22.4 C
Cairo
الأحد, فبراير 2, 2025
الرئيسيةتحقيقاتحزب الشامتين.. كيف حولوا حرائق غابات كاليفورنيا إلى انتقام إلهي؟... ألم تحترق...

حزب الشامتين.. كيف حولوا حرائق غابات كاليفورنيا إلى انتقام إلهي؟… ألم تحترق بيوت المسلمين أيضًا؟… وماذا عن سيول مكة أو زلزال تركيا وسوريا؟

تحقيق: إيهاب أدونيا

الشماتة ظاهرة بشرية شائعة لا تقتصر على شعب أو فئة معينة. إنها للأسف تشمل أشخاصًا عبر العالم لا يجمعهم سوى الفرح في مصائب الآخرين المختلفين دينيًا أو عرقيًا أو اقتصاديًا أو اجتماعيًا. في مصر والعالم العربي، امتلأت السوشيال ميديا ببوستات وتغريدات تشمت في أمريكا وتفرح لما جرى. فيقول أحدهم: «ربنا المنتقم. ما يحدث عقاب على دعم أمريكا لإبادة الفلسطينيين. اللهم لا شماتة».

يقول الفيلسوف الألماني شوبنهور: «أن تشعر بالحسد، طبيعة إنسانية. أن تستمتع بالشماتة، أمر شيطاني»، إلا أن هذا حال العالم حتى لا نجلد أنفسنا، ونعتقد أننا استثناء في الشماتة والفرح لمصائب الآخرين.

نعم، نحن أمام ظواهر غريبة تعكس ارتباكًا في المشاعر الإنسانية وخلطًا في هذه المشاعر. نقول هذا بمناسبة شماتة بعض الناس لدينا في حرائق كاليفورنيا وضحاياها، واعتبارها نوعًا من العقاب على جرائم الولايات المتحدة، بل إنهم يتمنون أن تتضاعف الحرائق

هذه الشماتة بقدر ما تعكس جهلًا وضعفًا، فهي أيضًا تتنافى مع العقل، فالكوارث الطبيعية والجوائح لا تخص فئة وتترك أخرى.

بعض الكوارث الطبيعية الكبرى التي حدثت في السنوات الأخيرة:

الكوارث الطبيعية لم تصب كاليفورنيا فقط في السنوات الأخيرة، فقد شهدت السنوات الأخيرة عدة كوارث طبيعية تجعلنا نخرج خارج عباءة الشماتة الضيفة لحلول جذرية وإلزامية للتغير المناخي الذي أحدثه الإنسان على مر العصور، وفيما يلي بعض من تلك الكوارث الطبيعية التي أنتجت خسائر فادحة.

زلزال تركيا وسوريا 2023

بلغ عدد الوفيات حوالي 50,000 شخص، إضافةً إلى آلاف المصابين. وتم تدمير 214,000 مبنى، وتشريد ونزوح أكثر من 3,300,000 شخص.

فيضانات وسيول ليبيا 2023

عدد الوفيات تجاوز 11,000 شخص، في حين بلغ عدد المفقودين حوالي 20,000 شخص، بين مَنْ جرفتهم السيول إلى البحر ومَنْ دُفنوا تحت المباني التي سوتها المياه بالأرض ولم يتم انتشالهم بعد. وتم تدمير 18,500 وحدة سكنية بالكامل.

 زلزال المغرب 2023

 عدد الوفيات وصل إلى حوالي 3,000 شخص، وأكثر من 5,000 مصاب. والخسائر المادية تضمنت تدمير آلاف المنازل وتسوية أحياء بِرُمَّتها بالأرض

تسونامي المحيط الهندي 2004

 في إندونيسيا وحدها، بلغ العدد التقديري للوفيات والمفقودين حوالي 50,000 شخص، إلى جانب الخسائر المادية الفادحة.

زلزال إيران قتل حوالي 80 ألف شخص

زلزال تركيا قتل حوالي 50 ألف

لماذا تحدث حرائق غابات كاليفورنيا رغم الشتاء؟

الشتاء هذا العام دافئ في الولايات المتحدة بفعل حرائق الغابات الأشد تدميرًا على مدار أكثر من 4 عقود، فيما تحقق السلطات في الأسباب المحتملة وراء الكارثة التي أودت بحياة 24 شخصًا على الأقل ودمرت آلاف المنازل والممتلكات التجارية في منطقة لوس أنجلوس، قبل أن تصل النيران إلى ولاية كاليفورنيا.

عوامل ساعدت على انتشار الحرائق

تشير الرابطة الوطنية للحماية من الحرائق إلى استبعاد احتمالية تدخل الصواعق في اشتعال النيران في الغابات، إذ لم يتم رصد أي نشاط لها حول مقاطعة لوس أنجلوس التي بدأت من عندها الحرائق ممتدةً إلى ولاية كاليفورنيا فضلًا عن استحالة اعتبارها جرائم متعمدة، مما يوجه الأنظار صوب مجموعة من العوامل الطبيعية أدت إلى خروج حرائق الغابات عن المألوف، يلخصها تقرير شبكة «CNBC» في النقاط التالية:

1. رياح «سانتا آنا» الشديدة، حيث هبت بسرعة 100 ميل في الساعة، وهي سرعة أكبر بكثير من المعتاد في ظل الجفاف الشديد، لتنطلق محملةً بالنيران مما ساهم في انتشارها على مسافات بعيدة.

وعادة ما تقع حرائق الغابات في الصيف، لكنها لا تنتشر بنفس السرعة بسبب ركود الرياح، مما يجعل حرائق الشتاء أكثر تدميرًا وانتشارًا خلال وقت قصير.

2. تيبس الكثير من النباتات في الغابات بفعل التغيرات المناخية التي جعلت تلك المنطقة شديدة الحرارة والجفاف طوال العام الماضي، مما سهل تحويلها إلى وقود للحرائق.

3. صعوبة وصول رجال الإطفاء إلى موقع الحريق، إذ يلعب عامل الوقت دورًا حاسمًا في السيطرة على النيران، فإذا لم يتمكنوا من الوصول إلى موضع الحريق في غضون 10 دقائق على الأكثر يكون الأوان قد فات على احتواء الكارثة.

4. الكثافة السكانية، إذ يلعب العامل البشري دورًا مهمًا في حدوث الحرائق إلى جانب التغيرات المناخية، وشهدت كاليفورنيا خلال الـ20 سنة الماضية نموًا هائلًا في عدد السكان، وهو ما يعني المزيد من خطوط إمدادات الكهرباء والمزيد من احتمالات وقوع الأعطال.

“المنزل الوحيد الذي لم يحترق” … هل نجا منزل “العائلة المؤمنة” من حرائق كاليفورنيا؟

ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة قيل إنها تُظهِر بيتًا لعائلة مسيحية مؤمنة هو “الوحيد الذي لم يحترق” بين البيوت المجاورة.

يظهر في الصورة، التي تبدو ملتقطة من الجو، بيت ذو قرميد أحمر محاط ببيوت محترقة عن آخرها، وهو سليم.

وجاء في التعليقات المرافقة، بلغات عدة حول العالم، أن البيت يعود لعائلة مسيحية مؤمنة يضم الثوب الأرجواني المغمور بالماس المقدس، ونجا بفضل ذلك، ودون غيره من البيوت المجاورة، من الحرائق.

لكن هذه الصورة ليست حقيقية. فوضع الصورة على محرك “جوجل لانس” يترافق مع تعليق يشير إلى أنها مولَّدة بالذكاء الاصطناعي.

إضافةً إلى ذلك، أظهر تحليل الصورة بأداة “Invid” التي ساهمت وكالة فرانس برس في تصميمها، أنها قد تكون مولَّدة بالذكاء الاصطناعي بنسبة 76%.

ولم يتوان الفريق الآخر عن أن يشير إلى صورة مماثلة، مشيرين إلى أن هذا البيت كان مركزًا لتعليم القرآن في لوس أنجلوس، وقد نجاه الله من النيران.

لكن تبيّن أن الصورة ليست مصوّرة أصلًا لا في لوس أنجلوس ولا خلال هذه الكارثة، بل وزعتها وكالة فرانس برس في العام 2023 من هاواي.

وبحسب مصوري وكالة فرانس برس، تُظهِر الصورة الملتقطة من الجو منزلًا نجا من الحرائق في لاهانيا في جزيرة هاواي.

وآنذاك، نقلت وسائل إعلام محلية عن مالكي المنزل المبني قبل نحو مئة سنة أنه نجا بفضل سقفه الحديدي الذي حال دون اشتعال النار فيه، إضافةً لبناء سور حجري حوله ونزع الشجيرات من محيطه، علمًا أنه مبني من الخشب.

وحينها، في أغسطس 2023، اندلعت حرائق في بلدة لاهينا في جزيرة ماوي إحدى جزر هاواي، أسفرت عن مقتل 110 أشخاص على الأقل.

“شات جي بي تي” متهم في حرائق لوس أنجلوس.. هل هناك علاقة بينهما؟!

مع استمرار اشتعال حرائق لوس أنجلوس، ونزوح عشرات الآلاف من الأشخاص وتدمير آلاف الأبنية، وجّه مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي اللوم إلى متهم غير عادي: روبوت الدردشة “شات جي بي تي”.

ولدى “شات جي بي تي” ونماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى بصمة كربونية ضخمة، تساهم بدورها في تغير المناخ، المسؤول عن الظروف المناخية من جفاف وارتفاع درجات الحرارة، ما يخلق بدوره بيئة مثالية لحرائق الغابات.

لذا فقد يرى البعض أن “شات جي بي تي” هو جزء من مشكلة لوس أنجلوس من خلال مساهمته في تغير المناخ، بحسب تقرير لموقع “Mashable” المتخصص في أخبار التكنولوجيا.

لكن، هل “شات جي بي تي” مسؤول أيضًا عن نفاد الماء؟

قال مارتن أدامز، المدير العام السابق لإدارة المياه والطاقة في لوس أنجلوس، لصحيفة “لوس أنجلوس تايمز”، إن نظام المياه في المدينة لم يُصمم أبدًا للتعامل مع حرائق الغابات التي قد تنشب.

لقد نفد الماء من رجال الإطفاء لأن النظام لم يتم بناؤه لضخ هذا القدر من الماء على مدى فترة زمنية متواصلة، وليس لأنه تم اختلاسه من قبل مراكز البيانات.

لم يكن المقصود من الأحاديث عبر الإنترنت التي تربط “شات جي بي تي” بحرائق الغابات في لوس أنجلوس اتهام نماذج الذكاء الاصطناعي حرفيًا بإشعال الحرائق. بدلًا من ذلك، كان الهدف الربط بين ما يحدث في الوقت الفعلي بقضية متنامية وهي تأثير الذكاء الاصطناعي على البيئة.

عادة ما تكون شركات التكنولوجيا مثل “جوجل” و”مايكروسوفت” و”OpenAI” مطورة “شات جي بي تي” مراوغة بشأن استخدامها للطاقة. لكن يمكن الوصول إلى استهلاك المياه من خلال السجلات العامة وتقديره من خلال الحسابات التي أجراها الباحثون.

واكتشف تحقيق استقصائي أجرته وكالة “أسوشيتد برس” في عام 2023 أن مراكز بيانات “مايكروسوفت” في دي موين، بولاية آيوا الأمريكية المستخدمة لتدريب نموذج “GPT-4” من “OpenAI” تحتاج إلى 11.5 مليون جالون من المياه لتبريد خوادمها، وهو ما يمثل 6% من إجمالي إمدادات المياه في المنطقة.

ووجدت دراسة حديثة أجرتها صحيفة “واشنطن بوست” وجامعة كاليفورنيا في ريفرسايد، أن رسالة بريد إلكتروني مكونة من 100 كلمة تم إنشاؤها بواسطة “شات جي بي تي” تتطلب ما يعادل تقريبًا زجاجة ماء، أو 519 مليلترًا.

ويعني هذا أن استخدام “شات جي بي تي” مرة واحدة في الأسبوع لمدة عام من قبل 16 مليون شخص يستخدم 435,235,476 لترًا من الماء. ويُعتبر هذا قدرًا كبيرًا من الماء، ولا يبدو أن عطش الذكاء الاصطناعي سيتباطأ في أي وقت قريب.

وتشير دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا ريفرسايد في عام 2023 إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يستهلك ما بين 4.2 و6.6 مليار متر مكعب من المياه في عام 2027، وهو ما يزيد عن سحب المياه السنوي لنصف المملكة المتحدة.

وفي حين لا يتحمل “شات جي بي تي” المسؤولية المباشرة عن حرائق لوس أنجلوس، إلا أن مشاهدة الدمار الحالي نتيجة الحرائق يكشف حقيقة ملموسة للتكلفة البيئية لاستخدام الذكاء الاصطناعي.

لماذا يشمت العرب والشرق في كوارث الغرب؟

أثارت هذه الكارثة ردود فعل متباينة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ففي حين عبر البعض عن شماتتهم في مصاب ولاية كاليفورنيا، مبررين ذلك بسياسات الولايات المتحدة المدمرة في العديد من أنحاء العالم، وخاصة في العالم العربي والإسلامي، فقد انتقد آخرون هذا السلوك، مشيرين إلى أن ولاية كاليفورنيا تضم عددًا كبيرًا من العرب والمسلمين، وأن الشماتة في المصائب تتعارض مع القيم الإنسانية والإسلامية.

تيار “العقاب الإلهي”

التعبير عن السعادة لمصائب الآخرين في الولايات المتحدة ودول أوربية، بل وحتى في تركيا الدولة الإسلامية، يتجدد مع كل كارثة إنسانية وبيئية تحل عليها.

يعتبر أصحاب هذا التيار أن السماء تنتقم من الدول ذات التواجد العسكري التي تدعم حلفاءها في صراعات شرق أوسطية.

هذه الصراعات خلفت عشرات الآلاف من الضحايا خلال العقدين الماضيين.

وأحدث أمثلتها الحرب بين إسرائيل وفصائل فلسطينية مسلحة في غزة على رأسها حماس منذ أكتوبر 2023.

برفقة صورة لدمار في لوس أنجلوس، كتب الإعلامي العسكري اليمني راشد معروف “مشهد عظيم يسر الناظرين، هنا كانت مدينة لوس أنجلوس، ثاني أكبر مدينة أمريكية.”

وفي منشور آخر على “إكس” قال معروف في تعداد خسائر كاليفورنيا: “كل هذا حصل بعد ساعة فقط من خطاب ترامب الذي توعد فيه بتحويل الشرق الأوسط إلى جحيم.”

أستاذ الأمراض الصدرية في إحدى كليات الطب المصرية، د. محمد الدسوقي، كتب أيضًا: “دمر الكيان الفاشي غزة بالسلاح الأمريكي ولكن الله أراد أن يذيقهم من جنس عملهم فأرسل عليهم الأعاصير تحرق وتدمر ديارهم.”

ومن عُمان، كتب الإعلامي حمد الصواعي: “ترامب يواجه الجحيم الذي وعد به غزة.”

تيار يرفض “الشماتة”

كان الرفض والسخرية وأيضًا الوصم بالجهل والتطرف وحتى التجرد من قيم التعاطف والإنسانية جزءًا من ملامح منشورات مناهضة لجماعة “العقاب الإلهي” في السوشال ميديا.

كان من بينهم مدير مؤسسة “ويصا” العقارية المصرية فيليب ويصا، والذي أعرب عن صدمته أمام تعليقات “مسيحيين ومسلمين” عن العقاب والجحيم.

وتساءل مستنكرًا: “هل يعقل هذا؟ من هو الإله الذي تعبدونه؟”، داعيًا لأهمية الصلاة وطلب الشفاعة والرحمة حيال المصائب “بغض النظر عن الأسباب”.

فلسطينيًا، تصدى العديد من إعلاميين وأدباء وسياسيي، للربط بين مآسي الغزاويين وحرائق كاليفورنيا. هؤلاء أبدوا تعاطفهم مع الضحايا القتلى، أو الذين خسروا منازلهم وممتلكاتهم.

أكرم القصاص: لدينا طريقة تفكير تخرج غالبًا من عقول متطرفة تتبنى آراء مزدوجة

من جانبه، علق الكاتب الصحفي أكرم القصاص فقال إن لدينا طريقة تفكير تخرج غالبًا من عقول متطرفة، تتبنى آراء مزدوجة، فهي ترى الموت اختبارًا لمن تصنفه مؤمنًا أو في فريقهم، بينما تراه عقابًا في حال كان المصاب يتعلق بخصم أو شخص يختلفون معه، ونفس الأمر مع الكوارث الطبيعية، والتي يفسرها البعض بأنها عقاب على سلوك أو سياسة، بينما هي تصيب الجميع، ولا تفرق بين أمم مؤمنة وأخرى. ونتذكر كيف طالت الزلازل قبل سنوات كلًا من تركيا وسوريا، كما أن تسونامي أصاب دولًا مختلفة، والآن هذه الحرائق التي تهاجم كاليفورنيا الأمريكية تمثل واحدة من أسوأ الكوارث في تاريخ أمريكا.

الكوارث الطبيعية تمثل إنذارًا وتأكيدًا على ما يرتكبه البشر والدول الكبرى من جرائم ضد الطبيعة وتتسبب في تغير مناخي وجفاف وفيضانات وكوارث تضر إفريقيا والعالم كله، وليس أمريكا فقط، بل إنها تضر الفقراء أكثر، وبالتالي فإن الشماتة لا تعني عقلًا أو موقفًا، لكنها تكشف عن عجز وسطحية في التعامل مع كارثة قدرية ليس للبشر دخل فيها، الشماتة هي سلوك مَنْ يريد أن ينهزم خصمه أو عدوه، ولا يفكر كيف يفوز، واختتم بقوله: الشماتة لا تفيد، بل هي تضر.

أحمد كريمة: أقدم لهم خالص العزاء والإسلام ليس دين شماتة

قال الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بجامعة الأزهر، أن الشماتة في المصائب ليست من أخلاق الإسلام، حتى إذا كانت تجاه الأعداء، واستشهد بحادثة من عهد الرسول، عندما أرسل إليه أبو سفيان يخبره بمجاعة أصابت قومه، فما كان من النبي إلا أن أرسل إليهم 12000 درهم لشراء المؤن، وذلك دون أن يشمت أو حتى يتقاعس عن مساعدته، وهذا على الرغم من أن هؤلاء القوم كانوا يحاربونه ويريدون قتله.

كما وجه «كريمة» حديثه إلى من يدّعي أن الكوارث الطبيعية انتقامًا من أطلق عليهم البعض “كفار”، مؤكدًا أن هذه الكوارث إنما هي إنذار وليس انتقامًا، وفسّر ذلك من خلال تساؤله إذا كان وقوع هذه الكارثة انتقامًا فلماذا إذن تحدث غيرها من الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والبراكين في دول إسلامية مثل إندونيسيا وغيرها؟

وختم أستاذ الفقه المقارن حديثه بالتأكيد على أن الإسلام يحرّم الشماتة في أي شخص، سواء كان مسلمًا أو غير مسلم، وأن هذا يتنافى مع القيم الأخلاقية الإنسانية التي يدعو إليها الإسلام، لذا أكد على تقديمه خالص التعازي لكافة سكان كاليفورنيا والمناطق المتضررة ويدعو الله أن يزيل عنهم هذه الكارثة.

عدد الجالية المصرية والعربية في كاليفورنيا

وأوضحت السفيرة سها جندي، وزيرة الهجرة وشؤون المصريين في الخارج العام الماضي أن عدد المصريين المقيمين في ولاية كاليفورنيا يصل إلى 700 ألف مصري، فيما يبلغ إجمالي عدد المصريين في الولايات المتحدة نحو 1.8 مليون مصري، كما أكدت السفيرة أن الجالية المصرية في كاليفورنيا تعد من الجاليات الكبيرة في الولاية. كما يُذكر أنه وبحسب آخر الإحصائيات بداخل كاليفورنيا يُقدر إجمالي عدد العرب بأكثر من 800 ألف نسمة.

الشماتة لم تتوقف فقط على الكوارث الطبيعية… يمتد لموت المختلفين معهم في الرأي… نوال السعداوي وفرج فودة مثالًا

عقب إعلان وفاة المفكرة المصرية نوال السعداوي، ضجت حسابات تابعة لعناصر من جماعة الإخوان وأنصارهم ومتطرفين ومتشددين على مواقع التواصل بعبارات السب والقذف بل الشماتة في وفاة الراحلة، حيث وصفوها بالهالكة والمنحرفة والكافرة التي حاربت الإسلام والحجاب والأخلاق لكونها نادت بحرية المرأة ووقف جريمة ختان الإناث.

لم تكن تلك الحادثة الأولى من نوعها، حيث اعتاد المتشددون إظهار علامات وكلمات الشماتة في كل راحل مختلف عنهم في الفكر أمثال المفكر الشهيد فرج فودة والمفكر نصر حامد أبو زيد والسيناريست وحيد حامد والشاعر أحمد فؤاد نجم والدكتور أحمد زويل والشاعر عبد الرحمن الأبنودي والبابا شنودة الثالث وغيرهم كثيرين، حيث أقاموا لهم المحاكم مقررين مصيرهم بعد الموت وكأن معهم مفاتيح الجنة والنار او كأن اخبرهم الله سرًا بقائمة الخالدين بالجنة والنار. لا نعرف من أين استقوا آراءهم ومَنْ طلب منهم أن يقوموا بعمل الله – من حيث دخول الجنة والنار – ولماذا ترعبهم أقلام المختلفين وأفكارهم؟! وكأن موتهم انتصار لفكرهم وكأنهم مخلدون؟!

الشماتة سلوك “إخواني” أصيل

اعتبرت جماعة الإخوان الإرهابية مبادئها قواعد شرعية للتعامل، وصورت لأعضائها بأنها الإسلام، وعدا ذلك باطل ما أنزل الله به من سلطان، ومن بين تلك القواعد الشرعية والأخلاقية “التشفي في معارضي التنظيم”، كتشفيهم في وفاة الرئيس الأسبق حسني مبارك والرئيس التونسي الباجي قايد السبسي وموت هشام بركات وغيره من الجنود الذين تغتالهم يد الإرهاب على الحدود. ولم تتوقف شماتتهم عند تلك الحالات، بل اتجهت أيضًا للفنانين والمفكرين الذين يقفون مع النظام كشماتتهم في وفاة شعبان عبد الرحيم ووالد الفنان إيهاب توفيق وغيرهما.

وما يؤكد ذلك فتوى للإخواني وجدي غنيم، عبر صفحته على “فيس بوك”، قال: “علينا أن نحمد لله على هلاك أي كافر محارب لله وللإسلام، ومَنْ يقول (اذكروا محاسن موتاكم) نقول برغم ضعف الحديث فإنه ليس من موتانا بل موتى الكفار الذين لا يجوز الترحم عليهم.”

وفي فتوى سابقة للإرهابي سلامة عبد القوي، أباح التشفي واعتبره جزءًا من الدين، فقال: “الشماتة أمر جائز شرعًا، ففرح المؤمنين من موت الظالمين في مصابهم حتى مصابهم في الدنيا من مرض وسجن وغير ذلك، فالشماتة من السنة وهو ما كان عليه السلف الصالح.”

سامح عيد: التشفي والشماتة أسلوب حياة لجماعة “الإخوان”

قال سامح عيد، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، إن التشفي أسلوب حياة لجماعة “الإخوان”، فما يحدث للجماعة ابتلاء، وما يحدث لمعارضيهم من ابتلاء يرونه انتقاما إلهيًا، لأنهم أعداء الإسلام، من وجهة نظرهم.

وأضاف أن شماتة الجماعة ضد الشعب لها أشكال كثيرة فمنذ مقتل النقراشي باشا ونكسة 1967، وكل حادث تمر به مصر تجد هناك شماتة إخوانية، فالجماعة تعتبر نكسة 1967 انتصارًا إلهيًا لها، بل يرون في كل قرار ضد الدولة المصرية انتصارًا جديدًا لهم بعد خروج الشعب المصري عليهم في 30 يونيو، وحينما تنقلب الأمور عليهم يقولون إن الشماتة ليست من أخلاق المسلمين، فهم يستخدمون الشماتة بوجهين، وجه لهم يقبلونه ووجه عليهم يرفضونه، ولذلك يجب تطهير المنطقة من أفكار سيد قطب والأفكار المتطرفة.

فالشماتة في المصائب جزء أصيل من سلوك الجماعة، ويدل على سوء الخلق والكراهية وحب الانتقام الذي يملأ قلوبهم السوداء. والمتابع لتاريخ هذا التنظيم سيجد انحدار الخلق جزءًا أصيلًا من تاريخهم منذ نشأتهم، فالإخوان آلة عملاقة من الكذب والتدليس والكره، ويدل ذلك على فساد دينهم وبعدهم عن أخلاق الإسلام الذي يتمسحون به ويرفعون شعاراته، فالدين عند الإخوان سلعة للتجارة واللعب لابتزاز الخصوم وتكفيرهم.

المقاله السابقة
المقالة القادمة
مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا