الزواج هو تكافؤ فكري وتوافق اجتماعي بين شخصين يجتمعان على الحب والتفاهم لتكوين أسرة سعيدة يسودها الاحترام والتعاون بين الطرفين، فالحب لا يعرف ولا يرتبط بعمر محدد لأي من الطرفين، وفارق العمر بين الزوجين أمر يستحيل تحديده، وقد اختلفت الآراء والتكهنات، فهناك مَنْ يرى أن فارق السن لا يؤثر على الحياة الزوجية، في حين أن هناك مَنْ يرى أن فارق العمر له تأثير وقد يكون السبب في فشل الحياة الزوجية وعدم السعادة والتفاهم.
ما هو الفرق المثالي في العمر؟
الزواج من أهم الخطوات التي يقوم بها الأفراد في حياتهم، وتحديد الفارق السني بين الزوج والزوجة يختلف وليست له قاعدة ثابتة، ولكن لا بد من مراعاة الكثير من الاعتبارات قبل الدخول في هذه الخطوة الهامة، وهو فارق السن بين الشريكين، فقد نجد أنه من الصعب تحديد سن مناسب في العمر بين الزوجين، لأننا قد نرى نجاح واستقرار بعض العلاقات يكون الفارق العمري فيها كبيرًا وفشل علاقات أخرى تخلو من فرق العمر. وهناك بعض الآراء التي ترى أن يكون فارق السن بين الزوجين أكبر لأن المرأة تنضج بسرعة تفوق نضج الرجل، ولذلك يكون تفكيرها أنضج وأكثر اتزانًا من تفكير الرجل، لكن بشكل عام يفضل انتماء الزوجين لنفس الجيل إذا اعتبرنا أن الفرق بين أبناء الجيل الواحد قد يصل إلى 12 عامًا. ولا بد أن نعي جيدًا بأن العمر الزمني ليس هو المعيار الوحيد، لأن هناك العمر العقلي والعمر الوجداني والعمر الطبي والعمر الاجتماعي. لذلك يمكننا القول بأن فارق السن المناسب بين الزوجين قد يبدأ من 5 سنوات إلى 12 سنة، كحد أقصى بين الشريكين، وكلما زاد فارق السن بين الزوجين فوق الـ 5 سنوات كان أفضل.
كيف يؤثر فارق السن بين الشريكين على حياتهما الزوجية؟
هناك الكثير من العقبات التي قد تظهر في العلاقة الزوجية إن اتّسع فارق السن بين الزوجين إلى عشرين عامًا أو أكثر، ومن هذه العقبات:
• عدم التفاهم والرضا
فقد يشكّل ذلك عائقًا في التفاهم بينهما حول الأنشطة التي يحب كل طرف أن يقوم بها مع الآخر، وأيضًا يسود الشعور بالغربة بين الزوجين فلا يجد أي طرف الراحة في الحديث مع الطرف الآخر، إلى جانب الشعور بعدم الرضا عن الطرف الآخر سواء في أفكاره أو تصرفاته بشكل عام.
• عدم استيعاب الآخر
فارق السن قد يشكل صعوبة للزوج والزوجة في استيعاب طريقة التفكير وفهم بعضهما لبعض.
• الاكتئاب
قد تشعر الزوجة بالاكتئاب، فالعلاقة مع فارق السن الكبير قد تزيد من الضغوط على المرأة الأصغر سنًا وتدفعها إلى التخلي عن العديد من أنشطتها التي تحّبها للتأقلم مع زوجها المتقدّم في السن.
• محاولة تغيير الشريك الأصغر
نجد أن الشريك الأكبر يحاول دائمًا تغير فكر الشريك الأصغر ولا ييأس من ذلك بحجة أنه أكثر خبرة، وهذا يمكن أن يسبب الكثير من الخلافات مستقبلًا وقد يؤدي إلى انهيار العلاقة.
• الغيرة والشك
الإحساس بالغيرة هو مزيج من القلق والخوف والشك والشعور بعدم الآمان من جانب أحد الزوجين أو كليهما، خاصة إذا كان هناك اختلاف في المظهر والجاذبية بينهما.
• غياب آليات التخطيط المستقبلي
فالطرف الأصغر يرغب في إنجاب أطفال، بينما الطرف الأكبر يرغب في تكوين الثروة أو التقاعد، فتنتابه مشاعر الإحباط التي تسيطر على معظم حياته، فتفقده القدرة على أي تصور متفائل للمستقبل.
• الضغوط الاجتماعية والعائلية
إذ قد يواجه الزوجان انتقادات أو سخرية من جانب المحيطين بهما بسبب فارق العمر، مما يؤثر على نفسيتهما وثقتهما بأنفسهما.
• الهروب من الواقع
إن الرجل الذي يكبر زوجته بأكثر من 20 عامًا لا يستطيع أن يعيش حماسة وتفكير الشباب، وقد تصفه زوجته الشابة في بعض المواقف التي تراها عادية بأنه إنسان رجعي، والعكس، فالمرأة التي تكبر زوجها تحاول أن تعيش حماسة الشباب لرغبتها في الهروب من الواقع، وعدم الاعتراف بالمرحلة العمرية التي تعيشها.
كيفية التغلب على المشكلات التي تنتج عن فارق السن الكبير:
• التواصل الفعال
يُعتبر الحوار الراقي والتواصل المباشر والصريح مفتاحًا لحل هذه المشاكل في العلاقة بين الشريكين، فعليهما بذل كل الجهود للإنصات لبعضهما البعض، من أجل فهم وجهات نظر بعضهما البعض.
• الاستعداد للوصول لنقطة تلاقٍ
وذلك للبحث عن الأنشطة أو الهوايات المشتركة بينهما والتي يتمتعون بها معًا للمشاركة الفعالة، لتغيير نمط حياتهما والخروج من هذه الدائرة المغلقة.
• الاحترام المتبادل
فعلى الشريكين احترام وتقدير آراء ووجهات نظر بعضهما البعض، حتى ولو كانت مختلفة بسبب فارق السن، والتركيز على الجوانب الإيجابية لعلاقتهما، فيمكنهما استغلال تلك الاختلافات لصالحهما، واستخدامها للتعلم من بعضهما البعض، حتى تستمر الحياة هانئة بحسن المعاشرة.
• الاحتواء
والمقصود هنا الاحتواء بمعناه العميق الذي يشمل احتواء العقل والعاطفة وكل ما يشكل وجدان الزوجين في العلاقة.