لجأت الكثير من الشركات وأماكن العمل في العالم إلى الطلب من الموظفين العمل عن بُعد، سواء عبر البقاء في منازلهم، أو أحيانًا العمل من بلدان أخرى لصالح شركات خارج الحدود، لكن هذه الظاهرة التي انتشرت خلال فترة إغلاقات “كورونا” في العامين 2020 و2021 سرعان ما تحولت إلى ظاهرة في أسواق العمل بالعالم، إذ وجدت الكثير من الشركات فيها حلاً مثاليًا لتوفير النفقات والتقليل من تكاليف استخدام المساحات المكتبية.
وبينما تنتشر ظاهرة العمل عن بُعد فإن الانفصال الجسدي عن العمل والزملاء أوجد مشاكل جديدة لم تكن متوقعة، ومن بينها الشعور بالعزلة لدى بعض الموظفين الذين يضطرون لقضاء ساعات طويلة داخل المنزل، وأحيانًا يقضون أيامًا متواصلة داخل منازلهم دون التنقل في الخارج أو رؤية العالم الخارجي أو أي أشخاص خارج نطاق العائلة.
وحاول تقرير نشره موقع “بي سايكولوجي توداي” تحديد السلبيات التي تنجم عن العمل عن بُعد، وما إذا كان هذا يؤدي بالموظف إلى الشعور بالإحباط أو العزلة أم لا.
وقال التقرير إنه “بدون التفاعلات اليومية والمساحات المشتركة للمكتب التقليدي، قد يجد الأفراد أنفسهم يفتقرون إلى التواصل المباشر الذي يعزز الشعور بالارتباط والانتماء، وبالإضافة إلى ذلك، فإن الاعتماد على أدوات الاتصال الافتراضية، رغم أنه ضروري للتعاون عن بُعد، فقد يبدو أحيانًا غير شخصي ولا يفضي إلى بناء العلاقات”.
كما يشير التقرير إلى أن غياب الحدود الواضحة بين العمل والحياة الشخصية، يجعل الأفراد يكافحون من أجل إقامة توازن صحي، مما يؤدي إلى الشعور بأنهم تحت الطلب باستمرار ومنفصلون عن هوياتهم غير المتعلقة بالعمل.
ويمكن لهذه العوامل مجتمعة أن تساهم في انتشار الشعور بالوحدة والانفصال بين العاملين عن بعد، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى اتخاذ تدابير استباقية لتعزيز المجتمع والدعم في البيئات الافتراضية.
ويخلص التقرير إلى التوصية بضرورة التغلب على مشاعر العزلة لدى الموظفين الذين يعملون عن بُعد، ويوصي التقرير إلى ضرورة اللجوء لبعض الإستراتيجيات التالية:
أولًا: أنشئ روتينًا صحيًا، حيث إن الروتين الصحي اليومي يتضمن فترات راحة وتمارين رياضية ووقتًا للتفاعل الاجتماعي، يمكن أن تساعد الإجراءات الروتينية في توفير إحساس بالحياة الطبيعية والهيكل في يومك.
ثانيًا: إعطاء الأولوية للرفاهية: اجعل أنشطة الرعاية الذاتية مثل التمارين الرياضية والتأمل والهوايات التي تعزز الرفاهية العقلية والعاطفية أولوية قصوى. كما يُنصح القادة بأن يكونوا قدوة يُحتذى بها، من خلال إعطاء الأولوية لرعايتهم الذاتية ووضع نماذج لسلوكيات التوازن الصحي بين العمل والحياة.
ثالثًا: إنشاء تواصل يركز على الأصدقاء: حيث على الموظف أن يشارك بنشاط في التواصل المنتظم مع الزملاء من خلال مكالمات الفيديو أو الرسائل الفورية أو البريد الإلكتروني، والقيام بجدولة استراحات القهوة الافتراضية أو المحادثات غير الرسمية للحفاظ على الروابط الاجتماعية.
رابعًا: رعاية الأحداث الافتراضية الجديرة بالاهتمام: حيث من الجيد للموظف المواظبة على حضور اجتماعات الفريق وورش العمل والمناسبات الاجتماعية الافتراضية التي تنظمها الشركة للبقاء على اتصال مع زملاء العمل.
خامسًا: انضم إلى المجتمعات عبر الإنترنت: شارك في المجتمعات أو المنتديات عبر الإنترنت المتعلقة بصناعتك أو اهتماماتك للتواصل مع محترفين ذوي تفكير مماثل خارج بيئة عملك المباشرة.
سادسًا: ضع حدودًا للإرهاق: ضع حدودًا بين العمل والحياة الشخصية لمنع الإرهاق والحفاظ على توازن صحي بين العمل والحياة، وأنشئ مساحة عمل مخصصة وحدد ساعات عمل محددة للإشارة إلى أوقات تواجدك في الخدمة وخارجها.
سابعًا: تواصل للحصول على الدعم: فلا تتردد في التواصل مع مديرك أو قسم الموارد البشرية إذا كنت تشعر بالعزلة أو تواجه صعوبة في العمل عن بعد، وقد يكونوا قادرين على توفير موارد أو دعم إضافي.
ويقول تقرير “بي سايكولوجي توداي” إن هذه الأساليب السبعة تعمل على تعزيز التواصل، وإعطاء الأولوية للرعاية الذاتية، والاستفادة من التقنيات المثبتة لسد الفجوة بين المسافة الجسدية والتواصل الاجتماعي، وبالتالي يمكن من خلالها للشخص التغلب على الشعور بالعزلة والإحباط.