21.4 C
Cairo
السبت, فبراير 1, 2025
الرئيسيةأراءما لنا في القلوب للسير مجدي يعقوب

ما لنا في القلوب للسير مجدي يعقوب

أشرف ونيس

لم يتناغم مع موسيقى المدح والثناء وقت أن شدت له بعض الحناجر، لكنه راح يشرق في كونه كنجم بازغ اللمعان وساطع الضياء. لم ترمق عيناه نظرات البشر وأعينهم وقت إعجابهم الذي سرعان ما يتخافت ويختبئ بين قتامة البصائر وعتمة الضمائر، لكنه سعى إلى انتثار نوره وأشعته في كل حدب وصوب حيثما خطت قدماه بل وقتما داعبت رئتيه ذرات الهواء وجزئياته. لم يطالب بالحق وهو صاحب الحق والحقوق، لكنه سأل القدر للأخذ بيده هبة ومنحًا وعطاء. وبينما تأخذه السنون وتتهافت عليه الأيام في جبروتها، راحت راحتاه تمتدان للكل وهما معلقتان بذراعين مفتوحتين على مصراعيهما، مُرَحِبتين وممهدتين لكل مَنْ دنا وأحتاج وأخذ وانحنى شكرًا وامتنانًا ولكل مَنْ أخذ وأنكر وهَمَّ في عدائه واستعدائه بلا سبب واضح أو علة سافرة!!!

بين إرادة الجهل ورغبة التجاهل المتنابذة للبراعة في طلاقتها، حيث العزف على أوتار العلم، يقدم السير (مجدي يعقوب) لحنًا جديدًا للإنسانية، فيهديها إلى مسرح الحياة في رحابه، وبحنو قلبه الكبير يتحدى شيخوخة قلبه ليخضع لإشراقة عالم الروح حين أنعم عليه بوميض نور آخذًا في تسابقه مع غيره من الأشعة ليسير جنبًا إلى جنب في مكانه ومكانته مع شموس قد دارت في فلك عبقرية هذا الرجل! وفي تحدٍ وتصميم وبرغم من الأعين المتعامية والآذان الصماء له، يحيي صمام القلوب لجعلها تنمو وتتنامى بأبدان البشر، فتتبرأ تلك الأبدان من زيارتها لأسِرة الشافي وسلاح الأطباء وكل ما يجعل الوعي غائبًا وخاضعًا لفتح الجسد دون ألم الشعور وشعور الألم. وهكذا يتنحى التأوه والعجز جانبًا ليفسحا الطريق لتعافي الحياة وحياة التعافي ليحذو حذوهما الفرح والسعادة والانتصار على معاناة القلوب وإنهاك الوجدان!!!

لقد خطت وتخطت قدماه ساحة عدم الاستقامة مَنْ اعتقد في غفلة من وعيه أن الشمس في حاجة إلى ضياء بعض الأجسام المعتمة، كما قد فقد صوابه ذاك الذي في إحدى تجليات غروب عقله ظن بأن النور قد أعلن حاجته إلى الظلام كي ما يشع ويظهر ويبرق، فالعلم ما زال وسيظل محتفظًا وحافظًا لقيمته من كينونته فيما ينفع ويبرئ ويعافي، والإنسانية كانت وستبقى مهد الحضارات بما تحويه من معارف وعلوم وحكمة. فلقد حباه الله – السير مجدي يعقوب – بما حباه به من علم متأنسن وإنسانية عليمة بما لا يعلمه غيره، وهكذا كان ما يقدمه يعقوب منزهًا عن تطلعه إلى المقابل وتلهفه إلى الرد بالمثل، فالإنسان بما يحمله من وجدان شاعر وإرادة قوية وضمير حي كان هو الذي يهدي بلا ردة فعل ممن يهديه، ويقدم بلا انتظار مما سيقدمه له الآخذ. وعندما كان الإنسان عليمًا بما غيره في حاجة إليه، كان في ذلك كالجاذبية التي تحفظ الجميع من التموج والترنح بل والتيه في دياجير ظلمة السقم والعسر والمقاساة بينما تبقى هي راسخة إلى أبد الدهور، وهكذا سيظل السير مجدي منزهًا عن الحاجة التي يستحقها وبمنأى عن ما له استحقاق فيه «التكريم»!!!

هل لنا أن نجازي الجميع بما هم أهلّ لاغتنامه، أم إننا دائبون في غض الطرف عمن هم مستأهلون له؟ هل يستوجب بنا أن نعطي لكل ذي حق حقه أم أننا نضاهي في جهل وتجاهل مَنْ ليس لهم في رفع الأعلام وانحناء القامات شيء؟ فليتنا نذكر ونتذكر دائمًا وأبدًا بأن الاحتفاء والتبجيل لكل مُبَجَل وعظيم لهو أحد صور الثقة بالنفس قبل أن تكون انعكاسًا ثقتنا وإسنادنا للآخرين! كما أن إجلال وتشريف مَنْ هم بين طيات الإجلال والاعتبار ماكثون هو التبرؤ عينه من كل صغائر الروح وكل ما يمكن أن يَعلَق بها من دنايا وسقوط وهبوط! ليتنا نتذرع بكل ما هو سامٍ ونبغض كل ما ليس من الرقي والتشامخ والبلوغ في شيء، ونسلك في درب البناء المُحب كما المحبة التي تبني وتشيد وتُشيِّد صروح الافتخار بكياننا وبلدنا ومصرنا ومصريتنا ومصريينا وعلماءنا وأدبائنا ومفكرينا وكُتابنا، وكل مَنْ يحمل بين تحيزه بعضًا من الكمال وقدرًا من الجمال، ولنعل ونستعل ولننظر إلى القمم في شموخها ورفعتها لا إلى السفوح في اتضاعها واستكانتها!!!

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا