19.4 C
Cairo
السبت, فبراير 1, 2025
الرئيسيةفكر مسيحيمفهوم الخلاص في المسيحية

مفهوم الخلاص في المسيحية

يُعتبر الخلاص مفهومًا مركزيًا في المسيحية، حيث يشير إلى إنقاذ البشرية من الخطيئة ونتائجها، وإعادة العلاقة بين الإنسان والله. وفقًا للعقيدة المسيحية، خلق الله الإنسان في حالة من الكمال والانسجام معه، ولكن بسبب عصيان آدم وحواء (السقوط)، دخلت الخطيئة إلى العالم، مما أدى إلى انفصال الإنسان عن الله وجلب الموت الروحي والجسدي.

جوانب مفهوم الخلاص:

الخطيئة: تُفهم الخطيئة في المسيحية على أنها عصيان إرادة الله، وهي حالة من الانفصال عن الله. يُعتبر جميع البشر ورثوا هذه الحالة بسبب سقوط آدم.

الفداء: يُعتبر موت يسوع المسيح على الصليب بمثابة فداء للبشرية، حيث حمل عقاب الخطيئة بدلًا من البشر. يُعتبر هذا العمل تعبيرًا عن محبة الله للبشر ورغبته في مصالحتهم معه.

النعمة: يُعتبر الخلاص عطية مجانية من الله، تُمنح بالإيمان بيسوع المسيح وقبوله مخلصًا. لا يُمكن للإنسان أن يستحق الخلاص بأعماله، بل هو نعمة من الله.

التوبة والإيمان: يتطلب الخلاص من الإنسان التوبة عن خطاياه والإيمان بيسوع المسيح. التوبة هي تغيير القلب والاتجاه عن الخطيئة، بينما الإيمان هو الثقة بيسوع المسيح وقبوله ربًا ومخلصًا.

الحياة الأبدية: يُعتبر الخلاص بداية لحياة جديدة مع الله، تمتد إلى الحياة الأبدية في ملكوت السماوات.

الخلاص في الكتاب المقدس:

يُذكر مفهوم الخلاص في العديد من آيات الكتاب المقدس، مثل:

“لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.” (يوحنا 3: 16)

“لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ.” (أفسس 2: 8).

برهان الخلاص:

الخلاص ليس مجرد عقيدة عقلية. أو تعاليم كنسية أو صلوات فرضية. الخلاص تغيير جذري في حياة الفرد الذي يقبل المسيح.

“إذًا إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة. الأشياء العتيقة قد مضت. هو ذا الكل قد صار جديدًا” (2كو5: 17).

“لأنكم كنتم قبلًا ظلمة وأما الآن فنور في الرب” (أف5: 8).

إن برهان الخلاص هو التغيير في السلوك. المؤمن لا يستطيع أن يُري للناس إيمانه إلا بأعماله. ولكن علينا دائمًا أن نذكر أن الأعمال الصالحة نتيجة للخلاص وليس أساسًا أو وسيلة للخلاص. يقول بولس الرسول “لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم. هو عطية الله. ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد. لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها” (أف2: 8-10).

يتحدى يعقوب مدعي الإيمان قائلًا: “أرني أعمالك وأنا أريك بأعمالي إيماني” (يع2: 18).

ويقول الرب يسوع للمؤمنين به “من ثمارهم تعرفونهم. هل يجتنون من الشوك عنبًا أو من الحسك تينًا. هكذا كل شجرة جيدة تصنع أثمارًا جيدة. وأما الشجرة الردية فتصنع أثمارًا ردية. لا تقدر شجرة جيدة أن تصنع أثمارًا ردية ولا شجرة ردية أن تصنع أثمارًا جيدة” (مت7: 16-18).

ويعود فيقول “فليضيء نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السماوات” (مت5: 16).

أزمنة الخلاص

على رابح النفوس أن يعرف مفهوم الخلاص، أن يعرف أن مصدر الخلاص هو الله العظيم وأن أساس الخلاص هو شخص المسيح الكريم. وأن طريق الخلاص هو الإيمان الحي القويم. وأن برهان الخلاص هو السلوك النقي المستقيم. وأن تأكيد الخلاص هو الحق الإلهي العظيم.

لكن عليه كذلك أن يعرف أزمنة الخلاص؛ فالخلاص يحتوي على ثلاثة أزمنة: الماضي، الحاضر، والمستقبل.

الخلاص ماضيًا: هو الخلاص من عقاب الخطية.

الخلاص حاضرًا: هو الخلاص من سلطان الخطية.

الخلاص مستقبلًا: هو الخلاص من الجسد الترابي.

الخلاص ماضيًا:

الخلاص معناه “النجاة”.. فمن يخلص من الغرق معناه أنه “نجا من الغرق” ومن يخلص من النار معناه أنه “نجا من الحريق”.

وحين ينال الفرد الخلاص ينجو من عقاب خطاياه.

“لأن أجرة الخطية هي موت. وأما هبة الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا لله” (رو6: 23).

إنه على أساس دم المسيح المسفوك يغفر الله كل خطايانا “الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا”.. وبهذا يخلص المؤمن نهائيًا من دينونة الله القادمة. “إذًا لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح” (رو8: 1).

“الحق الحق أقول لكم أن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولا يأتي إلى دينونة بل انتقل من الموت إلى الحياة” (يو5: 24).

الخلاص حاضرًا:

الخلاص في الحاضر معناه التجديد.. أو الميلاد الثاني.. أو الخليقة الجديدة وهذه كلها ذات معنى واحد.

يقول الرب يسوع لنيقوديموس “الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله… الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله” (يو3: 3و5).

والميلاد من فوق، أو الميلاد من الماء الذي يرمز إلى كلمة الله، والروح القدس معناه أن يأخذ الإنسان طبيعة جديدة من الله.

“إذًا إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة الأشياء العتيقة قد مضت هو ذا الكل قد صار جديدًا” (2كو5: 17).

فالمؤمن يخلص في الحاضر بالميلاد الثاني. إذ يعطيه الرب طبيعة جديدة التي يسميها بولس “الإنسان الجديد المخلوق بحسب الله في البر وقداسة الحق” (أف4: 24).

الخلاص مستقبلًا:

* خلص المؤمن من عقاب الخطية بموت المسيح.

* وخلص من سلطان الخطية بالميلاد الثاني وسكنى الروح القدس فيه، والخلاص هنا مستمر.

* ولكنه سوف يخلص من الجسد الترابي عند مجيء الرب يسوع المسيح. “فإن سيرتنا نحن هي في السماوات التي منها أيضًا ننتظر مخلصًا هو الرب يسوع المسيح الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء” (في3: 10و21).

فهذه المرحلة من الخلاص هي مرحلة فداء الجسد كما يقول بولس الرسول “لأن الخليقة نفسها أيضًا ستعتق من عبودية الفساد إلى حرية مجد أولاد الله. فإننا نعلم أن كل الخليقة تئن وتتمخض معًا إلى الآن. وليس هكذا فقط بل نحن الذين لنا باكورة الروح نحن أنفسنا أيضًا نئن في أنفسنا متوقعين التبني فداء أجسادنا” (رو8: 21-23).

في هذه المرحلة من مراحل الخلاص يقام الأموات عديمي فساد ونحن نتغير كما يقول بولس الرسول “هو ذا سر أقوله لكم لا نرقد كلنا لكننا كلنا نتغير. في لحظة في طرفة عين عند البوق الأخير. فإنه سيبوق فيقام الأموات عديمي فساد ونحن نتغير” (1كو15: 51و52).

المقاله السابقة
المقالة القادمة
مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا