18.4 C
Cairo
الأحد, ديسمبر 22, 2024
الرئيسيةتحقيقاتفي ذكرى مرور 50 عامًا على أول زيارة لبابا الإسكندرية للكرسي البطرسي...

في ذكرى مرور 50 عامًا على أول زيارة لبابا الإسكندرية للكرسي البطرسي منذ القرن الخامس

زيارة البابا تواضروس الثانية إلى الفاتيكان تثير الجدل.. بين مؤيدين ورافضين

تحقيق: د. ماريانا يوسف

أُثيرت حالة من الجدل بين عدد من النشطاء الأقباط المسيحيين عقب إعلان موقع “أليتيا” تفاصيل زيارة البابا تواضروس الثاني، بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إلى الفاتيكان لمقابلة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، حيث أفاد الموقع بأن الزيارة ستتم خلال الشهر الجاري في الفترة من 9 إلى 14 مايو.

ومن المقرر أن تقام هناك صلوات مشتركة بين الكنيستين، لتصبح أول صلاة في التاريخ لغير الكاثوليك داخل جدران الفاتيكان. ومنذ الإعلان عن هذه التفاصيل، انقسمت الآراء بين معارضين وبين مؤيدين لهذه الزيارة؛ البعض يرى أن هذه الزيارة بناءة وتعمل على توطيد العلاقة بين الكنيستين، والبعض الآخر يرى أن هذا التقارب هو عدم تشبث بتعاليم الكنيسة ومبادئها، كون كنيسة الفاتيكان مختلفة لاهوتيًا عن كنيسة الإسكندرية.

أول زيارة بين الكنيستين في التاريخ في عهد البابا شنودة الثالث

بدأت العلاقات بين الكنيستين في الدفء مع المجمع الفاتيكاني الثاني، حيث كان المراقبون الأقباط حاضرين. وفي عام 1968، دعا البطريرك كيرلس السادس البابا بولس السادس لزيارة القاهرة لافتتاح الكاتدرائية القبطية الجديدة. لم يستطع البابا بولس السادس الذهاب، لكنه في تلك المناسبة أعاد رفات القديس مرقس التي أخذها بعض تجار البندقية من الأقباط في القرن التاسع. كانت هذه اللفتة إيذانًا ببدء عصر جديد في العلاقة بين الكنيستين.

وفي عام 1973، كان الاحتفال بمرور 1600 عام على وفاة القديس أثناسيوس السكندري، ودعا البابا بولس السادس البطريرك الشاب الأنبا شنودة إلى روما، حيث وقَّعا معًا اتفاقية خرستولوجية وضعت حدًا للجدل الذي نشأ حول مجمع خلقيدونية والذي أدى إلى قطيعة بين روما وعدد من الكنائس الشرقية، بما في ذلك الأقباط. أكد هذا الإعلان المشترك لعام 1973 أن المؤمنين يشاركون بالفعل نفس الإيمان بالمسيح، الإله الحقيقي والإنسان الحقيقي. وكانت هذه الاتفاقية التاريخية بمثابة نموذج للكنائس الأخرى – السريانية والأرمنية والسريانية المالانكارية.

وبعد غياب دام لـ 15 قرنًا من الزمان منذ انفصال خلقيدونية، استعاد البابا شنودة أيضًا رفات القديس البابا أثناسيوس الرسولي أشهر باباوات الإسكندرية. ولما كانت القسطنطينية هي عاصمة الدولة البيزنطية التي تحكم مصر في ذلك الوقت، فقد استغلت القسطنطينية نفوذها فأمرت بنقل الجسد إلى القسطنطينية، وكان ذلك في القرن الثامن، ثم نُقل بعد ذلك إلى فنيسيا في القرن الخامس عشر.

ولأول مرة في التاريخ يزور أحد باباوات روما بلادنا المصرية خلال الفترة من 24 إلى 26 فبراير سنة 2000م، حيث قام البابا جون بول بزيارة مصر وقد استقبله في مطار القاهرة الرئيس حسني مبارك، ورئيس الوزراء د. عاطف عبيد، وشيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوي، وبعض الوزراء، ونيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة، ونيافة الأنبا بيشوي مطران دمياط وكفر الشيخ وبراري القديسة دميانة وسكرتير المجمع المقدس، ونيافة الأنبا موسى الأسقف العام للشباب، ونيافة الأنبا يؤانس سكرتير قداسة البابا في ذلك الوقت.

الزيارة الأولى للبابا تواضروس 2013… وتأسيس يوم المحبة الأخوية

في عام 2013، قام البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية للأقباط الأرثوذكس، بزيارة تاريخية إلى الفاتيكان ليلتقي بالبابا فرنسيس، وهو ما كان حديث الساعة في ذلك الوقت بسبب تحوله إلى رمز جديد للتسامح والتواصل بين الكنائس المختلفة. ولم يكن هذا اللقاء الأول من نوعه بين حبري الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية، إلا أن زيارة البابا تواضروس أثارت الجدل في الأوساط الدينية والسياسية.

جاءت هذه الزيارة في ظل العديد من التحديات التي تواجه المسيحيين في المنطقة العربية، وتحديدًا في مصر، حيث كانت الأوضاع الأمنية غير مستقرة بعد الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، وبدء المظاهرات والاحتجاجات الشعبية المناهضة لحكم الإخوان المسلمين. وقد كانت الزيارة تهدف إلى التأكيد على أهمية التواصل والتعاون بين الكنائس المسيحية المختلفة، ودعم الجهود المبذولة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

ولكن، على الرغم من أن زيارة البابا تواضروس كانت تهدف إلى تعزيز التواصل والتعاون بين الكنائس المسيحية، فإنها أثارت الجدل في بعض الأوساط الدينية والسياسية. وقد تم التركيز على عدة نقاط رئيسية، منها:

1- العلاقات بين الكنائس المسيحية: تُعتبر علاقات الكنائس المسيحية في المنطقة العربية معقدة ومتشابكة، وتتضمن مجموعة من التحديات والمشكلات. وقد أثارت زيارة البابا تواضروس إلى الفاتيكان العديد من الأسئلة حول طبيعة العلاقات بين الكنائس المسيحية، وإمكانية تحقيق الوحدة الدينية بينها.

2- العلاقات بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية: تُعتبر العلاقات بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية متوترة بسبب الخلافات التي توجد بين الطرفين، والتي تعود بشكل رئيسي إلى النزاع القديم حول السلطة الدينية. ولكن، على الرغم من هذه الخلافات، فإن البابا فرانسيس والبابا تواضروس قد نجحا في تحقيق تقدم في العلاقات بين الطرفين، وإبرام اتفاقيات تهدف إلى تعزيز التعاون والتواصل بين الكنائس.

3- العلاقات بين الكنائس المسيحية والإسلام: تُعتبر العلاقات بين الكنائس المسيحية والإسلام مهمة جدًا في ظل التحديات التي تواجه المنطقة العربية، وخاصةً مصر. وقد أثارت زيارة البابا تواضروس إلى الفاتيكان العديد من الأسئلة حول طبيعة العلاقات بين الكنائس المسيحية والإسلام، وإمكانية تحقيق التعايش السلمي بين المسيحيين والمسلمين في العالم العربي.

4- الأوضاع السياسية في مصر: كانت الأوضاع السياسية في مصر غير مستقرة في ذلك الوقت، وكانت البلاد تشهد اضطرابات سياسية واجتماعية كبيرة. وقد أثارت زيارة البابا تواضروس إلى الفاتيكان بعض الجدل في بعض الأوساط السياسية، حيث كانت هناك مخاوف من أن تؤدي الزيارة إلى تصعيد التوترات السياسية في البلاد.

5- القضايا الدينية الأخرى: بالإضافة إلى النقاط المذكورة أعلاه، فإن زيارة البابا تواضروس إلى الفاتيكان أثارت الجدل حول العديد من القضايا الدينية الأخرى، مثل الحرية الدينية وحقوق الإنسان والتسامح بين الأديان المختلفة.

وبالرغم من أن زيارة البابا تواضروس إلى الفاتيكان أثارت الجدل في بعض الأوساط، إلا أنها تُعد خطوة هامة نحو تعزيز التواصل والتعاون بين الكنائس المسيحية المختلفة، وتعزيز التعايش السلمي بين المسيحيين والمسلمين في المنطقة العربية. وقد أثبتت الزيارة أن الحوار والتفاهم هما السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، وأن التعاون بين الكنائس المسيحية والأديان المختلفة يمثل أساسًا هامًا لتحقيق هذا الهدف.

لقاءات البابا فرانسيس والبابا تواضروس

أوضح الأب Hyacinthe Destivelle، أحد المسؤولين في دائرة تعزيز وحدة المسيحيين، أهمية هذه الزيارة المهمة، في جواب على سؤال حول مناسبة هذه الزيارة قال الأب ديستيفيل نحتفل بثلاث مناسبات، أولها الذكرى الخمسين للقاء الأول بين أسقف روما وبطريرك قبطي أرثوذكسي. نحن نتحدث عن اللقاء الذي تمَّ عام ١٩٧٣ بين البطريرك الأنبا شنودة الثالث في ١٠ من مايو في روما والبابا بولس السادس اللذان وقعا خلاله اتفاقية كريستولوجية مشهورة جدًا، وكانت بمثابة نموذج لاتفاقيات مماثلة مع الكنائس الأرثوذكسية الشرقية الأخرى التي تعترف بالمجامع المسكونية الثلاثة الأولى.

كان البابا تواضروس، الذي تم تجليسه في 2012، قد اختار بالفعل في أول رحلة له خارج مصر أن يلتقي بالبابا فرانسيس الذي كان قد تم انتخابه للتو أيضًا. وفي هذه الرحلة، احتفلا معًا بالذكرى الأربعين للقاء الشهير بين سلفيهما، البابا بولس السادس والبابا شنودة الثالث، واتفقا وقتئذٍ على أن يوم العاشر من مايو سيكون “يوم الصداقة القبطية – الكاثوليكية” الذي يتم الاحتفال به منذ ذلك الحين كل عام من خلال تبادل الرسائل الشخصية بينهما.

الباباوان، فرانسيس وتواضروس، يلتقيان من جديد. في عام 2017، ذهب البابا فرانسيس إلى القاهرة ليوقع مع البابا تواضروس الثاني وثيقة مشتركة بنبرة رعوية. كان أحد التحديات التي تواجه كليهما هو الاتفاق على مسألة الاعتراف بالمعمودية، لا سيما في حالة الزواج المختلط. أكد الإعلان أن الكنيستين ستفعلان كل شيء حتى لا تصلا إلى درجة إعادة تعميد المؤمنين. لكن، وباعتراف الجميع، لم يكن هناك إعلان مشترك.

برنامج الزيارة البابوية الثانية للبابا تواضروس مايو 2023.. ما الجديد الذي سيحدث؟

سيزور بطريرك الإسكندرية البابا تواضروس الثاني روما في الفترة من 9 إلى 14 مايو 2023. فبعد عشر سنوات من لقائه مع البابا فرانسيس، وبعد 50 عامًا من اللقاء الأول بين البابا بولس السادس وبطريرك الأقباط الأرثوذكس البابا شنودة الثالث، سيكون البابا تواضروس الثاني إلى جانب الحبر الأرجنتيني البابا فرنسيس خلال لقاء الأربعاء الأسبوعي الخاص بالبابا مع الشعب يوم الأربعاء 10 مايو في ساحة القديس بطرس.، لتكون المرة  الأولى في التاريخ التي فيها يتحدث بابا وبطريرك للكنيسة القبطية الأرثوذكسية بصحبة بابا روما ويلقي كلمة للمؤمنين في ساحة الڤاتيكان. كان بابا الفاتيكان، بنديكتوس السادس عشر في عام 2008، اصطحب بطريرك الأرمن الكاثوليكوس كاريكين الثاني، خلال لقاء مشترك، لكن الأخير لم يتكلم. هذه المرة، سيتحدث البابا تواضروس الثاني.

وفي اليوم التالي، سيستقبل بابا الفاتيكان البابا في لقاء خاص مع وفده (أساقفة المجمع المقدس القبطي)، وسيجري تبادل الكلمات المشتركة بعد ذلك. وقد يبرز موضوع “مسكونية الدم”، إذ غالبًا ما يُطلق على الكنيسة القبطية اسم “أم الشهداء”، وقد تُستحضر ذكرى الشهداء الأقباط الذين اغتالهم تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا عام 2015. ثم سيقضي قائدا الكنيستين فترة للصلاة في كنيسة الفاتيكان.

وبالإضافة إلى تحدثه مع البابا فرنسيس، سيحتفل البابا تواضروس الثاني أيضًا بالقداس الإلهي في بازيليك القديس يوحنا لاتيران، وهو القداس الأول لغير الكاثوليك في هذه الكنيسة. ومتوقع أن يحضره نحو ١٠٠ ألف من الأقباط المقيمين في إيطاليا.

ترحيب فاتيكاني

يقول الراهب الدومنيكاني الأب ياسانت ديستڤيل، عضو المجلس الحبري لتعزيز الوحدة المسيحية: “ستكون هذه هي المرة الأولى التي يحتفل فيها بطريرك غير كاثوليكي بالقداس في كاتدرائية بابا روما.”

بينما يعلق الأب هانزي ديستيفيل الدومنيكي، عضو المكتب الفاتيكاني لتعزيز الوحدة المسيحية: “الأحد 14 مايو سيكون يومًا تاريخيًا، حيث سيحتفل البطريرك بقداس للمؤمنين الأقباط في بازيليك القديس يوحنا اللاتيران. ستكون هذه هي المرة الأولى التي يحتفل فيها شخص غير كاثوليكي في كاتدرائية البابا. أعتقد أن البازيليكا ستكون ممتلئة، لأن هناك شتات قبطي كبير جدًا وديناميكي في منطقة روما وفي إيطاليا، ربما 100 ألف مؤمن قبطي.”

ويكمل الأب. ديستيڤيل: “لذلك سنحتفل بذكرى مزدوجة، فالبابا تاوضروس الثاني، والذي انتُخب عام 2012، اختار بالفعل في أول رحلة له خارج مصر أن يأتي ويلتقي بالبابا فرانسيس الذي كان قد انتُخب للتو، واحتفلا معًا بالذكرى الأربعين للقاء الشهير بين البابا بولس السادس والبابا شنودة الثالث. وأعلنا أن العاشر من مايو سيكون ‘يوم الصداقة القبطية-الكاثوليكية’ الذي يُحتفَل به منذ ذلك الحين كل عام من خلال تبادل الرسائل.”

ويختتم الأب ديستيڤيل: “لقد فعل البابا تواضروس الكثير للعلاقات المسيحية في مصر منذ بداية بطريركيته. تمثل كنيسته حوالي 10% من سكان مصر، أو ما يقرب من 10 ملايين مؤمن. إنها الأكبر في الشرق الأوسط من حيث العدد. لكن هذا لا يمنعه من العمل للحوار بين المسيحيين، فالبابا تاوضروس الثاني، على سبيل المثال، أسس المجلس المسكوني للكنائس برئاسة دورية. وبالمثل، كان حاضرًا عند تجليس البطريرك القبطي الكاثوليكي الأنبا إبراهيم إسحق عام 2013، وهو ما لم يحدث في التاريخ من قبل. وهذا يدل على انفتاحه على الأقباط الكاثوليك الذين لا يتجاوز عددهم بضع مئات الآلاف.”

كمال زاخر: لا أحد يملك نزع أو إضفاء ألقاب من أو لأحد فهي أمور تاريخية استقرت

من جهته، يوضح المفكر القبطي كمال زاخر أن البعض يتخوف من أن يسفر لقاء البابا فرنسيس والبابا تواضروس عن إلغاء لقب (بابا) من ألقاب البابا السكندري، وهو تخوف يكشف عن عدم إدراك أصحابه لطبيعة العلاقات الكنسية المسكونية.

واستطرد: “لا أحد يملك نزع أو إضفاء ألقاب من أو لأحد، فهي أمور تاريخية استقرت، والألقاب لم تعد هي محل الخلاف أو النزاع كما كانت قبلاً حين كانت الكنائس هي التي تحكم أو توجِّه البلاط الإمبراطوري والملكي، أو تتصارع معه.”

وأكد زاخر على أن الخلاف هو خلاف فكري ولاهوتي بعضه مصنوع لأسباب سياسية وقومية، وبعضه بسبب الاختلاف اللغوي ما بين الغرب (اللاتيني) والشرق (اليوناني). وقد أسهمت تطورات علوم اللغات وعلوم الترجمة في تقديم حلول لهذا النوع من الخلافات، وتمت لقاءات عديدة بين رؤساء الكنائس ووقعوا وثائق تفاهم أعلنوا فيها هذا.

وفي كنيستنا القبطية الأرثوذكسية، حدث هذا بشكل متصاعد منذ حبرية البابا كيرلس السادس وتعمق في حبرية البابا شنودة الثالث بعد عام واحد من تجليسه بطريركًا، وتم توقيع اتفاق كريستولوجى في 9 مايو 1973 بروما وقعه كل من البابا شنودة والبابا بولس.

وتكرر الأمر في حبرية البابا تواضروس الثاني وتم توقيع وثيقة بنفس المعنى وقعها قداسته والبابا فرانسيس. ومن الناحية الرسمية، رتبة كليهما -أمس واليوم وغدًا- هي {أسقف المدينة المحبة للمسيح} فقط.

صفوت سمعان: هل تعاليم المسيح المحبة والتسامح تمنع من زيارة أي رأس كنيسة لأي كنيسة كانت؟

الناشط الحقوقي القبطي صفوت سمعان يقول: “البابا تواضروس الثاني شخصية جميلة وعظيمة وأحييه على قرار زيارة بابا الفاتيكان والصلاة أيضًا، فهو يمثل جوهر الإيمان المنشود الذي يدعو لوحدة الإنسانية.”

 وتساءل صفوت: “لماذا نخشى من مقابلة الآخرين ونخاف على الإيمان الأرثوذكسي؟ هل نحن ضعفاء لهذه الدرجة ونخاف من زيارة كبار الرؤساء الدينيين لبعضهم ورأسهم المسيح وتعاليمه، بالرغم من أننا نقول إن عقيدتنا المسيحية هي الأساس، فهل هناك مبرر للخشية من الزيارة؟ هل تعاليم المسيح المحبة والتسامح والغفران تمنع من زيارة أي رأس كنيسة لأي كنيسة كانت؟…. فحتى زعماء الدول المتصارعين يقومون بالزيارات أما هؤلاء الرافضون فقد فقدوا البوصلة الحقيقة للمسيح وهى المحبة رغم أنه لم يطلب منهم أحد تغيير هويتهم.”

ويكمل سمعان: “لم يقل لكم أحد تنازلوا عما تقولونه أنه ثوابت أو ما سلَّمه الآباء، لكن زرع الخوف والكراهية والبغضاء وإسقاطها على الزيارة يثبت أنكم محتاجون لفهم ما هي المسيحية وتعاليم المسيح أولاً قبل أن تملأوا صفحاتنا بما يصح ولا يصح وصولاً لضياع التعاليم بيد البابا حتى الاتهام بالارتداد.”

فادي يوسف: لن يكون هناك قداسًا مشتركًا.. وإنما لقاءً روحيًا

من جانبه، يوضح الناشط القبطي فادي يوسف أن مخاوف حماة الإيمان تكمن من مشاركة ليتورجية “إقامة قداس مشترك”، حيث سيقيم قداسة البابا تواضروس الثاني قداسًا في بازيليك القديس يوحنا اللاتيران، وهي كاتدرائية خاصة جدًا ببابا روما ومقر لكرسي روما وتم إعطاؤها لخدمة قداس قداسة البابا تواضروس الثاني كتكريم له وللأقباط، حيث إنه لم يُصلَ بها من قبل أي قداس غير كاثوليكي ولم يُصلِ بها أي رئيس كهنة غير كاثوليكي.

القداس قبطي أرثوذكسي خالص وسيصليه قداسة البابا بالطقس القبطي وبأواني قبطية ولوح مقدس قبطي، بينما المشترك بين قداسة البابا وأسقف روما هو اللقاء الأسبوعي للبابا فرنسيس، حيث سيلقي البابا تواضروس كلمة على ساحة القديس بطرس بالفاتيكان كأول بطريرك غير كاثوليكي يلقي كلمة هناك.

حماة الإيمان: الاتفاقية الكريستولوجية ليست كافية لإقامة وحدة أسرار مع الكاثوليك

تقول صفحة رابطة حماة الإيمان على الفيس بوك إن أزمة ثقة كبرى ترتبت على أن مصدر المعرفة بزيارة البابا تواضروس للفاتيكان جاء من موقع الفاتيكان، لتتصاحب مع ذكريات مؤلمة -حسب تعبيرهم- عندما أصرت كل المواقع العالمية ومنها الموقع الرسمي للفاتيكان على أنه تم توقيع اتفاق قبول المعمودية المشترك دون تكذيب واضح من الكنيسة القبطية إلا متأخرًا.

وحذَّرت الصفحة: إما أن تكون الأمور واضحة وبقوة وشفافية أمام الشعب.. وإلا ستكون مصادر المعلومات المتاحة سببًا للتناحر، مع التأكيد التام أنه حسب قوانين الكنيسة لا يمكن إجراء أي نوع من شركه الأسرار مع الكاثوليك إلا بعد وحدة لاهوتية تامة.

وأشارت الرابطة إلى أن الاتفاقية الكريستولوجية ليست كافية لإقامة وحدة أسرار مع الكاثوليك، وأن الاتفاقية في ذاتها لم تتخذ صفه الرسمية، والمجمع المقدس يؤكد أن تلك الاتفاقية لا تعني وحدة بين الكنيستين ويدين العقائد الكاثوليكية الأخرى المنحرفة عن الإيمان -حسب تعبيرهم- ويؤكد عدم قبول معموديتهم بعد الاتفاقية.

وأضاف حماة الإيمان أنه، حسب بيان المجمع المقدس وقبل إلغاء الاتفاقية، أعلن المجمع رسميًا أنه لكي تتم وحدة جزئية في الأسرار بين كنيستنا والكاثوليك تبدأ برفع الحرومات فلا بد من حل بضعة مشاكل لاهوتية أخرى، وكان ذلك بتاريخ 21 يونيو 1986 ونصه:

“إن رفع الحرومات يتطلب الوصول إلى حلول للخلافات في المفاهيم اللاهوتية التي تخص الإيمان في كنيستينا، وفي مقدمة ذلك مراعاة النقاط التالية: المشاكل الكريستولوجية، انبثاق الروح القدس، المطهر، الحبل بلا دنس، الغفرانات، الزواج المختلط مع غير المسيحيين”.

في النهاية، علينا ألا ننسى أن معظم جهود البابا تواضروس الثاني في تعزيز الوحدة المسيحية قد تبوء بالفشل، وذلك لأن معاونيه من أساقفة العموم هم من اختيارات سلفه الراحل، البابا شنودة الثالث، والذي كان يتبنى نهجًا مزدوج الخطاب الديني بين الداخل والخارج. ففي حين كان الأسقف الشاب اﻷنبا شنودة هو المؤسس اللاهوتي للصيغة الكريستولوجية المتفق عليها بين الشرق والغرب، إﻻ أنه عزز التراث القومي المحلي في العزل الاجتماعي للأقباط الأرثوذكس، ورفض تمامًا السماح الكنسي بالمصاهرة مع غير اﻷقباط، ولا يزال هذا العزل الاجتماعي سائدًا من القرن التاسع عشر بشكل يجعل المسيحيين الأرثوذكس غير مصرح لهم بالزواج من الكاثوليك أو البروتستانت باعتبارهم غير معمَّدين!!!

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا