب العديد من أعضاء الجسم كالجلد والمفاصل والرئتين، والكلى، والقلب والدماغ، وتشمل أعراضه الحمى وآلام المفاصل والطفح الجلدي والتعب وفقر الدم والالتهابات ويمكن أن تتطور الأمور إلى حدوث قصور في وظائف الكلى أو جلطات شرايين القلب أو المخ. وهناك مرض التهاب المفاصل الروماتويدي وتصل فيه نسبة إصابة السيدات ثلاث أضعاف الرجال، وهو مرض مزمن يصيب المفاصل، ويؤدى إلى التهابها وتورمها وتآكلها، وتشمل أعراضه الألم والتورم والتصلب في المفاصل، وصعوبة الحركة، والتعب. وهناك مرض التصلب المتعدد والذي يصيب السيدات مرتين ونصف ضعف الرجال، وهو مرض مزمن يصيب الجهاز العصبي المركزي، ويسبب تلف الأعصاب، وتشمل أعراضه التعب وضعف العضلات ومشاكل في الرؤية والمشي​. وأيضًا مرض السكري من النوع الأول وهو مرض مزمن يصيب البنكرياس، ويسبب عدم إنتاج الأنسولين، وتشمل أعراضه العطش الشديد وكثرة التبول والتعب وفقدان الوزن.

أسباب الإصابة

أما عن أسباب حدوث الإصابة بالأمراض المناعية فقد أوضح د. وافي أنه لا يوجد سبب وحيد واضح لحدوث الأمراض المناعية، ولكن توجد عدة نظريات تفسرها مثل: نظرية التشابه الجزيئي. وتشير هذه النظرية إلى أن الجهاز المناعي قد يخطئ في مهاجمة الخلايا والأنسجة السليمة لأنها تشبه الخلايا والأنسجة الضارة. وهناك نظرية الاضطرابات الهرمونية والتي تشير إلى أن الاضطرابات الهرمونية قد تلعب دورًا في تطور أمراض المناعة الذاتية وذلك من حيث الاختلافات في المستويات الهرمونية بين الرجال والنساء. وتشير نظرية التوتر المزمن إلى أن التوتر المزمن قد يلعب دورًا في تطور أمراض المناعة الذاتية، في حين تشير نظرية البيئة إلى أن العوامل البيئية من حيث تلوث الهواء المرتفع قد تلعب دورًا في تطور أمراض المناعة الذاتية. أما نظرية الأمعاء المسربة فتشير إلى أن تلف بطانة الأمعاء يمكن أن يسمح للجزيئات غير المرغوب فيها بالدخول إلى مجرى الدم، مما يؤدي إلى استجابة مناعية مفرطة. ويعتقد بعض الباحثين أن هذا قد يكون عاملًا في أمراض المناعة الذاتية، مثل مرض السكري من النوع الأول والتهاب المفاصل الروماتويدي ومرض كرون. وتشير نظرية التشابه الجزيئي إلى أن العديد ​من الإصابات الفيروسية والبكتيرية لها علاقة وطيدة بالأمراض المناعية، فعلى سبيل المثال الفيروس المعروف بـ “إبشتاين-بار” دراسة أمريكية حديثة وجدت أنه تقريبًا جميع مرضى التصلب المتعدد والروماتويد والذئبة الحمراء قد أصيبوا بهذا الفيروس في فترة ما في حياتهم قبل حدوث المرض المناعي، وأيضًا الإصابة بجرثومة المعدة لها علاقة بمرض هاشيموتو المناعي الذي يصيب الغدة الدرقية وأيضًا يمكن أن تسبب متلازمة شوغرن. وتؤكد نظرية التنوع الجيني بين الأفراد أن السبب ليس طفرات جينية، ولكنه اختلافات في كود الحمض النووي “دي إن إيه” بين الأفراد وهذه شائعة وتُعرف بـ SNP، وهذه الاختلافات في تتابع كود الحمض النووي بين الأفراد تؤدي إلى اختلافات في أداء بعض الإنزيمات أو مستقبلات الخلايا، مما يؤدي إلى نشاط مفرط أو تباطؤ في عمل بعض الإنزيمات.

وأضاف د. وافي أن محاولة تفادي مثل هذه الأسباب جائزة في بعض الأحوال، ولكن يجب تحديد المشكلة أولًا​​​​​​​​​​​. وطالما أن الأمراض المناعية أكثر شيوعًا بين السيدات لذا فسوف نستفيض في موضوع الخلل الهرموني الذي يسبب زيادة في حدوث الأمراض المناعية لدي السيدات، فعلى سبيل المثال أحد نواتج تكثير الإستروجين ويُسمى 16 هيدروكسي إسترون هو في الحقيقة أقوى من الإستروجين نفسه في تحفيز نمو الخلايا ويوجد ارتباط قوى بين زيادته في الدم وبين حدوث أمراض المناعة الذاتية مثل الذئبة الحمراء والروماتويد. وهذا الناتج من تكثير الإستروجين يمكن أن يزيد أكثر من الطبيعي في حالات السمنة ونقص إفراز الغدة الدرقية وبعض السموم البيئة مثل المواد الموجودة في البلاستيك والديوكس وأقراص منع الحمل العالية التركيز في الإستروجين، كما أن مستوى هرمون البروجستيرون في الدم أيضًا له علاقة بحدوث بعض الأمراض المناعية. ومن المعروف أن ​​​​​​​​​​​​​​ديتوكس هذه الهرمونات يحدث في الكبد فلا بد من كفاءة جيدة لأنزيمات الكبد للتخلص من النواتج الزائدة الضارة لهذه الهرمونات، وكذلك يجب الحفاظ على صحة البيئة في الأمعاء لأن وجود بكتريا ضارة في الأمعاء يساعد على امتصاص الإستروجين مرة أخرى إلى الدم فيزيد من مستواه في الدم.

العلاج

أما عن العلاج، فقد أكد د. وافي أنه لا يوجد تعارض بين الطب الطبيعي والطب التقليدي، فالعلاج من منظور الطب التقليدي هو الكورتيزون أو العلاج البيولوجى، أما العلاج من منظور الطب الطبيعي فيشتمل على:

 أولًا: الوقاية، وذلك من خلال نظام غذائي سليم أساسه نباتي أورجانيك إن أمكن، وممارسة الرياضة، والتعرض للشمس المعتدلة لفترة لا تزيد عن نصف ساعة يوميًا، وإجراء التحاليل الدورية، ومحاولة إدارة التوتر السليمة. وأهم الطرق التي تجنبك التوتر هي ممارسة الرياضة المنتظمة وعدم الإفراط في تناول الملح والسكر.

ثانيا: العلاج، حيث يوجد الكثير مما يقدمه الطب الطبيعي. ومن الأمور الهامة في الطب الطبيعي أنه لا يتعامل مع كل المرضي بأسلوب واحد، كما أن المريض عليه دور في نجاح الخطة العلاجية من خلال الالتزام بالنصائح العامة وتتمثل في: الحصول على نوم صحي وتقليل التوتر، وتوجد طرق عديدة يقدمها الطب الطبيعي لذلك منها التأمل والبرمجة اللغوية العصبية والنيوروفيدباك وغيرهم، وممارسة الرياضة حتى لو الخفيفة فهي تساعد على تنظيم جهاز المناعة والتقليل من التوتر، والصيام لفترات طويلة بالماء فقط. وهناك نصيحة هامة هنا وهي أن الصيام لفترات طويلة أكثر من يوم ينبغي أن يكون داخل مستشفى وتحت إشراف طبي كامل. وتأتى أهمية الصيام لما له من تأثيرات عديدة على الجسم منها التخلص من البروتينات الفاسدة والخلايا التي لا تعمل بكفاءة وغيرها، واتباع نظام غذائي، وهنا يكون الموضوع أكثر تفضيلًا حيث إن بعض أنواع النباتات تحتوي على العديد من السموم أو المواد التي تثير الجهاز المناعي مثل الأوكسالات والجلوتن واليكتنس فلا بد من التعامل مع ذلك وتعلُّم طرق التخلص من هذه السموم وطرق الطهي الصحيحة. كما أن التعرض لدرجات الحرارة المنخفضة يمكن أن تفيد في علاج بعض الأمراض المناعية مثل MS، أما العلاج الدوائي فيعتمد بالأساس على مصادر طبيعية وبعضها يرفع مستوى مضادات الأكسدة في الجسم مثل الجلوتاثيون، والذي يحفز الكبد على التخلص من نواتج الهرمونات ​​​الضارة. كذلك ينبغي العناية بالجهاز الهضمي والأمعاء للحفاظ على سلامة جدار الأمعاء، حيث إن أكثر من 60 بالمئة من خلايا الجهاز المناعي تقع بجوار الأمعاء مباشرة وتسريب الامعاء يهيج هذه الخلايا، وكذلك الحفاظ على توازن البكتريا الساكنة في الأمعاء والتي تُعرف بالميكروبيوم، حيث ينبغي الاهتمام بأنواع معينة من البروبيوتك. والجدير بالذكر أن بعض المواد الطبيعية التي تثبط الجهاز المناعي آثارها الجانبية أقل بكثير من الكورتيزون والعلاج البيولوجي.

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا