الأسود والأبيض متضادان، الليل والنهار متعاقبان، الشمس والقمر لا يلتقيان. لكن كل هؤلاء رغم ذلك أصدقاء. لا نستغنى عنهم كالصيف والشتاء.
لكن رغم ذلك بسببهما يتشاجر أقرب الأصدقاء.
في الغابة الكبيرة كان القمر ساطعًا، غرد الكروان. وعلا نقيق الضفدعة. خرج العصفور من عشه غاضبًا وقال: ما هذه الضوضاء المزعجة؟
أنا لا أحب الليل، الليل بالنسبة لي هو الملل والكسل!
قفزت الضفدعة في نشاط قائلة: الليل هو وقت النشاط والعمل في ساعاته الطوال، أنقي الأرض من الحشرات التي تضر بها وتعطل نمو المحاصيل.
قال الديك في ثقة: الليل وقت النوم والكسل، أما النهار فهو وقت النشاط والعمل، متى يختفي القمر لأصيح وتشرق الشمس وتصحو كل الطيور والحيوانات؟
هزت الشجرة أغصانها في غضب فسألها العصفور: هل تحبين الشمس أم القمر؟
قالت الشجرة: أحبهما معًا، في الليل تخرج أوراقي ثاني أكسيد الكربون الضار بصحة الإنسان والحيوان، وتُجرى عملية التمثيل الضوئي في النهار لتفرز الأكسجين اللازم لحياة الإنسان والحيوان.
طار الخفاش وقال للبومة: هيا بسرعة نكمل العمل ستشرق الشمس ولن نستطيع الرؤية في ضوئها. نظرت البومة للسماء وقالت في قلق: لماذا اختفى القمر مبكرًا الليلة؟ أنا لا أحب النهار ليت اليوم كله ليل.
غضبت الشمس واختفت وراء السحاب، هزت الشجرة أغصانها وقالت: لن تشرق الشمس أو يظهر القمر إلا وأنتم جميعًا أصدقاء.
تساءل العصفور: كيف نكون أصدقاء ونحن نختلف في كل شيء؟ قالت الشجرة: الشمس والقمر مختلفان. والليل والنهار متعاقبان. ولكنهم جميعًا أصدقاء، المسألة كلها نسبية؟!
سألت البومة الشجرة: ما معنى كلمة نسبية؟!
ردت الشجرة: أنتِ يا بومة لا تستطيعين الرؤية في النهار، فالليل يناسبك وأنت يا ديك لا ترى جيدًا في الليل، فالنهار يناسبك، وما يناسبك قد لا يناسب غيرك.
قال العصفور: الآن فهمت معنى كلمة نسبية.
وحرك الخفاش جناحيه وقال: فعلاً كل شيء نسبي، ولأن الأبيض والأسود أصدقاء والشمس والقمر تضمهما السماء، سأدعو كل الطيور لحفلة عيد ميلادي في المساء.
فعلاً يا صديقي كل شيء نسبي، وأصغر طائر أو حيوان يمكنه أن يكون نافعًا للإنسان، فالخفاش مثلاً قدّم للإنسان اختراعًا مفيدًا هو الرادار، فكيف استفاد الإنسان من الخفاش واخترع هذا الجهاز المهم، وهو جهاز الرادار؟
يعمل الرادار كالصدى، فلو أنك صحت بصوت عال في مكان تحيك به الجبال، فسوف تنتقل تلك الموجات الصوتية إلى هذه الجبال ثم ترتد منها وتعود إليك على هيئة موجات تصطدم بالأشياء التي تصادفها في طريقها، فتنعكس كالصدى مرة أخرى إلى الرادار فيراها، وقد استوحى المخترعون فكرة الرادار من الخفاش.
يطلق الخفاش من فمه وأنفه أصواتًا حادة.
وعندما تصطدم بأي جسم ترتد عنه فيسمعها الخفاش بأذنيه الكبيرتين وتسمى هذه الطريقة تحديد الموقع بالصدى، ويستخدمها الخفاش لتحديد مواقع ضحاياه من الحشرات أو الأزهار، عندما يحلق الخفاش فوق حديقة يطلق الأصوات بمعدل 10 نبضات في الثانية، ولو سمع صدى إحدى تلك النبضات مرتدًا من حشرة يزيد عدد نبضاته إلى 25 نبضة في الثانية حتى يتمكن من تقصى أثر الحشرة بدقة، وخلال انقضاض الخفاش على الحشرة يواصل زيادة عدد نبضاته إلى 200 نبضة في الثانية، وبهذا يعد الخفاش أبرع من يلتقط الحشرات، حيث يستطيع أن يصطاد خلال فترة نصف ساعة نحو 600 حشرة أي ما يعادل ربع وزنه.