ارتفاع عدد ضحايا جماعة “جود نيوز إنترناشيونال تشيرتش” في كينيا إلى 89 قتيلًا
كشفت الشرطة الكينية النقاب عن عشرات الجثث في قبور جماعية على صلة بقس يدعى “بول ماكينزي”، أسس طائفة دينية جديدة، وأمر أتباعه بتجويع أنفسهم حتى الموت.
قال جافيت كومي، المفتش العام للشرطة الكينية، في لقائه مع الصحفيين:«على مدار عملي في الشرطة لم أرَ مشهدًا مفجعًا مثل ما رأيت في تلك الكارثة»، وأعلن أن محققي جرائم القتل وعلماء الأمراض استخرجوا 11 جثة أخرى من سلسلة من المقابر الضحلة، ليرتفع عدد القتلى إلى 58، لاحقًا يرتفع أرقام الضحايا تباعًا مع استكمال التحقيقات.
ماذا نعرف عن مذبحة غابة شاكاهولا
الصدفة وحدها قادت إلى الكشف عن مذبحة غابة شاكاهولا، إذ تلقت الشرطة اتصالات هاتفية من سكان يعيشون بالقرب من مزرعة يؤكدون رؤيتهم لرجال ونساء وأطفال يتضورون جوعًا ومصابين بضعف شديد، داهمت الشرطة الكينية كنيسة «جود نيوز إنترناشيونال» بعد تلقيها معلومات.. وهناك كانت المفاجأة الصادمة للجميع.
عندما وصلت الشرطة إلى مزرعة «شاكاهولا» وجدوا أشخاصًا مصابين بضعف شديد لا يستطيعون حتى المشي أو التحدث، وبدأت الشرطة في تفتيش المزرعة ليصاب الجميع بصدمة كبيرة إذ اكتشفوا وجود مقابر جماعية لرجال ونساء وأطفال، تم القبض على ماكينزي في 14 أبريل بعد أن أنقذت السلطات أكثر من 15 شخصًا من أتباعه، أربعة منهم كانوا في حالة حرجة وتوفوا بعد فترة وجيزة.
قال تشارلز كاماو، رئيس التحقيقات الجنائية في ماليندي: «المعلومات التي تلقيناها هي أن الناس كانوا يتضورون جوعًا بعد أن أصبحوا متطرفين من قبل عضو معين في الكنيسة أخبرهم بأن عملهم في هذا العالم قد تم وأنهم يجب أن يموتوا ويذهبوا لرؤية خالقهم».
متابعًا: «تم استخراج 26 جثة يوم الأحد 23 أبريل 2023، وبذلك ارتفع إجمالي عدد الجثث إلى 47، وما زال البحث جاريًا، حتى صدور الجريدة، خاصة أن الصليب الأحمر سبق أن أعلن عن وجود بلاغات تفيد باختفاء قرابة الـ 112 شخصًا».
أضاف تشارلز كاماو: «بعض الذين تم العثور عليهم من أتباع ماكينزي على قيد الحياة كانوا لا يزالون يرفضون تناول أو شرب الماء».
ارتكز إيمان «ماكينزي» على التجويع حتى يستطيع أتباعه من رؤية يسوع، ووفقًا لوسائل إعلام مختلفة، فإن ركيزة الطائفة كانت أن الموت في سبيل الله من خلال تجويع النفس ومن ثم يستطيع من كان إيمانه قويًا، وضحى بكل ما هو غال ونفيس في أن تطلق روحه دون قيد وأن يرى المسيح.
تُظهر مقاطع الفيديو التي تم التقاطها من مسرح الجريمة مسؤولين يرتدون بدلات مواد خطرة وهم يسحبون أكياس الجثث ويجوبون مناطق الغابات المحاطة بشريط أصفر.
ووصف وزير الداخلية الكيني، كيثور كينديكي، الاكتشاف بأنه «مجزرة» في بيان نُشر على موقع تويتر، مضيفًا أنه «أوضح انتهاك لحق الإنسان المنصوص عليه في الدستور في حرية العبادة».
وتقع غابة شاكاهولا، على تخوم مدينة ماليندي الساحلية، ولا يزال أكثر من مئة آخرين في عداد المفقودين.
ووصف الرئيس الكيني، وليام روتو، تصرفات الطائفة المسيحية، التي يشتبه في أنها شجعت بعض من أتباعها على الانتحار الجماعي، بأنها أشبه بعمل إرهابي.
واتهم الرئيس الكيني زعيم الطائفة، بول ماكنزي نثينجي، باستخدام الدين لارتكاب ما وصفه بـ”الأفعال الشنيعة”.
وحسب ما قالت جريدة (ستاندارد)، قام الواعظ بتسمية ثلاث قرى بأسماء دينية وهي الناصرة، وبيت لحم، ويهوذا، وقام بتعميد أتباعه في بعض الأنهار القريبة، ثم طالبهم بالامتناع عن الطعام.
وشهدت كينيا، التي توصف بميل مجتمعها إلى التدين، العديد من الحالات السابقة، التي انضم فيها المئات لطوائف دينية تتبع كنائس غير نظامية، وتمارس طقوسا توصف بالخطيرة.
من هو بول ماكينزي مؤسس الطائفة الكينية الجديدة؟
«بول ماكينزي» هو رجل كيني بسيط، ولد في السبعينيات من القرن الماضي، عمل سائق تاكسي لسنوات حتى عام 1997، إذ بدأ يتقرب أكثر إلى الله، ومن ثم بدأ في تحركات خفية لتكوين طائفة دينية خاصة بها، في عام 2003 كانت الخطوة الأولى الجادة له، إذ أسس كنيسته الخاصة تحت اسم Good News International، فضلًا عن إنشاء فروعًا في نيروبي وعلى طول ساحل كينيا اجتذبت أكثر من 3000 من المصلين، تحت شعار «رعاية المؤمنين بشكل كلي في جميع الأمور الروحانية المسيحية بينما نستعد للمجيء الثاني ليسوع المسيح من خلال التعليم والتبشير».
لم تخلُ البدايات من الإشارات إلى وجود عطب ما في مسيرة «ماكينزي»، إذ اتهم أربع مرات بين عامي 1997 و2003 بسبب خطبه التي تحض على كراهية المجتمع ومعاداته، ولكن تمت تبرئته في كل مرة بسبب نقص الأدلة، واستمر في عمله في التبشير بطائفته الخاصة، ونجح في جذب الآلاف إليه، وتطور الأمر إلى إطلاقه قناة على YouTube في عام 2017، استخدمها لتحذير مريديه من الممارسات «الشيطانية» مثل ارتداء الشعر المستعار واستخدام أموال الهاتف المحمول في مقاطع الفيديو المنشورة على منصة التواصل الاجتماعي، في ذلك الوقت تم الإبلاغ عن أنشطة ماكنزي المريبة لأول مرة من قبل مركز إنقاذ الأطفال في مايونجو في عام 2017، بعد أن انتشرت له مقاطع فيديو يحث من خلالها الأطفال على عدم الذهاب إلى المدرسة لأن التعليم غير معترف به في الكتاب المقدس.
لاحقًا، أطلق سراحه بكفالة قدرها 100 ألف شلن كيني (700 دولار)، بعد تلك الواقعة بدأ «ماكينزي» في خطوة الانعزال عن المجتمع الكيني برفقة أتباعه، إذ اضطر إلى إغلاق الكنيسة وانتقل إلى بلدة شاكاهولا الهادئة، في مزرعة تصل مساحتها إلى 800 فدان، حصل عليها من إقناع أتباعه ببيع ممتلكاتهم من منازل وسيارات ومنحها له لشراء مزرعة بعيدًا عن إزعاج السلطات وحتى يتمكن من استكمال التبشير بالطائفة الجديدة، وهو ما حدث.
ويقبع الواعظ، بول ماكينزي، حاليًا في السجن، رهن التحقيقات، في انتظار المثول أمام المحكمة. ورغم أن ماكينزي أنكر جميع الاتهامات التي وجهت له، مصرًا على أنه أغلق الكنيسة وأوقف أعمالها تمامًا منذ عام 2019، إلا أن السلطات رفضت إطلاق سراحه بكفالة.