21.4 C
Cairo
الأحد, فبراير 2, 2025
الرئيسيةأسرةأزمات في حياة المراهق

أزمات في حياة المراهق

هايدي حنا

أزمة الرفض من أسرته

ناقشنا منذ فترة مرحلة المراهقة وكيفية التعامل معها، وذلك في سلسلة مقالات “رحلة لأعماق المراهق”، بعدها جاءت لي العديد من الأسئلة حول بعض المواقف التي يواجهها المراهق وتسبب له ولأسرته قلقًا وتوترًا لعدم معرفة كيفية مواجهتها. تلك المواقف نستطيع أن نصفها بأنها أزمات، وذلك لأن التعامل معها بصورة خاطئة يؤثر في تكوين شخصية المراهق وعلاقاته، كذلك يؤثر على علاقته بأسرته.

سنبدأ بأول أزمة وهي أزمة الرفض التي يواجهها المراهق، سواء من الأهل أو المجتمع أو أقرانه أو الجنس الآخر.

هذه المشاعر تظهر لعدة أسباب هي كالتالي:

1)     النقد لكل سلوك يقوم به: وقد سبق وناقشنا في سلسلة “رحلة لأعماق المراهق” أن سلوكيات المراهق كثيرًا ما تكون غير مقبولة بسبب سمات مرحلته.

2)     فقد الدعم الأسري: وهذا يحدث عندما يواجه مشكلة مع أقرانه “شلته”، يمر بقصة حب فاشلة، مشكلة في الدراسة… ولا يجد أسرته تسانده، وذلك لأنهم إما يستخفون بمشكلته أو يوبخونه لأن عدم سماعه لرأيهم هو الذي أدى به لمواجهة المشكلة التي يمر بها.

3)     المقارنة أو التمييز: عندما تقارن أسرته بينه وبين إخوته وتقول بأنه أقل منهم ذكاءً أو هدوءًا، أو لا يتحمل المسئولية مثلهم…  أو إذا كانت الأسرة تمنح امتيازات لأخ/أخت لا يمنحونها له، مثلًا أسرة تميز الأخ الأكبر عنه، أو العكس تمييز الأخ الأصغر، أو تمييز الفتاة أو العكس تميز الولد… هنا يشعر بأنه مرفوض وليس له قيمة لدى أسرته.

4)     إهمال تسديد احتياجه النفسي: من حب، احتواء، صبر عليه، استماع له عندما يحتاج… وذلك عندما يكون مفهوم أسرته هو أن نجاح التربية يكمن في تسديد الاحتياجات المادية من مأكل ومشرب، ملابس، تعليم… غير مدركة أنه يوجد احتياج نفسي له. وهنا يشعر المراهق بأنه مرفوض، حيث يعتبر هذا السلوك إهمالًا له ولاحتياجاته من أسرته.

كيف يتعامل الأهل مع هذه الأزمة؟

1)     الدعم وقت احتياجه لهذا: بعض الأهل عندما وجدوا أن طفلهم المراهق يرفض أن يسمع لهم اتخذوا من سياسية السلبية نهجًا في تعاملهم معه، وهذا خطأ تمامًا، حيث إنه على الوالدين إدراك سيكولوجـية المراهق كما سبق وناقشنا في سلسلة “رحلة لأعماق المراهق” والتي من أهمها رفضه للسُلطة. عندها يتحول دور الوالدين من دور سلطوي لدور استشاري وليس دورًا سلبيًا. هذا جانب والجانب الآخر هو أن يتحول دورهما من النصيحة للصداقة، أي يكونان متواجدين وقت ألمه النفسي لاحتوائه ودعمه ومساندته، كي لا يشعر برفضهما له، وذلك نتيجة السلبية أو اللوم والتعنيف.

2)     فيما يخص المقارنة والتمييز: هذا السلوك من أصعب السلوكيات التي يواجهها المراهق، خاصةً أنه في هذه المرحلة يحاول أن يعرف شخصيته “هُويّته” كما سبق القول في معرفة سيكولوجيته، لذا على الوالدين التوقف عن هذا السلوك، بل ومن المهم معرفة أن كل طفل يمتلك موهبة، نوعية ذكاء، شخصية… مختلفة عن الآخر، بالإضافة إلى أنه عليهما احترام هذا الاختلاف وقبولها. وبهذا سوف يتطور طفلك المراهق بصورة إيجابية وتتشكل شخصيته بصورة صحيحة وليس بالصورة التي تريدها أنت. من جانب آخر، إن كان التمييز بسبب جنسه أو ترتيبه في الأسرة فلا أعتقد أن له ذنب في هذا، لذا على الوالدين إدراك سلوكهما السلبي هذا ليتجنباه، حيث إن بعض الأسر تقوم بالتمييز دون إدراك ذلك السلوك، وقد يكون السلوك بسيطًا لكنه بالنسبة للمراهق رسالة رفض له وتمييز لأخيه/أخته، مثل حضن أو ابتسامة تُمنح لأخيه/أخته زائدة عنه، اهتمام أكثر، مدح أكثر… مثل هذه السلوكيات قد تبدو بسيطة لكنها ليست بسيطة بالنسبة للمراهق، لذا على الوالدين إدراك هذه السلوكيات وتجنبها كي لا يشعر طفلهما المراهق بالرفض منهما.

3)     الاهتمام بتسديد احتياجه النفسي: على الوالدين أن يكونا متاحين لطفلهما المراهق عندما يحتاج لهما ولا يسمحا أن يستنفذا كل طاقتهما ووقتهما ومجهودهما في العمل وتوفير المال فقط للأسرة. لا أنكر أن المال مهم لكن لا يجب أن يكون هذا على حساب نفسية أطفالهما بصفة عامة وطفلهما المراهق بصفة خاصة. والجدير بالذكر أن وجود أرضية حوار مع طفلك المراهق ومعرفة حالته النفسية هي أمور له وتحميه من أي علاقة مؤذية من الممكن أن يدخل فيها بسبب أنه وجد فيها مستمعًا جيدًا له في وقت لم يجد والديّه متاحين له لأنهما كانا مشغولين عنه.

هذا فيما يخص أزمة رفض المراهق التي يواجهها مع أسرته، تابعوا معنا سلسلة أزمات في حياة المراهق لمعرفة المزيد عن باقي أزمات الرفض للمراهق.

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا