تعرفنا العدد الماضي بدانيآل ومولده وسبيه وتغيير اسمه إلى بلطشاصر وكيف أنه امتنع عن أكل طعام الملك المُحَرَّم بالنسبة له، ومن هذا تظهر شجاعة دانيآل وتمسكه بالشريعة وطقوسها رغم صغر سنه، حيث لم يكن قد تعدى السادسة عشر.
بعد انتهاء المدرسة، كان لا بد على كل تلميذ أن يُقابِل الملك مقابلة شخصية ليمتحنه بنفسه. وهنا تظهر نعمة الله، إذ اكتشف الملك تفوق دانيآل والثلاثة فتية عشرة أضعاف عن كل التلاميذ المرافقين لهم في الذكاء والحكمة، بل وعن كل حكماء بابل وأعجب بهم جداً وخاصةً بدانيآل (دا1: 20).
وبعد ذلك، وبالتحديد في السنة الثانية لملك نبوخذنصر وكان عمر دانيآل وقتذاك عشرين عامًا تقريبًا، حلم نبوخذنصر حلمًا أفزعه، فطلب من حكماء بابل كلهم أن يقولوا له الحلم ثم يفسروه وإلا سيبيدهم، فعجز الكل عن ذلك، فأمر الملك بقتلهم جميعاً. وهنا تقدم دانيآل بإيمان وشجاعة فائقة إلى الملك وطلب مهلة حتى يُعلِم الملك بالحلم وتفسيره، ثم ذهب وصلى -هو والثلاثة فتية- فكشف الله له الحلم وتفسيره. ثم دخل إلى الملك وأعلمه أن ما يطلبه فوق قدرة البشر ولكن الله العالم بكل شيء قد عرَّفه الحلم، وذكر له الحلم وتفسيره وهو يختص بالممالك القادمة بعد مملكة بابل. فشعر الملك بقوة الله في دانيآل، بل قام وسجد أمام دانيآل لانبهاره بحكمته وأمر له بعطايا كثيرة وملَّكه على ولاية بابل وجعله رئيسًا لرؤساء المملكة ومُقيمًا في القصر الملكي. وبواسطة دانيآل جُعل الثلاثة فتية مسئولين عن أعمال ولاية بابل عاصمة الإمبراطورية (دا 2). وهكذا نرى كيف مجَّد الله دانيآل الشاب المسبي كعبد، فجعل الملك يسجد له ويعظِّمه فوق كل الرؤساء. وهذا بالطبع أعطى دانيآل إحساسًا بمساندة الله له، فازداد إيمانه وتمسكه بعبادة الله.
سمح الله بحدوث مشكلة في بابل في الأيام التي كان فيها دانيآل شابًا صغيرًا ليُظهِر نقاوة وشجاعة وحكمة دانيآل.
نكمل العدد القادم