22.4 C
Cairo
الإثنين, مارس 3, 2025
الرئيسيةتحقيقاتالمسيحيون حول العالم يحتفلون بمرور 1700 سنة على مجمع نيقية

المسيحيون حول العالم يحتفلون بمرور 1700 سنة على مجمع نيقية

إعداد سارة صموئيل

مجمع نيقية الأول أو المجمع المسكوني الأول هو أحد المجامع المسكونية السبعة وفقًا للكنيستين الرومانيّة والبيزنطيّة وأحد المجامع المسكونية الأربعة، سُمي مجمع نيقية بهذا الاسم نسبة إلى مدينة نيقية التي عُقد فيها، وهي العاصمة الثانية لولاية بيثينية وتقع في الشمال الغربي لآسيا الصغرى.

عُقد في عهد الإمبراطور قسطنطين الأول. كان الهدف الرئيسي للمجمع هو حل الخلافات اللاهوتية المتعلقة بطبيعة المسيح، والتي أثارها آريوس. وأصدر المجمع قانون الإيمان النيقاوي، والذي أكد على إلوهية المسيح ومساواته للآب. قام قسطنطين الأول بدعوة الأساقفة لحضور المجمع، بينما كان هوسيوس أسقف قرطبة وقسطنطين الأول هما مَنْ ترأسا المجمع. وحضر المجمع ما يقارب 300 أسقف وتعتبر قرارات مجمع نيقية الأول أساسية في العقيدة المسيحية التي تؤمن بها الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية

من هم أبطال مجمع نيقية؟

مجمع نيقية الأول، الذي عُقد عام 325 ميلاديًا، كان كما قلنا حدثًا حاسمًا في تاريخ المسيحية، وقد شهد مشاركة شخصيات بارزة لعبت أدوارًا محورية في صياغة العقيدة المسيحية. من بين هؤلاء الأبطال:

قسطنطين الأول:

قسطنطين الأول، هو الإمبراطور الروماني الذي دعا إلى عقد المجمع. ولعب دورًا حاسمًا في تسهيل انعقاد المجمع وتوفير الدعم اللوجيستي له.

وكان هدفه توحيد الكنيسة المسيحية وإنهاء الخلافات اللاهوتية التي كانت تهددها.

ألكسندروس الأول:

كان يشغل منصب بطريرك الإسكندرية، وكان من أشد المعارضين لآريوس وبدعته، ولعب دورًا رئيسيًا في الدفاع عن الإيمان المسيحي.

أثناسيوس الرسولي:

كان شماسًا في ذلك الوقت ورافق البطريرك ألكسندروس الأول. ويرجع إليه الفضل في صياغة قانون الإيمان النيقاوي، بعد أن دافع بشدة عن إلوهية المسيح، وأصبح فيما بعد من أبرز المدافعين عن العقيدة النيقاوية.

هوسيوس أسقف قرطبة:

هو الذي ترأس المجمع مع الإمبراطور قسطنطين الأول. ولعب دورًا هامًا في تقريب وجهات النظر بين الأساقفة المختلفين.

بالإضافة إلى هؤلاء، شارك في المجمع مئات الأساقفة من مختلف أنحاء الإمبراطورية الرومانية، والذين ساهموا في المناقشات اللاهوتية وصياغة القرارات العقائدية.

ما قبل مجمع نيقية:

ذهب آريوس إلى قيصرية فلسطين وشرح لأسقفها (يوسابيوس القيصراني) تعاليمه فنصحه بالكتابة إلى يوسابيوس النيقوميدى الذي ساند آريوس كثيرًا وقبله كاهنًا في إيبارشيته، وطلب من أسقف الإسكندرية رفع الحرمان عنه ولكنه رفض، وخلال هذه الفترة ألف آريوس كتاب المثالية الذي شرح فيه تعاليمه. عاد آريوس إلى الإسكندرية بعد فترة مع مجموعة من أتباعه، وبدأ ينشر تعاليمه عن طريق الترانيم والأناشيد، ولأن الإسكندرية ميناء عظيم وصلت تعاليمه إلى الكثير من بلاد الشرق والغرب.

ماذا حدث في مجمع نيقية؟

علم الإمبراطور قسطنطين بهذه الانقسامات فأرسل الأسقف هوسيوسhosius كوسيط بين آريوس وألكسندروس ولكن مهمته باءت بالفشل، بعد أن كان قد جمع معلومات كاملة عن الخلاف، فأقنع الإمبراطور بعقد مجمع مسكوني بدأت جلساته في 19يونيو325م وحضره حوالي 318 أسقفًا من الشرق والغرب وكان في المجمع ثلاثة أحزاب هي:

1 – مجموعة آريوس: وعلى رأسها يوسابيوس النيقوميدي.

2 – المجموعة المصرية: وعلى رأسها ألكسندروس وأثناسيوس.

3 – المجموعة المحايدة: وعلى رأسها يوسابيوس القيصراني.

قدم يوسابيوس النيقوميدي قانون إيمان، ولكنه رُفض لأنه كان مليئًا بتعاليم آريوس.

ثم قدم يوسابيوس القيصراني بعرض قانون إيمان آخر ولكن المجموعة المصرية اعترضت عليه، ثم قام بتصحيحه وشدّد هذا القانون على أن يسوع المسيح هو الابن الوحيد المولود من الآب وأنه واحد مع الآب في الجوهر [(هومسيوس) Homsios] وكذلك ركّز على أنه مولود غير مخلوق.

فعاليات المجمع

عقدت هذه الجلسة الأولى وكثر فيها الجدال والغضب لأن الملك قد أعطى الحرية لكل من يتكلم فانفضَّت الجلسة الأولى بدون جدوى. وفي اليوم التالي تقدموا للمناقشة فوقف آريوس وشرح بدعته وقال:

“إن الابن ليس مساويًا للآب في الأزلية وليس من جوهره، وأن الآب كان في الأصل وحيدًا فأخرج الابن من العدم بإرادته. وأن الآب لا يُرَى ولا يُكشَف حتى للابن؛ لأن الذي له بداية لا يعرف الأزلي، وأن الابن إله لحصوله على لاهوت مُكْتَسَب”.

فحدث ضجيجًا عاليًا، وسَدّوا آذانهم لكي لا يسمعوا هذا التجديف، وقال بعض الأناشيد والأغاني التي تتكلم على هذه البدعة. وعندما حاوَل آريوس الدِفاع عن هذه البدعة ببعض آيات من الكتاب المقدس ليؤيد بها بدعته، وقف أمامه أثناسيوس وأفحمه بردود قويه، جعلت الكل فرحين بهذا الشماس العملاق في ردوده والآيات القوية التي أستند عليها، واقترح أثناسيوس أن تضاف كلمة (HOMOOUSION) “ذو جوهر واحد”.

والفرق بين الاثنين حرف واحد هو (I) اليوتا في اليونانية والقبطية، ولكن الحرف الواحد يعنى هرطقة واضحة وهي مشابه له بدلًا من مساوٍ له وواحد معه “ذو جوهر واحد”.

نص قانون الإيمان

بالحقيقة نؤمن بإله واحد، الله الآب، ضابط الكل، خالق السماء والأرض، ما يرى وما لا يرى. نؤمن برب واحد يسوع المسيح، ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساو للآب في الجوهر، الذي به كان كل شيء. هذا الذي من أجلنا نحن البشر، ومن أجل خلاصنا، نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء. تأنس وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي. تألم وقبر وقام من بين الأموات في اليوم الثالث كما في الكتب، وصعد إلى السموات، وجلس عن يمين أبيه، وأيضًا يأتي في مجده ليدين الأحياء والأموات، الذي ليس لملكه انقضاء.

فَصَادَقت الأغلبية على اقتراح أثناسيوس واعترض حوالي سبعة عشر صوتًا، ووضع المجمع قانون الإيمان من أول “بالحقيقة نؤمن بإلهٍ واحد”…. حتى قوله “ليس لِمُلْكِهِ انقضاء”. وَوَقَّع المجمع قرار حرم آريوس وأتباعه وبعد هذا القرار بالحرم، أمر الملك بنفيه وحرق كتبه وإعدام من يتستر عليها.

وأُضيف إليه لاحقًا بعد بدعة مقدونيوس الذي أنكر لاهوت الروح القدس:

نعم نؤمن بالروح القدس، الرب المحيي المنبثق من الآب. نسجد له ونمجده مع الآب والابن، الناطق في الأنبياء. وبكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية. ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا. وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي. آمين.

من هو آريوس؟

 آريوس وُلد بليبيا، حوالى عام 270م، وبعد أن تعلم بها بعض الرياضيات والفلسفة والعلوم الدنيوية التحق بمدرسة أنطاكية، فتأثر بآراء معلمه لوقيانوس المتطرفة فيما يتعلق بألوهية السيد المسيح.

وبعد أن أتم دراسته جاء إلى الإسكندرية، ودرس بمدرستها اللاهوتية أيضًا، وأظهر نبوغًا كبيرًا مما جعله يسعى لنوال درجات الكهنوت،.. ورسم شماسًا ثم قسًا بعد ذلك.

بعد سيامته قسًا لاحظ البابا بطرس أنه يتعمد في عظاته إنكار لاهوت السيد المسيح فلفت نظره كثيرًا، ولكنه لم يعدل عن آرائه، عقد البطريرك مجمعًا محلي في الأسكندرية حرمه فيه ومنعه من شركة الكنيسة.

هل اختار مجمع نيقية الأناجيل الأربعة؟

بعض المجادلين غير الفاهمين يعتقدون أن مجمع نيقية هو الذي اقر قانونية الأناجيل الأربعة، فما حقيقة ذلك؟

هل كان لمجمع نيقية دور في انتقاء الأناجيل الأربعة (متى، مرقس، لوقا ويوحنا) ورفض الأناجيل الأُخرى مثل (توما، بطرس، يهوذا، فيلبس، ومريم)؟ هل يوجد أمر مشابه لهذا في سجلات المجمع أو كتابات الآباء الذين كانوا مُشاركين في المجمع؟

لقد تواجد عدد كبير من الأساقفة المشاركين والذين امتلكوا حق الإدلاء بأصواتهم، في الوقت عينه تواجد عدد آخر من الأفراد الذين حضروا بوصفهم كُتَّابًا وتلامذة مُتعلّمين لم يمتلكوا أحقية الإدلاء بأصواتهم. كان أثناسيوس أحد الحضور الذين لم يمتلكوا حق التصويت وقد قام بكتابة عدد من المؤلفات الخاصة به في وقت لاحق، وكذلك يوجد أشخاص آخرون ممن نمتلك البعض من كتاباتهم. فهل يوجد في كتابات هؤلاء أية إشارة إلى أمر مشابه؟

الحقيقة مختلفة تمامًا، إن الأناجيل الأربعة متى، مرقس، لوقا ويوحنا لم تكن موضع خلاف في أي وقت من الأوقات. لقد تمَّ اقتباسها على أساس أنها أسفار موحى بها، وتم تصنيفها على أساس أنها قانونية.

وقد تم إقرار الأناجيل الأربعة قبل مجمع نيقية فقد اقتبس منها أكليمندس الرومي (نهايات القرن الأول)، وتعليم الرسل (الديداخي – نهايات القرن الميلادي الأول)، بوليكاربوس (بدايات القرن الميلادي الثاني)، وأغناطيوس (بدايات القرن الميلادي الثاني)، وبابياس (٦٠-١٣٠م)، وإيريناوس (١٣٠-٢٠٠م).
كما جاءت في عدة قوائم منها: قائمة موراتوري (١٧٠-٢٠٠ميلادي) وهي واحدة من أقدم المخطوطات التي تتضمن لائحةً بالأسفار القانونية وتعود إلى نهايات القرن الثاني وتشهد عن السرديات الإنجيلية الأربعة. وقائمة أوريجانوس (١٨٥-٢٥٤ ميلادي) الذي قال عنها: “لا نزاع بشأنها في كنيسة الله تحت السماء…” أما إيريناوس فقد أعلن بأنَّنا لسنا بحاجة لما يزيد عن أربعة أناجيل، إنها كافية… وهي في الحقيقة كافية لأن كُتابها كانوا مُساقين من الروح القدس ليكتبوا لنا ما اختاره الروح القدس (2بط١: ٢١) وعبَّر عنه يوحنا البشير حين قال: “وأما هذه فقد كُتبت لكي تُؤمنوا بأن يسوع هو المسيح وتكون لكم حياة إن آمنتم باسمه…” (يو٢٠: ٣١).

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا