20.4 C
Cairo
الثلاثاء, ديسمبر 17, 2024
الرئيسيةفكر مسيحي8 أشياء يقولها الكتاب المُقدَّس عن نفسه

8 أشياء يقولها الكتاب المُقدَّس عن نفسه

مات سميثرست

يُعد الكتاب المقدس بكل المقاييس أكثر الكتب تأثيرًا عبر كل العصور. وقد كتب الكثير جدًا عنه، سواء لصالحه أو ضده.

في كتابي بعنوان “قبل أن تفتح كتابك المقدس”، تحدثت عن العديد من التوجهات القلبية اللازمة للاقتراب من كلمة الله. لكن ما التصريحات التي يقولها الكتاب المقدس عن نفسه؟ إليك ثمانية:

1. الكتاب المقدس موحى به

عندما يقول المسيحيون إن الكتاب المقدس “موحى به”، ماذا يقصدون؟ يتعلق الوحي بالعلاقة بين الله وكتاب الكتاب المقدس. فهؤلاء الرجال لم ينزل عليهم الوحي بالمعنى المعتاد الذي نستخدم به هذه الكلمة في يومنا هذا. فالأمر لا يبدو كما لو أن الرسول بولس قد رأى مشهدًا رائع الجمال لغروب شمس، ثم كتب الرسالة إلى غلاطية. كما لا يعني ذلك أنه كان يدخل في حالة من الجمود، ثم يردِّد حفنة من الكلمات على مسامع صديق له، ثم يلتقط المخطوطة ويقول: “لنر الآن ما كتبه الله!”

فأول كل شيء، يتعلق الوحي بحقيقة أن الكاتب الأساسي للكتاب المقدس هو الله.

كل الكتاب هو موحى به من الله، ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر، لكي يكون إنسان الله كاملًا، متأهبًا لكل عمل صالح. (2تي3: 16-17).

فالكتاب المقدس بأكمله “موحى به من الله”، بمعنى أنه زفير الله أو أنفاسه. لا عجب إذن أنه يدعى في المعتاد كلمة الله.

لكن إذا كان الله هو الكاتب، فما الذي فعله موسى، وداود، وبولس، ويوحنا، والآخرون جميعهم؟ ألم يكتب هؤلاء أيضًا الكلمة المُقدَّسة؟ أجل، هذا صحيح تمامًا. فالكتاب المُقدَّس كُتِب بيد الله وبشر، أو ربَّما من الأدق أن نقول إنَّه كُتِب على يد الله بواسطة بشر. أوضح الرسول بطرس ذلك على النحو التالي:

“عالمين هذا أولًا: أن كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص. لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس” (2بط1: 20-21).

بتعبير آخر، حرص الله على أن يكتب الكُتَّاب البشريُّون ما أراد هو أن يكتبه تمامًا –لا أكثر ولا أقل.

إلَّا أنَّ هؤلاء الكُتَّاب لم يكونوا مجرَّد آلات. فالله لم يمحُ شخصيَّاتهم، أو يسيطر على عقولهم، بل قد كتب هؤلاء كبشرٍ يفكِّرون ويشعرون. وقد عمل الله من خلال شخصيَّاتهم الفريدة، ومستوى تعليمهم، وخلفيَّاتهم، وخبراتهم، كي يمكِّنهم من كتابة الحق الإلهي، أي يوحي لهم.

2. الكتاب المقدس حق

إن كلمة الله حق وصادقة لأن طبيعة الله هي الحق. فهو ليس بكاذب، ولا يمكن لإله الحق أن ينطق بكلمات كاذبة. وإن الشك في صدق كلمة الله هو شك في صدق الله نفسه.

يرى البعض أنه في حين أن المفاهيم “الروحية” للكتاب المقدس صادقة كفاية، قدر كبير من المحتوى الآخر (على سبيل المثال، التفاصيل التاريخية أو الجغرافية) ليس كذلك على الأرجح. لكن هذا الافتراض خاطئ، لأن الكتاب المقدس لا يضع “أي قيود على نوع الموضوعات التي يتكلَم بالصدق فيها”. إلى جانب ذلك، إذا لم يكن الكتاب المقدس جديرًا بالثقة تمامًا في كل شيء، فكيف يمكن أن نتحلى باليقين في كونه جديرًا بالثقة تمامًا في أي شيء؟

عند النظر إلى الكتاب المقدس نفسه، نجد العديد من التصريحات بالصدق الشامل (على سبيل المثال، مز 12: 6؛ 19: 7-9؛ 119: 160؛ أم30: 5-6؛ يو10: 35؛ 17: 17). فإن كل كلمة فيه توصف بأنها نقية وبلا عيب (مز 12: 6؛ أم 30: 5)، وأبدية (مز 119: 89؛ إش 40: 8؛ مت 24: 35)، ولا يمكن أن تنقض (يو10: 35)، ولا حدود لكمالها (مز 119: 96)، وجديرة تمامًا بالثقة (2بط 1: 19). وقد صادق يسوع على ذلك في إيجاز قائلًا: “كلامك [كلام الله] هو حق” (يو17: 17).

فعندما يفسر الكتاب المقدس بطريقة سليمة، لن يضللك البتة. فما يقوله هو نفسه ما يقوله الله.

3. الكتاب المقدس ذو سلطة

إن الله يمتلك الكون الذي أوجده بكلمته. وإن سلطانه المحب، الذي يهدف إلى خيرنا، يمارس من خلال كلمته. وفي واقع الأمر، وحد الله نفسه بالكتاب المقدس لدرجة أن عدم الإيمان بالكتاب المقدس أو عصيانه يعني عدم إيمان بالله نفسه أو عصيان له.

صحيح أن الكتاب المقدس ليس هو السلطة الوحيدة، بل توجد سلطات مشروعة أخرى، مثل الوالدين (أف6: 1-2)، ورعاة الكنائس (عب13: 17؛ 1بط5: 5)، ورجال الدولة والحكومة (رو13: 1-7؛ 1بط2: 13-14)؛ لكن لا تعلو أية سلطة من هذه السلطات على كلمة الله. فالكتاب المقدس هو المحكمة الدستورية العليا. يعني ذلك أن صحة أي معتقد، أو قيمة، أو رأي، أو تصريح، أو عظة تحسم نهائيًا بطرح السؤال التالي: ماذا يقول الكتاب المقدس؟ احتكم يسوع نفسه “إلى كل جزء من أجزاء الكتاب المقدس، وكل عنصر من عناصر الكتاب المقدس، كما إلى سلطة لا يرقى الشك إليها”.

4. الكتاب المقدس واضح

إن الكتاب المقدس وثيقة قديمة، وقد تبدو لنا غريبة وغير مألوفة. فإن بعض أجزائه محيرة (2بط3: 16)، ومع ذلك هو واضح كفاية، كما قال كاتب المزمور: “فتح كلامك ينير، يعقل الجهال” (مز119: 130). ويوصي الله الآباء والأمهات بأن يعلموا أولادهم الكتاب المقدس (تث6: 6-7).

قيل ذات مرة إن الكتاب المقدس ضحل بما يكفي ليخوض طفل فيه، لكن عميق بما يكفي ليسبح فيه فيل. وأعتقد أن هذا صحيح تمامًا.

في بعض الأحيان، يصعب فهم الكتاب المقدس، لأنه يتحدث عن أمور معقدة. لكن في كثير من الأحيان، يكون الاستيعاب صعبًا لأن ما يقوله ببساطة لا يروق لنا. قال مارك توين قوله الساخر الشهير التالي: “ليس ما يؤرقني هو تلك الأجزاء التي أعجز عن فهمها في الكتاب المقدس، بل تلك الأجزاء التي أفهمها بالفعل”. ففي كثير من الأحيان، لا يتعلق الأمر بعدم وضوح الكتاب المقدس، بل بعدم قبولنا نحن لما يقوله.

5. الكتاب المقدس كاف

يحوي الكتاب المقدس كل الكلمات الآتية من عند الله التي نحتاج إليها لنعرفه بحق، ونؤمن به تمامًا، ونطيعه طاعة كاملة، ونتلذذ به كثيرًا. قال بطرس إن الله وهبنا “كل ما هو للحياة والتقوى” بواسطة المعرفة المتاحة في الكتاب المقدس (2بط1: 3). وبالمثل، قال بولس إن الكتاب المقدس كامل تمامًا، لدرجة أن بواسطته يمكن أن نكون “[متأهبين] لكل عمل صالح”-“لكل عمل” وليس لغالبية الأعمال (2تي3: 16). فالأمر لا يمكن أن يكون أكثر شمولًا من ذلك.

في حين ربما لا يخبرنا الكتاب المقدس بكل ما نرغب في أن نعرفه، لكنه يخبرنا بالفعل بكل ما نحتاج أن نعرفه.

أبدى أحد الكتاب الملاحظة التالية: “يمكن الدفاع بأن أي تحريف للمسيحية الكتابية يبدأ بالمساومة في مبدأ كفاية الكتاب المقدس. فكل انحراف عن المسيحية التي أسسها المسيح والرسل يبدأ بالإضافة إلى الكتاب المقدس أو بالحذف منه. فأي انحراف هو الكتاب المقدس مضافًا إليه أو محذوفًا منه شيء ما”.

6. الكتاب المقدس قوي

بما أن الكاتب الأساسي للكتاب المقدس هو الله، فهو إذن كتاب يتمتع بقوة لا مثيل لها. فإن كلماته قوية بما يكفي لإذابة القلوب (إر23: 29)، وتغيير الحياة (يو17: 17؛ راجع رو1: 16؛ 1تس1: 4-5). تقول الرسالة إلى العبرانيين: “لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، ومميزة أفكار القلب ونياته. (عب4: 12).

وقولنا بأن الكتاب المقدس قوي هو أسلوب آخر نقول به إنه فعال، فإن الروح القدس يستخدمه لتتميم خططه (إش55: 10-11). والكتاب المقدس هو أداة في يد الله كلية القدرة.

ثمة أهمية حيوية أن ندرك أن الله ينشد ألا تؤثر كلمته في عقولنا فحسب، بل أن تغير قلوبنا أيضًا. قال أحدهم: “لم يكتب الكتاب المقدس لإشباع فضولك، بل كتب لتغيير حياتك”.

7. الكتاب المقدس مركزه المسيح

على خلاف الاعتقاد الشائع، ليس الكتاب المقدس مجرد مجموعة من المبادئ الأخلاقية، أو الأفكار الأدبية، أو دروس الحياة النظرية، لكنه قصة مشوقة.

ولا تدور القصة في الأساس حولي أو حولك. في (لوقا 24)، ظهر المخلص القائم من بين الأموات لاثنين من أتباعه في الطريق إلى عمواس، ويروي لنا لوقا ما حدث: “فقال لهما [يسوع]: «أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء! أما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده؟». ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب. (لو24: 25-27).

ولاحقًا، بعد ظهور يسوع لتلاميذه الأحد عشر، قال لهم: “هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وأنا بعد معكم: أنه لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير. حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب. (لو24: 44-45).

لكن، تكلم يسوع هكذا ليس فقط بعد قيامته مباشرة، بل خلال فترة خدمته على الأرض أيضًا، أوضح للأشخاص الخبراء في الكتاب المقدس آنذاك المكانة المركزية التي يشغلها هو في القصة الكبرى، قائلًا: “فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية. وهي التي تشهد لي. ولا تريدون أن تأتوا إليّ لتكون لكم حياة… لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني، لأنه هو كتب عني”. (يو5: 39-40، 46).

قيل بالصواب إن العهد القديم هو “يسوع المسيح محجوبًا”، أما العهد الجديد، فهو “يسوع المسيح معلنًا”. فمن البداية وحتى النهاية –أي من سفر التكوين وحتى سفر الرؤيا– كان مسار قصة الكتاب المقدس يمهد لابن الله الفادي، ويسلط الضوء عليه، ويجد الحل المطلق فيه. وربما أروع ما في هذه القصة هو أن الشخصية الرئيسية فيه تحبنا.

8. الكتاب المقدس ثمين

فالكتاب المقدس هو الكنز الأعلى قيمة في الكون. فهو طعامنا (إر15: 16)، وحياتنا (تث32: 46-47)، وتعزيتنا (مز119: 50)، وقوتنا (مز119: 28)، ودليلنا ومرشدنا (مز119: 105)، وشهوتنا (مز119: 20)، ورجاؤنا (مز130: 5)، ومحبتنا (مز119: 97)، وفرحنا (يو15: 11)، وكنزنا (مز119: 72).

لأن كل ما سبق فكتب كتب لأجل تعليمنا، حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء. (رو15: 4).

“كل ما كتب”. فقد تمادى بولس إلى حد التصريح بأن العهد القديم بأكمله كتب لأجلك –أي لأجل تعليمك، وتشجيعك، ومساعدتك على الصمود، وإغراق قلبك بالرجاء.

وفي حين ينبغي أن نتجنب “عبادة الكتاب المقدس” –أي إعلاء قيمته فوق قيمة كاتبه– من المذهل أن نلاحظ مدى صلة كلمة الله التي لا تنفصم بالله نفسه (مز56: 4؛ 119: 48). وفي حقيقة الأمر، يعد التخلي عن الكتاب المقدس تخليًا عن الله. وإلى أن يأتي يسوع ثانية، ويصير إيماننا عيانًا، علينا أن نعيش في “زمن السمع”. قال أوغسطينوس: “في هذه الأثناء، تعاملوا مع كلمة الله على أنها وجه الله ذاته، وذوبوا في محضرها”. قال أحد الوعاظ العظماء أيضًا: “بالنسبة لي، ليس الكتاب المقدس هو الله، لكنه صوت الله، وإنني لا أسمعه دون أن يثير في رهبة”.

فإن الكتاب المقدس صندوق كنز لا قرار له، وكنز من الجمال والعجائب. وهو يقول عن نفسه إنه موحى به، وحق، وذو سلطة، وواضح، وكاف، وقوي، ومركزه المسيح، وثمين. ليت الله يعيننا أن نعامله على هذا الأساس.

المقاله السابقة
المقالة القادمة
مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا