نيفين عاطف مشرقي
تُعد التغيرات التي يشعر بها الإنسان مقارنةً بما هو معتاد بمثابة جرس إنذار يشير لوجود مشكلة ما، مما يستوجب أخذها على محمل الجد وعمل ما يلزم من الفحوصات اللازمة في الوقت المناسب لمنع تدهور حالة المريض. ومن ضمن هذه الأمراض فتق الحجاب الحاجز، والذي يتسبب في الشعور بمجموعة من الأعراض التي إذا تم إهمالها من قِبل المريض فسوف ينتهي به المطاف خلال سنوات إلى الإصابة بسرطان المريء.
وعن مفهوم فتق الحجاب الحاجز وأسبابه وأعراضه وطرق علاجه، حدثنا د. محمد علي إسماعيل – استشاري الجراحة العامة والمناظير والأورام بكلية طب قصر العيني والمدرس وعضو هيئة التدريس الجراحة العامة والمناظير كلية الطب جامعة القاهرة.
في البداية قال د. محمد إن فتق الحجاب الحاجز هو بروز أو انزلاق لجزء من المعدة إلى داخل تجويف الصدر، ويحدث ذلك من خلال فتحة في عضلة الحجاب الحاجز، وهذه الفتحة تقع عند اتصال المريء بالمعدة. وأشار الدكتور محمد إلى إن فتق الحجاب الحاجز ينقسم إلى نوعين وهما:
1- الفتق الانزلاقي وهو عبارة عن انزلاق جزء من المعدة ويأخذ معه المريء في اتجاه الصدر.
2- أما النوع الثاني فهو جار المريء وهو عبارة عن أن جزءًا من المعدة ينزلق من خلال فتحة الحجاب الحاجز دون أن يحرك المريء ويتجه بجواره.
وعن أسباب حدوث فتق الحجاب الحاجز، أوضح د. محمد أنه لا توجد أسباب واضحة وإنما يوجد ما يسمى بالعوامل المؤدية لحدوث فتق الحجاب الحاجز وتتمثل فيما يلي:
– ضعف عضلة الحجاب الحاجز، ويحدث هذا بسبب اصطدام شديد أو وقوع حادث أو مع تقدم العمر، كما يلعب التدخين دورًا في ظهوره، ويحدث كذلك كنتيجة لأمراض عصبية تصيب عضلة الحجاب الحاجز، وأيضًا نتيجة حدوث أمراض بالرئة
– حدوث زيادة في الضغط داخل البطن نتيجة الوزن الزائد، أو وجود ورم داخل البطن نفسها، أو ورم في الكبد أو الطحال أو القولون مما يسبب تحرك جزء من المعدة لأعلى بسبب حدوث ضغط عليه
وفيما يخص أعراض الفتق، أشار د. محمد إلى أن حوالي 50% من الحالات يكون عندهم فتق صغير ولا توجد أي أعراض أو شكوى، ويبدأ المريض باكتشافه لوجود فتق مع حدوث الأعراض والتي تتمثل في وجود حرقان، وارتجاع للعصارة من المعدة إلى المريء. وبعد مرور العمر والزمن وفي غضون نحو 10 سنوات أو أكثر من الممكن أن يحدث تحور في خلايا المريء إلى خلايا سرطانية مما يؤدي إلى سرطان المريء، والشعور بألم حاد خلف الصدر، وفي الحالات الشديدة قد يحدث قيء دموي، علاوة على شكوى من وجود رائحة كريهة في الفم، أو الشعور بشيء يقف في الحلق بسبب ارتجاع الحمض من المعدة إلى المريء ثم إلى منطقة الحلق مما ينتج عنه التهابات تسبب الشعور بوجود شيء في الحلق. وفي الحالات الشديدة، يحدث شعور بشرقة أثناء النوم نتيجة عملية الارتجاع والتي تؤدى إلى حدوث التهاب رئوي أو التهابات شديدة في الأحبال الصوتية والقصبة الهوائية، كما يحدث تسوس في الأسنان بسبب رجوع العصارة.
وأوضح د. محمد أن تشخيص فتق الحجاب الحاجز يتم من خلال ما يلي:
– الفحص الإكلينيكي ويكون الجزء الأكبر منه عبارة عن التاريخ المرضي للحالة لأنه بالفحص السريري لا توجد أعراض واضحة تدل على وجود فتق
– عمل أشعة مقطعية بالصبغة أو أشعة عادية بالصبغة لتصوير فتق الحجاب الحاجز
– عمل منظار وهو يدخل من الفم إلى المعدة لتحديد المسافة بين الأسنان الوسطى والمريء والمسافة الطبيعية من المفترض أن تكون 45 سم، ولكن في حالة وجود الفتق الانزلاقي تكون أقصر من 45 ويظهر جزء من المعدة على مسافة اقصر من هذا، مما يعني أن جزءًا من المعدة انزلق إلى منطقة الصدر، أما إذا كان نوع الفتق جار المريء فيظهر من خلال الأشعة أن جزءًا من المعدة راجع ومتجه للصدر أو المريء.
ويُعد التشخيص بالمنظار هو الأمثل لمشكلة فتق الحجاب الحاجز، كما أنه يبين وجود أورام داخل المعدة ويتم أخذ عينة بهدف تحليلها، كما يبين وجود التهابات في المريء سواء بكتيرية أو فطرية، حيث يتم تشخيصها وإعطاء العلاج المناسب لها.
العلاج
وعن طرق العلاج، قال د. محمد إن 50% من الحالات ليست لديهم شكوى من وجود أعراض، ومع الوقت وظهور أعراض لا يكون الحل من خلال إجراء جراحة، ولكن بإتباع طرق الدايت من خلال بعض النصائح مثل:
– تناول 6 أو 8 صغيرة وجبات بدلًا من 3 وجبات كبيرة على أن تكون بين كل وجبة والأخرى ساعتان أو ثلاث ساعات.
– عدم الخلط بين شرب المياه والأكل في المرة الواحدة.
– الامتناع عن تناول الشطة والمسبك والتدخين والقهوة والشاي والنسكافيه.
* مراعاة أن تكون آخر وجبة قبل النوم من ثلاث لأربع ساعات على الأقل.
– مراعاة أن يكون النوم بزاوية 45 درجة من خلال استخدام أكثر من وسادة بغرض الارتفاع بوضعية الجسم
– وبالنسبة للأدوية، يتم إعطاء أدوية لالتهابات المعدة والارتجاع والحموضة، فهي تسهم في تحسين بعض الحالات.
– بالنسبة للتدخل الجراحي، هناك بعض الحالات التي لا تستجيب للأدوية أو تحدث استجابة ويعود الفتق مرة أخرى، وهنا يكون التدخل عن طريق الجراحة، ويتم إجراؤها عن طريق المنظار من خلال ثلاث فتحات صغيرة ويتم إصلاح فتحة الحجاب الحاجز الواسعة، والتي برز منها جزء من المعدة لإرجاع هذا الجزء مكانه، كما يتم إصلاح الجزء الضعيف في عضلة الحجاب الحاجز ولف جزء من المعدة حول المريء حتى لا يعود مرة أخرى. وإذا كانت عضلة الحجاب الحاجز ضعيفة، فقد يحتاج الأمر إلى وضع شبكة لتقويتها. ويراعى أن هناك بعض العوامل الخطيرة التي يتطلب الأمر معها عمل منظار في البداية مثل وجود قيء دموي أو فقدان وزن زائد غير مبرر في وقت قصير، أو وجود صعوبة في البلع أو عندما يحدث بعد البلع ألم حاد في منطقة الصدر.
وختامًا قدم د. محمد بعض النصائح لتفادي مشكلة فتق الحجاب الحاجز وتتمثل فيما يلي:
– ممارسة الرياضة والتقليل من التدخين والقهوة والشاي والنسكافيه
– تناول آخر وجبة قبل النوم بثلاث أو أربع ساعات على الأقل
– إتباع نظام غذائي صحي
– الامتناع عن تناول الأكل المسبك والحار منعًا لحدوث التهاب في المعدة وحرقان وحموضة.