28.4 C
Cairo
الأحد, سبتمبر 8, 2024
الرئيسيةتحقيقاتالعيد الذي يحير المسئولين كل عام... "عيد القيامة المجيد" يقف حائرًا ما...

العيد الذي يحير المسئولين كل عام… “عيد القيامة المجيد” يقف حائرًا ما بين “الحد من التكدس” وبين “عيد العمال”

العيد الذي يحير المسئولين كل عام…
“عيد القيامة المجيد”… يقف حائرًا ما بين “الحد من التكدس” وبين “عيد العمال”
الأقباط على مواقع التواصل للحكومة: من حقك ألا تؤمن بمعتقدي… ولكن ليس من حقك أن تتجاهل وجودي

تقرير: إيهاب أدونيا

وفق القرار الذي أصدره رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، فإن الأحد الموافق 5 مايو إجازة رسمية بمناسبة عيد العمال، بدلاً من الأربعاء الموافق الأول من مايو. ونص القراران على أن يكون يوما الإجازة مدفوعي الأجر للعاملين في الوزارات والمصالح الحكومية، والهيئات العامة، ووحدات الإدارة المحلية، وشركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال العام، والقطاع الخاص.

الحكومة تلجأ لنفس الحيلة القديمة وتثير الفتن بين المسلمين والمسيحيين في مصر. فمنذ مئات السنين، عيد القيامة المجيد إجازة رسمية للمسيحيين باعتباره واحد من أقدس أعيادهم، وبدلاً من اتخاذ خطوة تدعم المواطنة واعتبار عيد القيامة إجازة قومية كعيدي الفطر والأضحى، قامت الحكومة بإلغائه وترحيل موعد الاحتفال بعيد العمال من 1 مايو كما كنا نفعل لعشرات السنين إلى 5 مايو وهو موعد عيد القيامة، عابثة بالأعياد الدينية أو القومية في آن واحد.

فمرة إجازة رسمية بحجة “الحد من التكدس” ومرة أخرى تحت مسمى “عيد العمال”، وكل عيد قيامة كل عام تحت أي مسمى إلا “عيد القيامة”، فما زال الهوى السلفي يغلب على مزاج الحكومة.

لأننا في دولة بتحكمها الشريعة الإسلامية بالمادة الثانية من الدستور، وطبقًا للشريعة الإسلامية هناك اعتراف صريح بميلاد السيد المسيح وبناءً عليه عيد الميلاد إجازة رسمية ولكن لا يوجد اعتراف في الديانة الإسلامية بقيامة السيد المسيح من الأموات لذلك فإن الدولة لا تعتبر عيد القيامة عيدًا رسميًا لأن هذا مخالف للديانة والشريعة الإسلامية، وكأنها لو اعتبرته إجازة رسمية فهي بذلك اعترفت مجازًا بقيامة المسيح. لا أعرف من أين للروح السلفي بتلك الأفكار التي تبعد وتفرق ولا تقرب أو تجمع مواطنيها تحت مظلة واحدة تسمى المواطنة بعيدًا عن الشرائع والعقائد والأديان.

مبارك يمنح إجازة عيد الميلاد

يبدو أن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك أدرك أن عليه أن يمنح المسيحيين ميزة إضافية، إذ لم يكن استمرار الوضع دون الالتفات إلى أعيادهم الدينية ومناسباتهم بالأمر الصواب. وأصدر مبارك قرارًا جمهوريًا في 2006 باعتبار عيد الميلاد الموافق 7 يناير من كل عام إجازة لكافة أجهزة الدولة.

وعيد الميلاد المجيد يأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد عيد القيامة لدى المسيحيين.

قبل ذلك القرار لم يكن هناك أية قرارات رسمية بشأن اعتبار المناسبات المسيحية إجازة عامة أو رسمية لكافة الجهات الحكومية. وهو القرار الأول من نوعه والأخير حتى هذه اللحظة.

وترجع بعض الآراء المسيحية في عدم اعتراف الحكومة بإجازة رسمية في عيد القيامة لكون قصة موت المسيح على الصليب وقيامته تخالف العقيدة الإسلامية بعكس قصة الميلاد، حيث لا تختلف العقيدة الإسلامية عن المسيحية فيها. ولهذا فإن 7 يناير إجازة رسمية أما عيد القيامة فليس كذلك.

ليست المرة الأولى … في 2021 صدر البيان بأن “الأحد إجازة للحد من التكدس”

وهذه ليست المرة الأولى التي تثار فيها انتقادات حول مسمى «إجازة عيد القيامة»، ففي عام 2021 جاء قرار مماثل من جانب مجلس الوزراء بمنح العاملين في الدولة 5 أيام عطلة متتالية (من الخميس إلى الاثنين) بمناسبات مختلفة، شملت عيد العمال وعيد شم النسيم، وجاء يوم الأحد – الذي يتوسط العطلة – إجازة «للحد من التكدس بوصفه تدبيرًا احترازيًا في إطار خطة الدولة للتعامل مع أي تداعيات محتملة لفيروس (كورونا)»، رغم كونه «عيد القيامة».

وكأن الحكومة مشكورة تريد أن تمنح هذا اليوم للمصريين كافة ولكن تحت أي مسمى آخر بخلاف “عيد القيامة”.

مناشدات حقوقية وقبطية باعتبار عيد القيامة من ضمن الأعياد الرسمية للدولة مثلما كان

كمال زاخر: الأمر بحاجة إلى قرار جمهوري أو قانون يضم “القيامة” للأعياد الرسمية

من جانبه، علّق المفكر القبطي كمال زاخر أنه آن الأوان للإقرار بدولة المواطنة، وجعلها عنوان الجمهورية الجديدة، والتي من أهم قواعدها أنها دولة قانون، والقانون بحسب تعريف فقهائه هو مجموعة من القواعد القانونية، وتعريفها أنها عامة ومجردة وملزمة، وعمودها الفقري هو “المساواة”.

واستطرد: “ونحن أمام حالة تطبيقية تؤكد أن المساواة غائبة، وهي عدم تضمين الإجازات الرسمية عيد القيامة، لأسباب دينية؛ ولم يجرؤ أحد الانتقال به من خانة الجدل الديني إلى براح المواطنة. فالأمر بحاجة إلى قرار جمهوري أو قانون يضمه للأعياد الرسمية يسنه البرلمان.

 وأضاف: إن الأعياد والمناسبات الدينية المسيحية ظلت بعيدة عن الشكل والإطار الرسمي، كذلك لم يلتفت إليها أي من رؤساء مصر، حيث جرت العادة أن يتم منح المسيحيين دون غيرهم إجازات في مناسباتهم الدينية فقط، لافتًا إلى أن الرئيس مبارك الوحيد الذي التفت إلى ضرورة اعتبار أعياد المسيحيين إجازات رسمية.

فلم توفق الحكومة في وصف يوم الأحد بـ “عيد العمال”. كانت تحتاج لضبط الصياغة إلا أنه جانبها الصواب في التوصيف.

كذلك يرى زاخر أن وجود مستشارين سياسيين لديهم وعي وإدراك كامل بما يشغل بال الشارع المصري كان سيجعل الأمور أكثر هدوءًا، بالإضافة إلى كيفية التعامل والتعاطي مع كافة القرارات والمواقف، فضلًا عن توفير قراءة سياسية واجتماعية لكافة التحركات.

واختتم بالتشديد على ضرورة أن تضع الحكومة المصرية في أجندتها كيفية التعامل مع المناسبات الدينية، ووجود مستشارين سياسيين قادرين على صياغة الأمور بشكل أكثر بساطة دون إثارة الرأي العام.

حركة شباب كريستيان: بيان هزلي هدفه طمس هوية عيد القيامة المجيد … وأثار حفيظة الأقباط

 من جانبها، رفضت حركة شباب كريستيان وأدانت ما صدر من بيان رسمي للحكومة المصرية، واعتبرته مرفوض شكلًا وموضوعًا وعارًا على دولة في حجم مصر أن يخرج علينا رئيس الوزراء ببيان هزلي مثل هذا إن دل فلا يدل إلا على التصنيف والعنصرية. القاصي والداني يعلم أن شم النسيم يأتي مباشرةً لليوم التالي لعيد القيامة المجيد ولم نطلب تهنئكم لأنها لا تنقصنا ولا تزيدنا شيئًا ولكن بيانًا رسميًا صادرًا من الدكتور مصطفي مدبولي رئيس الوزراء يعلن ولأول مرة أن 5 مايو إجازة رسمية بدلًا من يوم 1 مايو عيد العمال. وطمس هوية عيد القيامة المجيد هو أمر مرفوض وأثار حفيظة وغضب جموع الأقباط.

وأكمل البيان استنكاره معلقًا أنه كان يمكن لرئيس في البيان الرسمي أن يقول إن 5 مايو سيكون إجازة لعيد القيامة المجيد مع عيد العمال ودمج الإجازتين معًا لشعب مصر جميعًا مسلم ومسيحي.

وأكد أن بيان الحكومة بيان هزيل ولا يحمل في طياته غير التصنيف والعنصرية وهذا لم نعتاد عليه منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي قيادة البلاد.

رامي عطا: أمام الحكومة فرصة ذهبية لتأكيد مبدأ المواطنة … باعتبار عيد القيامة بمسماه عيدًا رسميًا

من جهته تساءل الكاتب والباحث رامي عطا: ماذا لو اتخذت الحكومة المصرية قرارًا رسميًا “جريئًا” باعتبار عيد القيامة المجيد إجازة رسمية لكل المصريين … ليس اعترافا بالمناسبة الدينية، وإنما تقديرًا واحترامًا لمكون من مكونات الجماعة الوطنية المصرية؟!

وأردف: “أظنها فرصة ذهبية لتأكيد مبدأ المواطنة، الذي يأتي في المادة الأولى من الدستور المصري، ونحن نبني الجمهورية الجديدة.”

نجيب جبرائيل: بيان سلفي الهوى … وفيه تجاهل تام لشركاء الوطن

من جانبه، أشاد المستشار نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان في بيان صحفي بقرار الحكومة باعتبار يومي الأحد والاثنين 5 و6 مايو إجازة حتى نحتفل ونهنئ بعضنا البعض مسلمين ومسيحيين بعيد القيامة المجيد، خاصةً وأن فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب ومفتي الجمهورية أجمعا على أن تهنئة الأقباط في أعيادهم هي من سماحة الإسلام ولم يفرقا بين عيد وآخر، مشيرًا إلى ذكاء الحكومة بعدم ترحيل إجازة عيد العمال في أول مايو إلي الخميس2 مايو واعتباره إجازة يوم عيد القيامة له معني كبير في قلوبنا، فكيف نفترق عن إخواننا المسلمين في الأعياد وكنا بالأمس القريب في عيد الفطر في إجازة نعيد معًا؟

وأشار إلى استياء الأقباط لعدم ذكر “عيد القيامة” في البيان الحكومي حتى ومن باب الشيء بالشيء يُذكر، مؤكدًا تفهم الحكومة أن عيد القيامة ليس إجازة رسمية ولكن تجاهل حتى عبارة “بالإضافة إلي عيد القيامة” وهي عبارة بسيطة لكي يُعيِّد المسيحيون أو لكي نهنئ بعضنا البعض بالعيد.

أما وقد اقتصر القرار على العبارة الواردة فيه باعتبار أن الإجازة قُصد بها فقط عيد العمال فإن ذلك إهانة ما بعدها إهانة للأقباط فضلًا عن تجاهل تام لأعياد شركاء الوطن حتى وإن كانت غير رسمية، ويمكن أيضًا أن تكون قد تجنبت عدم ذكر عيد القيامة بسبب لجان الإخوان والسلفيين المتربصة لرفضهم تهنئة الأقباطـ ولكن كل ذلك على حساب المواطنة التي يوليها السيد الرئيس الاهتمام الأكبر.

واختتم برسالة وجهها الاتحاد المصري إلى رئيس الوزراء باعتبار البيان سقطة بلا شك جرحت إخوتك الاقباط بسبب الإهانة والتجاهل لأعز ما لديهم وتكريس مفهوم خاطئ للرجوع بنا إلى عدم الاقتراب من أعياد الأقباط ودعم لتلك الأفكار السلفية ذات الصلة.

طارق حجي: حكومة مصر عندها فرصة تاريخية لإعلان عيد القيامة عطلة رسمية مثل عيد الميلاد

من جانبه، أكد المفكر المصري طارق حجي أن حكومة مصر عندها فرصة تاريخية لعملِ الصواب وأقصد أن تعلن رسميًا أن عيد القيامة سيكون من سنتِنا هذه ولاحقًا “عطلةً رسميةً”، بدلًا من المسميات المختلفة التي تطلقها على العيد كل عام ليكون عطلة رسمية لأي سبب آخر غير “عيد القيامة”، مستشهدًا بمقولة توفيق الحكيم: “يخيل إليَّ أن في مصر خبيرًا عبقريًا مهمته الدقيقة هي أن يضع كل شيء في غيرِ محلِه.”

عيد القيامة كان إجازة رسمية.. فهل يعود مجددًا؟!

كشفت نتيجة للأعياد الرسمية لمصر عام 1952، وبالطبع تمت طباعتها قبل بدء عام 1952 كمثل سائر النتائج أي قبل ثورة يوليو، أن عيد الفصح “عيد القيامة” الغربي وأيضًا الشرقي كانا عطلة رسمية، وكذلك كان عيد الكريسماس الغربي إجازة بالإضافة إلى رأس السنة الميلادية إلى جانب عدد من الأعياد اليهودية وبالطبع عيدا الفطر والأضحى ورأس السنة الهجرية، وقت ما كانت مصر للجميع، وكل مَنْ على أرضها سواسية.

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا