15.4 C
Cairo
الثلاثاء, ديسمبر 17, 2024
الرئيسيةصحةالوجه الآخر لحمض البوليك

الوجه الآخر لحمض البوليك

نيفين عاطف مشرقي                             

  منذ زمن ليس بعيد، ساد الاعتقاد أن ارتفاع حمض البوليك هو ذو شأن بمرض النقرس فقط، ولكن مع البحث والعمل الدءوب للباحثين استطاعوا أن ينشروا مجموعة من الأبحاث والدراسات التي تؤكد أن حمض البوليك له دور مؤثر في الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض الشرايين والسكر من النوع الثاني والضغط المرتفع والأورام وقصور الكلى، لذلك كان لا بد أن نعرف ونوضح للقارئ الوجه الأخر للحمض الذي لا يعرفه الكثيرين، وذلك من خلال لقائنا مع د. وافى فهيم فانوس – الحاصل على بكالوريوس طب وجراحة القصر العيني والبورد الأمريكي للطب الطبيعي.

في البداية، يقول د. وافى إن حمض البوليك هو مادة كيميائية ينتجها الجسم عندما يقوم بتكسير مواد تُسمى البيورينات. وهي مركبات طبيعية توجد في جميع خلايا الجسم، كما توجد بعض الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على نسبة عالية من البيورينات، مما قد يؤدي إلى زيادة إنتاج حمض البوليك في الجسم، وتشمل هذه الأطعمة: اللحوم الحمراء والكبدة والمأكولات البحرية وخاصةً المعلبة منها مثل التونة والسردين. كما يوجد مصدر هام من مصادر البيورينات وبالتالي حمض البوليك وهو سكر الفراكتوز. والمعروف أن سكر الفراكتوز له مصدران في الجسم: مصدر عن طريق الأكل والشرب مثل الحلويات وسكر المائدة وعصير الفواكه والمياه الغازية، وأيضًا له مصدر داخلي يصنعه الجسم، وهذا المصدر الداخلي يزيد إنتاجه عند ارتفاع سكر الدم أو التعرض لحالة من الجفاف الشديد وزيادة نسبة الصوديوم بالدم. كذلك توجد بعض الأدوية التي ترفع من مستوى حمض البوليك في الدم مثل أدوية قرح المعدة، والكورتيزون، وبعض المسكنات​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​، ومدرات البول. وفي دراسة كبيرة في مستشفى تورانمون في طوكيو باليابان تمت على ثلاثة عشر ألف شخص وتم نشرها سنة 2020، وُجِدَ أن المستوى الأمثل لحمض البوليك في الدم لدى الرجال من 3 إلى 5 مجم/ديسيليتر والسيدات من 2 إلى 4 مجم/ ديسيليتر، وهذا هو المستوى الخاص بالوقاية من الأمراض المزمنة. أما بالنسبة لما تم اكتشافه حديثًا بخصوص الأمراض المرتبطة بزيادة معدل حمض الفوليك، فقد أوضح د. وافى أن حمض البوليك يرتبط بمرض النقرس والتهابات المفاصل، ​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​ولكن الجديد هو أنه في الحقيقة له ارتباط كبير جدًا بالكثير من الأمراض المزمنة مثل ارتفاع الضغط والسكر النوع الثاني وأمراض شرايين القلب وقصور الكلي المزمن وجلطات المخ والأورام. وفسر لنا د. وافى السبب بين ارتفاع معدل حمض البوليك وتلك الأمراض أن حمض البوليك يعمل كمضاد الأكسدة فقط داخل الأوعية الدموية، ولكن داخل الخلايا يصبح عاملًا مؤكسدًا قويًا ويضر كثيرًا بالخلايا. وفى هذا السياق، أشار د. وافى إلى أنه من بين أضرار حمض البوليك أنه يقلل من إنتاج غاز أكسيد النيتريك من الخلايا المبطنة لجدار الأوعية الدموية، وهذا الغاز (أكسيد النيتريك) له وظائف كثيرة جدًا، فهو يعمل على المحافظة على اتساع الشرايين الصغيرة والشعيرات الدموية لتمرير الدم للأنسجة، كما أنه أيضًا هام في منع خلايا الدم المختلفة من الالتصاق بجدار الشرايين، وكذلك يحافظ على الطبقة الداخلية للشرايين سليمة، وأول حدث في تصلب الشرايين هو الخلل في وظيفة هذا الطبقة الداخلية له، كما أنه له دورًا في التواصل بين الخلايا، وهو هام لعمل الأنسولين وهرمونات الجسم المختلف .

 وأوضح د. وافى أن هناك دراسات كثيرة أشارت إلى وجود ارتباط بين ارتفاع حمض البوليك في الدم والإصابة بالكثير من الأمراض المزمنة. ويكفي أن احد الباحثين الكبار وهو  د. ريتشارد جونس أستاذ الباطنة في جامعة كوليرادو قد قضى أكثر من 25 عامًا في هذه الدراسة. كما أن هناك دراسة كبيرة في جمعية بوسطن تم نشرها سنة 2011 قامت على أكثر من 55 ألف مريض وتركزت على ارتباط ارتفاع حمض البوليك بارتفاع ضغط الدم. وقد وجدت الدراسة أن ارتفاع حمض البوليك بمقدار 1 مجم/ديسيليتر تصاحبه زيادة في حدوث ارتفاع في الضغط بمقدار 13%. وأجريت دراسة أخرى في جامعة هوازونج للعلوم والتكنولوجيا في ووهان بالصين، وشملت عددًا كبيرًا من المرضى يزيد عن 30 ألف مريض، حيث وجدت أيضًا أنه عند مقارنة المرضى الذين يعانون من نسبة حمض البوليك الأقل بالنسبة للأعلى في مستوى حمض البوليك في الدم تحدث زيادة في نسبة حدوث السكر من النوع الثاني بمقدار 56% بالنسبة للمرضى الأعلى في حمض البوليك. كما أن هناك دراسة كبيرة نُشرت في جورنال كلية الروماتيزم الأمريكية عام 2010، وشملت عددًا كبيرًا من المرضى يتجاوز 400 ألف. وقد تم التوصل في هذه الدراسة إلى وجود ارتباط بين ارتفاع نسبة حمض البوليك وأمراض شرايين القلب. وتبين أن كل زيادة في مستوى حمض البوليك بمقدار 1 مجم/ديسيليتر ترفع نسبة الوفيات من أمراض شرايين القلب بنسبة 12%، وترتفع هذه النسبة بشكل كبير في السيدات. وبالإضافة إلى ذلك، تشير دراسة تلو الأخرى إلى أن ارتفاع مستوى حمض البوليك في الدم فوق المعدل الطبيعي يمكن أن يتسبب في حدوث قصور كلوي مزمن، كما أنه له علاقة بالعديد من أنواع الأورام. وقد أجريت دراسة في قسم الأورام بكلية كينج في لندن على نحو نصف مليون شخص، وتوصلت إلى أن ارتفاع مستوى حمض البوليك في الدم يزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان بنسبة 8% في الرجال و12% في السيدات.

أما عن الوقاية من ارتفاع حمض الفوليك، فقد أكد د. وافى أن ذلك يتطلب التقليل من المصادر الغذائية التي تحتوي على البيورينات، وهي مصدر لإنتاج حمض البوليك في الجسم، مثل اللحوم الحمراء والكبد والمأكولات البحرية مثل السردين والجمبري والتونة والماكريل، وكذلك التقليل من الأطعمة التي تحتوي على الفراكتوز بكميات كبيرة مثل الحلويات وعصير الفواكه والمشروبات الغازية. وبالإضافة إلى ذلك، يجب التقليل من شرب القهوة والشاي وتناول الخضروات والفواكه الطازجة مثل البروكلي والقرنبيط والبصل والكريز، إلى جانب شرب الماء بوفرة على مدار اليوم وممارسة الرياضة بانتظام. كما أن هناك مكملات غذائية تقلل من حمض البوليك بنسبة كبيرة، مثل فيتامين سي .

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا