جلوريا حنا
تأتي إلينا منذ السابع من أكتوبر وحتى الآن الكثير من الأخبار حول فلسطين، أو غزة بالتحديد، وما يجري فيها من مجازر وجرائم بشعة من تفجير وقتل وتهجير، وما يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي من حالة غضب بين الشعوب، والدعوة لإيجاد حل لوقف تلك الجرائم التي تحدث، والتعليقات المختلفة والدعوة لمقاطعة لبعض المنتجات، وغيرها من ردود الأفعال التي نراها والتي تعبِّر عن مدى الكراهية الموجودة الآن بسبب الاعتداءات المتوحشة.
أرى يوميًا الكثير من المنشورات الخاصة بذلك الموضوع، ومهما حاولت الابتعاد، أجد دائمًا منشورًا أو مقطع فيديو له علاقة بالأمر، فلديَّ بعض الأشخاص الذين يتابعون القضية بشكل كبير ولا يتركون أي مستحدثات أو معلومة تمر عنهم، ولا يمر يوم دون أن يقوموا بنشر شيء عنه. في ظل تلك التعليقات الكارهة والمناظر المؤلمة التي أراها، عليَّ القول إني لم أستطع ألا أشعر بمشاعر الكره والمرارة لما يحدث، وأجد نفسي أنساق وراء المشاعر السلبية التي تبثها مواقع التواصل وكذلك هؤلاء الذين حولي سواء من دائرة معارفي أو العمل.
يبث العالم من حولنا سمومه، ونحن بدون وعي منا قد نستنشق تلك السموم، ونتأثر بالأفكار التي تأتي إلينا من كثير من المصادر. وليس كل شيء نسمعه أو نتلقاه من العالم يكون هو بالضبط الذي يريد الله منا أن نعيشه، فبينما شعرتُ بمشاعر الكراهية والرغبة في أن يحدث انتقام لأجل كل تلك الجرائم، وتلك هي المشاعر التي يبثها العالم، أجد قليل من المنشورات التي توضح أن الله يحب الطرفين، ومؤخرًا رأيتُ منشورًا به تسجيل مُسرَّب لشخص من الطرف الآخر وهو يبكي خوفًا ويريد مغادرة الحرب. فلنضع في الاعتبار أن التسجيل قد يكون غير حقيقي، لكن هذا لا يعني أن تلك المشاعر غير حقيقية أيضًا، فالطرف الآخر لديه أسرة وحياة تدمرت أيضًا بسبب ما يحدث.
عندما كان المسيح على الأرض، كان يصنع الخير ويحب الجميع، ولا يقبل الخطايا التي يرتكبها الناس، لكنه يحبهم هم، ولا يدينهم على الرغم من أنه الوحيد الذي له الحق في ذلك، لا يجول يدعو للانتقام بل يدعو لمحبة الأعداء، وهذه هي الحياة التي يرغب الله منا أن نعيشها.
عزيزي …عاش المسيح في وسطنا مُظهِرًا لنا كيف ينبغي أن نعيش، وذكر لنا مثل السامري الصالح الذي ساعد عدوه. ولأننا في العالم، يجب علينا أن نحمي أنفسنا من الأفكار التي يبثها العالم لنا من كراهية واستغلال وانتقام وخداع وغيرها كثيرًا. قد تقول لي: نعم، لقد فعل المسيح هذا لكننا لسنا المسيح. هذا صحيح، لكن المسيح جاء ليمنح لنا مثالًا نسير على أساسه، ونستطيع أن نطلب من الله أن يحمينا من أفكار العالم ومن أن ننساق وراء تلك الأفكار، وأن نعرف كيف نعيش كما عاش المسيح على الأرض، فأساس فكرنا وسلوكنا الوحيد هو كلمة الله.
نرفع قلوبنا وأيدينا إلى الله لأجل أهل غزة، ونصلي أن تنتهي تلك الحرب ويحل السلام على الطرفين.