19.4 C
Cairo
الخميس, ديسمبر 19, 2024
الرئيسيةفكر مسيحيأهداف الصوم بحسب كلمة الله -2

أهداف الصوم بحسب كلمة الله -2

 القس أيمن عيد

حل قيود الشر (إش 58: 6)

  بادئ ذي بدء، لقد تحدثنا سابقًا عن الصوم ومعناه حرفيًا وروحيًا بحسب تعليم الإنجيل. ونواصل حديثنا عن الصوم، بذكر أول أهدافه، فنرى أول هدف للصوم هو حل قيود الشر. نحن نعيش في عالم شرير ودائمًا يفرض علينا شروره وتقاليده السيئة، لذلك يعلن الله فكره لنا بأن نصوم بدافع وهدف أن تنحل قيود الشر من حياتنا. يصور لنا السجل التاريخي من سفر أستير مشهد الأحداث التي عاصرها كل من أستير ومردخاي وباقي اليهود: كان الوزير هامان الشرير قد نال عظمةً ورفعةً من الملك أحشويروش، وأثناء دخوله وخروجه من بيت الملك، كان العبيد يسجدون له إلا مردخاي بن عم أستير الملكة، فامتلأ هامان غضبًا. “فطلب هامان أن يهلك جميع اليهود الذين في كل مملكة أحشويروش شعب مردخاي” (أس 3: 6)، فتمكن هامان الشرير عدو اليهود من أخذ قرار بإبادة اليهود من كل المملكة. وهذه هي قيود الشر التي يفرضها العالم والأشرار على المؤمنين. حقًا يا لها من كارثة مرعبة، بل صاعقة قاضية على حياتهم.

السفر يصور لنا مسرح الأحداث الممتلئ بالرعب والفزع بسبب قرار إبادة اليهود، فماذا يفعل مردخاي أمام قوانين وأوامر الوزير الشرير؟ هل يستطيع أن يغيِّر أمر الوزير الشرير؟! لكن الإيمان يتحدى الواقع، ولا يستسلم، بل الإيمان يغلب العيان! ويغيِّر القوانين! هذا ما فعله مردخاي، وذلك بروح الصلاة والصوم أمام الله، فعندما صام مردخاي وأستير وباقي اليهود، كان النصر حليفهم روحيًا في العالم الروحي ضد أرواح الشر، وهم في العالم الزمني ضد الوزير هامان الشرير. كان مردخاي ممتلئًا بالإيمان بالله وقدرته، وقال لأستير الملكة عندما حاولت أن تتخلى عن المهمة المفوضة لها خوفًا على حياتها: “لأنك إن سكتِ سكوتًا في هذا الوقت يكون الفرج والنجاة لليهود من مكان آخر” (أس 4: 14). إن الصلاة والصوم يساويا إيمانًا فعالًا، وهذا الصوم يهدف لحل قيود الشر التي فرضها العدو على شعب الله.

ويواصل لنا السجل التاريخي للسفر موضحًا أن الملك طار النوم منه، وذلك بفعل قوة الصلاة والصوم. وبالإضافة إلى ذلك، يسجل لنا كيف هلك هامان الشرير عدو اليهود، وتم صلبه على الخشبة التي كان أعدها ليصلب عليها مردخاي.

 النتيجة الرائعة لهذا الصوم لحل قيود الشر، وأروع كلمات تراها مكتوبة، يقول الكتاب: “وكثيرون من شعوب الأرض تهودوا لأن رعب اليهود وقع عليهم” (أس 8: 17). فيا لها من بركات عظيمة نتيجة الصوم بإيمان، فإنه صوم للحرية.

      عزيزي القارئ، في ضوء هذا الحق والحدث التاريخي العظيم، نرى نتيجة الصوم للحرية من القوانين العالمية وقيود الشر، ونتيجة لذلك، دخول الكثيرين لرعية شعب الله. أليس هذا هو الصوم المطلوب لكي نحياه، الصوم الذي بحسب فكر الله، ولإتمام مشيئته تجاه شعبه؟ فإن الصوم يحرك أوضاع كثيرة من حولنا ويغيرها، فلذلك علينا أن نستمر بهذا الدافع في الصوم: حل قيود الشر. بكل تأكيد للصوم بركات عظيمة، فإن قوة الصوم الفعالة في شخصية مردخاي، حيث تعاظم جدًا، فيقول الكتاب عنه: “لأن مردخاي كان عظيمًا في بيت الملك وسار خبره في كل البلدان لأن الرجل مردخاي كان يتزايد عظمة” (أس 9: 4)، وأيضًا نرى أن مردخاي صار ثاني شخص بعد الملك، فيا لها من رفعة سامية، وعظمة غير متناهية.

عزيزي القارئ، تيقن أن الصوم يتحرك بأكثر قوة وفاعلية في العالم الروحي، ويأتي بالتغيير لصالحنا والبركة في العالم الزمني، فإن الصوم والصلاة قادا مردخاي ليصل لهذه الأحداث الهامة البارزة في حياته وحياة شعبه أيضًا. هذا هو الصوم بدافع الحرية من قيود الشر، لذلك أناشدك وأشجعك يا مَنْ تئن من الشرور الكثيرة التي من حولك أن تصوم وتتيقن أنه بقوة الصوم والصلاة يتغير الواقع.

المقاله السابقة
المقالة القادمة
مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا