15.4 C
Cairo
الإثنين, نوفمبر 25, 2024
الرئيسيةفكر مسيحيأين وُضِعت هذه الجروح؟

أين وُضِعت هذه الجروح؟

القس ماجد فخري

عزيزي القارئ: اقرأ (مت6: 14 و15؛ كو3: 13 و14؛ 1تس 4: 32).

صديقتي صديقي: ربما تكون قد جُرحت في حياتك وسؤالي لك: أين وُضِعت هذه الجروح؟ وماذا لو كان الجرح مؤلمًا لدرجه أنه لا يُنسى؟ الذي يحدث عادةً هو أن الطرف المجروح يضع الجرح في العقل الباطن في اللاشعور، ووضع الجرح في العقل الباطن يجعله يخزن والزمن لا يبرئه. وضع الجرح في العقل الباطن يجعله يؤثر على الحياة والتصرفات والعلاقة مع الشخص الذي جرح هذا المجروح. وفي لحظة عندما تقال كلمة مماثلة أو تحمل نفس المعنى تظهر الآلام السابقة والمرارة السابقة.

مرات نريد أن نواجه مَنْ جرحنا ونقول له: أنت قلت كلمه جرحتني. أنا متضايق جدًا من الكلمة التي قلتها. ماذا يحدث هنا؟ إما أن يعتذر الطرف الجارح أو يقول: أنا لم أقصد. وهنا يسامح الطرف المجروح ويغفر ولا يتحول الأمر إلى جرح ويُنسى. لكن إن لم يعتذر الجارح هنا لا يحدث تسامح. نعم، يحاول المجروح أن ينسى لكن الجرح يذهب للعقل الباطن ويظهر أيضًا عندما يتكرر نفس الشيء.

إذًا عندما ينتظر الطرف المجروح اعتذار الجارح نقول إن الغفران هنا مشروط بالاعتذار، وعليه فإن الإبراء من الجرح مشروط بالاعتذار. وهذا يقودنا إلى سؤال مهم هو: هل غفران المسيح يسير على نفس النمط؟ أي هل غفران المسيح مشروط بشيء نعمله حتى يغفر لنا المسيح؟ الشواهد الكتابية التي ذكرتها تعلمنا أن المسيح سامحنا. والسؤال هنا: كيف سامحنا المسيح؟ مسامحة وغفران المسيح لا يعتمدان على شيء فهما ينبعان من شخص المسيح الغافر، وهذا لم يتم لأن المخطئ ندم واعتذر لكن غفران المسيح يقود الخاطي إلى الندم. غفران المسيح ينتج توبة. هذا ما فعله المسيح مثلاً مع المرأة التي أمسكت في ذات الفعل ومع زكا. المسيح هو يبدأ بالغفران وهذا الغفران يقود المخطئ إلى التغيير.

المسيح وهو على الصليب الكل أمامه لا يبدي أي إحساس بالندم أو الذنب بل بالعكس استمتعوا بما حدث للمسيح ومع هذا قال المسيح: اغفر لهم يا أبتاه.. هذا هو الغفران الحقيقي الذي لا يعتمد على اعتذار أو ندم من المخطئ. هذا النوع من الغفران هو ما يريد الرب أن نتممه بوضع غفران المسيح أمامنا. في (أف 4؛ وكو 3): مسامحين كما سامحكم المسيح. هذا هو الغفران الذي يزلزل القلوب. فإن لم ندرك أن الله سامحنا وغفر لنا ونحن غير مستحقين لا يمكن أن نغفر، لكن إن أدركنا أن المسيح سامحنا وغفر لنا غفرنا للمسيئين حتى إن لم يقروا بخطئهم معنا لأننا امتلأنا بالغفران.

لكن ليس معنى أننا نعطي الغفران أننا لا نعاتب؛ كلا، بل ينبغي أن يذكر الطرف المجروح أنه جُرح وأنه متألم لأن الكلام هنا سيريح جدًا رغم أن الطرف المجروح قد غفر، فهذا سيفيد الطرف المجروح والطرف الجارح لأنه سيغير الطرف الجارح وسيجعله لا يكرر ما فعل مرة أخرى. العتاب لا بد أن يكون بأسلوب الغافر المحب حتى لا بحدث العكس (شجار). فعندما نأتي للعتاب بقلب الله الغافر المحب فإن هذا سيزلزل القلب كما كان المسيح ولا يزال يفعل. أما فائدة العتاب للطرف المجروح فهي أنه يعطيه فرصه ليعمل أعمال محبة، وهنا تتجاوب المشاعر وتتغير وتقوى.

سؤال: هل استطاع أحد من البشر أن يغفر بهذه الطريقة؟ الإجابة: نعم، إسطفانوس فعل كما فعل سيده. غفر وسامح كما غفر المسيح.

أحبائي: ليباركنا الرب حتى نحب بعضنا بعض ونغفر بعضنا لبعض ونسامح بعضنا بعضًا كما سامحنا المسيح. آمين.

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا