كريستيان جيفارا
“فقال لهم: “ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التي جعلها الآب في سلطانه
لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودًا في أورشليم
وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض.”
ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون. وأخذته سحابة عن أعينهم
وفيما كانوا يشخصون إلى السماء وهو منطلق إذا رجلان قد وقفا بهم بلباس أبيض
وقال أيها الرجال الجليليون: “ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء؟
إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقًا إلى السماء.”
(أعمال الرسل 1: 7-11)
مشهد عجيب مثير لكل علامات الاستفهام المحايدة وغير المحايدة.. الموضوعية والعفوية..
لماذا؟!
لأنه لا يوجد مخلوق على وجه الأرض يقدر أن يـُثـَّبـِت مشهدًا كهذا لمدة ألفي عام.. ولا حتى في السينما رغم كل تقنياتها الحديثة..
لكن للأسف.. بعض المسيحيين وقفوا منذ ألفي سنة
ناظرين إلى السماء منتظرين مجيء المسيح الثاني..
مشهد مستفز للغاية..
شباب ورجال ونساء في قمة التوهج واليقظة والطاقة وقفوا فاغري الأفواه..
مفتوحي الأعين وكأنهم يرون..
مطرقي السمع وكأنهم يسمعون..
تنبض قلوبهم اللحمية وكأنهم أحياء..
على ناصية الأرض منتظرين قدوم المسيح..
لم يذهبوا للعالم ليبشروه.. ليعمدوه.. ليتلمذوه..
لم يملحوا الأرض.. ولم يبنوا.. ولم يبدعوا.. ولم يبحثوا..
ولم يـُغـَنوا.. ولم يحزنوا.. ولم يـُنيروا..
أصنام منتصبة.. مشدودة كالوتر الحديدي الذي لا يعزف بل يتآكل فقط
مشهد عجيب لمسيحيي أهل الكهف!!
مسيحيون يمتلكون من القدرة أكثر جدًا مما نتخيل أو نفتكر..
قدرة حوَّلتهم إلى أصنام..
وحوَّلت الإله الذي لا يـُعبـَر إلى بـِركة تجمع عيناك ضفافها
قدرة حوَّلتهم إلى عاجزين تمامًا..
ينتظرون المعجزة وخاتم سليمان ومصباح علاء الدين.. ومجيء المسيح المخلِّص!!
حيث البطالة الاختيارية لشعب الله.. واختفاء تابوت العهد..
وتفشي طاعون الأربعين حرامي..
وكلمة السر في مغارتهم الممتلئة بالثعالب الصغيرة التي أفسدت هذا النوع من الكروم!!
مشهد أظنه ليس فقط مستفزًا لنا..
بل هو أيضًا مستفز للسماء التي صرخت في وجهه على لسان يسوعنا يومًا..
وما زالت تصرخ على ألسنة السبعة آلاف ركبة التي لم تنحنِ..
والأقدام المليئة بالتشقق.. الأقدام التي أهلكها السير لتـُبـَشِّر بالسلام والحرية والحب
تنهال على روحي الاستفهامات من الجهات الأربعة
مَنْ ينتظر مَنْ؟!
هل نحن ننتظر المسيح أم ينتظرنا المسيح؟؟
هل ما زال مطلوبًا من المسيح أكثر مما أعطى وليس مطلوبًا منا أي شيء نفعله؟؟
هل نحن في إيمان يجعل الله فقط فعالًا وحيًا..
ويجعلنا مؤمنين سلبيين.. مـُستـَقبـِلين.. مستفيدين وانتهازيين حتى النخاع؟!
هل نحن في إيمان جمـَّد الدم في عروقنا..
ووأد الأفكار والاستفهامات في رؤوسنا..
والأحاسيس في قلوبنا؟؟
هل نحن مع آب يعمل وابن يعمل إلى الآن..
وشعب متفرج فقط؟؟
هل نحن مع إله أحبنا وخلَّصنا..
فطمعنا فيه كعادتنا التي لم نشتريها..
وجلسنا ننتظره يـُعزينا.. ويـُشفينا.. ويـُفرحنا.. ويـُباركنا.. ويملأنا.. ويـُعطينا
يـُعطينا إلى أن نموت من التخمة والشـَره الروحي والمادي؟!
هل نحن بحق مع إله أرادنا كائنات طفيلية..
نحيا على دمه وقوة روحه وسلطانه؟!
هل نحن بحق حجارة بيته الأخير.. مع أننا إذا نظرنا لحجارة بيته الأول لوجدنا رسلًا وتلاميذ ونساءً لم يهدأوا لحظة ولا طرفة عين في إعطائه كل شيء.. وأغلى شيء..
نفوسهم.. وأرواحهم.. وأجسادهم..
كما أحبهم أحبوه.. كما أعطاهم أعطوه..
ليس عينًا بعين.. ولا سبتًا بسبت
بل محبة قوية كالموت.. فعالة كالحياة.. متطورة كالكون
هل نحن بحق فصل من فصول كنيسته المجيدة.. التي بلا دنس وبلا عيب؟!
وهل يوجد دنس أعمق من دنس الأصنام..
وعيب لا يمكن الفكاك منه كعيب جثث الموتى؟!
كيف أصبحنا هكذا؟
كيف وصلنا إلى هذه الدرجة من التبلد ومن الغياب عن كل نواحي الحياة..
ومن البله الذي لا يأخذ منك وقتًا لكي تكتشفه؟َ!
تشمه في عظاتنا الركيكة.. المرادفة للصمت المخزي..
في خدماتنا التي تشبه أنبوب الأكسجين..
تبقينا نحن المـُلقين في العناية المركزة الموجودين على هامش الحياة أحياء
أقول لكم كما قالها قديمًا الملاك:
“أيها الرجال… أيتها النساء.. ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء…
اذهبوا إلى العالم اجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. مَنْ آمن واعتمد خلص. ومَنْ لم يؤمن يُدان. وهذه الآيات تتبع المؤمنين. يُخرِجون الشياطين باسمي ويتكلمون بألسنة جديدة. يحملون حيات وإن شربوا شيئًا مميتًا لا يضرهم ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون.”
“ثم إن الرب بعدما كلمهم ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين الله. وأما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان والرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالآيات التابعة.”