28.4 C
Cairo
الأحد, سبتمبر 8, 2024
الرئيسيةفكر مسيحيلا تتعلق بها

لا تتعلق بها

جلوريا حنا

حدث في الفترة الماضية بعض الجدالات حول عدد من المشاهير، حيث تعرضوا لهجوم قوي على وسائل التواصل الاجتماعي من المتابعين لهم، بل وكل مَنْ حاول الدفاع عنهم تعرض هو الأخر للهجوم. لن أذكر سبب ذلك الهجوم أو أسماء هؤلاء المشاهير، لكن ما يستحق الذكر هو أن هؤلاء المشاهير كانوا محبوبين جدًا من الملايين من الشعب المصري، لكن حدث اعتراض عليهم بسبب سلوك قاموا به.

نحن نعيش في عالم متقلب، قد تكون مشهورًا ومحبوبًا في يوم، ثم تصبح مكروهًا مُهانًا في اليوم التالي؛ هؤلاء المشاهير رغم شهرتهم الواسعة ومحبة الملايين لهم، ومنهم أيضًا مَنْ كانت شهرته عالمية، انقلب هؤلاء المعجبون عليهم بسبب سلوك قاموا به وكان بالنسبة لجمهورهم خطأ. تلك التقلبات تحدث لكثير من المشاهير من وقت لآخر عند فعل شيء غير متوقع أو غير صحيح في نظر معجبيهم، وبعض تلك التقلبات تكون زائدة قد تصل إلى حد الإهانة والتنمر.

وهذا الحال ليس بجديد علينا، لكنه موجود منذ القدم وبالتحديد أيام السيد المسيح. نستطيع أن نقول إن السيد المسيح كان مشهورًا في وقته، ولكن رغم ذلك كان يعرف أن تلك الشهرة لن تدوم، بل وكان يعرف أيضًا أن الشعب سيأتي وقت ويهيج عليه، فهكذا هو حال البشر، والأهم من ذلك أنه كان منتبهًا لمهمته الأساسية، ولم ينشغل بتلك الشهرة بين شعبه.

وإن تعمقنا في حياة السيد المسيح نجد أنه لم يترك ملذات الحياة تعيقه أو تشتته عن مهمته الأساسية على الأرض وليس فقط الشهرة، فالشهرة جانب من الجوانب لكن يمكننا أن نحذف كلمة الشهرة ونضع بدلًا منها أي شيء آخر: سلطة، مال، جمال،… الخ. فعلى الرغم من أن تلك الأشياء رائعة وليس بها عيب، لكنها ليست باقية، وسيأتي يوم وتنتهي أو تضيع، وإن لم تضع فلن نأخذها معنا عند نهاية حياتنا.

عزيزي… يحذرنا السيد المسيح من الكنز الأرضي: “لاَ تكنزوا لكم كنوزًا على الأَرض حيث يفسد السوس والصدأُ، وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بلِ اكنزوا لكم كنوزًا في السماء، حيث لا يفسد سوس ولا صدأ، وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون، لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضًا” (متى 6: 19-21).

لا يوجد عيب في تلك الكنوز الأرضية، لكن العيب في أن نضيع حياتنا كلها محاولين اقتنائها، وفي النهاية تضيع منا في ثانية. وكما رأينا مع هؤلاء المشاهير، فقد انقلب عليهم معجبوهم في لحظة، وفي اللحظة الأخرى سيعودون لهم، وتدور الدائرة، تمامًا ما حدث في مثل الغني الغبي أيضًا، والذي ظل يكنز لنفسه حتى انتهت حياته دون أن يأخذ أي شيء معه. من حقنا أن نطمح في الشهرة والغنى وغيرها من الأحلام، لكن ونحن حريصون على ألا نستعبد لها تاركين كنزنا الذي في السماء، والذي يعلِّمنا سيدنا كيف نقتنيه، فهذا الشيء الوحيد الباقي لنا.

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا