20.8 C
Cairo
الأربعاء, ديسمبر 18, 2024
الرئيسيةفكر مسيحيلا أحد غيره يغيِّر

لا أحد غيره يغيِّر

جلوريا حنا

­­­­قرأتُ مؤخرًا كتاب “رحلة جوابة الفجر”، وهو الجزء الخامس من كتب عالم نارنيا لـ”سي. إس. لويس”. وكتب عالم نارنيا هي طريقة رمزية من سي. إس. لويس لشرح علاقتنا بالله من خلال علاقة أهل العالم – وأيضًا بعض من عالمنا نحن – بأسد يدعى أصلان، والذي هو رمز لله في تلك القصص. وتحكي تلك القصة عن ذهاب الأبطال في مهمة بحث بحرية عن أمراء نارنيا في الجزر المختلفة البعيدة عن بلدهم. لن أحكي كثيرًا في القصة، فما كان مهمًا بالنسبة لي هو أحد أبطالها، وهو ولد يُدعى يسطاس أو صغرون.

تشرح لنا القصة أن يسطاس كان ولدًا متعجرفًا أنانيًا ومدللًا، يريد لكل شيء أن يكون حسب ما يريده هو وليس ما يريده الآخرون، لا يهتم بما يشعر به الآخرون في مقابل أن يكون هو مرتاحًا. وفي إحدى المرات التي رست فيها السفينة على جزيرة من الجزر، سار يسطاس وحده بعيدًا عن باقي الأبطال، وأثناء محاولة العودة تاه ووصل إلى كهف، وهناك وجد تنينًا يحتضر. وما أن مات التنين حتى دخل الكهف ليبيت فيه، وهناك وجد سوارًا ذهبيًا، اشتهاه يسطاس ولبسه ثم نام، وعندما قام وجد نفسه قد تحول لتنين. انكسرت عجرفته حينها، فعاد إلى الجماعة باكيًا كي يساعدوه، لكن لم يساعده أحدًا سوى أصلان الذي قابله فيما يشبه بالحلم.

أخبر أصلان يسطاس التنين أنه يجب أن يخلع جلده كما تفعل الزواحف، وفعل يسطاس ذلك ثلاث مرات، لكن ما أن يخلع جلدًا حتى يجد آخر تحته. أخبره أصلان أنه يجب أن يتركه هو ينتزع عنه الجلد، ولم يتحرر يسطاس إلا عندما تركه وتقبَّل الألم الناتج عن نزع أصلان لجلده. وحينها عاد يسطاس لطبيعته، لكن بعد عودته، لاحظت الجماعة تغييرًا جذريًا في صفاته، وإن كان يعود أحيانًا إلى طبيعته القديمة، لكنه تغيَّر بشكل ملحوظ.

من الجدير بالذكر أن يسطاس لم يتألم تمامًا من محاولته لنزع الجلد عن نفسه، وعندما قارن الجلد الذي نزعه بالجلد الذي نزعه أصلان عنه، لاحظ أن الثاني كان أكثر سمكًا ولونه أغمق.

هذه الرواية ذكَّرتني بحالتنا نحن البشر، فكثيرًا ما تقودنا تصرفاتنا إلى الكثير من التشوهات والنتائج القاسية، وهناك مَنْ يكون ذكيًا بما يكفي بحيث يدرك أنه عليه أن يتغير كي يعالج تلك التشوهات قدر الإمكان، إلا أنه مهما حاولنا من تلقاء أنفسنا أن نتغير، فلن يكون سوى تغير سطحي لا يصنع فرقًا، لكن عندما نترك أنفسنا لله كي يعمل عليها، فعندها يصنع المعجزات!

عزيزي… كان يعقوب يعيش معتمدًا على ذكائه، ولم يتغير كثيرًا إلا عندما تقابل مع الله. وفي هذه المقابلة، كسر له حق فخده، وعلى الرغم مما تبع ذلك من ألم، إلا أن أول عبارة قالها يعقوب بعد ذلك هي: «لا أطلقك إن لم تباركني»، ويمكننا أن نلاحظ التغيير على يعقوب بعد ذلك. إن محاولتنا للتغيير من أنفسنا قد تفيد إلى حين، لكن دون تدخل الله وقبول المسيح في حياتنا، لن يستمر ذلك التغير كثيرًا.

إنه واقف الآن على باب القلب ويقرع، وينتظر أن نفتح له ونسمح له بالتدخل. قد نتألم، لكن كما نشعر بالألم عندما نضع مطهرًا على الجروح، فهذا الألم ضروري لعلاج أنفسنا وأرواحنا.

المقاله السابقة
المقالة القادمة
مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا