احذروا… مصر ترجع إلى الخلف؟! عودة الكتاتيب… إضافة الدين للمجموع… تعريب الطب بمناهج الأزهر
هل أصبحت مصر دولة “دينية” تتخفى وراء رداء المدنية؟!
تحقيق: د. ماريانا يوسف
أعلن محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم والتعليم الفني، أن التربية الدينية ستكون مضافة للمجموع بداية من الصف الأول الابتدائي العام المقبل، وأيضًا مضاف للمجموع فى البكالوريا المصرية بعد إقرار النظام.
وأكد الوزير، أن منهج التربية الدينية الإسلامية منفصل عن التربية المسيحية، ويتم وضع إطار عام من خلال مركز المناهج لوضع الوزن النسبي بين المنتجين بالتنسيق مع الأزهر والكنيسة.. وإذا افترضنا حسن نية الوزير، فليس بوسعنا سوى افتراض عقلية تتسق مع الفشل المكتوب على تلك الوزارة المكلومة.
الأساس في عملية التقييم المنهجي هو تكافؤ الفرص المبني على توحيد كل من المناهج والامتحانات. وخلافًا لذلك، سينعدم مبدأ تكافؤ الفرص المتَّبع عالميًا، وهذا من المستحيل تطبيقه في حال تنفيذ اقتراح السيد الوزير. فلك أن تتخيل كم اللغط الذي سيحدث في تقييم مادتي التربية الدينية الإسلامية والمسيحية .. “امتحان الدين المسيحي جه سهل، وامتحاننا جه صعب”، أو العكس، وهو ما من شأنه تعزيز الفتنة الطائفية بشكل ممنهج وبرعاية الوزارة.
إضافة إلى أن درجات مادة الدين ستكون فاصلة في تنسيق الطلاب، بمعنى أنه سيكون هناك طالب حصل على مجموع يؤهله لدخول كلية الطب، على سبيل المثال، بناءً على درجته في مادة الدين، وآخر لم يستطع دخول نفس الكلية لضعف درجاته في مادة الدين، بالرغم من أن درجاته في المواد العلمية أكبر من نظيره المؤهل لدخول الكلية.
خالد منتصر: إضافة التربية الدينية للمجموع “ردة سلفية ” تفتقد للعدالة وتؤجج مشاعر الفتنة
علق الكاتب خالد منتصر على إضافة الدين للمجموع بنسبة تقارب الـــ 15 % من المجموع الكلي، مؤكدًا أنه سوف ينضم لقائمة الدروس الخصوصية، والمدرس سيعتبرها سبوبة وجهادًا وفرصة لغسل الأدمغة وهات يا مناقشات وحوارات سلفية، وسوف تجد أوكار الدروس الخصوصية تحولت لمشاتل داعشية، محذرًا الحكومة المصرية من ولادة بذرة طالبان قريًبا في كل بيت مصري، ومتعجبًا من مسئول التعليم الذي يحارب ورم سرطان الإرهـاب بمزيد من ضخ الدم له عبر شرايين جديدة.
وتعجب منتصر من سرعة توقيع بروتوكولات من ميزانيات الأوقاف ومصر الخير وبنك الطعام ليس لدعم معامل المدارس والجامعات، ولا لتنمية مراكز البحث العلمي وزيادة ميزانيات البحث العلمي في كليات العلوم، ولا لإنتاج برامج علمية في الإعلام تعلم المواطن المصري المنهج العلمي في التفكير وتثقفه عن منجزات العلم الحديث لكي نكون كتفًا بكتف مع مجتمعات الحداثة، ولكنها من أجل عودة الكتاتيب، وكأنها مشروع قومي التفت حوله الجهات وسارعت بالتبرع.
وأنهى تعليقه بأن إضافة التربية الدينية للمجموع “ردة سلفية” تفتقد للعدالة وتؤجج مشاعر الفتنة.
إسحق إبراهيم: إضافة الدين مخالفة دستورية ويفتقد المساواة… وبها تمييز واضح وتتعارض مع رؤية مصر 2030
وصف إسحق إبراهيم، الباحث بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، قرار وزير التعليم بإضافة مادة الدين للمجموع بأنه لا يتفق مع مبادئ الدولة المدنية، واصفًا هذه التعديلات بأنها تثير العديد من علامات الاستفهام حول الأهداف الحقيقية لهذه الخطوة، خصوصًا وأنها لا تبدو متسقة مع الحديث المتكرر عن تطوير التعليم، وإدخال مفاهيم حقوق الإنسان والمساواة والتعايش وقبول الآخر في مناهجه. كما أنها تخالف أهداف التعليم الواردة في المادة 19 من الدستور، وهي إرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وكذلك التعهد الوارد في الرؤية الإستراتيجية للتعليم حتى عام 2030، بإتاحة التعليم للجميع بجودة عالية دون تمييز، وفي إطار نظام مؤسسي كفء وعادل.
وتساءل إبراهيم: هل ستوفر الوزارة فصولًا مناسبة للطلاب المسيحيين في حصة الدين مع الشكوى من كثافة الفصول؟! يدرس الطلاب في المدارس الحكومية والخاصة الخاضعة لإشراف وزارة التربية والتعليم المناهج الدراسية نفسها، ويخوضون الامتحانات نفسها، وتُصحَّح أوراق إجاباتهم وفقًا لنماذج موحدة للجميع. هذه المبادئ أساسية وضرورية، لكن النظام المقترح الجديد يهدرها؛ فمنهج التربية الدينية الإسلامية يختلف في أهدافه ورسالته ومضمونه عن منهج التربية الدينية المسيحية، ويُقدَّم بواسطة مدرسين مختلفي الانتماءات والتوجهات الفكرية والدينية.
وأضاف إسحق أنه، في ضوء ذلك، يصبح من شبه المستحيل الاحتكام إلى معيار لتحقيق المساواة في طريقة تقديم المادة ووضع أسئلة امتحاناتها، ومن ثَمَّ تقييم درجات الطلاب، خصوصًا أن منهج التربية الدينية الإسلامية في كثير من الأحيان يميل إلى المفاضلة بين الأديان، ويُعلي من الدين الإسلامي باعتباره المصدر الأهم للفضائل والقيم الإيجابية. وهذا لا بأس به، ولكن مَنْ يضعون مناهج التربية الدينية المسيحية لا يتمتعون بنفس مساحة الحرية في فعل المثل. وتابع: “كان على وزارة التربية والتعليم قبل الإعلان عن هذه الخطة، النظر بعين الاعتبار إلى الانتقادات التي توجه إليها فيما يخص طريقة تدريس مادة التربية الدينية في المدارس، وهي لم تدخل بعد في المجموع الكلي للدرجات، كنموذج صارخ للتمييز والفرز الطائفي، حيث يُجبَر الطلاب المسيحيون على مغادرة فصولهم إلى فناء المدرسة غير المهيأ للتدريس، بحجة عدم وجود أماكن بديلة.”
منير مجاهد: فكيف تتحقق المساواة بالامتحانات بين مواد مختلفة لتحقيق العدالة؟… المدرسة ليست مكانًا للمنافسة الدينية
أعرب الدكتور محمد منير مجاهد، منسق مصريون ضد التمييز الديني، عن استيائه مما أعلنه وزير التربية والتعليم والتعليم الفني فيما يخص إضافة التربية الدينية للمجموع لجميع الصفوف الدراسية بدءًا من الصف الأول الابتدائي، بدايةً من العام الدراسي المقبل 2025-2026.
وأكد مجاهد أن هذه الخطوة من شأنها أن تزيد التفرقة بين الطلاب، وتخلق حالة من الجدل، حيث إن المدرسة هي مكان للعلم، وليس للمنافسة الدينية، فدور الدولة دعم العلم بمختلف المجالات، ودور الدين مسئولية المسجد أو الكنيسة أو المعبد، وإضافة الدين للمجموع ستزيد من معاناة الأسرة في زيادة الدروس الخصوصية، فضلًا عن أن أساس التعليم هو المساواة، فكيف تتحقق المساواة بالامتحانات بين مواد مختلفة لتحقيق العدالة، فضلًا عن تعدد الطوائف في الأديان، لا سيما المسيحية؟
وتابع بأن المبرر الذي طرحه وزير التعليم أن الهدف مواجهة الإلحاد والمثلية الجنسية غير مبرر، لأن هناك نماذج كثير من الملحدين كانوا يدرسون الأديان بتعمق.
وأضاف مجاهد أنه كان بالأولى تدريس مادة للقيم الإنسانية والأخلاقية والانتماء والمواطنة في منهج واحد، وهي قيم تجمع كل الأديان، لا سيما في سن الطفولة الذي وهو عمر نحتاج فيه لغرز قيم مشتركة بعيد عن الفرقة بين الأطفال، بالإضافة إلى أن هناك إشكالية كبيرة تتعلق بعدم توفير مدرسين لمادة الدين لا سيما الدين المسيحي. فهل سيتم تجميع جميع الطلاب المسيحيين في فصل واحد من أجل حصة الدين، وهو ما يعود بنا للتمييز الديني؟ فقد سبق وأن تم هذا الإجراء، وقدمت وزارة التعليم اعتذارًا وعادت لتوزيع الطلاب على الفصول، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تخالف الدستور ومبادئ الدولة المدنية، ولم تحدث في عهود سابقة.
كمال مغيث: مظاهر التدين المبالغ فيها لم تعصم الناس من التورط في مظاهر الفساد
من جانبه، تعجب الخبير التربوي كمال مغيث قائلًا: لا أعرف كيف يفكر هؤلاء الذين يسعون لكي يحيلوا حياتنا إلى جحيم، والذين يرون أنه لا يكفي أن تكون مادة التربية الدينية مادة نجاح ورسوب فحسب، ولكن مادة درجات تضاف للمجموع الكلي للطالب؟ وهم يبررون ذلك بأن الطلاب سيهتمون بما تحتويه من قيم وأخلاق ومعاملات وسلوك ومُثل وفضائل، ولا شك أنهم سيتمسكون بها جميعًا، وهكذا ينصلح حالنا ونعيش في تبات ونبات، وتختفي من حياتنا كل مظاهر الغش والرشوة والسرقة والاغتصاب والفساد الأخلاقي والاستبداد وغياب الضمير. وربما أيضًا يصبح الناس أكثر احترامًا لقيم الحق والخير والجمال والعدل، وأكثر إيمانًا بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
ولعل الذين اقترحوا مثل هذا الاقتراح الأخير قد فاتهم أن مصر قد حصلت في أحد المقاييس على المرتبة الأولى في سيادة مظاهر التدين. ومع ذلك، فإن حالها في مقاييس التعليم والجامعات ومظاهر العنف والتحرش والبلطجة في الشارع لا تُخفى على لبيب، ومعنى ذلك أن مظاهر التدين هذه المبالغ فيها لم تعصم الناس من التورط في مظاهر الفساد تلك.
وتابع مغيث: “وما الحال إذا كانت الجرعات الدينية المكثفة قد أخرجت لنا من الأطباء مَنْ يدعو إلى العلاج ببول الإبل ولسعات النحل، ويزعم أن سرة البني آدم هي «تفة إبليس»، ثم أخرجت تلك الجرعة الدينية المكثفة من الأطباء والمهندسين والمعلمين مَنْ ألّفوا لنا كتب: العمدة في إعداد العدة، وميثاق العمل الإسلامي، والفريضة الغائبة، ومعالم في الطريق، وهي الكتب التي أحالت حياتنا جحيمًا في نصف القرن الماضي وأعادتنا إلى كهوف العصور الوسطى.”
وهل يعرف الوزير أنه ليست لدينا كلية لتخريج معلم التربية الدينية، وإن كان العرف قد جرى على أن يدرس خريجو أقسام اللغة العربية الدين الإسلامي، فحصيلتهم من علوم الدين لا بأس بها. فما بالنا بأنه ليست هناك كلية ولا معهد لتخريج معلم التربية المسيحية.
وإذا كان الأقباط الإنجيليون والكاثوليك قد قبلوا مادة تربية دينية وسط لا تثير مشاكل عقائدية، فهل سيقبلون هذا في ظل امتحانات ودرجات عالية؟
وما الحال لو قام أحد المتطرفين برفع قضايا يتهم فيها الراسبين في التربية الدينية بالمروق والزندقة؟
عودة الكتاتيب
في محاولة لإصلاح نظام التعليم الأكثر فشلًا في العالم، والذي خرج من قائمة التصنيف العالمي، قررت الحكومة المصرية متمثلة في وزارة الأوقاف، والتي تمول ميزانيتها من ضرائب المصريين مسلمين ومسيحيين، عودة الكتاتيب لتحفيظ القرآن الكريم والتلاوة. وعلى أثر ذلك، قامت جمعيات أهلية شهيرة كانت تجمع التبرعات من أجل بناء سقف أو صنبور ماء.. الخ، من أعمال خيرية إلى توقيع برتوكولات شراكة لاستخدام تلك التبرعات في غير الأوجه التي تبرع بها المتبرعين لافتتاح كتاتيب في معظم نجوع وقرى مصر، وكأن مصر عادت بنا مئة عام إلى الوراء.
محمود أباظة: عودة الكتاتيب… ارتداد إلى ماضٍ وخروج صارخ على تصور المستقبل الذي تبشر به الجمهورية الجديدة
عقّب الكاتب المصري والرئيس الأسبق للحزب الوطني على عودة الكتاتيب بأن إعادة الماضي الذي ولى هو تعلق بمستحيل، أو إذا شئت قل انفصال عن الواقع وانحراف عن سنة الحياة يستلزم التنبيه بل التقويم.
وتعجب من موقف الحكومة التي تنجرف وراء هذا الخطاب الأجوف وتسمح لوزارة الأوقاف بالبدء في تنفيذ هذا المشروع الذي لا يمكن إلا أن يكون ارتدادًا إلى ماضٍ ولى وخروجًا صارخًا على تصور المستقبل الذي تبشر به الجمهورية الجديدة.
وتساءل: هل قراءة القرآن الكريم من حيث مبناه ومعناه هي أفضل الخيارات لتعليم الطفل القراءة، أم أن الأفضل انتظار نمو القدرات الذهنية للطفل حتى يتمكن من إدراك معانيه؟ إلا إذا كان المقصود هو إعادة أجيالنا الجديدة إلى أسلوب الحفظ والتلقين الذي كان سائدًا في العصور الوسطى وحتى ظهور المدارس الأميرية الحديثة في القرن التاسع عشر، والتي كانت أساس النهضة الشاملة التي عرفتها مصر في السنوات الستين الأولى من القرن الماضي. إنه أسلوب تجاوزه الزمن وما زلنا نشكو من آثاره الضارة في بعض مناهج التعليم الوطني حتى اليوم!
وهل الوعاظ الذين تعدهم وزارة الأوقاف وتوظفهم جديرون بأن ندفع بأبنائنا إليهم في هذه السن المبكرة؟ ولو كان الأمر كذلك لما بُحَّ صوت كبار المسئولين في طلب تجديد الخطاب الديني.
ولعل وزارة الأوقاف اجتهدت في إيجاد حلول لهذه المشكلة ومنها عودة الكتاتيب، وواجب حكومتنا ببساطة أن توجه هؤلاء إلى حلول أخرى حرصًا على مستقبل التعليم في هذا الوطن والذي هو بحاجة ملحة إلى إصلاح وليس بحاجة إلى كتاتيب.
سامح إسماعيل: “الكتاتيب” كانت الحديقة الخلفية لجماعة الإخوان … وهي نظام فاسد تعليميًا وأخلاقيًا
عدد الباحث في العلوم السياسية وفلسفة التاريخ الدكتور سامح إسماعيل سلبيات فكرة الكتاتيب واستغلالها من قِبل جماعة الإخوان المسلمين للعودة إلى الواجهة، في ظل عودتها بقوة في الكثير من المناطق المصرية.
وقال إسماعيل إنّ فكرة “الكتاتيب” كانت الحديقة الخلفية لجماعة الإخوان، وكان المعلم هو الرجل الذي يجلس يحفظ الأطفال القرآن بأساليب بدائية، مشددًا على أنّ الكتاتيب نظام فاسد تعليميًا وأخلاقيًا.
وأوضح أن الحفظ والتلقين مرتبطان بثقافة التعليم النقلي وقتل ملكات الفكر النقدي، والكُتّاب يعمل على قتل العقل النقدي للطفل في مراحله الأولى، ويعتمد على الحفظ والتعليم بوسائل غير تربوية قائمة على الحفظ والتلقين في المقام الأول، مؤكدًا أن فكرة عودة الكتاتيب نفسها في عصر ما بعد الحداثة أمر مثير للاستغراب، وأن عملية التعليم ينبغي أن تخضع لرقابة الدولة.
تعريب الطب في مصر.. جدل بعد تصريحات رئيس جامعة الأزهر
وبالتزامن مع تلك الأحداث، أعلنت جامعة الأزهر أنها تسعى إلى تعريب مواد الطب والصيدلة بجامعتها، وهو أمر يستوجب الوقوف عنده، حيث إن اللغة الإنجليزية والمصطلحات اللاتينية لمواد الطب والعلوم هي لغة عالمية لتلك المواد، ومَنْ يريد أن يواكب العصر، عليه أن يدرس تلك المواد بهاتين اللغتين. أما مَنْ أراد ان يعود لقلنسوة الرازي وابن النفيس، فعليه بالتعريب.
ولم ينفي الأزهر هذه الأخبار وأوضح المركز الإعلامي للجامعة أن مشروع التعريب يخضع لدراسة علمية دقيقة تأخذ في الاعتبار الأبعاد الأكاديمية والتطبيقية لضمان أعلى معايير التعليم الطبي. وأضاف، تم تشكيل لجنة علمية لدراسة إمكانية تعريب العلوم في مجالات الطب والصيدلة وطب الأسنان، مع مراجعة الأبعاد التقنية لضمان التطبيق السليم.
علق الدكتور أحمد زارع، المتحدث الرسمي باسم جامعة الأزهر، على الجدل المُثار بشأن إعلان جامعة الأزهر تشكيل لجنة لتعريب علوم الطب والصيدلة والهندسة: إن ما يتم حاليًا هو دراسة علمية متأنية لإمكانية تعريب العلوم التطبيقية، ومدى قابلية ذلك للتطبيق.
وأوضح أن ما قامت به هو مجرد اقتراح، مشيرًا إلى أن هذه العلوم كانت عربية، ولابد من استحضار عظمة العرب واللغة العربية، والعودة للهوية العربية، وإحداث طفرة في هذه العلوم باللغة العربية.
وأضاف: «الدول المتقدمة في روسيا وفرنسا واليابان وألمانيا كلهم يدرسون الطب والعلوم التطبيقية بلغتهم الأم، وتقدموا تقدمًا كبيرًا، وكذلك في سوريا، درست الطب بالعربية وتقدمت فيه».
تعريب الطب … قرار مسموم
إن مجرد التفكير في تعريب المواد الطبية هو كارثة وقنبلة موقوتة تفصلنا عن مجاراة التقدم العلمي الذي نحاول اللحاق به.
فلا يصح أن يُدرَّس أي علم بغير اللغة التي أنتج بهذا العلم. فلا يصح أن يدرس أحد أيًا من العلوم التجريبية، بدايةً من الطب ونهاية ببرمجة الكمبيوتر بغير اللغة الإنجليزية. الإنجليزية في العصر الحالي لم تعد لغة المستعمر بل هي لغة التواصل الوسيطة بين العلماء من كل دول العالم، فالياباني والصيني والألماني والفرنسي والبرازيلي والهندي والروسي لا ينشرون إنتاجهم العلمي في حقل العلوم التجريبية إلا باللغة الإنجليزية!
وسبب كبير من تفوق الأطباء المصريين والهنود والباكستانيين والنيجيريين وانتشارهم في كل مكان في العالم هو دراستهم باللغة الإنجليزية، بينما لا تكاد تجد طبيبًا سوريًا أو مغربيًا أو صينيًا أو كاميرونيًا مثلًا في أي مكان ببساطة، لأن أمامهم عقبة وهي إعادة تعلم ما درسوه بالفعل للسنين طويلة بلغات أخرى باللغة الإنجليزية قبل أن يستطيعوا مواكبة المجتمع العلمي!
فكرة تعريب العلوم جُربت سابقًا وفشلت بجدارة في جامعات عربية أخرى وعلى رأسها الجامعة السورية، وكان حزب البعث القومي من أهم رواد فكرة التعريب الأيديولوجية، وهي فكرة دخيلة على العلوم لأنها أيديولوجية ليست علمية ولا تتضمن أي جوانب أو فوائد معرفية على المستوى الاصطلاحي والمنهجي. تعريب العلوم هو خرافة بعيدة عن الواقع وخالية من أي فوائد علمية، وكأننا نقول وداعًا لعلم الجينات والهندسة الوراثية ونقول أهلًا بقلنسوة الرازي وابن النفيس.
نائب بـ«الشيوخ» ينتقد قرار جامعة الأزهر بشأن «تعريب الطب»: فكرة شاعرية
انتقد الدكتور محمد صلاح البدري، عضو لجنة الصحة بمجلس الشيوخ، تعريب العلوم الطبية، وذلك بعد إعلان جامعة الأزهر تشكيل لجنة لتعريب علوم الطب والصيدلة والهندسة.
وقال البدري، إن مقترح تعريب علوم الطب ليست أفكارًا جديدة وتم طرحها على مدار عقود سابقة. وأشار إلى أنه رغم شاعرية الفكرة وجمالها لكنها غير قابلة للتطبيق، موضحًا أن هناك فرقًا بين التعليم الطبي والممارسة الطبية. وأوضح أن الممارسة الطبية ممكنة بلغة البلد التي يتم فيها الممارسة، إنما التعليم الطبي، علم كبير وبحر واسع ومتجدد، متابعًا: «كل يوم في جديد، وإزاي أخلي خريج كلية الطب اللي المفروض يدرس باللغة العربية فقط هيتابع التقدم الطبي في الخارج».
وبين أن الارتكان أن الطب في الخارج في أوروبا يكون بلغة كل دولة على حدة غير دقيق، لأن كل دول أوروبا حينما تنشر في دوريات علمية تنشر باللغة الإنجليزية، مشيرًا إلى أن الإنجليزي هي اللغة الرسمية للطب في العالم كله، وبالتالي لا نخترع العجلة في مصر.
وأشار جمال عميرة، وكيل النقابة العامة للأطباء وأستاذ جراحة الأورام، إلى أن معظم الإنتاج المعرفي في العلوم الطبية يتم باللغة الإنجليزية، وأن تعريب الطب لن يعود بفائدة حقيقية، بل قد يخلق تحديات في فهم المصطلحات الطبية بشكل دقيق.
وفي السياق ذاته، قال علاء غنام، خبير برامج الرعاية الصحية، إن تعريب الطب خطوة غير مدروسة بشكل كافي، وأن الإنتاج المعرفي في الطب على مستوى العالم يتم باللغة الإنجليزية، كما رأى أنه من الأفضل تطوير المناهج الطبية بحيث تظل مرجعية اللغة الإنجليزية، مع إضافة فصل باللغة العربية لتمكين الأطباء من التفاعل مع المفاهيم الطبية بلغة يتحدثها الأشخاص في المناطق الريفية أو الحضرية.
ختام: خطة ممنهجة ومؤامرة لتجهيل وتدمير مصر.
حين تجعل الدين مادة أساسية تدخل درجاتها في المجموع، تكون هنا قد سلمت أعدادًا من التلاميذ والطلاب لا يمكن حصرها إلى التطرف. والسؤال هو: ما هو الضمان الذي يحول دون استغلال مدرس الدين لذلك في نشر أفكار التطرف؟!! ما هي الضمانات التي تقدمها للمجتمع المصري والتي تحول دون تحول الدروس الخصوصية لمادة الدين داخل السناتر أو في المنازل إلى خلايا للإرهاب؟!! قولًا واحدًا: لا ضمانة لهذا على الإطلاق.
المنظومة التعليمية هي في الأساس منظومة إعداد المواطن للتقدم والازدهار، والقفز بوطنه نحو الحداثة والتطور، ومن هنا لا يجوز أبدًا، بل لا يحق لك لا أنت ولا غيرك من المسئولين، اتخاذ مثل هذه القرارات العشوائية غير المدروسة من كافة الجوانب فيما يخص هذه المنظومة، فقط لأنك تعتقد أن إضافة درجات الدين إلى المجموع ستحسن من أخلاق المجتمع.
فكرة عودة الكتاتيب ثم إدخال الدين في المجموع ثم تعريب دراسة الطب والصيدلة – لا أعتقد أن كل ذلك مصادفة، ولكنها خطة ممنهجة ومؤامرة لتجهيل وتدمير مصر.