19.4 C
Cairo
الأربعاء, نوفمبر 20, 2024
الرئيسيةتحقيقاتبعد أحداث تفجيرات البيجر والووكي توكي في لبنان.. تغيير موازين القوى بالعالم...

بعد أحداث تفجيرات البيجر والووكي توكي في لبنان.. تغيير موازين القوى بالعالم لصالح “العلم” وليس بالأدعية والتدين

تحقيق: إيهاب أدونيا

لعبت الاتصالات دورًا مهمًا في تاريخ الصراعات السياسية، وعلى الدوام كانت كفاءة وجودة وسيلة الاتصال لا تقلان أهميةً – في الحروب مثلًا – عن جودة السلاح، فالمعلومة الدقيقة التي يتم الحصول عليها في الوقت المناسب قد تُغيِّر مسار المعركة كليًا. ونظرًا لهذه الأهمية، لعبت مؤسسات الإنتاج العسكري الدور الأهم في ابتكار وتطوير وسائل وتقنيات الاتصالات المختلفة، ولعل أهمها الاتصالات اللاسلكية.

في السنوات الأخيرة، تتطور التكنولوجيا بصورةٍ مُخيفة، فالتقنيات التكنولوجية دخلت بقوة على خط تطوير وصناعة التكنولوجيا وإدارتها، كالذكاء الاصطناعي والآلات ذاتية التعلُّم، مما يعني أن الحدود البشرية فيما يتعلق بالدقة والإنتاجية والحصول على مستوى ثابت من الكفاءة يجري تلافيها. كأفراد، نلمس آثار التطور التكنولوجي بشكل يوميّ حتى وكأن حياتنا منذ أول لحظة للاستيقاظ وإلى آخر رمق يومي في العين، بل وربما أثناء النوم، باتت تسبح في أفلاك وكواكب السُحب الرقمية. على مستوى الدول، ظهرت الإمكانيات المهولة للتقنيات التكنولوجية مثلًا من خلال تطبيق الصين لقواعد الحظر وإدارتها أثناء جائحة كوفيد – 19 (كورونا) في بلد يتجاوز عدد سكانه المليار.

بعد ما رأينا سقوط 4000 إنسان بين قتيل وجريح ومعاق في ثانية واحدة لا بد لنا أن نسلم بأن المعارك في عصرنا الحالي تُربح بالعلم وليس بالأدعية والشعارات الحنجورية والتدين.

تفسير  ما حدث، يشير إما إلى أنه تم الضغط على الشبكة بآلاف الرسائل المتتابعة التي رفعت درجة حرارة بطاريات الليثيوم لدرجة أدت لانفجارها إلى حد الإيذاء، لأن البيجر عادةً يتم حمله في حزام الوسط. الاحتمال الثاني هو تزويد البطاريات الليثيوم التي تم استبدالها مؤخرًا بعبوات ناسفة صغيرة، من خلال الشركة المصنعة للبطاريات، لأن البطاريات الأصلية للجهاز كانت مصنوعة في إيران، ولا تحتمل الخدمة لفترات طويلة، وتكون تلك عملية اختراق خطيرة للحزب وتعاقداته.

بعد “البيجر” … هل تنفجر الهواتف الذكية وأجهزة تنظيم القلب عن بُعد؟

بعدما شهد لبنان أقوى سلسلتين لانفجار أجهزة الاتصالات اللاسلكية، مثل البيجر و الـ “Walkie Talkies” وغيرها، كانت تستخدمها عناصر حزب الله، أثارت هذه الحوادث العديد من التساؤلات حول كيفية حدوث مثل الانفجارات وهل يمكن تكرارها مع الأجهزة اللاسلكية الحديثة.

برزت مخاوف عالمية بشأن احتمالية استهداف الأجهزة الحديثة، كالهواتف الذكية والكمبيوترات المحمولة والسماعات والساعات وحتى أجهزة تنظيم القلب، وتحويلها إلى أجهزة خطرة تودي بحياة الآلاف من الأشخاص، نظرًا لاعتماد أغلبها على بطاريات الليثيوم، كتلك الموجودة في أجهزة النداء الخاصة بجماعة حزب الله.

دور الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية

في منطقة القتال الحديثة، تلعب التكنولوجيا دوراً حاسمًا في تعزيز العمليات العسكرية. كان أحد أهم التطورات في السنوات الأخيرة هو دمج الذكاء الاصطناعي في الأنظمة العسكرية. يتمتع الذكاء الاصطناعي بالقدرة على إحداث ثورة في الحرب من خلال توفير قدرات أسرع لاتخاذ القرار، وتحسين الوعي الظرفي، وتعزيز الدقة في استهداف قوات العدو. ومع ذلك، فإنه يثير أيضًا مخاوف أخلاقية ومخاطر الأسلحة المستقلة المحتملة. فما هو دور الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية، وفوائده وعيوبه وأفضل طريقة لتسخير إمكاناته.

1. تحسين عملية صنع القرار: يستطيع الذكاء الاصطناعي تحليل كميات هائلة من البيانات في الوقت الفعلي، مما يمكّن القادة العسكريين من اتخاذ قرارات مستنيرة بسرعة أكبر.

2. تعزيز الوعي الظرفي: يمكن للأنظمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي جمع ومعالجة البيانات من أجهزة استشعار مختلفة، مما يوفر للجنود معلومات في الوقت الفعلي حول ساحة المعركة.

3. دقة الاستهداف: يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين دقة استهداف قوات العدو، وتقليل الأضرار الجانبية والإصابات بين المدنيين. وباستخدام الطائرات بدون طيار أو الصواريخ التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، يمكن للقوات العسكرية ضرب أهداف محددة بأقل قدر من المخاطر على أرواح الأبرياء.

4. المخاوف الأخلاقية: يثير استخدام الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية أسئلة أخلاقية، خاصة فيما يتعلق بتطوير الأسلحة المستقلة. يجادل المنتقدون بأن أنظمة الأسلحة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي يمكن أن تؤدي إلى فقدان السيطرة البشرية، مما قد يؤدي إلى عواقب غير مقصودة أو انتهاكات للقانون الإنساني الدولي.

5. خطر التبعية: على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يوفر العديد من المزايا، إلا أن هناك خطر الاعتماد المفرط على التكنولوجيا. يجب أن تحافظ القوات العسكرية على التوازن بين عملية صنع القرار البشري ومساعدة الذكاء الاصطناعي. قد يؤدي الاعتماد المفرط على أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى ظهور نقاط ضعف في حالة اختراقها أو فشلها في الأداء كما هو متوقع.

6. أفضل طريق للمضي قدمًا: لتسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية مع تخفيف المخاطر، يوصى باتباع نهج التعاون بين الإنسان والآلة. يجمع هذا النهج بين الحكم البشري وصنع القرار مع خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحقيق النتائج المثلى.

ويقدم دمج الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية فوائد كبيرة، بما في ذلك تحسين عملية صنع القرار، وتعزيز الوعي الظرفي، والاستهداف الدقيق. ومع ذلك، يجب معالجة المخاوف الأخلاقية ومخاطر الاعتماد على الذكاء الاصطناعي بعناية. ومن خلال تبني نهج التعاون بين الإنسان والآلة ووضع مبادئ توجيهية أخلاقية، يمكننا تسخير الإمكانات الكاملة للذكاء الاصطناعي مع ضمان استخدامه المسؤول والفعال في منطقة القتال الحديثة.

كيف تواجه مصر الحروب الإلكترونية.. ميزانية مخجلة للبحث العلمي … زيادة أعداد طلاب التعليم الديني

مدبولي: الأمن السيبراني جاء ضمن محاور الأمن القومي في برنامج الحكومة

ترأس الدكتور مصطفي مدبولي، رئيس الوزراء، اجتماع المجلس الأعلى للأمن السيبراني، مؤكدًا أن قضايا الأمن السيبراني أصبحت مكونًا أساسيًا في منظومة الأمن القومي لجميع دول العالم، ولافتًا إلى أن تزايد اعتماد الدول على المنظومات الرقمية يُلزِمنا كدولة باتخاذ مختلف الإجراءات اللازمة للتأمين، موضحًا أن الأمن السيبراني جاء ضمن محاور الأمن القومي في برنامج الحكومة.

وأكد عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن مختلف دول العالم تولي مجال الأمن السيبراني اهتماما كبيرًا خلال الفترة الحالية، لافتًا إلى عمل الوزارة بالتعاون مع مختلف الجهات المعنية على تشكيل مجموعات بحث علمي بهدف البحث في بناء برامج اكتشاف مبكر للهجمات السيبرانية التي يمكن أن تتعرض لها المنظومات.

وتمت خلال الاجتماع مناقشة الخطط التنفيذية والإجراءات اللازمة لمواجهة الأخطار السيبرانية والأعطال التقنية، والجهود المبذولة لتأمين البنية التحتية للاتصالات والمعلومات والأنظمة التكنولوجية، وتعزيز الأمن السيبراني في مختلف قطاعات الدولة.

كما تم التطرق للإطار التنظيمي لمقدمي خدمات الأمن السيبراني التي يصدرها الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والإجراءات التي يتم اتخاذها في الوزارات والجهات التابعة لها والهيئات العامة الخدمية والاقتصادية والقومية ومختلف الشركات فيما يخص إعداد كوادر متخصصة في الأمن السيبراني داخل كل وزارة وهيئة، فضلًا عن الخطوات التنفيذية لزيادة أعداد الخبراء المتخصصين في مجال الأمن السيبراني، من خلال عدد من البرامج والمبادرات التدريبية التي تستهدف بناء القدرات وزيادة الخبرات القادرة على العمل في هذا المجال، إضافةً إلى تشجيع الشركات العاملة في هذا المجال على الفكر الابتكاري في بناء منظومات تأمين سيبراني لمختلف البرامج والمنظومات، وكذلك الاهتمام بتعزيز التعاون الدولي والشراكة في هذا المجال.

مخصصات البحث العلمي في مصر لا تتجاوز 0.0015% وتصل إلى 5% في إسرائيل

أعلن الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، إجمالي موازنة التعليم العالي والبحث العلمي السنة المالية الجديدة قائلًا: “تبلغ تقريبًا 117 مليار جنيه، بزيادة 52 مليار جنيه عن العام الماضي، منها تقريبًا 6 مليارات جنيه للبحث العلمي، بينما بلغ الموازنة العامة لهذا العام المالي 3.9 تريليون جنيه”، مما يعني أن نسبة مخصصات البحث العلمي لا تتجاوز 0.0015% من إجمالي الموازنة العامة، بينما تنفق “إسرائيل” نسبة 4,7% من إنتاجها القومي على البحث العلمي، مما يجعلها تحتل أعلى مستوى للإنفاق في هذا المجال على مستوى العالم. في المقابل، تنفق الدول العربية مجتمعة ما مقداره 0,2% فقط من دخلها القومي.

كما أن المساهمة العربية في المعارف الإنسانية تبلغ أقل من 0,0002% من إجمالي الإنتاج العالمي، بينما تسهم “إسرائيل” بنسبة 1% من المعرفة العالمية، مما يجعلها تفوق العالم العربي بـ 5000 مرة، وقد كشفت نتائج مجلس التعليم العالي في “إسرائيل” في مؤتمر عقدته جامعة بار إيلان بتاريخ 16/11/2009 أنها تحتل المرتبة الرابعة في العالم من حيث النشاط العلمي.

440 ألف طالب للالتحاق بالتعليم الأزهري … هل مصر بحاجة إلى ذلك؟

أثار الإقبال الكبير على الالتحاق بالتعليم الأزهري في مصر جدلًا، مع نشر وسائل إعلام محلية تقديرات تشير إلى تقديم أكثر من 440 ألف طلب التحاق بالمعاهد الأزهرية في مرحلتي «الروضة» و«الابتدائي» للعام الدراسي الجديد.

ولاقى الخبر تفاعلًا عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، وشارك الكاتب خالد منتصر بتدوينة ساخرة عبر حسابه على «فيسبوك»، قال فيها: «نحن نسير بخطى واثقة وبسرعة الصاروخ نحو طريق الحداثة».

ولاقت تدوينة منتصر ردود فعل متباينة من متابعيه، بين منتقدين للتعليم الأزهري، وآخرين أشادوا بمستوى التعليم الأزهري وخريجيه، ورفضوا ما وصفوه بـ «الصورة الذهنية غير الصحيحة عن التعليم الأزهري».

من جانبه، وصف الكاتب المصري عادل نعمان الإقبال على التعليم الأزهري بـ «الردة الحضارية» التي تستوجب دراسة من الدولة لأسبابها، وقال: «استمرار وجود نظام منفصل للتعليم الأزهري بالمناهج الدراسية الخاصة التي تتضمن تمييزًا للرجل عن المرأة، بالإضافة إلى آراء وفتاوى متطرفة، كل ذلك يؤدي لـتخريج طلاب لديهم قوميات مختلفة داخل الدولة».

وأضاف أن «التعليم الأزهري معروف أنه وجهة البسطاء لتعليم أبنائهم في ظل السهولة النسبية لمناهجه الدراسية، لكن ما يحدث اليوم بات يتطلب وقفة من الدولة لدراسة أسبابه، من أجل تجنب آثاره المستقبلية على الخريجين».

ويفسر البعض زيادة الإقبال على التعليم الأزهري بانخفاض الرسوم الدراسية التي تصل إلى أقل من ثلث الرسوم المحصلة في التعليم الحكومي، كما تحصل المعاهد الأزهرية الخاصة التي تقوم بتدريس اللغات على رسوم أقل من مدارس اللغات الخاصة.

ودأبت المعاهد الأزهرية على استمالة شريحة يستهويها التعليم التقليدي، وهي شريحة شغوفة بالحفظ والتلقين وإقحام الدين في مفردات حياتها بالمخالفة لمناهج التعليم العام التي أبعدت الدين عن أيّ مادة، غير مادة التربية الدينية، احترامًا للآخر، وتكريسًا للفهم ثانيًا.

ويقوم التعليم الديني في مصر على ربط النظريات العلمية بالدين، وهي إشكالية عمَّقت من الفجوة بينه وبين شريحة كبيرة في المجتمع، لأن غالبية الأسر تتجه نحو مناهج التعليم العام بمدارس الحكومة التي تقوم على تقديم إنسان معاصر يؤمن بالمواطنة واحترام الآخر من دون تمييز، مع إلغاء المواد القديمة التي تخاطب الماضي.

واعتاد متشددون التعامل مع عصرنة مناهج ونظام التعليم داخل الأزهر، باعتبار ذلك حربًا على الإسلام، خاصةً أن طريقة التدريس بالأزهر وطبيعة مناهجه تعتمد على النقل الحرفي بلا تحليل، في حين أن مناهج التعليم العام ليست جامدة.

وترتب على تلك الفجوة أن أصبح هناك مجتمعان دراسيان؛ أحدهما منخرط في مدارس الحكومة ويسير في طريق معاصر، والآخر أزهري لا يستطيع الدارسون فيه الخروج من دائرة التلقين والاستسلام لما يُملى عليهم من أفكار ودروس قديمة، ومناهج تُشبه النصوص الدينية، ومواد لا يستوعبها عدد كبير من الطلاب.

يأتي هذا مع عدم وجود رؤية واضحة لدى الحكومة تستطيع من خلالها مجابهة معتقدات مجتمعية لا زالت ترى أن التعليم الديني هو الأفضل مع غياب الدور التربوي والاجتماعي للمدارس المدنية، وأن الدخول مع الأزهر في صدام وعرقلة ضغوطه المستمرة لتحسين أحوال مؤسساته سوف يؤدي إلى المزيد من الصدام العلني غير المرغوب فيه في ظل مساعي الكثير من المواطنين للتغلب على أوضاعهم الاقتصادية الصعبة بالاتجاه نحو التعليم الأزهري الذي تشكل مصروفاته نسبة 10 في المئة من إجمالي مصروفات المدارس المدنية الحكومية.

مسئول بالتخطيط: “لا توجد أي جامعة أخرى تأخذ اهتمام من الدولة أكبر من جامعة الأزهر.”

قال بدر عثمان، مدير عام التعليم والبحث العلمي بوزارة التخطيط، إن الدولة تولى جامعة الأزهر اهتمامًا كبيرًا، ولا توجد أي جامعة أخرى تأخذ اهتمامًا أكبر من جامعة الأزهر.

وتابع: “خطة السنة الجديدة لجامعة الأزهر 600 مليون جنيه بزيادة 400%، ولا توجد هذه النسبة في الزيادة في أي جامعة أخرى، ولها 1.5 مليار جنيه خزانة، و130 مليون جنيه ذاتي.”

من جانبهم، أكّد ممثلو وزارتي المالية والتخطيط أن هناك اهتمامًا بدعم جامعة الأزهر، وأنه يتم التنسيق والتعاون معها على مدار العام المالي لتلبية أي احتياجات. وقد جاءت تلك التصريحات أثناء مناقشة لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب موازنة العام الجديد 2024/2025.

هكذا تدعم الدولة الجامعة “الدينية” في مصر أكثر من كافة الجامعات الأخرى، مما يرسِّخ حقيقة أن فكر القائمين على الموازنة ليس فقط طائفيًا ومتحيزًا، لكنه أيضًا بعيد كل البعد ومنافي ورافض للتفكير الفلسفي أو النقدي أو الإبداعي أو الابتكاري، تلك الأمور التي من شانها رفعة الوطن أمام الحروب الباردة والتي تناقش وتدرس في الجامعات “غير الدينية” والتي تعتمد على الفهم وعصف الذهن والتفكير وليس “الصم” والحفظ والتلقين.

لماذا يتحول آلاف الطلاب من التعليم العام للتعليم الأزهري… 

على وقع الفوضى التي تسود إدارة المنظومة التعليمية في مصر، تحوَّل «الأزهر» إلى ما يشبه «الملجأ» للمصريين، إذ شهد التعليم «الأزهري»، في الأيام الماضية، إقبالًا كبيرًا من قِبل ذوي الطلاب في مراحل التعليم الأولى (الروضة والابتدائي)، وتحديدًا من الأسر متوسطة الدخل، فاق التوقعات، وبلغ نحو نصف مليون طالب وطالبة، في زيادة تصل إلى الضعف تقريبًا مقارنةً بالأعداد المقيدة في سجلات العام الدراسي الماضي. وجاءت الزيادة الكبيرة في تقديم هذه الطلبات وسط استمرار الحكومة المصرية في رفع رسوم الدراسة في المدارس الحكومية بشكل سنوي ومطرد، فيما احتفظ «الأزهر» برسومه الزهيدة التي تصل إلى نحو 20% فقط مما يُدفع في المدارس الحكومية، إلى جانب المنح التي يقدمها للمتفوقين، والإعانات للطلاب الأكثر فقرًا.

الطالب في التعليم الأزهري يدفع في العام كاملًا قرابة خمسين جنيهًا أو أكثر قليلًا لا غير مقابل الكتب والخدمات والتأمين الصحي، بل وبالمدينة الجامعية للمغتربين، بمعنى أن الطالب الأزهري المغترب يدفع 50 جنيهًا شهريًا مقابل غرفة بسرير وثلاث وجبات إحداها لحوم، فيما يدفع الطالب قبل الجامعي بالتعليم العام ما يقارب 600 جنيهًا. أما عن مصروفات الجامعة فهناك كارنيهات الكلية التي تتخطى الألف، كما أن مصروف المدينة للطالب المغترب ثلاثة إلى أربعة أضعاف زميله بالتعليم الأزهري، (هذه إحصائية عن عام 2021) علاوة على أن طلاب ثانوية الأزهر كلهم بلا استثناء يدخلون كليات الأزهر الدينية والعلمية العملية.

التعليم الديني غير دستوري وطائفي

يجب فصل الكليات العملية تمامًا عن الأزهر وإلحاقها بالتعليم العالي، لأن وجودها أصلًا أمر مخالف للدستور، لأنها تقبل الطلاب على أساس طائفي ولا تشجع على الابتكار ولا تواكب مناهجها التكنولوجيا الحديثة التي ينتظرها منا الوطن لمواجهة أي حروب تكنولوجية أو للمساعدة على حماية أمننا السيبراني.

بالإضافة إلى أن قبول طالب أجنبي من دولة عربية أو إفريقية أو آسيوية في كليات طب وهندسة وعلوم وصيدلة الأزهر وعدم قبول أبناء مصر المسيحيين هو أمر يكرس للتفسخ المجتمعي، فنحن نتفهم أن كليات الشريعة والأصول والدراسات الدينية تختص بالمسلمين ولكن وجود كليات عملية بجامعة الأزهر لا تقبل أبناء وبنات مصر من غير المسلمين وتقبل ربع مليون طالب أجنبي تدعم دراستهم الدولة عبر ميزانية الأزهر هو بالتأكيد شيء غير سوى.

كما أن أسلوب التحفيظ المعتمد أزهريًا وسيلة بدائية عقيمة ومنهج يدمر كل ملكات الفضول والاستفسار، وجريمة تربوية تستغل الطفل بتدجينه وبرمجته على فهم فكرة معينة دون تحليل وتفسير، فيتم طمس عقله وتعطيل وظيفته مبكرًا مما يفرز أجيالًا منصاعة سطحية تكرر ذاتها بنفس الفشل والخوف من ممارسة النقد وتقبله فيسهل حشو عقلها بأي فكر.

فهل نفصل الكليات العملية عن جامعة الأزهر ونضمها لوزارة التعليم العالي لتكون أول خطوة نحو تصحيح المسار؟ إضافةً لترشيد الإنفاق على الأزهر، فمن غير المعقول أن تكون هناك 10 كليات أصول دين ومثلهم شريعة وقانون ومثلهم كليات لغة عربية ومثلهم دراسات إسلامية، بينما تكفي واحدة في كل محافظة تقسم فقه ودراسات وأصول دين وشريعة كما هو موجود بالسعودية منذ القدم.

ثم يجب مساواة الطالب بالتعليم العام بأخيه في الأزهر ومساواة المعلم بالتعليم العام بزميله في الأزهر الذي يأخذ أربع منح سنوية إضافية تُسمى منحة شيخ الأزهر في المناسبات الدينية الكبرى تصل لألف جنيه في المرة.

 قد تنحل كافة الأزمات من اقتصادية ومالية واجتماعية وسياسة.. الخ، عدا أزمة العقل، فقد تاه عقلنا في سراب اللانهائي من الغائب والمطموس، فهو إلى مزيد من العتامة. فالتكنولوجيا تتقدم يومًا عن يوم ونحن لم نخط أولى خطواتنا بها، والحروب وسائلها تتغير وتتقدم تكنولوجيًا ونحن محلك سر لا زلنا نرتمي في أحضان التعليم الديني وكأنه الملاذ بينما هو “مقبرة” حيث لا فكر ولا نقد ولا إعمال للعقل.

في النهاية، الدول المتقدمة تستثمر مليارات العالم في الهاي تيك والذكاء الاصطناعي وتحارب دون طلقة رصاص واحدة، ونحن بدلًا من مواكبة العصر والتكنولوجيا نرد بتخصيص ميزانية مخجلة للبحث العلمي وإلغاء تدريس الفلسفة ووضع عقول أبنائنا في أيدي أئمة المساجد ومشايخ القنوات الدينية للسؤال عن أدعية دخول الحمام وركوب الأسانسير ونكاح الوداع وبول الإبل، والاعتماد على التعليم الديني ودعمه ورفع ميزانيته رغم ما يشوبه من طائفية وتمييز واعتماد على الحفظ لا الفهم، كل تلك الأمور تؤكد أننا بلا شك خاسرون في أتفه معارك الحروب الباردة ما دام العلم والابتكار والتكنولوجيا هي آخر اهتماماتنا.

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا