بريكس تمثل ربع ثروة العالم، و23% من الناتج العالمي و42% من سكان العالم و 17% من التجارة العالمية
تحقيق: إيهاب أدونيا
أعلن سيريل رامافوزا، رئيس جنوب إفريقيا، بصفته رئيسًا لمنظمة “بريكس”، أن الأخيرة “قررت توجيه دعوات إلى ست دول للانضمام بشكل رسمي إلى التكتل ابتداءً من فاتح يناير المقبل”، من ضمنها ثلاث دول عربية، هي الإمارات والسعودية ومصر، إضافة إلى كل من إيران والأرجنتين وإثيوبيا،
ويُعد هذا التوسع الأول منذ 2010 وهو تاريخ انضمام جنوب إفريقيا للمجموعة، حيث سيزيد عدد الدول المنضوية إلى 11 عضوًا، بعدما كانت تضم كلاً من روسيا وجنوب إفريقيا والبرازيل والهند والصين.
يأتي هذا مع تأجيل طرح عملة موحدة للدول داخل المجموعة والعمل فيما بينها كل بعملتها دون الحاجة للدولار في تعاملاتها مع بداية يناير 2024.
تمثّل مجموعة بريكس ربع ثروة العالم، و23% من الناتج العالمي و42% من سكان العالم و 17% من التجارة العالمية وبديلاً عن الهيمنة الاقتصادية الغربية.
انضمام مصر لهذا الكيان الاقتصادي الضخم سيؤهلها لفرص الحصول على منتجات ومواد خام لكثير من الصناعات المحلية والوطنية بأسعار مخفضة، مما سيساهم في تدوير عجلة الإنتاج والتصنيع في الداخل، لكي تكون الدولة المصرية قادرة على المنافسة بمنتجاتها في أسواق دول المجموعة.
كذلك فإن العلاقات الجيدة والصداقات المتبادلة التي جمعت مصر بدول تجمع بريكس سواء روسيا أو الصين أو الهند كان لها دور كبير في توجيه دعوة مصر للانضمام، فضلاً عن أنها ستساهم في تعزيز تلك العلاقات وسيكون لها مردود إيجابي كبير على مصر خلال السنوات المقبلة.
جدير بالذكر أن تلك العضوية لم تكن الأولى من نوعها فقد سبقها عدد من الاتفاقيات الاقتصادية التي وقعت عليها مصر مثل اتفاقية الجات والكويز وعضوية الكوميسا، ولكن عضوية البريكس لها وقع اقتصادي مختلف حيث يُتوقع للدول الأعضاء اقتصاد قوي على المدى القريب. وتبقى الأسئلة: كيف تستفيد مصر من تلك العضوية على الوجه الأمثل؟ وهل يتراجع الدولار؟ وماذا سيحدث في اقتصاد الأعضاء الجدد المنضمين للبريكس؟ وما حقيقة طرح عملة موحدة لمواجهة الدولار؟
السيسي يثمِّن قبول العضوية.. والخارجية الانضمام يؤكد دور مصر في الاقتصاد العالمي
ثمَّن الرئيس عبد الفتاح السيسي إعلان تجمع “بريكس” عن دعوة مصر للانضمام لعضويته اعتبارًا من يناير 2024.
وقال الرئيس السيسي في بيان: “نعتز بثقة دول التجمع كافة التي تربطنا بها جميعًا علاقات وثيقة، ونتطلع للتعاون والتنسيق معها خلال الفترة المقبلة، وكذا مع الدول المدعوة للانضمام لتحقيق أهداف التجمع نحو تدعيم التعاون الاقتصادي فيما بيننا، والعمل على إعلاء صوت دول الجنوب إزاء مختلف القضايا والتحديات التنموية التي تواجهنا، بما يدعم حقوق ومصالح الدول النامية”.
ومن جانبه قال السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن دعوة مصر للانضمام لمجموعة بريكس تؤكد دورها المتنامي في الاقتصاد العالمي وقدرتها على الإسهام في صياغة نظام اقتصادي دولي أكثر شمولية وعدالة.
وأوضح خلال تدوينة على تويتر أن انضمام مصر للبريكس يأخذ في الاعتبار مصالح وإسهامات اقتصاديات دول الجنوب البازغة وشعوبها.
رئيسة مجلس “بريكس”: انضمام مصر فرصة لتحقيق حلم طريق القاهرة – كيب تاون
أكدت بوسي مابوزا، رئيسة النسخة المقامة حاليًا بجنوب إِفريقيا من مجلس أعمال تجمع “بريكس”، أن انضمام مصر يضيف قوة إلى التجمع، ويجعل هناك فرصة حقيقية أكثر من أي وقت مضى لتحويل حلم طريق القاهرة – كيب تاون وأيضًا خط السكك الحديدية العابر بين شمال وجنوب القارة إلى حقيقة في مساحة معقولة من الوقت.
وقالت مابوزا إن مصر من كبرى اقتصادات القارة الإفريقية وهو ما يجعل انضمامها إلى بريكس أمرًا طبيعيًا ومنطقيًا للغاية، ولدينا الآن دولتان إفريقيتان شريكتان ضمن تجمع “بريكس”. وعبَّرت عن سعادتها البالغة بالقرار الصادر عن القمة بدعوة كل من مصر وإثيوبيا ضمن ست دول إلى الانضمام لتجمع بريكس بداية من العام المقبل.
وأضافت المسئولة الجنوب إفريقية أنها كانت تأمل في انضمام ولو دولة واحدة إِفريقية إلى تجمع “بريكس” وأن تُقبل كعضو، وأنها كانت تراقب بالفعل المؤشرات التي ترجح قبول انضمام مصر، والتي بدأت بعضويتها في بنك التنمية الجديد في فبراير من العام الجاري.
وعن توقعاتها لما يمكن أن تضيفه مصر لدول تجمع بريكس، قالت: “فيما نجري محادثات حول منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، والتي لا يجب أن تعرقلها وتقطعها الاقتصاديات العملاقة، يمكن لمصر أن تلعب دورًا بالغ الأهمية في هذا الشأن لموقعها الجغرافي المميز، وإذا عملنا معًا على تنمية البنية التحتية لتعزيز منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، فأعتقد أننا الآن نمتلك الفرصة”.
ما هو تكتل بريكس الذي انضمت إليه مصر؟
تكتل بريكس أو مجموعة بريكس (BRICS) هو تكتل اقتصادي عالمي بدأت فكرة تأسيسه في سبتمبر 2006، حينما عُقد أول اجتماع وزاري لوزراء خارجية البرازيل وروسيا والهند والصين على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وظهر مصطلح “بريكس” عام 2001 عندما صاغ الخبير الاقتصادي في “جولدمان ساكس” جيم أونيل الاختصار، وتحدث عن القوة الاقتصادية التي تمتلكها هذه الدول النامية مجتمعة، وكيف يمكن أن تعادل ميزان القوى الذي يتصدره الغرب.
وتحول المصطلح من مصطلح نظري إلى تحالف عملي عام 2009 بمبادرة روسية، حيث ضم التحالف بداية البرازيل وروسيا والهند والصين باعتبارها قوى اقتصادية ناشئة، ثم تمت إضافة جنوب إفريقيا عام 2010 وتحويل المصطلح أخيرًا إلى “بريكس”.
ويضم هذا التكتل 5 دول تُعد صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.
وكلمة بريكس (BRICS) بالإنجليزية عبارة عن اختصار يضم الحروف الأولى لأسماء هذه الدول.
وأصبحت مجموعة بريكس أحد أهم التكتلات الاقتصادية في العالم، نظرًا لأرقام النمو التي باتت تحققها دول هذا التكتل مع توالي السنوات، مما جعلها محط اهتمام عديد من الدول الأخرى للانضمام إلى هذا التكتل.
وأخيرًا انضمت 6 دول جديدة للتكتل هي مصر والأرجنتين وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات
الفوائد التي ستعود على مصر بعد الانضمام لمجموعة بريكس:
ستتمكن مصر من خلال انضمامها لتكتل البريكس من التواصل لتوقيع اتفاقيات تجارية باستخدام العملات المحلية بين الدول الأعضاء وهو ما سيساعد في تقليل الضغط على الدولار ويتيح فرص للمشاركة في صفقات استثمارية بين الدول المنضمة في تكتل البريكس.
ويشار إلى الصين هي إحدى الدول المؤسسة لتجمع بريكس وهي ثاني أكبر اقتصادات العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي وستصبح الأولى بحلول عام 2025 وفقًا للإحصائيات العالمية، كما أنها أكبر الدول المصدرة للمواد الخام في العالم، ولذا فإن انضمام مصر للتجمع يعود عليها بالمكاسب من زيادة واردات المواد الخام من الصين وغيرها من دول التجمع، خاصةً مع كبر حجم التبادل التجاري بين مصر والصين، مما يساهم في دعم الصناعة المحلية المصرية وزيادة حجم الناتج المحلي الإجمالي وزيادة حجم الاقتصاد المصري وتحقيق مكاسب كبرى.
هذا إلى جانب زيادة الوفود السياحية من دول التجمع مما يزيد من الدخل القومي المصري، إضافةً إلى أن انضمام مصر لتجمع دول “بريكس” يزيد من التعاون الثنائي التجاري بين مصر ودول التجمع من خلال التعامل بالعملات المحلية، حيث إن هناك دولاً في التجمع قامت باعتماد الجنيه المصري ضمن سلة عملاتها، كما أن هناك دولاً أخرى في التجمع تسعى لاعتماد الجنيه المصري ضمن سلة عملاتها
كما يتيح الانضمام لبريكس لمصر الحصول على تمويل من بنك التنمية التابع لتكتل البريكس والذي ساهمت مصر في رأس ماله خلال العام الجاري، وهو ما يفتح قنوات جديدة لمصر بخلاف صندوق النقد والبنك الدولي.
لذا فان ملخص استفادة مصر من البريكس هو التعامل بالجنيه المصري بما يساوي 29 مليار دولار حاليًا وهي قيمة التجارة البينية مع الدول الخمس الرئيسية في البريكس، وبانضمام السعودية والإمارات سيصل التعامل إلى 45 مليار دولار.
وهذا معناه الاستغناء عن طلب ما يقرب من 35 مليار سنويًا قيمة واردات بالدولار من دول البريكس من إجمالي قيمة واردات مصر البالغة 95 مليار دولار خلال العام الماضي منها 42 مليار دولار تقريبًا مع عشر دول.
وهذا يعني انخفاض الطلب على الدولار بمقدار 36% تقريبًا والتحول للتعامل بالعملات المحلية أو بعملة موحدة جديدة -حال إصدارها- وسيزداد الطلب على الجنيه المصري بمقدار 20%، لكن يبقى الطلب المصري على الدولار موجودًا للاستيراد من باقي دول العالم ولسداد الديون للمؤسسات والبنوك الغربية وغيرها من الدول العربية.
ومن المؤكد أن الاستفادة الكبرى الحقيقية من اتفاقية البريكس ستتمثل في زيادة الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة في المستقبل من دول البريكس إلى داخل مصر وخصوصًا في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
قوة بريكس اقتصاديًا وعالميًا
تبرز قوة المجموعة من حقيقة أن الدول المشتركة تضم 3.2 مليار شخص، أي 42% من إجمالي سكان العالم، كما تمثل اقتصاداتها نحو 27% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 18% من التجارة العالمية.
وأبرز مؤسسات هذا التحالف هو بنك التنمية الجديد “New Development Bank” الذي تأسس عام 2014 برأسمال قدره 50 مليار دولار، وتقول المجموعة إنه يوفر تمويلًا أسرع من البنك الدولي ودون فرض شروط صارمة.
وأحدث عائد على السندات لدى البنك يصل إلى %5، بزيادة 100 نقطة أساس عن مثيلاتها في البنك الدولي، يضاف إلى ذلك تصنيفات ائتمانية دولية بدرجة +AA من قِبل فيتش وستاندرد آند بورز. وقد استثمر البنك حتى الآن 33 مليار دولار في 96 مشروعًا داخل بلدان المجموعة.
الإنجاز الآخر الأبرز للمجموعة هو “Contingent Reserve Arrangement” أو اتفاقية الاحتياطي الطارئ، والتي تعمل كآلية للسيولة لدعم الدول الأعضاء في البريكس التي تواجه مشكلات في ميزان المدفوعات، وذلك عبر ترتيبات المقايضة بين البنوك المركزية في البلدان الأعضاء.
كما يمكن من خلال هذه الآلية مبادلة العملة المحلية بالعملات الصعبة مثل الدولار للبلد العضو الذي يواجه أزمة نقص في الاحتياطي الأجنبي، وهو أحد الأسباب المهمة التي جعلت دولاً أخرى تهتم بالانضمام إلى المجموعة.
وقد طرح الرئيس البرازيلي هذا العام مقترح إصدار عملة موحدة لوقف الاعتماد على الدولار الأمريكي، بينما اتجه باقي الأعضاء للإعلاء من شأن العملات الوطنية للدول الأعضاء وتم إرجاء مناقشة إصدار العملة الموحدة إلى حين آخر.
المنظمات الإقليمية المنضمة لها مصر
كوميسا
“كوميسا” هي اتفاقية مشتركة لدول الشرق والجنوب الإفريقي. ويضم التجمع في عضويته 21 دولة هي: مصر والكونغو الديمقراطية وجزر القمر وبوروندي وإريتريا وجيبوتي وكينيا وإثيوبيا وإسواتيني (سوازيلاند) ومالاوي ومدغشقر وليبيا وسيشيل ورواندا وموريشيوس وتونس والسودان والصومال وزيمبابوي وزامبيا وأوغندا.
وتهدف الكوميسا لتعميق الاندماج الاقتصادي والتكامل الإقليمي والتنمية ما بين دول التجمع، وذلك بالتناغم مع اتفاقية منطقة التجارة الحرة للقارة الإفريقية. وقامت مصر بتسليم منصب الرئاسة الدورية للكوميسا لدولة زامبيا هذا العام 2023
الجات
الجات GATT هي اختصار عن اللغة الإنجليزية General Agreement on Tariffs and Trade (الاتفاقية العامة للتعريفة الجمركية والتجارة)، وقد عُقدت في أكتوبر 1947م، بين 23 دولة، وبلغت 117 دولة في 1994، واتخذت مـن مدينة جنيف في سويسرا مقرًا لها، وهي اتفاقية غير ملزمة لأعضائها وهي اتفاقية للتجارة في السلع (السلع الصناعية).
وأهداف اتفاقية الجات هي كالتالي:
1- العمل على تحرير التجارة الدولية.
2- إزالة العوائق أمام التبادل التجاري بين الدول.
3- حل المنازعات التجارية الدولية عن طريق المفاوضات.
4- تهيئة المناخ الدولي والإعداد لإنشاء منظمة التجارة العالمية.
كما تضمنت في طياتها فقرات ذات نبرة قانونية دولية، أهمها التعامل بالمثل فيما يخص نقل البضائع والحرص عليها من قِبل الدول التي تمر من خلالها كما لو كانت بضاعتها. هذا وقد ألزمت الاتفاقية جميع دول بمبدأ عدم التمييز بين بضاعة وأخرى، وحل المشاكل عن طريق ميثاق (جيت) الذي يربط الدول التي صادقت عليه.
الكويز
في الرابع عشر من ديسمبر 2004، وقعت مصر بروتوكولاً في إطار ما يُعرف بالمناطق الصناعية المؤهلة (QIZ) مع إسرائيل والولايات المتحدة، وهي ترتيبات تسمح للمنتجات المصرية بالدخول إلى الأسواق الأمريكية دون جمارك أو حصص محددة شريطة ألا يتجاوز المكون الإسرائيلي في هذه المنتجات 11.7%. والهدف من هذا البروتوكول هو فتح الباب أمام الصادرات المصرية إلى السوق الأمريكية التي تستوعب 40% من حجم الاستهلاك العالمي دون التقيد بنظام الحصص -والتي يُتوقع أن تبلغ أربعة مليارات دولار خلال الخمس سنوات القادمة- خاصةً في ظل بدء تنفيذ اتفاقية الجات اعتبارًا من أول يناير 2005.
ووفقًا لبروتوكول “الكويز” الموقع مع مصر، فإن الحكومة الأمريكية تمنح معاملة تفضيلية من جانب واحد لكل المنتجات المصنَّعة داخل هذه المناطق في الجمارك أو العقود غير الجمركية من الجانب المصري عن طريق دخولها إلى السوق الأمريكية دون تعريفة جمركية أو حصص كمية بشرط مراعاة هذه المنتجات لقواعد المنشأ واستخدام النسبة المتفق عليها من المدخلات الإسرائيلية (11.7%)، وهو التزام غير محدد المدة وفي المقابل لا يترتب عليه أي التزام من قِبل الجانب المصري ولا يستحدث أي جديد بالنسبة للعلاقات التجارية المصرية، وبموجبه أيضًا تم الاتفاق على إقامة سبع مناطق صناعية مؤهلة في مصر على عدة مراحل على أن تشمل المرحلة الأولى إقامة المناطق الصناعية المؤهلة التالية: منطقة القاهرة الكبرى – منطقة الإسكندرية وبرج العرب والعامرية – المدينة الصناعية ببورسعيد.