جلوريا حنا
سمعت قريبًا تلك الجملة: “الكسل أحلى من العسل”، ربما هو مثل شعبي أو مقولة ما، لم أعرف بالضبط، لكن المؤكد أن هذه الجملة صحيحة جدًا، وصحيحة أقصد بها أنها دقيقة لتعريف طبيعتنا وليس أنها مقولة يجب تنفيذها، لكن يجب الاعتراف أن كثير من الأعمال التي يتم تأجيلها يكون بسبب الكسل، فإحساس الاسترخاء وعدم القيام بأي شيء يعد إحساسًا رائعًا.. ألا توافقني عزيزي القارئ؟ إن هذه المقولة إما تبين بشكل ساخر طبيعتنا البشرية والتي تفضل النتائج السريعة بأقل مجهود، أو مقولة تحفز على التقاعس والكسل، والذي بالمناسبة لا يوازي كلمة راحة، فالراحة مطلوبة وضرورية.
بعد سماعي لتلك المقولة، تقريبًا اليوم نفسه قرأت ذلك العدد: «كالْخل للأسنان، وكالدخان للْعينين، كذلك الكسلان للذين أَرسلوه» (أمثال10: 26). لقد جاءت تلك الآية سريعًا جدًا، ومعها تعليق مكتوب عليه: “احذر الكسل!”.
لا أتحدث عن الكسل بشكل خاص، لكن عن الأمثال الشعبية والاجتماعية بشكل عام، وأيضًا الجمل التي يتم تداولها بكثرة في مناطق كثيرة، فكثير من تلك الأمثال مثل تلك المقولة التي ذكرتها.. بل وهناك غيرها أكثر صراحة منها، تنشر أفكار ذات معايير سلبية وغير كتابية، فهناك من يقول: “عامل الناس بالطريقة اللي بيعاملوك بيها” والتي قرأتها قريبًا أيضًا، في حين أن السيد المسيح عندما علمنا قال: «فَكل ما تريدون أَن يفعل الناس بكم افْعلوا هكذَا أنتم أَيضًا بهم» (متى7: 12). هل لاحظت يا صديقي مدى تضارب الجملتين؟
عزيزي… نحن نعيش وسط مجتمع من البشر، وهذا المجتمع من الضروري أن نتعامل فيه مع الآخرين بشكل أو بآخر، وسنتعرض للكثير من التعاليم والمعتقدات التي نجدها تُعرض علينا، ويأخذها البشر على أنها حقيقة مُسلم بها، مثل شيء شهير يقال دومًا عن الجروح: “عندما ينكسر أو يُخدش زجاج، فلا تصلحه كلمة آسف”، إلا أن المسيح يعلمنا أن نغفر لمن أخطأ إلينا، وضرب لنا مثلًا في مغفرته لبطرس بل ومنحه ثقته به أيضًا، والغفران هي الأداة التي يستعملها الله لإصلاح جروحنا، فهي تعني عدم وجود مرارة تجاه الشخص الآخر حتى إن لم يظهر ندمًا، وكلمة الله وحدها القادرة على تعليمنا شيئًا مثل هذا.
ليس كل ما نسمعه صحيح، بل وقد يكون منافيًا لتعاليم سيدنا المسيح، فعلينا أن نحذر ما نسمع وما نتعلم، لئلا نجد أنفسنا نبتعد عن الله ونعيش كما يعيش العالم. عندما نعيش كما يريدنا الله من خلال تعاليمه ومن خلال النموذج الذي أعطاه لنا في المسيح، سنكون ما يريدنا السيد المسيح أن نكونه: ملحًا للأرض ونورًا للعالم. لقد غفر السيد المسيح لبطرس، كان يعطي المحبة والرحمة للعشارين والخطاة، لم نسمع عن شيء غير لائق قاله في أحد نقاشاته مع الفريسيين، بل وذهب ليأكل عند واحد منهم، وهذا هو النموذج الذي نسير عليه، وكلمة الله التي تشكلنا وروحه داخلنا يعيننا إذا ما سمحنا له بذلك.