هل تخضع مؤسسات الدولة لابتزاز المتشددين؟!
إدانات حقوقية عقب إيقاف تراخيص كنائس بالمنيا عقب اعتداءات طائفية
“المنيا” من أكثر المحافظات كثافةً قبطية … والأولى في حوادث العنف الطائفي
تحقيق: إيهاب أدونيا
ينظر المتشددون إلى حقوق الأقباط الطبيعية من بناء كنائس أو التعبير عن هويتهم الدينية باعتبارها تعديًا منهم على المسلمين. وللأسف لم تواجَه هذه الثقافة من الدولة حتى الآن، فلا برامج حكومية لمحاربتها ولا عمل حقيقي ضد الخطاب الديني السائد خاصةً في قرى ونجوع الأقاليم.
ففي الوقت الذي كان فيه البابا تواضروس يستقبل الرئيس السيسي في كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية، كان يعيش أبناء قرية منشية الزعفران ليلة من الرعب بعد حرق متطرفين خيمة الصلاة المقامة في القرية بمناسبة قداس عيد الميلاد، حيث يُقام كل عام، وذلك بعد إغلاق الأمن مبنى الصلاة التابع لأبرشية المنيا وأبو قرقاص بسبب اعتراض المسلمين من أهل القرية.
وهكذا وقعت في أماكن أخرى أحداث طائفية لتعطيل تقنين 3 كنائس صغيرة بقرى المنيا، العجيب في الأمر هو توقف مؤسسات الدولة عن تقنينها ولا نعلم لماذا؟! أهو خوف من المتشددين أم اقتناعًا بضرورة عدم بناء كنيسة؟! أم أن هناك سببًا آخر لا نعلمه فليتهم يصرحون به.
تفاصيل وقائع الاعتداءات على ثلاث كنائس بالمنيا
حرق كنيسة قيد الترخيص بقرية منشية الزعفران
قام مجهولون في قرية منشية الزعفران التابعة لمركز أبو قرقاص جنوب محافظة المنيا، بإشعال النيران فجر ليلة عيد الميلاد 6 يناير الماضي بكنيسة قيد الترخيص، حيث كانت تسود القرية أجواء من التحريض قبل الحادثة بعدة أسابيع، وهو الأمر الذي دعا الأنبا فيلوباتير أسقف أبو قرقاص إلى إصدار تنويه بأن الاحتفالات بالعيد تقتصر فقط على صلاة القداس الإلهي، كما اعتذر عن استقبال المهنئين “نظرًا للظروف التي حدثت مع كنيسة وشعب منشية الزعفران وتعاطفًا مع أبنائه”.
أفاد شهود العيان أن القرية شهدت مسيرات لمجموعات من مسلمي القرية عقب صلاة الجمعة تهدد بعدم السماح ببناء الكنيسة، وأن قوات الأمن التي كانت موجودة للتأمين قد غادرت القرية في نهاية هذا اليوم وقبل ساعات من الحريق الذي وقع نحو الثالثة فجرًا. وقالت قيادات دينية بالمنطقة إن مساحة الكنيسة تبلغ 170 مترًا مربعًا، محاطة بسور من “البلوك”، وداخلها توجد فقط خيمة وكراسي تُستخدم كقاعة للصلاة حيث تُجرى الصلوات الدينية منذ أربعة شهور بموافقة الجهات الأمنية، وأن مسئولي الكنيسة تقدموا بالرسومات الهندسية للحصول على الموافقات اللازمة.
وقامت قوات الأمن بغلق المكان وإلقاء القبض على عدد من الأهالي، ولم يتمكن الباحثون من معرفته وظروف القبض وما إذا كانوا قد أحيلوا للنيابة العامة من عدمه، كما لم تعطِ تعليمات بشأن إعادة فتح المكان لإقامة الشعائر الدينية من جديد.
كانت القرية قد شهدت توترات طائفية سابقة، حيث حاصر العشرات مبنى كنسي مملوكة لأبرشية المنيا وأبو قرقاص يوم الجمعة 11 يناير 2019، أثناء تنظيم الصلوات الدينية، وقاموا بترديد هتافات عدائية تجاه الأقباط مطالبين بغلق المكان وعدم تحويله إلى كنيسة. وأظهرت مقاطع فيديو وقتها تجمهر عدد من مسلمي القرية وهم يسبون بألفاظ نابية الكنيسة وأقباط القرية، خصوصًا مع خروج سيارة الأمن وبداخلها القس بطرس عزيز وسط تهليل وزغاريد من النساء المتجمهرين.
اعتداءات طائفية لمنع إنشاء كنيسة مرخصة بقرية العزيب
كما شهدت قرية العزيب التابعة لمجلس قروي منقطين بمركز سمالوط اعتداءات طائفية على أقباط القرية في 18 ديسمبر 2023، بسبب بدء أعمال البناء لكنيسة مرخص بها من الجهات الرسمية المسئولة. وقد سلكت مطرانية سمالوط المشرفة دينيًّا على أقباط القرية الطرق القانونية، وحصلت على ترخيص بكنيسة مساحتها 500 متر مربع على مشارف القرية التي يقطنها نحو ثلاثة آلاف مسيحي، حيث لا توجد بها أي كنيسة أو مباني دينية مسيحية.
أجواء التوتر بدأت منذ نحو شهر، بعدما انتشر خبر حصول الأقباط على ترخيص البناء، حيث أُشعلت النيران بمنزل عبد الله بشرى، وحُرِّر محضرًا برقم 5875 لسنة 2023 إداري سمالوط. ثم بدأ حفر أساسات الكنيسة – السبت 16 ديسمبر – بمعرفة الجهات المسئولة، وفي اليوم التالي تم إشعال النيران في منزل ماهر كامل نسيم مما أدى إلى نفوق بعض المواشي به.
إثر ذلك حضرت قوة أمنية إلى القرية، لكن تجددت الاعتداءات يوم الاثنين 18 ديسمبر 2023، حيث تجمع العشرات من مسلمي القرية والقرى المجاورة ونظموا مسيرات في الشوارع – خصوصًا تلك التي تشهد وجودًا مسيحيًّا – وقاموا برشقها بالحجارة وزجاجات المولوتوف وهم يرددون هتافات دينية وأخرى عدائية منها: “بالطول بالعرض هنجيب الكنيسة الأرض”. وأسفرت الاعتداءات عن إشعال النيران بمنزل حنا جاب الله، ومنزل تحت الإنشاء ملك سعيد فام، ومنزل سعد الله تواضروس. وكثفت قوات الأمن من تواجدها عقب هذه الاعتداءات وفرضت الهدوء وألقت القبض على بعض المتورطين، كما توقفت أعمال الحفر للكنيسة.
حرق منزل قبطي في قرية الخياري بحجة أنه كنيسة تحت الإنشاء
شهدت قرية الخياري التابعة لمركز أبو قرقاص أيضًا اعتداءات طائفية، حيث هاجم العشرات فجر الثلاثاء 5 سبتمبر 2023 -وهم يرددون هتافات دينية وأخرى محرضة ضد الأقباط- منزلًا تحت الإنشاء ملك عماد وجيه عياد، ونهبوا مواد البناء ومحتوياته بحجة أنه كنيسة يقوم الأقباط ببنائها بدون ترخيص.
ووفقًا لبيان مطرانية أبو قرقاص عن الواقعة والإفادات التي حصل عليها باحثو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فإنه يوجد بالقرية مكان آخر مجاور يجتمع به كاهن القرية بشعبها، وتم تقديم طلب ترخيص ببناء كنيسة في ذات المكان، ولم ترد عليه الجهات الأمنية المختصة. أما المكان الذي تم الاعتداء عليه فليست له أي علاقة ببناء الكنيسة، ومالكه عماد وجيه، حصل على ترخيص ببناء منزل خاص.
ولوحظ انقطاع التيار الكهربائي في غير وقته المحدد لقرية الخياري من قِبل وزارة الكهرباء، بالتزامن مع الاعتداء، حيث أضرمت النيران في ذات المكان. كما أضرمت في عشتين بالأراضي الزراعية المملوكة لأقباط. وجاءت قوة أمنية عقب الأحداث وألقت القبض على عدد ممن قاموا بالاعتداءات.
المبادرة المصرية تدين تعطيل تراخيص بناء 3 كنائس بالمنيا
أدانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تعسف الجهات المسئولة عن بناء الكنائس في محافظة المنيا في إصدار التراخيص الرسمية لبناء ثلاث كنائس، في أعقاب اعتداءات طائفية قام بها محتجون رافضون لوجود هذه الكنائس في قرى بالمحافظة. وقالت المبادرة إن أجواءً من التحريض الطائفي سادت قريتي منشية الزعفران والخياري بمركز أبو قرقاص وقرية العزيب بمركز سمالوط سبقت وقوع الاعتداءات، إلا أن أجهزة الدولة فشلت في التعامل معها ولم تتحرك لمنع تصاعدها، واكتفت بإلقاء القبض على عدد من الأهالي المشتبه في تورطهم في الأحداث.
المبادرة المصرية: مؤسسات الدولة لا يجب أن تخضع لابتزاز البعض
أشارت المبادرة المصرية إلى أن مؤسسات الدولة يجب عليها ألا تخضع لابتزاز البعض، كما أنه ليس من مسئولياتها احترام مشاعر مَنْ قد يستفزهم وجود كنيسة أو دور عبادة للمسيحيين، حيث إن الدولة مطالبة بحماية حرية العقيدة والحق في ممارسة الشعائر الدينية لجميع مواطنيها، خصوصًا أن مسئولي الكنائس التزموا الطريق القانوني وقدموا أوراقها إلى مؤسسات الدولة، وأن بعضها تشهد إقامة صلوات دينية منتظمة بموافقات أمنية قبل أن تتوقف تلك الصلوات عقب الاعتداءات.
وأوضحت المبادرة أن القرى الثلاث هي مجرد نموذج لتعنت الجهات الحكومية في منح تراخيص بناء الكنائس، وأن هناك حالات أخرى لعديد من القرى بها كنائس مغلقة منذ سنوات سابقة ولم تستطع إعادة فتحها أو تقدمت كثيرًا إلى الجهات المختصة ولم تنجح في الحصول على تراخيص البناء.
تؤكد المبادرة المصرية أن تطبيق القانون الحالي – رغم بعض الخطوات الإيجابية – لم يحقق هدفه المعلن، وهو ضمان بناء وترميم الكنائس بسهولة وبدون إجراءات إدارية معقدة، كما أنه لم ينجح في منع مؤسسات الدولة من غلق عدد من الكنائس والمباني الدينية التي كانت تُجرى فيها الصلوات.
بطء تقنين الكنائس منذ صدور القانون
يرى البعض أن العمل في اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس والمباني التابعة لها، والمقامة بالفعل بدون تراخيص، لا يزال يسير ببطء، ومن دون أية معايير واضحة، حيث أصدر رئيس الوزراء قرارًا في اليوم التالي لعيد الميلاد المجيد (8 يناير) بتقنين أوضاع 187 كنيسة ومبنى، ليصل إجمالي الموافقات التي صدرت بشكل مبدئي منذ صدور قانون بناء الكنائس إلى 3160 من بين 5415 كنيسة ومبنى قدمت أوراقها، وبنسبة 58% بعد ما يزيد على سبع سنوات منذ إقرار القانون.
أيهما أفضل قانون بناء الكنائس أم قانون بناء دور العبادة الموحد؟
تجدد بعض المنظمات الحقوقية مطالبتها بإعادة النظر في قانون بناء الكنائس الذي لم يحل الصعوبات القانونية والإجرائية التي تشهدها الطلبات المقدمة من جانب الكنائس بشكل نهائي، وذلك بأن يصدر قانون موحد لبناء دور العبادة يتضمن شروطًا موحدة خاصة بكود البناء في المنطقة، ولا يتضمن أية اشتراطات قاصرة على الكنائس دون غيرها من المباني الخدمية والإدارية ودور العبادة الأخرى، وكذلك بصدور قرار واحد لتقنين أوضاع جميع الكنائس التي تقدمت بأوراقها.
خريطة الحريات الدينية: 53 حدث طائفي في المنيا وحدها خلال 5 سنوات
بحسب “خريطة الحريات الدينية في مصر” الصادرة عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فإن المنيا وحدها حصدت 53 حادث عنف طائفي واستهداف على أساس الهوية الدينية في الفترة من 2017 حتى 2022. وفي تقرير سابق للمبادرة، شهدت المحافظة 77 حادثًا خلال الفترة من ثورة يناير 2011 وحتى عام 2016، وهو ما يجعلها تتصدر حوادث العنف الطائفي.
إسحق إبراهيم: المنيا هي تربة خصبة للجماعات الإسلامية … وأكثر المحافظات كثافةً قبطية … والأولى في حوادث العنف الطائفي
يقول إسحق إبراهيم، مسئول ملف الحريات الدينية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: “المنيا هي أكثر المحافظات كثافةً من حيث عدد الأقباط، ما يزيد من حاجتهم إلى الخدمات الكنسية، التي تُعد السبب الأول لحوادث العنف الطائفي، إذ تعود غالبية الحوادث إلى تحريض متطرفين ضد بناء الكنائس، لذلك فإن المنيا هي على رأس المحافظات التي تشهد حوادث عنف طائفي.”
ونتيجة للكثافة القبطية في المحافظة، دائمًا ما تُسجَّل زيادة في حوادث العنف الطائفي بحسب إسحق، والذي يُرجِع ذلك إلى “الإحساس بالعزوة” الذي يجعل الأقباط لا يهربون من المواجهة، بعكس محافظات وقرى أخرى ينخفض فيها تعداد الأقباط، حيث يتحاشون مواجهة المتطرفين أو أي مشكلة مع أي طرف مسلم نظرًا إلى أنهم أقلية.
الفقر أيضًا هو جزء من أزمة المنيا الطائفية، بحسب إسحق، لأنه يشكّل بيئة خصبة لانتشار المتطرفين الذي يروجون للفقراء أن ما يعيشونه من حياة هو مجرد مرحلة، وأن استجابتهم لأفكارهم تضمن لهم مصيرًا أفضل في الحياة الآخرة.
تحتل المنيا المركز الثاني بين المحافظات المصرية من حيث نسبة عدد الفقراء، والتي تزيد عن 54% بحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فيما تحتل أسيوط المركز الأول بنسبة تزيد عن 66%.
يذكر إسحق سببًا آخر لزيادة العنف الطائفي في المنيا وهو أن المحافظة شكّلت في السبعينات والثمانينات تربة خصبة للجماعات الإسلامية، والتي اغتالت هي نفسها الرئيس محمد أنور السادات والدكتور رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب السابق. ولاحقًا، أسست قيادات هذه الجماعات حزب البناء والتنمية.
إضافة إلى ذلك كله، يلفت إسحق إلى غياب الخدمات الأساسية في المنيا مثل الصحة والتعليم، ما استدعى وجود مَنْ يملأ الفراغ الذي تركته الدولة، ألا وهي الجمعيات الخيرية الإسلامية، مثل الجمعية الشرعية وجمعية أنصار السنة المحمدية، والتي تقدم خدمات مثل الحضانات والمستوصفات والمدارس والمساعدات الاجتماعية، وتغذي في المقابل رؤية متطرفة للدين ترى الآخر مواطنًا درجة عاشرة.
الأنبا مكاريوس: المنيا كان لها النصيب الأكبر من أحداث العنف الطائفي بعد فض رابعة
ما قاله إسحق يتفق مع تصريحات صحافية سابقة للأنبا مكاريوس، أسقف المنيا وتوابعها، والذي قدَّر فيها عدد الأقباط في محافظة المنيا بحوالي مليونين من أصل 5.6 مليون نسمة، هم تعداد سكان المحافظة، وهو ما جعل للمحافظة النصيب الأكبر من أحداث العنف التي تلت فض رابعة، إذ تم حرق 16 كنيسة و4 مدارس قبطية في ستة مراكز من أصل تسعة مراكز في المحافظة، إلى جانب مئات المنازل والمحال التجارية المملوكة لمسيحيين، وقد بلغت الخسائر 121 مليون جنيه وفقًا لتصريح محافظ المنيا حينها.
مينا ثابت: السبب هو انتشار ثقافة معاداة المسيحيين أو خطاب الكراهية في المنيا
لا يمكن ذكر أسباب محددة لارتفاع نسبة العنف الطائفي في المنيا مقارنة بباقي المحافظات، وفق ما صرح به خبير شئون الأقليات مينا ثابت، فالتركيبة السكانية للمنيا وطبيعة العلاقات داخل المجتمع هما من الأسباب التي يمكن أخذها في الاعتبار بحسب ثابت، إذ تضم المنيا قرى كاملة من الأقباط، وتعدادهم كبير، ما يعني حوادث عنف أكثر، كما كان الحال في السبعينات في محافظة أسيوط التي كانت تضم كتلة مسيحية كبيرة.
يشير ثابت إلى انتشار ثقافة معاداة المسيحيين أو خطاب الكراهية في المنيا، وهي ثقافة موجودة في كل محافظات مصر، تدعم فكرة السيادة ومنح الأفضلية للمسلمين، وأن الأقباط ليست لهم حقوق متساوية مع المسلمين.
يضيف ثابت: “يُنظر إلى حقوق الأقباط الطبيعية من بناء كنائس أو التعبير عن هويتهم الدينية باعتبارها تعديًا منهم على المسلمين. لم تواجَه هذه الثقافة من الدولة حتى الآن، فلا برامج حكومية لمحاربتها ولا عمل حقيقي ضد الخطاب الديني السائد في هذه الأقاليم.”
يعتبر ثابت أن العنف الطائفي ليس حكرًا على المنيا فقط، ففي عام 2013 شهدت مصر هجومًا طائفيًا كبيرًا في محافظات كثيرة فيها وجود مسيحي، ويدعم هذا العنف تعامل الدولة مع حق المسيحيين في ممارسة شعائرهم الدينية. فعلى مدار عقود، استخدمت الدولة ممارسة الأقباط الشعائر الدينية كورقة ضغط وتفاوض مع الكنيسة، ما حوَّل الصلاة وممارسة الشعائر الدينية إلى أمر أمني ولا بد من موافقة السلطات عليه، وهو ما يُخرِج الأقباط من إطار المواطنين العاديين.
أشهر الحوادث الطائفية التي شهدتها المنيا خلال السنوات السابقة
اشتباكات طائفية بسبب “تسلم الأيادي” عام 2013
في عام 2013، شهدت قرية بني عبيد الشرقية أحداث عنف طائفي قبيل فض رابعة بسبب نغمة هاتف محمول يعود إلى أحد سكان القرية المسيحيين، والنغمة كانت عبارة عن أغنية “تسلم الأيادي”، والتي استفزت أحد سكان القرية المسلمين أثناء مرور مسيرة مؤيدة لحكم الإخوان المسلمين، فانتهى الأمر باشتباكات طائفية أسفرت عن إصابة عدد من المواطنين الأقباط وحرق عدد من ممتلكاتهم.
نوفمبر 2021… مطاردة مدرسية للطلاب مرتدي الصليب
شهدت مدرسة الثورة بعزبة بشري بقرية إطسا مركز سمالوط بمحافظة المنيا واقعة في 9 نوفمبر 2021، عندما طالب عدد من مدرسي المدرسة الطلاب الأقباط بخلع الصلبان التي كان يرتديها البعض. ثم وقع توتر بالمدرسة ومطاردة بين الطلاب المسلمين والمسيحيين بالمدرسة لمنع الأقباط من ارتداء الصليب.
أكتوبر 2020… مشاجرة بين مسلمين ومسيحيين في حفل زفاف
شهدت قرية دبوس بمركز سمالوط شمال محافظة المنيا توترات طائفية بين مسلمي ومسيحيي القرية، حيث تجمع أعداد من الشباب المسلم مساءً ورشقوا منازل الأقباط بالطوب والحجارة، وتبادل معهم الأقباط التراشق، وذلك على خلفية مشاجرة سابقة وقعت قبل يومين من الاعتداءات بين شابين مسلمين من قرية مجاورة وبين بعض الأقباط المتواجدين في حفل زفاف، وتدخل في الاشتباك بعض المسلمين من القرية تضامنًا مع الشابين المسلمين، وجرى احتواء التوتر ومغادرة الشباب من الجانبين بهدوء.
يناير 2019… محاصرة مبنى كنيسة
قام مئات من أهالي قرية منشية الزعفران بمحافظة المنيا بمحاصرة مبنى كنسي مملوكة لإيبارشية المنيا وأبو قرقاص، يوم الجمعة 11 يناير 2019، أثناء تنظيم الصلوات الدينية، وترديد هتافات عدائية تجاه الأقباط، ومطالبين بغلق المكان وعدم تحويله إلى كنيسة، وقامت قوات الأمن بإخراج كاهنين وعدد من الأقباط، وسط هتافات عدائية من جانب الذين يحاصرون الكنيسة.
هذه الواقعة لم تكن الأولى أيضًا ولكن في يوم 27 ديسمبر 2018 تم إغلاق كنيسة الأنبا رويس التابعة للمطرانية بحي كفر المنصورة التابع لمدينة المنيا.
وفي 15 يناير 2019، أصدر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء بيانًا ينفي فيه إغلاق كنائس إرضاءً للمتظاهرين المعترضين، وقال البيان:
“ينفى المركز الإعلامي لمجلس الوزراء الأخبار المتداولة في بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي حول إغلاق محافظة المنيا ثلاث كنائس لأجل غير مسمى إرضاءً لبعض المتظاهرين المعترضين على وجود كنائس بالمحافظة.
ويؤكد المركز تواصله مع محافظة المنيا، والتي أوضحت أن تلك الأنباء غير صحيحة على الإطلاق، مؤكدةً أنه لا صحة لإغلاق أي كنيسة أو منشأة دينية بالمحافظة، مُشددةً على حرية إقامة الشعائر الدينية التي يكفلها القانون والدستور لجميع المواطنين على حد سواء دون تفرقة، وأن كل ما يتردد حول هذا الشأن مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة تستهدف تفتيت الوحدة الوطنية وإحداث فتنة طائفية.”
يوليو 2018… توترات بعزبة السلطان بالمنيا اعتراضا على وجود كنيسة
تجمهر عشرات من أهالي عزبة سلطان باشا بمركز المنيا أمام كنيسة الأنبا كاراس بالقرية اعتراضًا على استخدام الأقباط مبنى ملاصقًا للكنيسة، ومرددين هتافات عدائية ضد الأقباط والكنيسة منها: “مش عايزين كنيسة”، وقام بعض وجهاء القرية بمنع المتجمهرين من الاعتداء على الكنيسة. وفي اليوم التالي، نُظمت مسيرة لعشرات من سيدات وأطفال القرية تجوب شوارعها رفضًا لوجود كنيسة بالقرية، وقامت قوات الأمن بمنع وصولهم إلى الكنيسة بدون القبض على أي منهم.
وفي 13 يوليو 2018، تجددت التظاهرات مرة أخرى، ذلك عقب صلاة الجمعة، حيث تجمهر عشرات من أهالي القرية مرددين هتافات رافضة لوجود كنيسة بالقرية وهتافات أخرى دينية. وعلى أثر هذه التظاهرات، أغلقت أجهزة الأمن مبنى الكنيسة الجديد، وسمحت بالصلاة في المبنى القديم فقط.
وفي 25 أغسطس 2018، تجمهر أعداد من أهالي القرية للمرة الرابعة عقب صلاة الجمعة أمام الكنيسة دون الاعتداء عليها وهم يرددون: “مش عايزين كنيسة… مش عايزين كنيسة”. وعلى الفور قام كاهن الكنيسة بإبلاغ الأجهزة الأمنية لعدم كفاية القوة التي تقوم بتأمين الكنيسة. ووصلت قوة أمنية بالفعل على أثر هذا الاتصال وقامت بصرف المتجمهرين.
في 26 أغسطس، ألقت قوات الأمن القبض على 3 أشخاص قاموا بتحرير محضر في وقت سابق لنزع كاميرات المراقبة الخاصة بالكنيسة وشاركوا في التجمهر ثم تم إخلاء سبيلهم في اليوم التالي.
الأمن يكتفي بإنهاء الاشتباكات وليس حل الأزمة
وللأسف في معظم الحوادث الطائفية يقتصر دور الأجهزة الأمنية على إنهاء الاشتباكات وليس حل الأزمة، إذ تلقي القبض على عدد من الطرفين مخيّرة إياهم بين حبس ذويهم أو التنازل عن المحاضر، وأحيانًا تطلب الشرطة من الأقباط التنازل عن المحاضر رغم تسمية عدد من المتهمين، بالتالي فإن عدم المحاسبة جعلت الحوادث تتكرر بشكل دوري.
هكذا كما نرى في هذا التقرير الحوادث المتفرقة بالمنيا على مدار السنوات الخمس الماضية تدور بشكل أو بآخر لوقف أو منع بناء أو ترخيص كنيسة، كما لو كانت المنيا جمهورية مستقلة لا تخضع لدستور وقوانين جمهورية مصر العربية بل تخضع لابتزاز المتشددين، وتشجعهم في ذلك مؤسسات الدولة التي لا تقف صامتة أمام تلك الاعتداءات فقط بل تتواطأ معها بشكل غير مباشر، أو تخشى منها لا ندري، فتوقف تراخيص تلك الكنائس، وكأن العرف أو التشدد هو السائد وهو الذي ينتصر على القانون والدستور، وكأننا محكومون قانون الغاب. ونحن لا نعرف ما الذي يؤلم أهل القرية إذا صلّينا؟ ما الضرر الذي يمكن أن يقع عليهم من إقامة كنيسة أو مبنى للصلاة؟ وبدلًا من أن تحمي الدولة الأقباط من بطش المتشددين وتعمل على إنفاذ القانون، فإنها تقف مع المتشددين وكأننا مواطنون درجة عاشرة.