21.4 C
Cairo
الخميس, نوفمبر 21, 2024
الرئيسيةمنوعاتحياة الماعز the goat life.. فيلم يهز عرش الكفالة في السُّعُودية

حياة الماعز the goat life.. فيلم يهز عرش الكفالة في السُّعُودية

منال محمود

مرارًا وتكرارًا نسمع عن معاناة العمالة من نظام الكفالة التي تتبعه السعودية لجلب الوافدين للعمل لديها، لكن ها نحن نرى تلك المعاناة في صورة حية من خلال الفيلم الهندي حياة الماعز أو the goat life، الذي هدد عرش نظام الكفالة القاسي في السعودية؛ فتمكن هذا الفيلم من دق ناقوس الخطر عن أوضاع العمالة في هناك، بتسليط الضوء على حياة العامل الهندي “نجيب أحمد”، الذي عمل في السُّعُودية مدة 5 سنوات تحت ظروف غير آدمية وشاقة، ليصبح “نجيب” حديث العالم كله في ليلة وضحاها.

قصة ملهمة في فيلم حياة الماعز أو the goat life

قصة الفيلم الهندي حياة الماعز أو the goat life، مأخوذة عن قصة حقيقية  ورواية عمرها أكثر من 24 عامًا للكاتب “بنيامين”، حققت انتشارًا واسعًا في ذلك الوقت وتم ترجمتها لـ 7 لغات، فتناولت أوضاع العمالة الهندية في السعودية، وبالتحديد قصة العامل الهندي “نجيب محمد”، هذا الشاب الهندي باع ما يملك من أجل توفير نفقات السفر للسعودية والعمل هناك على نظام الكفالة بأحد المكاتب المتواجدة هناك، ويتمكن “نجيب” من السفر إلا إنه يُفاجئ في المطار بعدم وجود الكفيل، ويظل تائهًا بين المارة حتى يجد “مُسن سعودي”، ولعدم إتقانه اللغة العربية، يظن إن “المُسن” هو الكفيل ويذهب في سيارته إلى الصحراء.

تبدأ صدمة “نجيب” باكتشافه أن العمل سيكون في الصحراء برعي الأغنام هناك، ليبدأ العمل في ظروف شاقة في الصحراء دون صحبة، فلا يوجد معه في هذا الخلاء سوى الماشية التي يرعاها، وعندما يعترض “نجيب” ويحاول السفري تفاجئ بـ تمزيق جواز سفره من قبل “الكفيل”، ليُفرض عليه العمل في الصحراء في ظل هذه الظروف الشاقة مدة 3 سنوات، فيتجرع “نجيب” مرارة الإهانة من الكفيل وضربه وتجويعه طوال الوقت، وكلما حاول الهروب تبوء محاولاته بـ الفشل، حتى يستطيع “نجيب” أن يجد صحبة له، فيكتشف أن صديقه الذي أتى معه من الهند يعمل أيضًا في رعي الأغنام، بالإضافة لوجود عامل أفريقي يُدعى “إبراهيم”، فيتفق الثلاثة على الهروب بمساعدة “إبراهيم” لمعرفته جيدًا بدروب الصحراء.

وتبدأ رحلة هرب الثلاثي ليتمكن “إبراهيم” في النهاية من إرشادهم على الطريق، لكن سرعان ما تعثر الشرطة على “نجيب” وصديقه، ويتم اصطحباهم لـ مركز الشرطة، ليكتشف “نجيب” هناك الصدمة الكبيرة، وهى إن “المسن السعودي” الذي اصطحبه وجعله يرعى الأغنام في الصحراء، ليس الكفيل الحقيقي له، وأن “الكفيل” لم يأت من الأساس إلى المطار، ليكتشف أن 3 أعوام من عمره ذهبت هباءً في رعي الأغنام في الصحراء، ويتم حبسه مدة شهرين ثم يتم ترحيله إلى الهند، ليصبح الفيلم ناقوس خطر عن أوضاع العمالة في السُّعُودية.

بالإضافة إلى تصدر الفيلم للمشاهدات في العالم العربي بعد طرحه على منصة “نتفيلكس”، ويصبح الفيلم الهندي تهديدًا لنظام الكفالة الذي دفع ثمنه العديد من العمال، وأمام ثورة العالم على هذا النظام، حاولت السُّعُودية الدفاع عن نفسها بدفع التهم عنها، والإشارة إلى أن هذا الفيلم ذات توجه معين ومدفوع من إيران لـ حشد الرأي العام ضد السُّعُودية، بالإضافة لتسليطهم الضوء على القصة الحقيقية لـ العامل الهندي “نجيب”، فأكد أحد أبطال الفيلم أن العامل الهندي “نجيب” قتل الكفيل في الحقيقية، لكن أولاد “الكفيل” عفوا عنه وسافر إلى الهند لكنه ظل يتذكر معاناته مع “الكفيل”، كما أنه لجأ للعمل في البحرين بعد ذلك، والآن يعمل في عُمان برفقة نجله.

أما آراء الجمهور فتنوعت ما بين مدافع عن الفيلم ومعارض له، فالعديد من الجمهور رأى أن الفيلم حقيقة وواقع مأساوي لما يعانيه العمال في السعودية من استبداد وظلم من “الكفيل”؛ بسبب نظام الكفالة القاسي، فيما رأى البعض الآخر أن الفيلم بالغ في تصدير صورة سيئة عن السعودية، خاصة أن العديد من الهنود يعملون هناك سنوات طويلة، واستطاعوا تكوين ثرواتهم من خلال العمل في السعودية ودول الخليج، واستمرت الآراء ما بين مؤيد ومعارض، لكن السؤال هنا هل يكون فيلم حياة الماعز the goat life هو المسمار الذي تم دقه في نعش نظام الكفالة ليتم تغييره ليكون أكتر آدمية، أم سيبقى الوضع على ما هو عليه.

في المشهد الأخير، بينما يتجه نجيب نحو رحلته، يتأمل حياته، ويشاهد مواطنيه العائدين محملين بالهدايا وهو لا يملك أي شيء، لكنه يدرك بأن حياته هي الشيء الوحيد الذي يمكنه أن يقدمه لابنه الذي ولد بغيابه وزوجته.

 تم تصوير فيلم (حياة الماعز) على مراحل بين مارس 2018 ويونيو 2022 من خلال ستة جداول زمنية في صحاري وادي رم بالأردن والصحراء الجزائرية الكبرى مع تصوير بعض المشاهد في ولاية كيرالا بالهند.

 مخرج وكاتب سيناريو الفيلم بليسي بالغ وبتعمد باظهار القسوة من قبل الكفيل السعودي، واشتغل فيلمه “حياة الماعز” بأسلوب هندي تقليدي، فمثلاً أن موقع الأحداث وحسب الرواية عبارة عن مزرعة، واحة مزدحمة بالأشجار وظلالها، لكن المخرج صورها للمشاهد باعتبارها أرض مقفرة لا شجرة فيها كي يبالغ في قسوة ظروف نجيب، ثم أن الرعاة الثلاث كان يمكنهم أن يهربوا على ظهور الإبل بعد أن يتزودوا بالماء للطريق وكلها كانت تحت تصرفهم في ظل غياب الكفيل ورجاله بمناسبة زواج ابنته، بدلاً من المشي حفاة عطشى على رمال ساخنة.

وكسرًا لهذه المشاهد الميلودرامية عرض المخرج مشاهد استرجاعية من حياة نجيب وعلاقته مع زوجته في قريتهم في الهند واستعراض البيئة الخضراء والنهر.

عمد المخرج أيضًا إلى إبراز مشاهد قسوة الطبيعة واستدرار عواطف ومشاعر المشاهد لكسب تعاطف المتلقي الهندي وليحقق أعلى الأرباح في الهند.

 ومنذ بداية عرضه على منصة نيتفليكس ومترجمًا للغة العربية، أثار فيلم “حياة الماعز” ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب قصته التي أغضبت الكثيرين وخاصة السعوديين لما يتناوله من أحداث وصفوها بالمسيئة لهم بسبب نظام الكفيل.

 ويعرف نظام الكفيل في السعودية؛ هو أن يجلب صاحب عمل ما، عاملاً ويكون هو كفيله ومسؤول عنه وعن إقامته وكل تفاصيله.

ولعلمه بأن الفيلم سيحدث جدلاً وربما مشاكل مع السلطات السعودية، وضع المخرج في مقدمة الفيلم ملاحظة تقول إن “الفيلم لا يقصد الإساءة لأي بلد أو شعب أو مجتمع أو عرق”.

 ومع ذلك أثار الفيلم الهندي موجة جدل واسعة بين النقاد، ورواد مواقع التواصل الاجتماعي الخليجيين، بين معترض على طريقة طرح فكرة نظام الكفالة في المملكة العربية السعودية، وآخرون رأوا أنه عمل إبداعي يندرج تحت عنوان حرية الإبداع ولا يعبر عن الواقع.

 وبالإضافة إلى انتقاد الفيلم لنظام الكفالة السعودي، أثار الفيلم اعتراضات واسعة لناحية ما وصف بالإساءة للعرب بشكل عام، ولشخصية الرجل البدوي السعودي، الذي تم تصويره على أنه “جشع قاس، بخيل ومحتال وقذر”، حيث يصف “نجيب” كفيله، الذي أدى دوره البلوشي، في إحدى المشاهد على أنه رجل “لم يلمس الماء جسده منذ سنوات، نتن يستحم ببوله وعرقه”، وهو ما وُصف بأنه تنميط مسيء للبدو والعرب بشكل عام، وأثار انتقادات للبلوشي نفسه ولقبوله “الدور المسيء”. وهناك من كتب في مواقع التواصل الاجتماعية منتقدًا المجتمعات الهندية “القذرة والتي تشيع بها أنواع من الأوبئة الفتاكة” ولا تتمتع بقدر ولو بسيط من النظافة، كما انتقدوا أساليب معاملة أغنياء الهند أنفسهم مع مواطنيهم الفقراء والذين ينظرون إليهم كعبيد.

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا