19.4 C
Cairo
الأربعاء, نوفمبر 20, 2024
الرئيسيةتحقيقاتفيلم "الملكة كليوباترا" الذي تنتجه نتفليكس يفجر بركان غضب في مصر.....

فيلم “الملكة كليوباترا” الذي تنتجه نتفليكس يفجر بركان غضب في مصر.. “تزييف وسرقة التاريخ”.

طرحت منصة البث العملاقة، نتفليكس، إعلانًا تشويقيًا لفيلم يتناول حياة آخر فراعنة مصر “الملكة كليوباترا” وقصة صراعها لحماية عرشها.

وبعد ساعات قليلة من طرح برومو فيلم “الملكة كليوباترا” على نتفليكس، انفجرت موجة غضب عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، والتي اتهمت منصة البث الأمريكية بـ “تزييف وسرقة التاريخ”.

السياحة المصرية: تزييف التاريخ المصري

ردت مصر على منصة “نتفليكس” بعد إعلانها عرض فيلم وثائقي يظهر الملكة كليوباترا السابعة بملامح أفريقية وبشرة سمراء اللون.

وجاء في بيان وزارة السياحة والآثار المصرية عبر صفحتها الرسمية على “فيسبوك”: “بالإشارة إلى سلسلة الأفلام الوثائقية التي أعلنت منصة ‘نتفليكس’ إطلاقها خلال الفترة المقبلة، وفي مقدمتها عرض فيلم ’الملكة كليوباترا‘ في 10 مايو الحالي، حيث تظهر فيه بطلته التي تقوم بدور الملكة كليوباترا السابعة بملامح أفريقية وبشرة سمراء اللون، أكد الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن ظهور البطلة بهذه الهيئة يُعد تزييفًا للتاريخ المصري ومغالطة تاريخية صارخة.”

وأشار وزيري إلى أن “الفيلم مصنَّف كوثائقي وليس عملًا دراميًا، الأمر الذي يتعين على القائمين على صناعته ضرورة تحرّي الدقة والاستناد إلى الحقائق التاريخية والعلمية بما يضمن عدم تزييف تاريخ وحضارات الشعوب.”

وأضاف وزيري أنه “كان يجب الرجوع إلى اختصاصيي علم الآثار والأنثروبولوجيا (علم الإنسان) عند صناعة مثل هذه النوعية من الأفلام الوثائقية والتاريخية التي ستظل شاهدة على حضارات وتاريخ الأمم”، لافتًا إلى أن هناك العديد من الآثار الخاصة بالملكة كليوباترا من تماثيل وتصوير على العملات المعدنية والتي تؤكد الشكل والملامح الحقيقية لها، وتُظهِر جميعها الملامح الهلينستية (اليونانية) للملكة كليوباترا من حيث البشرة فاتحة اللون، والأنف المسحوب، والشفاه الرقيقة.

وأكد أن حالة الرفض التي شهدها الفيلم قبل عرضه تأتي من منطلق الدفاع عن تاريخ الملكة كليوباترا السابعة، وهو جزء هام وأصيل من تاريخ مصر القديمة، بعيدًا عن أي عنصرية عرقية.

من جانبه، قال رئيس قسم الآثار المصرية بكلية الآثار في جامعة القاهرة، ناصر مكاوي، إن ظهور الملكة كليوباترا في هذا الفيلم بهذه الهيئة يتنافى مع أبسط الحقائق التاريخية وكتابات المؤرخين أمثال بلوتارخوس وديوكاسيوس، والذين سجلوا أحداث التاريخ الروماني في مصر في عهد الملكة كليوباترا، وأكدوا أنها كانت ذات بشرة فاتحة اللون وأصول مقدونية خالصة.

وأشار إلى أن الملكة كليوباترا السابعة “تتحدّر من أسرة مقدونية عريقة حكمت مصر نحو 300 عام، وأسسها الملك بطليموس الأول، أحد القادة المقدونيين بجيش الإسكندر الأكبر، والذي آلت إليه ولاية مصر بعد بوفاة الإسكندر وأسس الأسرة البطلمية.”

وتزوج بطليموس الأول من الملكة برنيكي الأولى ذات الأصول المقدونية أيضًا، وأنجبا الملك بطليموس الثاني، حيث استمر من بعده أبناؤه وأحفاده الملوك في التزاوج من أخواتهم الإناث طبقًا لعادات ذاك العصر، وصولًا للملكة كليوباترا السابعة وأخيها بطليموس الـ14، محافظين على نقاء عرقهم المقدوني خلال كل هذه الفترة الزمنية، بحسب مكاوي.

ومن جهتها، أوضحت سامية الميرغني، المديرة العامة لمركز البحوث وصيانة الآثار بالمجلس الأعلى للآثار سابقا، أن “دراسات الأنثروبولوجيا البيولوجية ودراسات الحامض النووي التي أُجريت على المومياوات والعظام البشرية المصرية القديمة أكدت أن المصريين لا يحملون ملامح أفارقة جنوب الصحراء، سواء في شكل الجمجمة، أو عرض الوجنات والأنف، أو اتساع وتقدم الفك العلوي، ولا في الشكل الظاهري للشعر، أو نِسب أعضاء الجسد، أو طول القامة، أو توزيع وكثافة شعر الجسد.”

وأضافت أن “جميع النقوش والتماثيل التي خلَّفها قدماء المصريين على المعابد والمقابر صورت المصريين بملامح أقرب ما يكون للمصريين المعاصرين من حيث لون العين، والشعر، والبشرة، ودرجة نعومة وكثافة الشعر لدى الرجال والنساء، وحتى لون الجلد، ووجود نسبة من العيون الملونة، وهي مصورة في بعض تماثيل الدولة القديمة.”

وتابعت: “حتى حين تغيرت بعض تقنيات التحنيط في الأسرة الـ21 وبدأوا بطلاء جلد المومياء ليبدو كما في حياتها الأولى، قاموا بطلاء جلد الرجل باللون الطوبي وطلاء جلد المرأة باللون الأصفر الفاتح، الأمر الذي يؤكد أن ما نُقش على الجدران هو حقيقة سجلها المصري القديم عن نفسه.”

وقالت كاثرينا مارتينيز، رئيسة بعثة الدومينيكان، والعاملة في معبد تابوزيريس ماجنا بغرب بمدينة الإسكندرية، إنه “رغم وجود آراء متضاربة حول عرق الملكة كليوباترا، إلا أنه من المؤكد أنها وُلِدت في مصر عام 69 قبل الميلاد من أصل مقدوني.”

ولفتت إلى أنه “بالرجوع إلى التماثيل والعملات التي خلَّفتها الملكة كليوباترا تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك ملامحها الهيلينستية، وهو ما يظهر جليًا في التمثال النصفي المصنوع من الرخام والمحفوظ في متحف برلين من القرن الأول قبل الميلاد، وتظهر فيه وهي ترتدي إكليلًا ملكيًا، بعينين لوزيتين، وأنف مسحوب، وشفاه رقيقه.”

وأشارت إلى تمثال نصفي آخر محفوظ في الفاتيكان يُظهِر كليوباترا بملامح ناعمة ورأس من الرخام وتظهر فيه وهي ترتدي غطاء الرأس، فضلًا عن عدد من العملات التي تُظهِرها بنفس الهيئة الهيلنستية.

تحرك برلماني ضد “نتفليكس”

تقدمت النائبة صبورة السيد، عضو مجلس النواب المصري، بطلب إحاطة لرئيس المجلس المستشار حنفي جبالي، تطالب فيه بحظر بث منصة “نتفليكس” في مصر، وذلك على خلفية الإعلان الترويجي للفيلم الوثائقي “Queen Cleopatra” المقرر إذاعته على المنصة الرقمية 10 مايو الحالي.

وأوضحت صبورة، أن “الطلب سيُحال إلى اللجنة المختصة، ثم استدعاء المسؤولين”، معتبرة أن “تلك الواقعة بمثابة محاولة لسرقة وتشويه التاريخ، إذ هناك مخططات كبرى تسعى للنيل من الدولة المصرية وهدمها وسرقتها”.

وأشارت إلى أن ترويج نتفيلكس لكليوباترا كملكة من ذوات الأصول الإفريقية يغذي أفكار حركة “الأفروسنتريك”، التي تتبنى فكرة أن جميع حضارات العالم كانت تضم ذوي الأصول الإفريقية قبل تشتتهم، مشددة على أن الفيلم يحاول تغيير تاريخ مصر القديم ويزوّر المعطيات التاريخية الثابتة.

وتساءلت بقولها: “إذا لم يكن تزييفًا للتاريخ.. لماذا تظهر كليوباترا في عمل فني ببشرة سمراء وهي ليست كذلك؟.. بالتاكيد الهدف واضح وهو مخاطبة الأجيال الجديدة التي لا تقرأ التاريخ ومحاولة تغييبهم واعطائهم معلومات خاطئة”.

وشددت على أن “حرية الإبداع لا تعني على الإطلاق تقديم أعمال فنية تاريخية بمعلومات مغلوطة لخدمة جهات محددة، وهذا دورنا كنواب التصدي لتلك المحاولات المشبوهة”.

وناشدت بضرورة تحرك الجهات الرسمية بالدولة وفي مقدمتها وزارة الثقافة، فضلاً عن اتخاذ الإجراءات القانونية ضد القائمين على هذا العمل وإدارة المنصة، وذلك من منطلق الحفاظ على الهوية الوطنية من محاولات الطمس والتشويه”.

وأطلق البعض بيان تحمل توقيع أكثر من 70 ألف شخص، عبر منصات التواصل الاجتماعي، للمطالبة بضرورة منع عرض الفيلم، معتبرين أنه “يزوّر التاريخ”.

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا