بعد خمسين عامًا من قيام بيلي جراهام وجون ستوت بصنع التاريخ من خلال دعوة 2700 إنجيلي من 150 دولة، اجتمع 5200 مسيحي إنجيلي من أكثر من 200 دولة في إنتشون، كوريا الجنوبية، يشاركون مؤتمر لوزان الرابع للاحتفال بالثمار الشخصية والجماعية للكرازة العالمية في نصف القرن الماضي.
وقال المدير التنفيذي العالمي والرئيس التنفيذي لحركة لوزان مايكل أوه: “إن الكلمات الأربع الأكثر خطورة في الكنيسة العالمية اليوم هي: إني لا احتاج إليك.”
وقد سعت الحركة على مدى الخمسة عشر عامًا، منذ انعقاد مؤتمر لوزان الأخير في كيب تاون بجنوب إفريقيا، إلى توسيع نطاق من تشملهم كشركاء ضروريين في تتميم الإرسالية العظمى. وكانت قد نظمت فعاليات للقادة تحت سن الأربعين في جاكرتا عام 2016، وللمسيحيين في “سوق العمل”، أو أولئك الذين لا يعملون بوظيفة كاملة في الخدمة، في مانيلا في عام 2019.
منذ الحدث التأسيسي في عام 1974، عملت لوزان على تعميق التعاون بين الإنجيليين في جميع أنحاء العالم. وبينما تولي الحركة اهتمامًا لتطوير القادة الشباب وتوسيع شبكتها، فقد أصدرت تقريرًا ضخمًا عن وضع الإرسالة العظمى وبيان سيول، وهما وثيقتان تؤكدان التزام الحركة بأن تأخذ دورها كقائدة فكرية في التبشير واللاهوت.
وفي وقت مبكر من عملية التخطيط لمؤتمر لوزان هذا العام، جمعت كنيسة أونوري، إحدى أكبر الكنائس المشيخية في كوريا، أكثر من 430 كنيسة معًا للصلاة. وبدأت حوالي 200 كنيسة بالوعظ جماعيًا من سفر أعمال الرسل. وقام كثيرون بجمع الأموال لتغطية تكاليف المؤتمر.
وقد ساهمت الكنيسة الكورية بشكل كبير ماليًا في تغطية تكاليف مركز المؤتمرات والوجبات والنقل ومصاريف الإنتاج.
يتميز مؤتمر سيول بنسبة عالية غير مسبوقة من المندوبات (29%) ومن المندوبين الذين تقل أعمارهم عن 40 عامًا (16%). ويعمل أكثر من 1450 مشاركًا خارج الخدمة بدوام كامل.
ورغم أن منظمي مؤتمر لوزان 4 سعوا أساسًا لأن تكون نسبة الحضور من أمريكا الشمالية حوالي 5% من العدد الكلي للمشتركين الوجاهيين من المندوبين، لكن بالنتيجة مثل المندوبين من تلك المنطقة 25.5% من العدد الكلي من المشتركين (إحصائيات لوزان مبنية على مكان سكنى المندوب).
وإذا أضفنا نسبة الأوروبيين في المؤتمر (13%) فعندها تكون نسبة الغربيين في المؤتمر 38.5% من العدد الكلي للمندوبين.
إن حوالي ثلث المندوبين (36.9%) يسكنون في بلاد آسيوية مقارنةً بـ12.8% في إفريقيا و7.7% في أمريكا الجنوبية. أما المندوبون الذين يسكنون في أوقيانيا فيشكلون 3% ومن الجزر الكاريبية 1.1%.
ويقول كريستيان مورييرا، مدير وأستاذ في معهد مارتن بوسير اللاهوتي في تشيلي، إن الاستماع إلى مسيحيين من مختلف أنحاء العالم يروون قصص الاضطهاد ونعمة الله مباشرةً هو تجربة فريدة من نوعها. “إن سماع ما يفعله الله في باكستان، وماليزيا، وأوروبا، والعالم الإسلامي… أمر مؤثر للغاية.”
وقد أصدر كل مؤتمر من مؤتمرات لوزان السابقة وثيقة إنجيلية مميزة: ميثاق لوزان (1974)، وبيان مانيلا (1989)، وعهد كيب تاون (2010). وفي إطار الاتجاه السائد في أحدث إصدارين، أعلنت لوزان أنها أصدرت بيان سيول، وهو أطروحة من سبعة أجزاء تنص على مواقف لاهوتية بشأن الإنجيل، والكتاب المقدس، والكنيسة، و”الشخص الإنسان”، والتلمذة، و”أسرة الأمم”، والتكنولوجيا.
وقال ديفيد بينيت، المدير العالمي المساعد لحركة لوزان، إن بيان سيول “صُمم لسد بعض الثغرات، ليكون مكملًا لسبعة مواضيع رئيسية لم نفكر فيها بما فيه الكفاية أو لم نتأمل بها أو نكتب عنها بما فيه الكفاية داخل حركة لوزان”.
وأضاف: “إننا لا نحاول خلق وثيقة رابعة لتحل محل الوثائق الثلاث السابقة أو لاعتبار أن الزمن عفا عليها.”
وقد صدر البيان – وهو نص مكون من 97 نقطة و13 ألف كلمة.
وقد ترأس إيفور بوبالان، مدير معهد كولومبو اللاهوتي في سريلانكا، وفيكتور ناكاه، المدير الدولي لمنطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في منظمة الإرسالية إلى العالم، فريق العمل اللاهوتي في لوزان، والتي قضت نحو 18 شهرًا في العمل على نص البيان.
وجاءت هذه الوثيقة في أعقاب تقرير وضع الإرسالية العظمى، والذي صدر قبل عدة أسابيع. وتناول التقرير المكون من 500 صفحة الوضع الحالي للكرازة العالمية من خلال المعلومات التي جُمعت والبحث، كما اقترحت أفكارًا وفرصًا للقادة في مختلف المناطق لمواصلة الخدمة بشكل فعال.
ورغم أن لوزان أظهرت هذا القدر من التأثير على العالم الإنجيلي على مدى خمسين عامًا، فإن حركة مثل هذه يجب أن تكون حريصة على عدم الاكتفاء بالاعتماد على تاريخها الخاص، كما يقول رسلان ماليوتا، إستراتيجي الشبكات في منظمة OneHope في أوكرانيا.
وفي كلمته التي ألقاها بمناسبة الذكرى الخمسين لمؤتمر لوزان، ذكَّر مايكل أوه المندوبين بأن الحركة “ملتزمة بشدة بثلاثة أهداف: إقامة التلاميذ في العالم، ونضج التلاميذ في الكنيسة، والرقمنة”.