إن معنى الجزء الثاني من عقوبة المرأة يتمركز حول كلمتين هامتين لهما تاريخ عجيب جدًا في الترجمة: “اشتاق”، “يسود”، ونادر جدًا ما حدث شقاق مثل الذي حدث حول ترجمة هاتين الكلمتين، حتى صارا مضرب الأمثال.
هل من الحق أن النساء بسبب السقوط تبدين بالطبيعة أشواقًا جنسية جامحة نحو أزواجهن؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل يأمر الله – في نفس الوقت – الأزواج بالسيادة على زوجاتهم؟ وبصيغة أو بأخرى، فإن غالبية المفسرين المحافظين يجيبون على كلا السؤالين:
“نعم، بالتأكيد” ويشيرون إلى (تكوين 3: 16) كأساس لإجابتهم. ولكن هل الآية نفسها تحمل هذه المفاهيم الهامة؟
الكلمة العبرية “تشوقه” التي تُترجَم الآن إلى “رغبة” كانت تُترجَم سابقًا إلى “الرجوع” ولا تظهر هذه الكلمة في عبرية العهد القديم سوى ثلاث مرات: هنا في (تكوين 3: 16)، وفي (تكوين 4: 7)، وفي (نشيد الأنشاد 7: 10). وفي الاثنتي عشرة ترجمة القديمة (السبعينية اليونانية، والبشطية السريانية، والتوراة السامرية، واللاتينية القديمة، والقبطية الصعيدية، والقبطية البحيرية، والحبشية، والعربية، ويونانية أكيلا، ويونانية سيماخوس ويونانية ثيودوتيون والفولجاتا اللاتينية)، كل واحدة منها تقريبًا (21 مرة من 27 مرة) تترجَم هذه الكلمة “تشوقة” في المواضع الثلاثة إلى “الرجوع” وليس “رغبة”.
وبالمثل فإن آباء الكنيسة (أكليمندس الروماني، إيريناوس، ترتليانوس، أوريجانوس، أبيفانوس وجيروم، مع فيلو اليهودي (المتوفي عام 50م)) يبدو أنهم كانوا يجهلون أي معنى آخر لهذه الكلمة “تشوقة” سوى معنى “الرجوع”. وعلاوة على ذلك، فإن الترجمة اللاتينية كانت “كونفرسيو” واليونانية “آبوستروفي” ومعناهما “الرجوع”. وبمثل هذه الشهادة القوية الجامعة إلى جانب “الرجوع”، كيف تسربت كلمة “رغبة” أو “شوق” إلى قائمة المترجمين؟ ثم إن كاترين بوشنل، وهي التي كانت رائدة البحث في هذه المشكلة، قد رجعت إلى ترجمة راهب إيطالي دومينكاني اسمه “باجنينو”، كان قد ترجم الكتاب المقدس العبري، وكان “باجنينو” – وفقًا للناقد الكتابي غير المشهور ريتشارد سيمون – قد أهمل كثيرًا الترجمات القديمة للكتاب المقدس، ليربط نفسه بتعاليم الربيين (المعلمين اليهود). وقد نُشرت ترجمة باجنينو في ليون في 1528 قبل ترجمة كوفردال الإنجليزية بسبع سنوات. وباستثناء ترجمة ويكلف الإنجليزية في 1380، وتورات دوي في 1609، وكلتاهما قد نقلتا عن الفولجاتا اللاتينية، فإن كل ترجمة إنجليزية من وقت باجنينو إلى يومنا الحاضر قد اتبعت ترجمة باجنينو للآية في (تكوين 3: 16).
والكتب المقدسة الإنجليزية القديمة – متبعة باجنينو – قد ترجمت هذه الآية: “شهوتك (أو شهواتك) سوف تتعلق بزوجك”، فواضح إذًا أن المعنى الذي أعطاه باجنينو للكلمة وتابعوه هو “الشهوة الجنسية”. والمكان الوحيد الذي وجدت فيه بوشنل مثل هذا المفهوم كان في “لعنات حواء العشر” في التلمود.
والآن قد رجعت الكنيسة إلى المعنى الصحيح لهذه الكلمة: فمعنى (تكوين 3: 16) هو هذا ببساطة: نتيجة لخطيتها، ستتحول حواء عن اعتمادها الوحيد على الله وترجع الآن إلى زوجها، ولن تكون النتائج مُسرة بالمرة كما حذَّر الله بإعلانه هذه اللعنة.
ولا يعلِّمنا هذا العدد، كما لا تؤيد الطبيعة بملاحظاتنا، أن هناك ميلًا عند المرأة أن تنساق برغبتها في العلاقات الجنسية مع زوجها أو غيره من الرجال. فهذا سوء تفسير للآية، وخيال جامح من الذكر جاء من مصدر آخر غير الكتاب المقدس أو الطبيعة البشرية. حتى إذا استأنست الكلمة لتعني مجرد الميل أو النزعة، فلم نتقدم كثيرًا، فكل هذه الترجمات تفتقر إلى المعنى الأصيل في العبرية الذي يقول: “أنتِ تتحولين عن الله” إلى زوجك (ونتيجة لهذا) هو يسود عليكِ (يستغلكِ).
وإن كان هذا العدد يتنبأ فقط عن كيف أن بعض الأزواج سيستغلون زوجاتهم عندما تتحول نساؤهم إليهم بعد أن تحولن عن الله. ويجادل البعض بأن هذا الفعل الثاني يجب أن يُترجَم “سيسود عليك”، مما يجعل العبارة “فرضًا” له قوة الأوامر موجهًا إلى كل الأزواج للسيادة على زوجاتهم.
وقواعد اللغة العبرية – مرة أخرى – لا تسمح بهذا التركيب. فالفعل إنما يحمل المعنى البسيط للمستقبل، فليس في الفعل أقل تلميح للإلزام أو الفرض. والقول بخلاف ذلك يجعل من المنطقي أن يُترجَم الفعل في الآية 18 “لا بد أن تخرج لك شوكًا وحسكًا”. وبذلك يصبح كل المزارعين المسيحيين الذين استعملوا مبيدات الأعشاب تحت الدينونة كغير طائعين لله الذي طلب أن تنبت الأرض شوكًا وحسكًا.
والرد الذي كثيرًا ما يتكرر على الحوار حول “يسود” هو الرجوع إلى (تكوين 4: 7) “فعند الباب خطية رابضة وإليك اشتياقها، وأنت تسود (أو “ستسود” بمعنى “يجب عليها”) ولا شك في وجود الكلمتين “تشوقة” (الرجوع) والفعل “تسود” في كلا الموضعين، ولكن الجدل يدور حول أفضل طريقة لترجمة النص العبري.
وكثير من الاقتراحات تتجنب التفسير التقليدي بالإصرار على وجود معنى الإلزام في الفعل “يسود”، فإحدى الفرق تقول بأن قايين الذي قد أصبح محكومًا بالخطية، وكأن وحشًا يكمن ببابه، سيسود عليه (أخاه هابيل)، ولكن لا يبدو أن هذا هو ما قصده الكاتب.
والطريقة المفضلة لتناول هذه العبارة هي اعتبارها سؤالًا (وعدم ذكر أداة الاستفهام ظاهرة مشهودة في نحو نصف الأسئلة العبرية). وعليه، فيمكن ترجمته هكذا: ولكن أنت، هل ستسود عليها؟ أي هل ستكون سيدها؟ (وهذا التفسير هو أيضًا ما يفضله هـ. إيوالد، ج. ر. كاستللينو، ولحد ما كلوس وسترمان).
ومع أن كثيرين يعتقدون أن (1كورنثوس 14: 34) تشير إلى (تكوين 3: 16) بالقول: “لتصمت نساؤكم في الكنائس، لأنه ليس مأذونًا لهن أن يتكلمن بل يخضعن كما يقول الناموس أيضًا”، إلا أنني لا أستطيع أن أوافق على ذلك. فعندما يشير في كورنثوس إلى الناموس (ويبدو أن بولس كان يرد على سؤال سابق كتبوا له عنه)، فهو يشير إلى الناموس اليهودي الموجود في التلمود والمشنا، فهناك يعلِّم أن المرأة يجب ألا تتكلم بل يجب أن تصمت، ولكن هذا لا يعلِّمه العهد القديم.
والطريقة المعقولة الوحيدة لإمكان الربط بين (تكوين 3: 16؛ 1 كورنثوس 14: 34، 35) هي لو أن ما جاء في سفر التكوين هو أن الأزواج يجب أن يسودوا على زوجاتهم، حيث إنه قد ثبت أن تفسير الآية بهذه الصورة غير ممكن، فلا يمكن الاستناد إليه، ويجب ألا نضع حملًا أثقل لا تؤيده كلمة الله على شعب الله.
وفي الإعلان الإلهي بعد ذلك، سيؤكد ربنا نوعًا من الخضوع في العلاقة الزوجية، حيث سيكون الزوج مسئولًا أمام الله عن سعادة زوجته وأسرته. على أي حال، ولا يحمل (تكوين 3: 16) أي شيء من هذه المعاني.
ويمكن أن نقرر إذًا أن “تشوقة” لا تشير إلى الشهوة أو شهية المرأة الجنسية إلى الرجل، ولا أن الفعل “تسود عليها” يعبِّر عن ترتيب الله للأزواج في علاقاتهم بزوجاتهم.