الفريق مهاب مميش: “لا بديل عن قناة السويس كونها أسرع الطرق في النقل البحري”
مع سيطرة الحديث عن الممر الاقتصادي الجديد الذي يربط الهند بمنطقة الشرق الأوسط وأوروبا، والذي تم الإعلان عنه خلال قمة مجموعة الـ20 في الهند، تحدث مستشار رئيس الجمهورية لقناة السويس في مصر، الفريق مهاب مميش عن تأثير الممر الاقتصادي، المزمع تدشينه، قائلاً إنه “لا بديل عن قناة السويس كونها أسرع الطرق في النقل البحري”.
وأوضح في تصريحات أن “المشروع الجديد هو مشروع متعدد الوسائط ومكلف للغاية ولا يقارن بقناة السويس، وليس له تأثير في حركة العبور في القناة”، موضحًا أن “بعد التفريعة الجديدة أصبحت القناة أسرع طريق ملاحي في العالم، وأن القناة تربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط في 11 ساعة فقط، وتتصل بجميع الموانئ في العالم”، مشيرًا إلى أنه “لا بد من الاستعداد للمنافسة، ونحن قادرون على التنافسية وبجدارة”.
أهمية قناة السويس للاقتصاد المصري
تعد قناة السويس أحد الروافد المهمة للحصول على الدولار في مصر، إذ وفرت خلال آخر 10 سنوات نحو 60.23 مليار دولار للخزانة المصرية، ومع التوسعات التي تجريها الحكومة ارتفعت العائدات السنوية للقناة من 5.3 مليار دولار خلال عام 2013 إلى نحو 9.4 مليار دولار خلال العام الماضي.
تعد القناة أهم ممر ملاحي عالمي، ولا يوجد بديل لها، لأن حجم التجارة بها يمثل نسبة 13% من التجارة العالمية وأكثر من 22% من حركة تجارة الحاويات على مستوى العالم، كما أنها تتوسط قارات العالم وتتمتع بالأمن والاستقرار، إضافة إلى موقع مصر الجغرافي المتميز والفريد والإستراتيجي فهي تربط بين أوروبا وآسيا وأفريقيا لأنها مطلة على البحر المتوسط وقربها الشديد من الأسواق الأوروبية ومطلة على أفريقيا والربط مع قارة آسيا.
المشروع الجديد بتعاون أمريكي سعودي، إماراتي، أوروبي، إسرائيلي
قال الباحث في الشأن الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشؤون التنمية الاقتصادية، أشرف غراب، إن مشروع الممر الاقتصادي الجديد الذي أعلنت عنه واشنطن خلال انعقاد قمة مجموعة الـ20 بالهند، ويهدف إلى ربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا من خلال سكك حديدية وممرات بحرية، الغرض منه مواجهة مشروع مبادرة “الحزام والطريق”، الذي أطلقته الصين عام 2013 وبدأت في تنفيذه بالفعل بهدف توسيع روابطها التجارية من خلال بناء الموانئ والسكك الحديدية والمطارات، وتوسيع نطاق نفوذها السياسي والتجاري في العالم.
يتألف المشروع من ممرين منفصلين هما “الممر الشرقي” الذي يربط الهند مع الخليج العربي و”الممر الشمالي” الذي يربط الخليج بأوروبا.
وتشمل الممرات سكة حديدية ستشكل بعد إنشائها شبكة عابرة للحدود من السفن إلى السكك الحديدية لتكملة طرق النقل البرية والبحرية القائمة لتمكين مرور السلع والخدمات. وسيعمل المشاركون على تقييم إمكانية تصدير الكهرباء والهيدروجين النظيف لتعزيز سلاسل الإمداد الإقليمية، كونه جزءًا من الجهود المشتركة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ودمج جوانب الحفاظ على البيئة في المبادرة.
ووصف الرئيس الأمريكي بايدن الاتفاق بأنه “سيغير قواعد اللعبة”، ويضم عدة دول، ويشمل مشروعات للسكك الحديدية وربط الموانئ البحرية، إلى جانب خطوط لنقل الكهرباء والهيدروجين، وكابلات نقل البيانات.
وتم التوقيع على الاتفاق المبدئي الخاص بالمشروع، بين الولايات المتحدة والسعودية والإمارات والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، ويهدف المشروع إلى إنشاء خطوط للسكك الحديدية، وربط الموانئ البحرية، لتعزيز التبادل التجاري وتسهيل مرور البضائع.
بدائل قناة السويس تثبت عدم جدواها..
محاولات صينية وروسية وإسرائيلية لشق طرق جديدة والفشل مصيرها
لم يكن مشروع “الممر الكبير بين الهند وأوروبا”، هو المشروع الوحيد الذي فكرت فيه عدد من الدول في الشرق والغرب، في محاولة للتقليل من أهمية قناة السويس، كمجرى ملاحي مهم وقليل التكلفة في نقل البضائع والحاويات من الشرق والغرب، وخاصة أن المجرى الملاحي لقناة السويس يقلل وقت النقل. بداية التفكير في الابتعاد عن قناة السويس وتقليل دورها، جاءت في تسعينات القرن الماضي، عندما فكرت الصين في إحياء طريق الحرير الصيني القديم.
وسائل الإعلام العالمية تحدثت في السنوات الأخيرة عن حوالي 6 مسارات تفكر بعض الدول في المنطقة وخارجها في إنشائها لتكون بديلًا عن قناة السويس..!!
1- طريق “الحزام والطريق” مشروع صيني بتكلفة باهظة
في عام 2019، افتتح الرئيس الصيني شي جين بينج قمة “طرق الحرير الجديدة” بمشاركة ممثلين عن 150 بلد، للتسويق للمبادرة التي ستجعلها محورًا للعلاقات الاقتصادية العالمية.
ويعرف مشروع الصين رسميًا باسم “الحزام والطريق”، وهذه المبادرة الصينية قامت على أنقاض طريق الحرير القديم، لربط الصين بالعالم عبر استثمار مليارات الدولارات في البنية التحتية على طول طريق الحرير الذي يربطها بالقارة الأوروبية، وتهدف الصين لأن يكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، ويشمل ذلك بناء موانئ وطرق وسككًا حديدية وأماكن صناعية.
وبرغم أن تاريخ طريق الحرير القديم يعود للقرن الثاني قبل الميلاد، لكن الصين تريد إحياءه مرة أخرى، لربط الصين بأوروبا مرورًا بالشرق الأوسط، بطول يزيد عن 10 آلاف كيلومتر.
يشارك في مشروع طريق الصين 123 دولة، وتريد الصين من خلاله تسريع وصول منتجاتها إلى الأسواق العالمية، بما في ذلك آسيا وأوروبا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية والوسطى.
ووفقًا لتقديرات البعض فإن طريق الحزام والطريق قد يكون له تأثيرات سلبية على قناة السويس متعلقة بتمرير صادرات الصين إلى أوروبا مباشرة بعيدًا عن قناة السويس. لكن ذلك نفاه خبراء النقل واللوجستيات، الذين يروا أن طريق الحرير قد يخدم مصر، لأن تجارة الصين التي تخرج إلى الدول العربية والإفريقية ستمر عن طريق قناة السويس مرة أخرى، وذلك يؤكد عدم جدوى المشروع وزيادة تكلفة النقل فيه، عكس النقل المباشر عن طريق قناة السويس.
منذ إطلاق الرئيس الصيني للمشروع، استثمرت بلاده 80 مليار يورو في مشاريع متعددة، كما قدمت المصارف قروضًا بقيمة تتراوح بين 175 و265 مليار يورو، لكن المشروع لم يكتمل بعد.
2- “الطريق البحري الشمالي”، المشروع الروسي الذي أجلته الحرب الأوكرانية
أما الطريق الثاني فهو مشروع روسي، يطلق عليه “الطريق البحري الشمالي”، في إبريل 2021، أطلقت روسيا حملة دعاية للترويج لمشروعها، الذي تريد منه إبعاد نقل البضائع عن المجرى الملاحي في قناة السويس، ويُعتبر مشروع “الطريق البحري الشمالي”، هو حلم روسيا المؤجل. ويعرف المشروع الروسي باسم “طريق سيبيريا الجديد”.
وذكرت بعض المصادر الروسية “إن موسكو تراهن على هذا المسار، الذي يتطلب كاسحات جليد وناقلات نفط خاصة، لنقل الشحنات إلى كل من أوروبا وآسيا”، مشيرة إلى أن هذا الطريق يوفر مسافة أربعة آلاف ميل بحري، مقارنة مع البديل عبر قناة السويس.
وكانت شركة “غاز بروم نفط” الروسية أرسلت في يوليو 2021، عبر هذا المسار أول شحنة من نفط القطب الشمالي إلى الصين، وبلغت شحناتها نحو 33 مليون طن عام 2020، لكن الطريق ثبت عدم جدواه الاقتصادية بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، واكتشف العالم أن هناك عوامل أخري تهدد عملية النقل عبر هذا المسار.
وذكرت صحيفة Dagens Nyheter السويدية أن روسيا كانت تطلق على طريق سيبريا اسم “البديل الأخضر”، بسبب “التكلفة الأقل للوقود، والانبعاثات الأقل”. ليؤكد الصحيفة في تقريرها على سلبيات الطريق، ومنها أنه يمكن أن يؤدي إلى تفاقم تغير المناخ وزيادة الاحتباس الحراري”، وأنه لا يصلح للملاحة إلا 5 أشهر فقط في العام
نقل الطريق 10.7 مليون طن من البضائع على طول الطريق في عام 2017، وفي عام 2020، ارتفع الرقم ليزيد حتى 33 مليون طن، وهي أرقام تقل كثيرًا عما يمر عبر قناة السويس من بضائع تقدر بثلاثة ملايين طن يوميًا، أي ما يزيد على المليار طن سنويًا، بحسب الصحيفة السويدية.
3- محور إيلات – أسدود ينتهي بالفشل
أما الطريق الثالث، الذي كانت تفكر فيه إسرائيل بجديه، فهو محور إيلات – أسدود، حيث كشفت وسائل إعلام إماراتية عن وثيقة إسرائيلية، منذ عشرات السنين، تؤكد وجود مخطط أمريكي لفتح ممر بحري بديل لقناة السويس في إسرائيل، من خلال ربط البحر المتوسط بخليج العقبة. وهو مشروع بتمويل دولي قيمته 5 مليارات دولار مقابل غاز من البحر المتوسط.
وسيكون الميناء داخليًا خلف إيلات، وخط سكة حديد يبلغ طوله حوالي 300 كيلومتر، ويبدأ من إيلات على البحر الأحمر جنوبًا، ويتجه حتى ميناء أسدود على البحر المتوسط.
وكانت إسرائيل ودولة الإمارات يعملان على إنجاز المشروع، ليتم من خلاله نقل النفط والمنتجات البترولية من الإمارات إلى إسرائيل ثم إلى أوروبا، عبر خط ممتد من ميناء إيلات على البحر الأحمر إلى ميناء أسدود على البحر المتوسط.
وبالفعل تم الإعلان عن شراء شركة “مبادلة الإماراتية للبترول”، حصة شركة “ديليك دريلينج” الإسرائيلية في حقل تمار للغاز، في أكبر صفقة بين إسرائيل والإمارات، لنقل البترول الخليجي عبر الطريق المزعوم.
في الوقت الذي أكد فيه خبراء النقل أن مسار قناة السويس سيظل الأقصر والأكثر أمنًا للربط بين الشرق والغرب، حيث تتمكن الحاويات عبر القناة من نقل كميات أكبر من البضائع، وبتكلفة أقل من أية مسارات برية.
وأعلنت إسرائيل عن محادثات لمد خطوط من الإمارات تمر عبر السعودية والأردن حتى إيلات على البحر الأحمر، ثم إلى ميناء عسقلان على البحر المتوسط. ويعني ذلك، أن منافسا في قطاع النفط سيشارك قناة السويس بإيرادات عبور الخام، وفي الربع الأخير من 2020، وقعت شركة خطوط “أوروبا – آسيا” الإسرائيلية، وشركة “أم إي دي – ريد لاند بريدج ليمتد” الإماراتية، مذكرة تفاهم للتعاون في مجال نقل النفط الخام بين دول الخليج، لنقل نفط دول الخليج إلى أسواق الاستهلاك في أوروبا، والذي يمر معظمه عبر قناة السويس.
وفكرت إسرائيل في إدخال السفن القادمة من الجنوب ومن الشمال عن طريق خليج العقبة، لتقوم بشق قناة من إيلات حتى حيفا وأسدود على البحر المتوسط، بمسافة 522 كيلو متر، لكن وزارة المالية الإسرائيلية رفضت المشروع بسبب تكلفته التي قد تصل إلى مليارات الدولارات، ففكرت في محطة للحاويات وإنزال البضائع في إيلات ثم نقلها عن طريق السكك الحديدية إلى حيفا وأسدود، ومع ذلك تبين أن العملية باهظة التكاليف، لينتهي أمر الطريق.
4- الممر الإيراني
المسار الرابع الممر الإيراني “شمال – جنوب” المسار يبدأ من الهند وصولًا إلى ميناء “جابهار” الواقع جنوبي إيران على المحيط الهندي، ثم شحن البضائع برًا وصولًا إلى ميناء “بندر إنزلي” شمالي إيران على ساحل بحر قزوين. يتبع ذلك، نقل السلع بحرًا إلى أستراخان، جنوب غربي روسيا، ومنها إلى شمال روسيا أو إلى دول أوروبا عبر خطوط السكك الحديدية.
5- الممر العراقي – التركي
وكان العراق أطلق مشروعًا جديدًا بالتعاون مع تركيا قد يكون منافسًا أيضًا لقناة السويس، حيث يختصر المشروع العراقي الجديد وقت السفر بين آسيا وأوروبا، حيث يربط بين ميناء الفاو المهم للسلع على ساحله الجنوبي بالحدود مع تركيا عبر مد شبكة سكك حديدية وطرق.
وكشفت تقارير صحفية أنه تكلفة المشروع تصل إلى 17 مليار دولار، لافتة إلى أنه سيحول العراق إلى مركز عبور باختصار وقت السفر بين آسيا وأوروبا في محاولة لمنافسة قناة السويس.
وستنفذ الحكومة العراقية خططها، في تدشين قناة السويس البرية، عبر قطارات عالية السرعة تنقل البضائع والمسافرين بسرعة تصل إلى 300 كيلومتر في الساعة، بالإضافة إلى مد خطوط إلى مراكز الصناعة المحلية والطاقة والتي يمكن أن تشمل أنابيب النفط والغاز.
المستشار رشاد حامد: يستحيل أن يؤثر خط سكة حديد على قناة السويس
أكد المستشار باليونسيف رشاد حامد عدم جدوى المشروع قائلًا: “يستحيل أن يؤثر خط سكة حديد على قناة السويس. نفرض أن ناقلة حاويات واحدة فقط تبحر يوميًا من مومباي إلى دبي وتحمل 20000 حاوية. سوف تفرغ حمولة الناقلة وتحمل على 100 قطار، كل قطار من 20 عربة، وكل عربة تحمل 10 حاويات؛ معدل التقاطر يجب أن يكون قطار كل ربع ساعة حتى لا تتراكم الحاويات في الميناء.”
وأضاف مستشار اليونسيف “بعد رحلة طويلة عبر الإمارات والسعودية والأردن وجماركهم تصل القطارات لإسرائيل. في الميناء الإسرائيلي تفرغ حمولة القطارات المائة وتحمل على ناقلة. وفي الميناء الإيطالي تفرغ حمولة الناقلة وتحمل على مئة قطار بمعدل تقاطر واحد كل ربع ساعة لتسير على شبكة سكك حديد أوروبا الكثيفة الحركة. قارن بين التكلفة والزمن لهذا الممر وبين انتقال الناقلة المبحرة من مومباي مباشرة إلى الميناء الإيطالي عبر قناة السويس.”