نيفين عاطف مشرقي
بات اتباع نمط صحي للغذاء أمراً في غاية الأهمية، وذلك بعدما تزايد في الفترة الأخيرة معدل انتشار الأمراض المزمنة (ضغط – سكر من النوع الثاني – قصور الشرايين – الالتهاب المزمن.) وتلك الأمراض تندرج تحت مظلة ما يعرف بمتلازمة التمثيل الغذائي (متلازمة الأيض). وعن مفهوم متلازمة التمثيل الغذائي وأعراضها وكيفية تشخيصها وعلاجها يحدثنا د. أبانوب ألبرت – أخصائي التغذية العلاجية وعلاج أمراض السمنة والنحافة وسوء التغذية وعضو الفريق الطبي بالنادي الأهلي. في البداية يقول د. أبانوب أن متلازمة التمثيل الغذائي (متلازمة الأيض Metabolic Syndrome ( تُعد سبباً رئيسياً لأغلب المشاكل الصحية التي يواجها معظم المرضي في الفترة الحالية، ويُقصد بها كل ما يسبب خللاً في منظومة الأيض أو الاستقلاب لدي المريض، أو كل ما يؤثر في معدلات الحرق ويُحِدث بها خللاً يؤثر على المريض بالسلب، وبالتالي زيادة احتمالية وقوعه فريسة للأمراض المزمنة. وعن أعراض متلازمة التمثيل الغذائي، أكد د. أبانوب أنه توجد خمسة عوامل رئيسية، إذا توافرت لدى المريض ثلاثة أعراض منها فحينئذٍ يمكن تشخيص المريض بأنه مصاب بمتلازمة التمثيل الغذائي، ومن ثَمَّ يمكن التنبؤ بحدوث أمراض لاحقة مثل أمراض السكر من النوع الثاني أو الضغط أو مشاكل بالقلب والأوعية الدموية، وتتمثل تلك الأعراض فيما يلي:
* زيادة محيط الخصر عن 102 سم للرجال و92 سم للسيدات، حيث إن دهون البطن تُعتبر من أخطر أنواع الدهون. وارتفاع قياس الخصر يُعد مؤشراً لزيادة تخزين نسب أعلى من الدهون الحشوية عن معدلها الطبيعي، وتلك الدهون كلما زادت ارتفعت نسبة الإصابة بالأمراض المزمنة.
* ارتفاع ضغط الدم في القياس الطبيعي عن 135/85.
* ارتفاع مستوى السكر في الدم، خاصةً إذا ارتفع عن 120 عند قياسه وقت الصيام.
* ارتفاع مستوى الكوليسترول وخاصةً ارتفاع مستوي قياس الدهون الثلاثية في الدم عن 150.
* مقاومة الجسم للأنسولين والذي تتجلى أعراضه في قطاع كبير من الناس وبالأخص لدى الأطفال والمراهقين، ولذا فمن الضروري أن يلاحظ الأهل أبناءهم باستمرار والتوجه للطبيب فور ظهور أي من الأعراض التالية للبدء في خطة العلاج للطفل تفادياً لحدوث أي أمراض فيما بعد، حيث يمكن تقسيم تلك الأعراض إلى ثلاث نقاط رئيسية:
* ملاحظة زيادة وزن الطفل بشكل غير عادي.
*ملاحظة تناول الطفل للمزيد من الطعام وشعوره الدائم بالجوع.
* زيادة محيط البطن والأرداف على غير الطبيعي.
* اسمرار الوجه والرقبة وتحت الإبط.
وفيما يخص دور العامل الوراثي في ظهور متلازمة التمثيل الغذائي لدى البعض، أوضح د. أبانوب أن للوراثة دورًا قد يتداخل في مشاكل وتداعيات أمراض متلازمة التمثيل الغذائي، لكن لا يمكن اعتبار العامل الجيني هو المسئول وحده، وخاصةً أنه لا يوجد إثبات بالأبحاث العلمية لوجود جين محدد يؤثر أو يزيد من احتمالية حدوث متلازمة التمثيل الغذائي وإنما نمط الحياة غير الصحي يلعب دورًا رئيسيًا في حدوث كثير من المشاكل والتي ازدادت في الفترة الأخيرة وبالأخص بين الأطفال والمراهقين.
وعن طرق التشخيص المتبعة في مثل هذه الحالة، أكد د. أبانوب أن طرق التشخيص أولها الملاحظات الإكلينيكية من خلال الطبيب للأعراض السابق ذكرها، وبالإضافة إلى ذلك يمكن للطبيب المعالج طلب عمل بعض التحاليل للاطمئنان علي صحة الطفل ومنها تحليل مقاومة الأنسولين وتحليل سكر تراكمي وتحليل سكر صائم وتحليل الغدة الدرقية وقياسات الأنثروبومترية Anthropometric Measurements، والتي تشمل قياس الوزن والطول ومحيط البطن ومقارنتها بالنسب الطبيعية.
وأشار د. أبانوب إلى أن خطة العلاج تقوم على شقين، ويكون للوالدين دور كبير في نجاحها لدى أطفالهم، وبالأخص في جانب الشق المتعلق بالعلاج الغذائي، لأن العلاج الأكثر فاعلية في أغلب الحالات يكون عن طريق اتباع حمية غذائية محددة تُقَرَّر ويتم تخطيطها من قِبل أخصائي التغذية العلاجية، وفيها يتم حساب الاحتياجات الغذائية الخاصة بالطفل، مع حساب معدلات نموه ووضع إستراتيجية غذائية تمتد من 3-6 أشهر للتخلص من المشكلة بشكل كامل، ويجب اتباعها بشكل دقيق حتى يتم الشفاء من متلازمة التمثيل الغذائي بشكل كامل. أما الشق الثاني فهو علاج دوائي حيث يسهم في التخلص من متلازمة التمثيل الغذائي، وتُحَدد تلك الأدوية من قِبل طبيب الأطفال أو طبيب الأمراض الباطنة. وختامًا أكد د. أبانوب على ضرورة تدريب وتعليم الأطفال والآباء طريقة الأكل الصحي اللذيذ، حيث إن كل الوجبات تقريباً يمكن تناولها والاستفادة منها لكن بطريقة طهي صحيحة، فلا معنى ولا قيمة أن تكون أغلب الوجبات التي تدخل أجسامنا مجرد وجبات جاهزة لا تمدنا بالعناصر الغذائية التي نحتاج لها، وبالتالي تحدث مشاكل صحية نتيجة لعجز ونقص كثير من العناصر الغذائية المفيدة للجسم، كما ينبغي عند حدوث أي أعراض لمتلازمة التمثيل الغذائي زيارة الطبيب المعالج للتشخيص السريع ولتجنب حدوث أي أخطار على الصحة أو الإصابة بأي أمراض غير متوقعة في الوقت الراهن أو البعيد.